أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/11/2022
1901
التاريخ: 2024-10-10
273
التاريخ: 2024-10-10
213
التاريخ: 27/10/2022
1222
|
يحدد الوعي القيمة الذاتية للإفراد، ويحدد ملامح المجتمع وتقاس المجتمعات على اساس وعيها سواء كان الوعي المرتبط بالسياسية او الوعي المرتبط بالفكر والثقافة والدين والاقتصاد، ويقابل الوعي، التخلف والجهل والتراجع والنكوص، وبالضرورة الواضحة يتحتم على المجتمع الذي يضعف فيه الوعي ان تبادر النخبة المعنية الى اعادة تشكله وتمكنه من المجتمع بالسرعة الممكنة والا فان انخفاض نسبة الوعي يؤشر الى ارتفاع نسبة الجهل او الشك او التردد، ولا يمكن لأي مجتمع ان يعيش ازمة الوعي ويخرج منها سالماً معافى، بل هنالك ضريبة وخسارة جسيمة وثقيلة، والمجتمع الذي لا يريد ان يفهم ويعي اوضاعه المختلفة سيكون عرضة للفتن والابتلاءات المختلفة.
النخب وتحديد البوصلة
ان تحديد بوصلة الوعي بالنسبة للناس من قبل النخب باتت ضرورة ولا سيما في بلاد مثل العراق، البلاد التي تتعرض لمشاكل خطرة للغاية على مستوى الوعي الجماهيري، ولا تمر حادثة الا وتخلف خلفها مجموعة من المؤشرات التي تظهر تراجع الوعي الفكري والسياسي والاعلامي، وارقام المؤشرات مقلقة جداً، لان الاوضاع التي يمر بها البلد لا يحسد عليها، بل تضيف عدة تعقيدات يصعب حلها اذا تراكمت، وقد شخصت النخب الواعية والحكيمة في هذا البلد المشكلة الحقيقة التي تمس بعمق ازمة وعيه المقلقة، ولكن تكمن المشكلة الحقيقة بـ (الناس لا يسمعون)، وهذا يعني ان الخلل يقع على عاتق الناس فقط، بعد ان حددت النخب والشخصيات المشاكل الجسيمة التي يمر بها المجتمع؟
الحق، ان المشكلة تكمن في النخب، او ممن يحسبون انهم النخب الواعية التي تقدم النصائح والتوجيهات دائماً للناس، والتي تساهم عبر الاعلام والقنوات الى توجيه وتثقيف الناس بالوسائل المعروفة، والمتابع يرى ان الاضطراب الحاصل في هذه البيئات التوعوية قد انعكس ايضاً على الناس وقسمهم الى توجهات، ولولا هذه المساحة من الاختلاف والخلاف والتشظي لما كان الذي نراه من ازمات كارثية تضرب بنية الوعي الاجتماعي، ومن هنا يظهر ان اعادة وعي النخبة الآن هو المطلوب بدلاً من اعادة وعي الجماهير، ويظهر للوهلة الاولى صعوبة الامر، لكن النظر بسيرة المجتمعات التي تقدمت يعطي الدافعية للقول ان وعي النخب ينعكس بصورة عامة على الناس.
مراجعة النخبة الفاعلة في ميدان التواصل الاجتماعي والاعلام بصورة عامة اليوم والقاء نظرة فاحصة يجعلنا نثق تماماً بالرأي اعلاه، حيث تجد بساطة وسذاجة المحتوى الذي يقدم للناس، وهذه التغذية الاعلامية هي تغذية فكرية للأجيال ولا سيما الجيل الصاعد، وما لم تفحص هذه المواد سنقع في كارثة وازمة وعي مقلقة جداً، هذا النموذج وقس عليه سائر الظواهر الاخرى مثل اطروحات الاحزاب والمنظمات والقنوات والتوجهات المريبة والتي ساهمت بصورة فاعلة في تردي وعي الناس تحت يافطة الحرية وما شابه.
الاطروحات السلبية
ان كثرة الاطروحات المختلفة والمضطربة تجعل بوصلة الوعي غير دقيقة، فيصاب المجتمع بتشتت الرؤية وضبابية التمييز، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مقياس درجة وعي الجمهور في الانتخابات وما بعد الانتخابات والاحتجاجات والمظاهرات وغيرها، كلها تعطيك صورة شبه مكتملة عن ملامح الوعي الاجتماعي، وهل ان المجتمع يحافظ على بوصلة الوعي!
