المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


انتهاك حق التصويت من قبل رؤساء الكتل والأحزاب السياسية  
  
1291   01:57 صباحاً   التاريخ: 5-5-2022
المؤلف : منتظر رياض مهدي الخزرجي
الكتاب أو المصدر : حق التصويت لعضو مجلس النواب بين الضمان وحالات الانتهاك
الجزء والصفحة : ص 94-102
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

إن المتعارف على البشر، منقسم إلى قسمين : قسم حاکم وقسم محكوم، الأول يقود والثاني يخضع ويطيع، وقد يكون هذا الخضوع طوعا أو كرها. كذلك أن حياة الشعوب تميزت، ولا زالت، بانها تميل إلى الصراع والنزاع والمنافسة من أجل السيطرة، ففي كل مجتمع صراع وسيطرة، تارة يقوم ما بين الأفراد وهؤلاء الأفراد بعضهم متمثل برؤساء الكتل وتارة أخرى ما يقوم بين الجماعات، وان هذه الجماعات بعضها متمثلة بالأحزاب، وان الحياة السياسية فيها عدة حلبات، حلبات تعاون، وحلبات صراع، والاثنين الهما قواعدها وقوانينها، وفي كل الأحوال سواء أكان بالتعاون أو الصراع فهم يتسابقون من أجل الوصول إلى السلطة والسيطرة عليها، وهذا الصراع قد يكون أحيانا صراعة فردية أو يكون جماعية وقد يكون علنية أو يكون صراعة خفية وقد يكون منظمة أو غير منظم.

لا تخلي أي دولة من الدول من الأحزاب الا نادرة، يستوي الأمر سواء كانت الأحزاب متعددة أو حزب واحد، حتى وان كانت هناك دولة لا تعرف معنى الحزب، فإن الأحزاب السياسية هي تمارس عملها في تلك الدولة بشكل سري ومنظم وهي في الأصل ممنوعة من العمل السياسي، وبما أن حياتنا اليومية هي تقوم على أساس الصراع والمنافسة وهما حقيقة من حقائق وجودنا وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى في كتابه العزيز الحكيم ((لولا دفع الله الناس بعضهم بعض لفسدت الأرض ))(1)

Francois Gorguel عرف الحزب هو (مجموعة منظمة للمشاركة في الحياة السياسية أما من خلال السيطرة الكاملة أو المشاركة في السلطة، وتحقق أفكار ومصالح أعضائه)، ونحن نؤيد هذا الكلام ولكن ليس كل الأحزاب تحقق مصالح اعضاها، فهناك بعض الأحزاب تجعل أعضائها خاضعين لها وليس لهم دور كبير في الحزب وما عليهم سوى التنفيذ، أما السيسيولوجي والمنظر السياسي الشهير  Geroges Burdeau  يرى الحزب السياسي هو ( مجموعة من الأفراد لديهم نفس الرؤى السياسية، تجهد وتبحث لتجعلها متفقة ومتفوقة على غيرها من الرؤى). وهي محاولة جمع أكبر عدد ممكن من المواطنين في البحث للوصول إلى السلطة، أو على أقل التأثير على أفكارهم (2). ربما هذا التعريف الأخير مقنع إلى حد ما وأكثر من غيره، على اعتبار أنها تتحدث مباشرة عن المفهوم الحقيقي لتنظيم الأحزاب ولا سيما طموحها النهائي لتجربة ممارسة السلطة، ونحن لا نتفق معه والسبب، أن الحزب ليس بالضرورة دائمأ يتكون من عدد كبير هذا من جهة، أما الجهة الأخرى هناك أحزاب مغلقة وتمارس عملها بالإكراه والاجبار، فليس جميع أعمال الحزب تمارس عن طريق الحرية والاتفاق بين الأعضاء.

