المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

مدينة القطيف
2-2-2016
الديانة الحنفية عند العرب قبل الاسلام
7-11-2016
اختصاص الاقليم في تحصيل الايرادات المالية
13-6-2022
15 Puzzle
4-5-2022
إنتاج البطاطس البلية أو البطاطس الجديدة
17-9-2020
Tricarboxylic Acid Cycle Overview
19-9-2021


بوصلة الوعي الاجتماعي  
  
1146   09:43 صباحاً   التاريخ: 8/11/2022
المؤلف : حسن علي الجوادي
الكتاب أو المصدر : عشرة موضوعات في حياة الشباب
الجزء والصفحة : ص90 ــ 96
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /

يحدد الوعي القيمة الذاتية للإفراد، ويحدد ملامح المجتمع وتقاس المجتمعات على اساس وعيها سواء كان الوعي المرتبط بالسياسية او الوعي المرتبط بالفكر والثقافة والدين والاقتصاد، ويقابل الوعي، التخلف والجهل والتراجع والنكوص، وبالضرورة الواضحة يتحتم على المجتمع الذي يضعف فيه الوعي ان تبادر النخبة المعنية الى اعادة تشكله وتمكنه من المجتمع بالسرعة الممكنة والا فان انخفاض نسبة الوعي يؤشر الى ارتفاع نسبة الجهل او الشك او التردد، ولا يمكن لأي مجتمع ان يعيش ازمة الوعي ويخرج منها سالماً معافى، بل هنالك ضريبة وخسارة جسيمة وثقيلة، والمجتمع الذي لا يريد ان يفهم ويعي اوضاعه المختلفة سيكون عرضة للفتن والابتلاءات المختلفة.

النخب وتحديد البوصلة

ان تحديد بوصلة الوعي بالنسبة للناس من قبل النخب باتت ضرورة ولا سيما في بلاد مثل العراق، البلاد التي تتعرض لمشاكل خطرة للغاية على مستوى الوعي الجماهيري، ولا تمر حادثة الا وتخلف خلفها مجموعة من المؤشرات التي تظهر تراجع الوعي الفكري والسياسي والاعلامي، وارقام المؤشرات مقلقة جداً، لان الاوضاع التي يمر بها البلد لا يحسد عليها، بل تضيف عدة تعقيدات يصعب حلها اذا تراكمت، وقد شخصت النخب الواعية والحكيمة في هذا البلد المشكلة الحقيقة التي تمس بعمق ازمة وعيه المقلقة، ولكن تكمن المشكلة الحقيقة بـ (الناس لا يسمعون)، وهذا يعني ان الخلل يقع على عاتق الناس فقط، بعد ان حددت النخب والشخصيات المشاكل الجسيمة التي يمر بها المجتمع؟

الحق، ان المشكلة تكمن في النخب، او ممن يحسبون انهم النخب الواعية التي تقدم النصائح والتوجيهات دائماً للناس، والتي تساهم عبر الاعلام والقنوات الى توجيه وتثقيف الناس بالوسائل المعروفة، والمتابع يرى ان الاضطراب الحاصل في هذه البيئات التوعوية قد انعكس ايضاً على الناس وقسمهم الى توجهات، ولولا هذه المساحة من الاختلاف والخلاف والتشظي لما كان الذي نراه من ازمات كارثية تضرب بنية الوعي الاجتماعي، ومن هنا يظهر ان اعادة وعي النخبة الآن هو المطلوب بدلاً من اعادة وعي الجماهير، ويظهر للوهلة الاولى صعوبة الامر، لكن النظر بسيرة المجتمعات التي تقدمت يعطي الدافعية للقول ان وعي النخب ينعكس بصورة عامة على الناس.

مراجعة النخبة الفاعلة في ميدان التواصل الاجتماعي والاعلام بصورة عامة اليوم والقاء نظرة فاحصة يجعلنا نثق تماماً بالرأي اعلاه، حيث تجد بساطة وسذاجة المحتوى الذي يقدم للناس، وهذه التغذية الاعلامية هي تغذية فكرية للأجيال ولا سيما الجيل الصاعد، وما لم تفحص هذه المواد سنقع في كارثة وازمة وعي مقلقة جداً، هذا النموذج وقس عليه سائر الظواهر الاخرى مثل اطروحات الاحزاب والمنظمات والقنوات والتوجهات المريبة والتي ساهمت بصورة فاعلة في تردي وعي الناس تحت يافطة الحرية وما شابه.

الاطروحات السلبية

ان كثرة الاطروحات المختلفة والمضطربة تجعل بوصلة الوعي غير دقيقة، فيصاب المجتمع بتشتت الرؤية وضبابية التمييز، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مقياس درجة وعي الجمهور في الانتخابات وما بعد الانتخابات والاحتجاجات والمظاهرات وغيرها، كلها تعطيك صورة شبه مكتملة عن ملامح الوعي الاجتماعي، وهل ان المجتمع يحافظ على بوصلة الوعي!