اعظم الاعمال التي يمكن ان يؤديها النخبة هي اعادة تشكيل وعي الناس والعمل على تخليص الرؤية من اي شوائب تسبب تشتت وعيهم، بل ايصال المجتمع الى ذروة التكامل لا تتم الا عن طريق تحديد البوصلة الوعي، فكيف يسير الناس الى تكاملهم دون يعرفوا الطريق ويعرفوا حجم المخاطر والتعقيدات التي ان لم يحسنوا رعايتها اخرجتهم عن مسيرهم واودت بهم خارج حلبة الوعي، ومن ملامح هذا الخروج ما تعيشه بعض الجماعات والجماهير من حالة اضطراب وتنقل بين فكرة واخرى واطروحة واخرى، وهذه التنقلات مرجعها الى اسباب كثيرة ولكن يقع في مقدمتها ضعف الوعي، لان حركة الانسان من توجه لآخر يعتمد على رؤيته وثقل دماغه بالمعلومات واليقينيات والشكوك التي تعتلي رأسه وقلبه، وان اخطر اصابة يتعرض لها الانسان هي اصابته بفكره، لان خراب المنظومة الفكرية يساهم في خراب الصورة العامة لأي مجتمع، لذلك ممكن ان يتقدم المجتمع بالمال والاقتصاد ولكنه يتراجع من نواح اخرى كالتراجع الاخلاقي في العالم كله، وهنا تبدو بوصلة الوعي الاخلاقي والقيمي في ازمة حقيقية، وربما كلما تقدم الناس اكثر في الحياة وتوغلوا في سننها السلبية المادية قويت الازمة الاخلاقية ونكص الانسان ورجع الى طوراً الى ايام هذا الكائن الاولى حيث الغرابة والجهل والفشل.
ان ارتباك الناس وتشتتهم في الاحداث وان كان عند بعض الباحثين يعدها مسألة طبيعية، لكن في الوقت نفسه يكشف عن ضياع بوصلة الوعي، ومحددات الضبط، كما ان المجتمع الذي يمتلك الرؤية والثبات بصورة عامة في الاحداث وتقل فيه الاضطرابات، يعود ذلك الى رسوخ الوعي في وجدان وضمير الامة، فقوة الوعي الديني جيدة وراسخة بصورة عامة تجاه القضايا التي تمس عقيدة المجتمع، بسبب النخبة العاملة، والتي هي من رحم المجتمع وتعيش معه ظروفه المختلفة، ولذلك نجد بوصلة وعي العقيدة الدينية راسخة بصورة عامة، برسوخ المرجعية الدينية التي تساهم في ضبط وتر الوعي والتوازن بين العطاء والتثقيف، ولكن نحن نعيش ازمات اخرى يعاني منها المجتمع، ازمات باتت خطرة جداً، مثل ازمة الانفلات الاخلاقي، وازمة السلاح، ازمة الاحتراب، ازمة الابتزاز، ازمة التسقيط، ازمة التنمر، ازمة الطلاق، ازمة الخلافات الاسرية، ازمة الاعلام الهابط، ازمة تحزب المجتمع . وازمات كثيرة جداً، كلها تخبرنا عن التراجع الكبير في الوعي وعدم ايجاد البوصلة التي تقاس بها الاشياء، وتكون ضابطة تمكسنا حين نضطرب ونقع في المشاكل التي تخلفها الاحداث المستمرة في هذا البلد.
الشباب والخروج من ازمة الوعي
يظهر تأثير ازمة الوعي في الشرائح والطبقات المختلفة ولكن تأثيرها البالغ يكون في الشباب اقوى من غيرهم، اذ يجدون امامهم عشرات المشاكل والاطروحات المختلفة مما يستدعي تكثيف الجهود في سبيل تثبت الوجهة الصحيحة في كل مشكلة او حادثة، ولا سيما حين توفر القواعد التي تثبت فكرهم عن الانزياح الى المناطق المشبوهة والمحرمة، فان الخطأ في التفكير يظهر في السلوك، واذا استند الشاب على فكرة خاطئة يظهر اثرها على وعيه بصورة عامة وعلى سلوكه بصورة خاصة، فان مجمل الافعال والسلوكيات الخاطئة عند الشباب تستند الى افكار خاطئة، والنقطة المحورية ان تعالج المشكلة الاساسية وهي تنظيف الفكر وضبطه بالقواعد الفكرية السليمة، وننطلق في تلك المعالجات من رسم حدود التفكير في مختلف الموضوعات، فالقواعد الصحيحة في كل حادثة هي:
1ـ التثبت وعدم الانجرار خلف العواطف والمشاعر والاحاسيس دائماً، والتريث وعدم التسرع والحكم على الاشياء من اول نظرة، فان ذلك مفسدة للفكر والخلق.
2ـ التحليل الصحيح والاستناد الى الرؤية القاطعة او التيقن، فان بعض الاحداث تتطلب مزيداً من التحقق والتعلم.
3ـ معرفة مسبقات كل حادثة، فان اغلب الحوادث ترجع مسببات او ان كواليسها مخفية لم نعرفها بالضبط مما يستدعي الوقوف على تلك الخفايا والتي لا يمكن ان نحكم دون ان نعرفها، واغلب حوادثنا ترتكز على مسبقات كانت الشرارة الاولى في اشعالها.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|