إن التاريخ الاوربي يحلتنا أن الأحزاب السياسية المحافظة كانت تواجه صراع ونزاع من الأحزاب الأخرى ولا سيما خاصة الأحزاب التي كانت تدعى بحزب الأحرار، فكل من الحزبين الحاكم والمعارض يمثل طبقة اجتماعية مختلفة، وهذا يؤدي إلى عدم استقرار الدولة، وذلك بسبب الصراع السياسي الذي يدور بين الحزبين المختلفين، فالكل متفق إذا كانت الأحزاب السياسية متفقه فأنها تؤدي إلى استقرار الحكم والديمقراطية وبالتالي يؤدي إلى وضع اقتصادي جيد ومستقر، وقد وصف أحد الأشخاص أن الديمقراطية السياسية لا يمكن ان تطبق لحين ان يستقر النزاع المستمر بين الأحزاب وينتهي (3).

الأصل أن الحزب السياسي هو تعبير عن طبقة اجتماعية، فإن المنتمين إليه هم من تشابهت مصالحهم مع الحزب (4)، لذا فأن المصلحة هو عامل توحيد الأحزاب وقد تتفوق أحيانا على المبادي والعقائد، وهذا ما نراه اليوم أن الأحزاب لها مصالح خاصة وتعمل على تحقيق مصالحها، والكل يعلم أن كل حزب سياسي هو يسعى ويطمح في السلطة، فإذا كان الحزب السياسي لا يطمح فيها ولا يسعی اللقبض على الحكم فهو ليس بحزب سياسي.

عادة رئيس الحزب له دور كبير فهو المتحكم والمسيطر على أعضاء البرلمان، أثناء ممارسة عملهم في البرلمان واستعمال حقهم في التصويت داخل المجلس في الأمور التي تدخل ضمن اختصاصهم، فالعضو لا يستطيع أن يخالف الحزب في أفكاره ومبادئه ومنهاجه، وسبب ذلك، لأنه عندما انظم العضو للحزب، يعلن فيه عن استعداده للعمل في الحزب وقبوله بالعمل الحزبي، ايمانا منه ولمبادئه، إذ إن انتمائه للحزب قد أعطى موافقة كلية وتصريح منه لعدم مخالفة الحزب في اتخاذ القرارات التي تعرض عليه في البرلمان، وسبب ذلك أن مصلحة العضو هي مصلحة الحزب، وكلا المصالح متشابه.

ولكن سؤالنا هنا؟ هل أن العضو قد انتمي للحزب قبل فوزه بالانتخابات وأصبح عضو برلماني، أم بعد فوزه في الانتخابات وقد انظم للحزب وهو داخل البرلمان. وما مدى تأثير الحزب على العضو في ممارسة حقه في التصويت في كلا الحالتين ؟ للجواب على ذلك يجب أن نوضح الفرق بين الحالتين وكالاتي :

 أولا: أحزاب نشأت داخل البرلمان :

إن هذه الأحزاب هي في الأصل لم تكن موجودة سابقة، وانما تكونت داخل البرلمان نتيجة طبيعة تسير الأمور داخل المجالس النيابية وتعد الآراء بين الأعضاء، فقد حدثت انقسامات داخل مجلس النواب، وان هذه الانقسامات في الرأي قد شكل مجاميع برلمانية متفقة في ما بينهم في الفكر والمبادئ وبعدها شكل جميعهم حزب يمثل هؤلاء الأعضاء، ومثال على ذلك، في داخل الهيئة التأسيسية في فرنسا سنة (1789) انقسمت آراء أعضاء الهيئة، وتجمع ممثلو كل اقليم في مجموعة برلمانية وشكلوا حزب واحد داخل المجلس (5) ، وكذلك في انجلترا خلال القرن التاسع عشر)، كان يجب أن يتقدم مرشح من أعضاء البرلمان لتولي إحدى الهيئات البرلمانية، وهنا تم تشكيل آراء متفقه فيما بينها على تشكيل حزب داخل المجلس لترشيح أحد أعضائها لتولي هذه اللجان، وبكل تأكيد أن هذه الأحزاب التي تشكلت داخل البرلمان تكون أقل سيطرة وتحكم على عضو البرلمان، وسبب ذلك أن الحزب لم يكن له الفضل أو الدور للعضو في فوزه وترشيحه عن طريق القائمة، بل كان العضو مستقل ورشح نفسه للمجلس وفاز في عضوية المجلس، فهذا الحزب لا يستطيع ان يتحكم في حق التصويت لعضو البرلمان، وان حدث ذلك فهو قله ونادرأ، وان حصل ذلك فهو ليس تحكم بل اتفاق في الأفكار وتحديد الآراء لتحقيق المصلحة الخاصة.

