العوامل الحضارية

للجوانب الحضارية والتقنية اثر بارز على وجود مدن ذات إحجام كبيرة نظرا للدور الذي تلعبه هذه العوامل في نمو وظهور المدن الكبيرة، ويمكن تحقيق ذلك بارتفاع مستوى التحضر ووجود تقنية عالية في مجال الزراعة مما يعني حصول زيادة في الانتاج الزراعي الذي يقوم بدوره بتامين الإنتاج الغذائي الكافي الذي يحتاجه س كان المدينة ، كما تودي درجة التقنية العالية إلى التقدم في المجال الصناعي من خلال توفير المواد المصنوعة ، وبالتالي رفع المستوى المعاشي للسكان مما يؤدي إلى ازدياد الطلب على حاجات الرفاهية التي لا يمكن انتاجها إلا في المدن بشكل عام والمدن الكبرى بشكل خاص، وبذلك ارتبط تزايد المدن الضخمة بزيادة ميزانية الأسرة التي تقوم بصرف نسبة عالية من تلك الميزانية على الحاجات الكمالية والترفيهية، مما أدى إلى ظهور المدن الكبرى التي تستطيع أن تلبي تلك الحاجات العالية القيمة التي توفرها الأسواق المتخصصة ذات المركزية العالية.

وتدخل ضمن العوامل الحضارية ايضا وسائل النقل والموصلات التي تعمل على ربط المدينة بغيرها من المدن وبين المدينة وإقليمها وبين أطراف المدينة نفسها ، فيعد النقل الأداة المركزية المهمة في المدينة كونه يعمل على تجميع السكان وتركيزهم في تلك المدينة لأنه وفر لهم إمكانية التنقل السريع من مناطق سكناهم إلى مناطق أعمالهم وكذلك إلى الأسواق والمؤسسات الخدمية أو المناطق الترفيهية التي يرتادونها ، أو عندما يتزاورون اجتماعية فيما بينهم ، كما أثرت وسائل النقل التي أصبحت متيسرة على مدى البضائع المركزية إلى المسافة التي يقطعها الزبون حتى يستطيع الحصول عليها من المدينة ، ومع أن هناك عوامل كثيرة تؤثر على هذا المدى إلا أن وسائل النقل وطبيعة الطريق ومدى توفر تلك الوسائل ومقدار الأجور التي تدفع للنقل لها اثرها الواضح في هذا المجال. كما سهلت وسائل النقل توفير المواد الغذائية للسكان داخل المدن وبالقرب من مناطق سكناهم فبعد أن دخلت القطارات ومن بعدها السيارات أصبح لها الأثر الفاعل في زيادة مدى وصول البضائع إلى مسافات ومدن بعيدة مما عزز الارتباط بين المدينة وإقليمها وحقق تفاعلا اجتماعية بينهما.