اعظم الاعمال التي يمكن ان يؤديها النخبة هي اعادة تشكيل وعي الناس والعمل على تخليص الرؤية من اي شوائب تسبب تشتت وعيهم، بل ايصال المجتمع الى ذروة التكامل لا تتم الا عن طريق تحديد البوصلة الوعي، فكيف يسير الناس الى تكاملهم دون يعرفوا الطريق ويعرفوا حجم المخاطر والتعقيدات التي ان لم يحسنوا رعايتها اخرجتهم عن مسيرهم واودت بهم خارج حلبة الوعي، ومن ملامح هذا الخروج ما تعيشه بعض الجماعات والجماهير من حالة اضطراب وتنقل بين فكرة واخرى واطروحة واخرى، وهذه التنقلات مرجعها الى اسباب كثيرة ولكن يقع في مقدمتها ضعف الوعي، لان حركة الانسان من توجه لآخر يعتمد على رؤيته وثقل دماغه بالمعلومات واليقينيات والشكوك التي تعتلي رأسه وقلبه، وان اخطر اصابة يتعرض لها الانسان هي اصابته بفكره، لان خراب المنظومة الفكرية يساهم في خراب الصورة العامة لأي مجتمع، لذلك ممكن ان يتقدم المجتمع بالمال والاقتصاد ولكنه يتراجع من نواح اخرى كالتراجع الاخلاقي في العالم كله، وهنا تبدو بوصلة الوعي الاخلاقي والقيمي في ازمة حقيقية، وربما كلما تقدم الناس اكثر في الحياة وتوغلوا في سننها السلبية المادية قويت الازمة الاخلاقية ونكص الانسان ورجع الى طوراً الى ايام هذا الكائن الاولى حيث الغرابة والجهل والفشل.

ان ارتباك الناس وتشتتهم في الاحداث وان كان عند بعض الباحثين يعدها مسألة طبيعية، لكن في الوقت نفسه يكشف عن ضياع بوصلة الوعي، ومحددات الضبط، كما ان المجتمع الذي يمتلك الرؤية والثبات بصورة عامة في الاحداث وتقل فيه الاضطرابات، يعود ذلك الى رسوخ الوعي في وجدان وضمير الامة، فقوة الوعي الديني جيدة وراسخة بصورة عامة تجاه القضايا التي تمس عقيدة المجتمع، بسبب النخبة العاملة، والتي هي من رحم المجتمع وتعيش معه ظروفه المختلفة، ولذلك نجد بوصلة وعي العقيدة الدينية راسخة بصورة عامة، برسوخ المرجعية الدينية التي تساهم في ضبط وتر الوعي والتوازن بين العطاء والتثقيف، ولكن نحن نعيش ازمات اخرى يعاني منها المجتمع، ازمات باتت خطرة جداً، مثل ازمة الانفلات الاخلاقي، وازمة السلاح، ازمة الاحتراب، ازمة الابتزاز، ازمة التسقيط، ازمة التنمر، ازمة الطلاق، ازمة الخلافات الاسرية، ازمة الاعلام الهابط، ازمة تحزب المجتمع . وازمات كثيرة جداً، كلها تخبرنا عن التراجع الكبير في الوعي وعدم ايجاد البوصلة التي تقاس بها الاشياء، وتكون ضابطة تمكسنا حين نضطرب ونقع في المشاكل التي تخلفها الاحداث المستمرة في هذا البلد.

الشباب والخروج من ازمة الوعي

يظهر تأثير ازمة الوعي في الشرائح والطبقات المختلفة ولكن تأثيرها البالغ يكون في الشباب اقوى من غيرهم، اذ يجدون امامهم عشرات المشاكل والاطروحات المختلفة مما يستدعي تكثيف الجهود في سبيل تثبت الوجهة الصحيحة في كل مشكلة او حادثة، ولا سيما حين توفر القواعد التي تثبت فكرهم عن الانزياح الى المناطق المشبوهة والمحرمة، فان الخطأ في التفكير يظهر في السلوك، واذا استند الشاب على فكرة خاطئة يظهر اثرها على وعيه بصورة عامة وعلى سلوكه بصورة خاصة، فان مجمل الافعال والسلوكيات الخاطئة عند الشباب تستند الى افكار خاطئة، والنقطة المحورية ان تعالج المشكلة الاساسية وهي تنظيف الفكر وضبطه بالقواعد الفكرية السليمة، وننطلق في تلك المعالجات من رسم حدود التفكير في مختلف الموضوعات، فالقواعد الصحيحة في كل حادثة هي:

1ـ التثبت وعدم الانجرار خلف العواطف والمشاعر والاحاسيس دائماً، والتريث وعدم التسرع والحكم على الاشياء من اول نظرة، فان ذلك مفسدة للفكر والخلق.

2ـ التحليل الصحيح والاستناد الى الرؤية القاطعة او التيقن، فان بعض الاحداث تتطلب مزيداً من التحقق والتعلم.

3ـ معرفة مسبقات كل حادثة، فان اغلب الحوادث ترجع مسببات او ان كواليسها مخفية لم نعرفها بالضبط مما يستدعي الوقوف على تلك الخفايا والتي لا يمكن ان نحكم دون ان نعرفها، واغلب حوادثنا ترتكز على مسبقات كانت الشرارة الاولى في اشعالها. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.