ثانيا : أحزاب نشأت خارج البرلمان :

إن هذه الأحزاب تشكلت نتيجة للوضع الاجتماعي للبلاد من خلال النقابات والكنائس وجماعات دينية وسرية وغيرها(6)، ولعل أهم مثال على ذلك حزب نشأ من النقابات هو حزب العمال البريطاني فقد نشأ قبل دخوله للبرلمان، وبعد تشكيل الحزب وأصبح ممثل عن الأعضاء استطاع ان يدخل في صراع المنافسة للفوز في مقاعد البرلمان، وان هذه النشأة هي التي تفسر لنا العلاقة الوطيدة بين حزب العمال والنقابات لحد الآن، وكذلك الأحزاب التي تشكلت من قبل الكنائس والجماعات الدينية قبل دخولها في البرلمان، ففي بلجيكا، كانت الكنيسة وراء الحزب المحافظ الكاثوليكي وكذلك الحال للحزب الديمقراطي المسيحي الايطالي (7)، وهنا يمكن القول أن هذه الأحزاب هي مسيطرة في الأصل على أعضائها المنتمين داخل الحزب وان هذه الأحزاب عندما دخلت للعمل السياسي فهي بكل تأكيد سوف تكون مسيطرة على أعضاء البرلمان ولا يستطيع العضو مخالفتها، لأن الحزب هو الذي رشح الأعضاء للعمل في المجلس النيابي ومن خلال الحزب استطاع الفوز وحصوله على مقعد نيابي، فبعد فوز العضو في البرلمان فهو أصبح ممثل للحزب الذي رشحه وهو بكل تأكيد سيكون تابع له وغير حر في آراءه وأفكاره، وسبب ذلك ان عامل المصلحة، وليس فيه شك، ان كل نائب برلماني حريص كل الحرص على البقاء دوما في مجلس النواب ويكون نائبا وممثلا عن البلاد لما له من امتیازات وحقوق وحصانه، فإذا لم يستطيع المحافظة على البقاء في البرلمان فهو حريص على البقاء نائبة في الحزب. وهذا في رأينا مخالف للنظام البرلماني الذي يتمتع به عضو مجلس النواب من حقوق وامتیازات فهو يمثل الشعب ولا يمثل جهة أو فئة معينه أو حزب ما.

والان نأخذ مثالا بسيطا عن بعض الأحزاب التي تشكلت خارج البرلمان ووصلت إلى الحكم وفرضت سيطرتها بشكل تام على السلطة التشريعية والتنفيذية ومنها على سبيل المثال :

1- الحزب الوطني الفاشي في ايطاليا :

هو الحزب الذي اقامه (موسوليني) في إيطاليا عام (1922) واستمر حتى نهاية النظام العام (1945)، وكانت فكرة الحزب تؤمن بعلم سواسية الناس، فيقول أحد أعضاء الحزب على الأفراد، أن فيهم من يولد اهلا للقيادة وفيهم من يولد تابعة في الطبقة المنقادة (8)، بعد قيام موسوليني بتشكيل الحزب وتسلمه منصب رئيس الوزراء قام بإلغاء جميع الأحزاب السياسية الأخرى وأباح الحرية السياسية لحزبه فقط، وجعل الحزب الوحيد المسيطر في الدولة، وكان موسوليني يقول إذا كانت الليبرالية تعني الفرد، فإن الفاشية تعني الدولة (9)، فلقد كان نظام الحكم، نظام شخصي ديكتاتوريا قوي، لأنه بعد سيطرته على السلطة التشريعية، خول لنفسه حق إصدار القوانين وتطبيقها، وكان نظام الحزب تنظيمأ تسلسليا، فجعل زعامة الحزب المحلية قاعدة له وهو في القمة والمسيطرة عليها، ولقد فرض على المؤيدين له أداء اليمين والطاعة لنظامه ولشخصه سواء أكان أعضاء برلمان أو مؤيدين فقط في الحزب، فكان أعضاء البرلمان المنتمين للحزب الفاشي ليس لهم حق خاص في التصويت أو أبداء الرأي أو الفكر، رغم أن الدستور يشير إلى كثير من فقراته إلى استقلال عضو البرلمان وحقه في التصويت وأنه يمثل الشعب بصورة عامة، ولكن في الحقيقة أن أعضاء البرلمان لم يكونوا يمثلوا الشعب، بل كان يمثلون الحزب ويسيرون وفق ما يسر منهج الحزب المتمثل برئيس الحزب موسوليني. ونرى هذا مخالف للنظام البرلماني والی استقلال عضو البرلمان في حقه في التصويت فيما يعرض عليه من أمور تدخل ضمن اختصاصه.

