الفصل الثاني عشر

التجارة الإلكترونية في المجال الحكومي

(الحكومة الإلكترونية⁾⁽³⁰⁾

تعاظم دور التجارة في المجالات الحكومية وفتح الباب المفهوم جديد اسمه" الحكومة الإلكترونية" حيث تصل في نهاية تطبيقها إلى إمكانية تحويل المعاملات الحكومية مع مؤسسات الأعمال أو المواطنين إلى الصورة الإلكترونية المتكاملة وفي إطار من الشفافية الكاملة الوضوح لكل ما يتم من إجراءات داخل دائرة صنع القرار الحكومي.

1ـ التجارة الإلكترونية وتحقيق الشفافية الحكومية :

- اتفق الباحثون أن تحقيق الشفافية الحكومية يتأتى من خلال الإتاحة الكاملة والمتساوية لكافة المعلومات المرتبطة بالقرارات والإجراءات الحكومية وذلك لكافة المؤسسات والمواطنين وفي التوقيتات التي تسمح للجميع بفرص متساوية في المعاملات الحكومية.

- دأبت الحكومات التي تحاول تحقيق الشفافية في إتاحة المعلومات من خلال وسائل الإعلام المباشر التي على الرغم من مميزات تغطيتها الواسعة، إلا أنها تعاني من بعض العيوب وأهمها :

- لحظية هذه الوسائل: بمعنى أن المتلقي هو المسؤول عن الاحتفاظ بالمعلومات بطرقه ووسائله الخاصة حيث أن وسائل الإعلام لا يمكن من خلالها استعادة أي معلومة إذ يقتصر دورها على الإبلاغ فقط وليس مطلوباً منها الحفظ التاريخي للمعلومات.

- عدم تفاعلية هذه الوسائل: بمعنى أن هذه الوسائل تتكون من طرفين غير متفاعلين وهي الطرف المرسل والذي لديه كافة الامتيازات في صياغة رسائله بالطريقة التي يرى أنها مناسبة لنقل ما لديه من أفكار ثم الطرف المتلقي وهو الطرف المفترض وصول الرسالة إليه ولا يملك أي إمكانية للتفاعل مع المرسل أو حق الاستفهام عن محتوى أي رسالة.

- تمثل شبكة الإنترنت - بالنسبة للحكومات - أكبر شبكة لإتاحة المعلومات في إطار من التفاعلية بين المرسل والمتلقي ومن أجل ذلك بدأ استخدامها بكثافة في بناء علاقات جديدة بين الإدارة الحكومية وبين الأطراف المستفيدة من مؤسسات الأعمال أو المواطنين .  

أ- إتاحة المعلومات عن الأنشطة الحكومية :

- بدأت العديد من الحكومات والمؤسسات التنفيذية المختلفة في إتاحة معلوماتها على شبكة الإنترنت وذلك لتوفير هذه المعلومات بصفة مستمرة للمواطنين والمستثمرين.

- استخدمت العديد من الدول الإنترنت للترويج لخططها المستقبلية ومشروعاتها التنموية.

- يوجد العديد من المصادر العربية التي استخدمت هذا الأسلوب .

ب- إتاحة القوانين واللوائح الحكومية على شبكة الإنترنت :

بدأت الدول المتقدمة في إتاحة كافة القوانين واللوائح الحكومية على شبكة الإنترنت بصورة تحقق لأي مستخدم التعرف الكامل على كافة القوانين واللوائح الحكومية التي تحكم موضوعاً معيناً أو قضية بذاتها.

وتمثل قاعدة معلومات ليكيس الأمريكية أبرز قاعدة بيانات تشريعية متاحة على شبكة الإنترنت ويمكن من خلالها لأي مستفيد سواء كان مؤسسة أعمال أو مواطنين. التعرف على الإطار القانوني والتنظيمي للقضية أو الموضوع الذي يشغله.

ج- إتاحة معلومات المشتريات الحكومية على شبكة الإنترنت : 

ارتبط مفهوم الشفافية بين مؤسسات الأعمال والحكومة بقضية مهمة من قضايا المشتريات الحكومي والتي تمثل بدورها حجماً هائلاً من الإنفاق الحكومي والذي يمثل حجماً كبيراً من النشاط الاقتصادي لمؤسسات الأعمال. وليس من المبالغة القول بأن هناك شكوى مستمرة من أسلوب / أساليب إدارة عمليات الشراء الحكومي وما يكتنف تلك العمليات من صور الفساد وسوء الإدارة.