2- الحزب النازي الألماني (هتلر):

كان حدث مهم له تأثير كبير على السياسية العالمية، عندما استطاع هتلر وجماعته النازيين من الحزب استغلال الظروف الاقتصادية السيئة والحالة النفسية التي تمر بها البلاد والشعب (10)، كل هذه الأسباب خلقت الجو المناسب والصالح لانتشار فكر الحزب النازي ووصول هتلر إلى السلطة.

مما سهله عليه ليتولى مقاليد الحكم في ألمانيا(11)، وهو حزب منظم دقيق يخضع الأعضاء جميعهم خضوعا تاما، ويعتبر رئيس الحزب هتلر هو النقطة الأخيرة، وأكد ذلك بقولة، أن قوة الحزب السياسي هي ليست بذكاء أعضائه ولا في استقلال كل عضو برئيه، بل هو في النظام الذي يسود الحزب وفي خضوع الأعضاء للقيادة خضوعا تاما (12)

أصبح هتلر زعيم الحزب المسيطر الوحيد في البرلمان، وجميع الأعضاء يعملون وفق ما يقرر زعيم الحزب، ولا أحد يستطيع مخالفته في الرأي والفكر والتصويت في داخل البرلمان، فالكل خاضع له، والذي يخالفه يعرض نفسه للمحاسبة الشديدة من قبل الحزب وزعيم الحزب، كذلك يصف هتلر أعضاء الحزب مثل وصف الدم في الجسم فالأعضاء هم الدم والحزب هو الجسم، فالعضو الذي ارتضی طوعية بأيمانه بمبادئ الحزب وقرر الدخول فيه، فيجب أن يكون خاضع له ولقواعده، ويعمل على نشر أفكاره ومبادئه والدفاع عن مصالحة، فمصلحة الحزب فوق مصلحة الجميع، وحتى لو كان على حسب مصلحة العضو نفسه المنتمي للحزب أو المصلحة العامة  (13)

لذا كان الحال فيما يخص الحزب النازي شبيه بالحزب الفاشي فالتجربة متكررة بهذا الخصوص بانعدام ارادة الأعضاء فيما يخص حقهم في التصويت ويعد ممارسة هذا الحق شكلية ليست لها معنى.

لذا أن الأحزاب السياسية هي اجهزة تنظيمية غرضها القبض على السلطة وممارستها، فأنها أحوج ما تكون إلى وحدة القيادة اضافة إلى نظام صارم، يخضع له جميع الأعضاء سواء كان عضو برلمان أو عضو حزب، ودائما تواجه الأحزاب مشكلة في التصويت من قبل الأعضاء المنتمين إليها، في عملية التصويت تختلف من حزب إلى حزب آخر، فهناك أحزاب تترك للعضو حرية التصويت ويطلق على هذه الأحزاب بانها أحزاب مرنة (Le parti souple)، فهو حزب لا يرغم أعضاءه على التصويت في موضوع معين يطرح أمام العضو ضمن اختصاصه، فيترك له حرية التصويت كيف ما يشاء وما يراه مناسب للمصلحة العامة، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نموذجة لنظام الحزب المرن، فإن الحزبين في الولايات المتحدة لا تفرض على النواب أعضاء الحزب أي نظام في التصويت، فكل عضو من أعضاء الكونجرس يصوت كما يحلو له وما يراه مناسب دون الرجوع أو استشاره حزبه، ونتيجة لذلك فإن نظام الحزب داخل الكونغرس لا يلعب أي دور (14).

أما الأحزاب التي يطلق عليها أحزاب جامدة هي تلك التي تصب الديمقراطية في قوالب جوفاء، اذ تعمل على اجبار الأعضاء الداخلين في البرلمان على التصويت بشكل موحد، خاصة ازاء الموضوعات الرئيسية، مثل طرح الثقة بالحكومة أو إقرار مشروع معين يخدم مصلحة الحزب أو المشاكل الأساسية التي تواجه الحزب، فيجب الانصياع والطاعة للحزب حتى لو لم يقتنع النائب بصواب هذا القرار، فتنعدم حرية النائب في الرأي والتصويت، ويذهب إلى البرلمان وهو يعلم سلفا أن نقاشه وصوته تحت قبة البرلمان ليس الا خطب منبرية لا طائل من ورائها شيء ولن يستطيع تغير شيء (15).

فالعضو لا يستطيع أن يصوت على قانون معين الا إذا كان الحزب نفسه قد قرر أن يعطي الموافقة للأعضاء بالتصويت على القانون المعروض أمامهم أو أي شيء آخر يتطلب عليه التصويت (16) وتعتبر الأحزاب الشيوعية والاشتراكية وحزب المحافظين البريطاني والحزب الديموقراطي المسيحي الألماني، أحزابة جامدة.

في بعض الأحيان أن الحزب هو الذي يرشح الأسماء لتولي ممارسة العمل في البرلمان ويصبح عضو برلمان، وهذا تأكيد على أن الأمر كله يعود إلى رئيس الحزب أولا وأخيرة، والكل يعلم ان نفوذ الحزب اقوي من نفوذ عضو البرلمان في أي مكان أو زمان، فكثير من الشخصيات يتم ترشحيهم من قبل رئيس الحزب قبل المنافسة، ولكن بعد دخول الانتخابات وسباق المنافسة تلاحظ أن رئيس الحزب يقوم باستبعاد بعض الشخصيات من السباق الانتخابي، والأسباب لا يعلمها الا رئيس الحزب وحده وأعضائه.

تلحظ أن الحزب دائما ما يقدم أسماء جديدة للخوض في الانتخابات البرلمانية، وسبب ذلك ليتسنى للحزب السيطرة الكاملة للمرشح، وليس ذلك فقط، بل في بعض الأحزاب تعمد على الحصول على توقيع من المرشح العضو على السمع والطاعة ونشر فكر الحزب وأهدافه والقيام بكل ما يطلبه الحزب منه، وهذا التوقيع والورقة يحتفظ بها في مكان امين عند رئيس الحزب يستعملها الحزب ورقة ضغط على العضو في حالة خروجه عن السياسية العامة للحزب أو عن ما يطلبه رئيس الحزب منه، ففي حالة الامتثال تبقى هذه الورقة محتفظ بها أما في حالة الخروج عن الطاعة فتنشر في وسائل الإعلام ويتعرض العضو إلى النقد والتجريح من قبل الشعب، لذلك لا يستطيع النائب الخروج عن إرادة رئيس الحزب. وهذه الأسباب كلها تجعل رئيس الحزب أو رئيس الكتلة هو المسيطر والمتحكم في عضو مجلس النواب وعدم استقلاله من خلال استعماله حقه في التصويت داخل البرلمان.

أما بخصوص حالات انتهاك حق التصويت من قبل أصحاب الكتل السياسية، أن مجلس النواب العراقي في عام (2009) قد اعتمد على التصويت على عدة قوانين دفعة واحدة وهي قوانين العفو العام وقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم وقانون الموازنة العامة (17)، وكان سبب ذلك سياسية بسبب موافقة رؤساء الكتل السياسية على تمريرها على الرغم من الاختلاف الواضح بين تلك القوانين التي مررت، وهذا كان تجسيد لفقدان لأي معنى الاستقلال العضو البرلماني عند التصويت على تلك القوانين، وسبب الانتهاك نرى انه قد حصلت في إليه التصويت، وهي من اشد الأمور التي يؤثر فيها رؤساء الكتل على استقلال النائب البرلماني التوجيه للتصويت على نحو معين فيما يطرح في المجلس من مشاريع بعيدة عن ما تقتضيه المصلحة العامة أو ما يمليه ضميره، وان إليه التصويت هو أهم ما يستغله رؤساء الكتل في التأثير على نوابها  (18)