إن الشكوى الرئيسية المرتبطة بهذه المشتريات هي عدم إتاحة طلبات الشراء لكافة الراغبين في التقدم وبالتالي تحقيق أوضاع تفاضلية خاصة لبعض الشركات أمام الشركات الأخرى، وبالرغم من أن معظم القوانين التي تحكم عملية الشراء الحكومي تدعو إلى الإعلان العام عن معظم عمليات الشراء فإن إدارة عملية الشراء الفعلية تتم من خلال الإعلانات المحدودة أو الإعلان العام المضخم (غير الواضح).

ومع تزايد استخدام شبكة الإنترنت بوصفها أكبر شبكة ترتبط عليها الشركات ومؤسسات الأعمال أصبح من المناسب أن يتم الإعلان عن كافة المشتريات الحكومية على الشبكة وبالتالي يتحقق الغرضان التاليان :

- ضمان وصول الإعلان لكافة الشركات المنافسة في الوقت نفسه من خلال البريد الإلكتروني.

- ضمان استمرارية الإعلان من خلال قدرة كافة المؤسسات على الدخول إلى موقع معلومات المشتريات الحكومية والاطلاع على صورة الإعلان كاملة في أي وقت ومن أي مكان.

ولقد قامت العديد من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وبنك التعمير والأمم المتحدة بالإعلان عن كافة مشتريات وصفقات تنفيذ مشروعاتها على شبكة الإنترنت بأكثر من لغة مما يتيح لكافة الشركات في جميع أنحاء العالم القدرة على التنافس في الحصول على هذه الصفقات ، كما قامت أيضاً مؤسسات حكومية عديدة مثل وكالة المساعدات الأمريكية USAID بإتاحة كافة المشروعات التي تطرحها للتنفيذ على شبكة الإنترنت. 

د - إدارة المخزون العام باستخدام أساليب التجارة الإلكترونية : 

فمثلاً تبنت الحكومة السويدية مبادرة خاصة لإدارة وتنظيم المخزون الحكومي وعملية الشراء الحكومية من خلال شبكة الإنترنت وتهدف الحكومة السويدية من خلال هذه المبادرة إلى خفض تكلفة عمليات التخزين الحكومي بنسبة تصل إلى 30٪ .

وتعتمد تجربة الحكومة السويدية على بناء شبكة متكاملة للمعاملات الخاصة بالتوريدات الحكومية والموردين المسجلين في هذه التوريدات ويتم ذلك من خلال هذه الشبكة الإدارية الكاملة للمخزون الحكومي، ويتم تنفيذ عمليات الشراء إلكترونياً وبما يحقق مفهوم تدفق السلع في الزمن الحقيقي. 

وتقوم التجربة على أساس ميكنة المخازن الحكومية وتوفير بيانات هذا المخزون لدى الجهات التي تقوم بإدارة عملية المشتريات الحكومية وبمجرد وصول مستوى المخزون من صنف معين إلى حد الطلب يتم طرح توريد هذا الطلب على شبكة الموردين (وبالطبع فإن ذلك يرتبط بتحديد واضح لمواصفات الصنف المطلوبة من خلال وجود تصنيف موحد للسلع والأصناف التي يتم استخدامها) وعلى الفور يتم تلقي عروض الشركات الموردة - باستخدام وسائل التبادل الإلكتروني للوثائق - ويتم البت في العروض المقدمة والترسية وإبلاغ الشركة الموردة بالتوريد ويتم حالياً جدولة عملية التوريد بصورة تحقق تدفق الأصناف وفق معدلات الاستخدام المقررة وبصورة تحقق الوصول إلى أقل مدة تخزين ممكنة في المخازن الحكومية (بل وتصل في بعض الأحيان إلى عدم التخزين الفعلي للسلع) وبالتالي تنخفض تكلفة استخدام هذه السلع.

ولقد حققت التجربة السويدية خفضاً في حجم المخزون الحكومي بنسبة تزيد عن   20 % خلال السنة السابقة وتهدف الحكومة إلى أن يصل هذا الخفض إلى أكثر من 30% وبالتأكيد فإن ذلك يحقق وفراً هائلاً في الإنفاق الحكومي ويمكن أن ينعكس على ارتفاع مستوى الخدمات الحكومية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

30- يمكن الرجوع إلى:

1- رأفت رضوان، علم التجارة الإلكترونية المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة،۱۹۹۹، ص 148 وما بعد ..

2- د. محمد الصيرفي، الإدارة الإلكترونية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، الطبعة الأولى ، ۲۰۰۹، ص۱۰۰ وما بعد.

3- عصام الدين أبو علف، التسويق والتجارة الإلكترونية، دار حورس الدولية ، الإسكندرية، 2004، ص219 وما بعدها.