لذا نحن نرى في هذا الجانب الوسيلة الأفضل الاستقلال النائب في المجلس عند التصويت على مشروع قانون مهم يمس المصلحة العامة أن تكون إليه التصويت في التصويت السري، وتتمثل أن يدلي النائب بصوته بورقة بيضاء بدون أن يضع اسمه أو أي علامة تدل على ما صوت به، لأن هذه الاليه تسمح للنائب ان يدلي بصوته بحرية دون خوف أو ضغط من رؤساء الكتل أو الأحزاب. اضافة إلى ذلك التأثير، تأثیر رؤساء الكتل على النواب والهيمنة والسيطرة المطلقة عليهم وعلى حقهم في التصويت، عندما صدر قانون استبدال أعضاء مجلس النواب لعام (2007) النافذ هو منح الكتل السياسية بتسمية مرشحين لغرض اشغال المقاعد الشاغرة دون مراعاة للترتيب الوارد في القائمة في الفوز في الانتخابات(19) وهذا فيه مخالفة صريحة لقانون الانتخابات والذي أكد فيه في حالة فقدان عضو المجلس لمقعده لأي سبب كان عندها يحل محله المرشح التالي في قائمته طبقأ للترتيب الوارد فيه (20)، ونرى هذه مخالفة صريحة لنصوص الدستور الذي منع سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية (21)

نستخلص مما ذكر ان رؤساء الكتل السياسية مارسوا دور سلبي ومؤثر على استقلال النائب البرلماني، وأصبح النائب تابع للكتلة السياسية، والأخيرة تابعة لرئيس الكتلة، وبالتالي أصبحت جميع القرارات التي تتخذ داخل المجلس والتي يتم التصويت عليها من قبل الأعضاء هي غالبا ما تقر مسبقا من قبل رؤساء الكتل، وما دور أعضاء البرلمان سوي تنفيذها، لذا نادرا ما نجد معارضة من أحد الأعضاء على كتلته أو رئيس كتلته، أو قيامهم بالتصويت بما يخالف رئيس الكتلة النيابية (22)، وهذا غير سليم في رأينا، كونه يجعل النواب داخل المجلس ليس لهم أي دور مؤثر ويقتصر فقط على تنفيذ ما يراه رؤساء الكتل السياسية وهذا يؤثر بشكل واضح وعلني وبشكل سلبي على استقلال النائب في حقه بالتصويت.

____________

1- سورة البقرة، الآية 249

2- صلاح نيوف عضو في الجمعية الكندية للعلوم السياسية وعضو المركز الأكاديمي للدراسات العليا - فينا- بحث منشور على الموقع   www.rezgar .com تاريخ الزيارة 2021/4/21 .

3-Robert Michel's, political parties, Dover publications in New york, p 42.

4- کتاب روبوت ميثيل يقول، أن الحزب قد يكون نظرية تعبيرا عن مصالح طبقة معينة، ولكن في التطبيق، كل واحد يمكنه الانتماء إلى حزب ما، وإن كانت المصالح تتساوی أم لا مع المبادئ التي أعلنها البرنامج .

5- د. سعاد الشرقاوي ، الاحزاب السياسية - نشأتها - نشاطها ، بحث منشور في مركز البحوث البرلمانية ،، كلية الحقوق، جامعة القاهرة ، العدد (64) ، 2005، ص19.

6-Josehla palombara,politics; parties and political development,Princeton,1966,p7.

7- د. سعاد الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص 20 ومابعدها .

8-1Vljevr Boo Narret  (1948-1822 )  يعتبر فلیسوف الفاشية، أنه كان لا يؤمن بسواسية الناس وفي هذا يقول، الحقيقة سواء ارضت العلماء أم لم ترضهم، فإن المجتمع البشري ليس متجانسا، فالناس مختلفون جسما وعقلا وخلق.

9- هو قول مشهور يقوله دائما موسوليني، قد القاه في ميلانو عام 1925 قال فيه، كل شيء في الدولة، ولا شيء خارج الدولة، انظر، راسل، المجتمع البشري في الأخلاق والسياسية، ترجمة عبد الكريم أحمد، مكتبة الأنجلو، مصر، القاهرة، دون تاریخ نشر، ص 810.

10- كتب اريك فروم، عن النازية، قائلا، ما من واحد من هذه التفسيرات بصحيح ابتداء من التفسير الذي يؤكد العوامل السياسية والاقتصادية إلى التفسير الذي لا يبقى الا على العوامل السيكولوجية وحدها، أو بالعكس، النازية هي مشكلة سيكولوجية، غير أن العوامل السيكولوجية يجب فهمهما هي نفسها باعتبارها ممتزجة بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية، انظر إلى كتابه، الخوف من الحرية، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1972، ص 168.

11- يذهب اريك فروم إلى عكس هذا الرأي فهو يرى، أن الخوف من العزلة والضغط النفسي للمبادئ الخلقية يساعدان الحزب على کسب ولاء قطاع كبير من السكان إذا ما استولى هذا الحزب على سلطة الدولة، نفس المصدر، ص 170.

12- هتلر، كفاحي، ترجمة لويس الحاج، دار بيروت للطباعة والنشر، 1958، ص 202.

13- د. طارق علي الربيعي، الأحزاب السياسية، بلا مكان نشر، 1990، ص 290

14- د. سعاد الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص 48 ومابدها .

15- المصدر نفسه ، ص 47.

16- عبد المنعم عبد الحميد ابراهيم، المعالجة القضائية والسياسية للانحراف التشريعي، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2001، ص 231.

17- كان رؤساء الكتل السياسية في مجلس النواب كل منهم يتبنى أحد هذه القوانين، رئيس التحالف الكردستاني برید تمرير الموازنة العامة مع الاحتفاظ بحق 17% كحصة الأقاليم، وتيني رئيس جبهة التوافق قانون العفو العام، أما رئيس الائتلاف الشيعي تبني قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم منشور على الموقع الالكتروني  www.ankawa.com, www.ahewar.org , تاريخ الزيارة 2021/6/9 .

18- عندما صوت أعضاء مجلس النواب العراقي على قانون التقاعد وما اثارته المادة (37) والخاصة بتقاعد رواتب أعضاء المجلس من جدل ورفض شعبي لها وطالب الرأي العام بكشف أسماء الأعضاء الذين صوتوا على هذا القانون، إذ أكد رئيس مجلس النواب السابق اسامة النجيفي أنه تم تزويد رئاسة المجلس لكافة رؤساء الكتل النيابية كل على حدة بنتائج تصويت أعضائها على قانون التقاعد الموحد وبناء على طلب المقدم من كتلهم النيابية بشأن التصويت ولم يتم نشر تلك النتائج في وسائل الإعلام.

19- ينظر المادة (2) من قانون استبدال أعضاء مجلس النواب العراقي المعدل العام 2007.

20- ينظر المواد (13 و 14) من قانون انتخاب أعضاء مجلس العراقي رقم (11) لسنة 2005 الملغي

21- ينظر المادة (2/أ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ، وهذا ما قام السيد اسامة النجيفي بوصفه رئيس كتله عراقيون عام 2010 باختيار المرشح فارس السنجري لشغل المقعد النيابي واستبعاد المرشح عبد الله الجبوري علما بان الأخير حصل على أصوات أكثر من المرشح فارس السنجري، ينظر، همام عبد الله، قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم (5) لسنة 2009 المعدل يصادر إرادة الناخبين، منشور في موسوعة الحوار على الموقع الالكتروني www.faseiraq.com تاريخ الزيارة الموقع 2021/6/9

22- ان جميع رؤساء الكتل السياسية لم يتم انتخابهم من قبل أعضاء الكتل، وأن غياب التداول السلمي لرئاسة الكتل السياسية أحد معطيات زيادة التأثير على استقلال الأعضاء من قبل رؤساء الكتل، ينظر في ايجابيات مبدا تداول السلطة داخل الأحزاب، د. رفعت عبد سید، تداول السلطة داخل الأحزاب السياسية، ط1، 2005، ص 154-158.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .