المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


إمكانية مسائلة عضو البرلمان عن انتهاك حقه بالتصويت  
  
1304   01:56 صباحاً   التاريخ: 5-5-2022
المؤلف : منتظر رياض مهدي الخزرجي
الكتاب أو المصدر : حق التصويت لعضو مجلس النواب بين الضمان وحالات الانتهاك
الجزء والصفحة : ص71-79
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

يرى الجانب الآخر من الفقه (1) ان الحصانة البرلمانية المتمثلة بـ (الموضوعية والإجرائية) التي يتمتع بها عضو البرلمان هي ليست مطلقة، وانما مقيدة ولها إطارها الذي يجب أن لا تخرج عنه، وان لا يستغل عضو البرلمان هذه الضمانة ويتجاوز حدودها، وتجعله غير خاضع للقانون، فهي ليست ضمانة شخصية لعضو البرلمان، وانما هي ضمانة للمركز الذي يشغله في البرلمان، لذا نص القانون الأساسي الجمهورية ألمانيا الاتحادية لا تشمل الحصانة الموضوعية في حال التشهير أو الاهانة أو القذف والسب إذا ارتكابها العضو ضمن واجباته البرلمانية(2)، كذلك ذهب بنفس الاتجاه دستور دولة اليمن عندما نص (لا تشمل الحصانة كل ما يصدره العضو من قذف أو سب)(3)، كذلك أكد فقهاء القانون الجنائي آن عضو البرلمان يتمتع بالحصانة على الأقوال دون الأفعال، فالعضو له حق الكلام والمناقشة وأبداء الرأي والتصويت، أما غير ذلك فيمكن مساءلة العضو جنائية ومدنية عندما يقوم بها داخل المجلس أو خارجه من أفعال ايذاء أو سرقة أموال الدولة أو القتل أو الرشوة  (4).

إن بعض النواب يتصور أن الحصانة التي يملكها هي تعني عدم إمكانية مساءلته، والحقيقة أن الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها العضو هي تعني تأخير اتخاذ بعض الإجراءات الجنائية بحقه حتى يمكن السلطات من الحصول على اذن من المجلس الذي ينتمي إليه هذا في حالة عدم التلبس بالجرم المشهود، أما في حالة تلبسه بالجرم المشهود وقبض عليه وهو في حال تسليم أو قبض مال من الغير من أجل انتهاك حقه في التصويت مع الأدلة والبراهين والقرائن فيكون للسلطات الحق في القبض عليه ومسألته عما ارتكابه، فالعضو الذي لديه امتیازات يتمتع بها بالمقابل له قيود وواجبات مفروضة عليه، وهذه القيود الغرض منها هو قيام العضو بواجبه على الوجه الأكمل وأبعاد كل شبهة تلحق بهم(5)، ولكن عند قيام العضو بانتهاك حقه في التصويت وجب على المجلس أن يرفع الحصانة عن العضو حتى يمكن للسلطات القضائية إكمال التحقيقات بهذا الشأن.

أن هذه الحالة تمكن للعضو المتهم أن تكون له فرصة لإثبات براءته أمام المحكمة المختصة بالتحقيق وأمام الشعب الذي يمثله وأمام المجلس الذي ينتمي إليه، ولا يجب ان يعتبرها الأعضاء في حال رفع الحصانة عنهم اهانة لهم، فالجميع يعلم أن الأعضاء هم بشر وغير منزلين أو معصومين من الأخطاء، وبما انهم هم ممثلي الشعب، لا بد أن يكونوا قدو للشعب وسباقين في تطبيق القانون لا أن يتهربوا من تطبيقه في حال اتهامهم في أي جريمة أو انتهاكهم لحقهم في التصويت، والعضو هو مسؤول أمام ناخبيه وملزم باحترام وعوده وتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي اعلنه في بداية ترشحه، فإذا أخل بهذه الوعود وقد فضل مصلحته الخاصة على المصلحة العامة وقد ثبت ذلك بالقرائن والأدلة فإنه في هذه الحالة قد انتهاك حقه في التصويت ويمكن مساءلته من قبل الشعب والجهات المختصة.

إن العضو مسؤول أمام البرلمان اذ قبل دخوله للمجلس وتمتعه بالحصانة البرلمانية أنه قد ادى اليمين الدستوري على أن يؤدي واجباته البرلمانية ويعمل للصالح العام، ولا يخل بها أو ينتهكاها أو يسئ لها من خلال تصرفاته وأعماله، فإذا ثبت انه قد انتهاك حقه في التصويت من اجله تحقيق مصالح خاصه أو تلقي الرشوة أو عرض الرشوة فبكل تأكيد سوف لن يقبل المجلس وأعضائه ببقاء العضو المنتهك حقه في البقاء في المجلس وتمتعه بالحصانة البرلمانية التي تحميه من القانون، فالحصانة وضعت لحمايته من باقي السلطات والغير وكذلك استقلاله في عمله وليس في حماية أعماله وتصرفاته التي من خلالها ينتهك حقه في التصويت.

قبل ان نكمل كلامنا لا بد لنا من توضيح مفهوم المسؤولية أولا، فالمسؤولية تعني هي إمكانية متابعة أو ملاحقة الشخص جراء عمل يقوم به مخالف للقواعد المرعية في الدولة (6)، وبالقياس على هذا يمكن القول إمكانية مسألة عضو البرلمان عن قيامه بعمل أو امتناعه سواء مشروع أو غير مشروع ولكنه يلحق ضرر بمصالح الشعب ككل، لذا من المبادئ القانونية المستقرة في القانون الخاص أن كل شخص يقوم بعمل أو امتناع عن عمل ويكون مخالفة لالتزام قانوني يولد التزام أخر هو الالتزام بالمسؤولية (7)، والمسؤولية هنا تكون جنائية أو سياسية أو أي شيء آخر، وهذا يعني أن كل عضو برلمان يتمتع بسلطة يجب أن يقابل تلك السلطة مسؤولية فلا يجوز للعضو أو لغيره الاستئثار بها من دون مساءلة سواء أكانت قضائية أو سياسية أو تنفيذية، وليس فقط نبحث عن الغاية عن المسؤولية عن الانتهاك من قبل الأعضاء في حالة انتهاكهم لحقهم في التصويت بل ماهي الآثار والنتائج التي تصل إليها في حال انتهاكها من قبل الأعضاء أنفسهم، وخاصة أن الأعضاء في البرلمان يتمتعون بامتيازات وحقوق كثيرة، وكل ذلك الذي يمنح للأعضاء ليس الا قيامه بواجباته على أحسن وجه، ومن أجل إيجاد موازنة عادلة للطرفين بين الحقوق والواجبات لابد من المسؤولية وتحديد اثارها بنصوص قانونية ولستورية المراقبة أعمال النواب والحد من تجاوز سلطاتهم وتعسفهم وانحرافهم في حال انتهاك حقهم الخاص في التصويت من قبلهم، مما يؤدي إلى تخلفهم عن حماية مصالح الشعب وتفضيل مصالحهم الخاصة، لذا يكون البرلمان هو الهيئة السياسية المسؤولة عن أعمال النائب ومراقبته فهو تابع لها وهي التي تقدمه للسلطات المختصة من أجل ايقاع الجزاء بحقه في حال إخلاله بواجباته لما لها من انعكاسات سلبية ومؤثرة في عمل البرلمان وادائه، وهذا لا يعني اغفال السلطة التنفيذية أو القضائية أو الحزب أو حتى الناخب الذي يملك الحق في محاسبته لتقصيره وقيامه بانتهاك حقه في التصويت، فالناخب الذي انتخبه له الحق في عدم انتخابه مرة ثانية للعمل في المجلس وليس هذا وحسب بل اقامة الدعوى ضده لأنه هو يمثله في البرلمان وان النائب قد انتهك حق التصويت الذي ليس هو حقه بصورة عامة وانما حق الأفراد الذين انتخبوه ايضأ.

من التقاليد النيابية والاحكام والنصوص القانونية الملزمة التي استقر العمل بها هي إخلاص عضو البرلمان في عمله وولاؤه للمجلس والتزامه بالدستور والقوانين والنظام الداخلي أثناء قيامه بمهامه النيابية، ولا يؤثر سلبا لواجباته سواء كانت هذه الواجبات قيام بعمل أو امتناع عن عمل(8)، لذا في حال علم اخلاصه وانتهاكه لحق في التصويت عندئ يمكن مسألة عضو البرلمان ومحاسبته، لذا يحرص النواب على الالتزام أمام ناخبيه لكي يتم اعادة انتخابه مرة ثانية للعمل في البرلمان وضمان حقه في التصويت مرة ثانية، لذا فإنه يعمل قدر المستطاع والابتعاد عن المساس بالمصلحة العامة ليضمن رضا الناخبين، ففي حال قيامة بانتهاك حقه في التصويت ومس المصلحة العامة وأنه فضل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة فلا بد من مسألته عن ما انتهكه من حقه في التصويت، رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية.

قد اتفق الفقه الدستوري على مسؤولية ومحاسبة النائب في حال إخلال النائب بعمله وهو داخل المجلس أو خارجه، فبعض الدول قد أكدت على وجوب مسائلة الأعضاء في حال قيامهم بجرائم الخيانة والجنايات الكبرى وخرق السلام وهذا ما أخذت به الولايات المتحدة الأمريكية في دستورها (9)، ومعظم الدول في حال تم كشفها والتلبس بها (10). لذا في حالة إخلال العضو بنظام الجلسة ويكون هذا الإخلال جسيمة يضر بالمصلحة العامة أو يسيء للمجلس بكامله، كأن يقوم النائب باستغلال صفة النيابية واستغلال الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها ويتدخل في شؤون السلطة التنفيذية للحصول على منافع شخصية من خلال التصويت بإقالة أحد الوزراء أو الحكومة، أو قيامه بإفشاء أسرار البرلمان لغرض الحصول على منافع مالية خاصة فهذه كلها اساء للمجلس وكذلك لمؤسسات الدولة الدستورية (11)، فإذا كانت هذه التصرفات تصدر من النائب دون رادع أو محاسبة أو مسألة نكون أمام عضو برلماني فوضوي لا يمكن السيطرة عليه أثناء ملته النيابية في البرلمان بحجة تمتعه بالحصانة البرلمانية، ليس هذا فحسب بل يثبت لنا ان ترشحه للبرلمان وقيامه بهذه الأعمال ليس من أجل تحقيق المصلحة العامة بل من أجل غاية أخرى يسعى لها وهي تحقيق المصلحة الخاصة والمنافع الشخصية لتلبية طموحه الذي سعى إليه.

أما مسؤولية عضو البرلمان في الأنظمة المقارنة فقد ذهبت فرنسا بمطالبة مسألة النائب في حال انتهاك حق التصويت الخاص به، وهذا ما ذهب إليه مجلس المعهد الوطني الفرنسي سنة (1793)، إذ بدي عضو المجلس (روبسبير) قائلا يجب مسألة الموظفين جميعا ومنهم أعضاء مجلس النواب وقال فيها: أن الأمة التي لا يكون نوابها مسؤولين أمام أحد، لا تكون صاحبة دستور ولا يمكنها عزل نوابها فإذا كان هذا المقصود من نظام الحكومة التمثيلة فأني اصب عليها اللعنات مثلما صب عليه جان جاك روسو (12)، وتكررت تلك المتطلبات من قبل أعضاء مجلس المعهد الوطني الفرنسي وبعد تلك المطالبات شرع قانون يحق للناخبين القادرين على الانتخاب عزل النائب في حال انتهاك حقه بالتصويت قبل انتهاء مدة النيابة وذلك وفق الالية التي رسمها الدستور، وطبق هذا النظام في بعض دساتير العالم ومنها دستور  الولايات المتحدة الأمريكية كلمتور لوس انجلس لسنة (1930) ودستور كالغيورينا سنة (1911) (13)، وبعدها تطور العمل البرلماني، وأصبح البرلمان قادر على عزل النائب ومحاسبته الذي يتجاوز حدود سلطته المحددة في الدستور أو القانون وحتى لو كان يتمتع بالحصانة البرلمانية.

أما في مجلس العموم البريطاني فقد حلد المجلس صلاحيات الأعضاء وسلوكهم وماهي واجباتهم من خلال مشاركة العضو في المناقشات والتصويت على التشريعات والرقابة والمسائل الأخرى، وأكد على الأعضاء من خلال عملهم في البرلمان أن يكون الولاء الحقيقي لجلالة الملكة وورثتها وخلفائها وفق القانون والحفاظ على القانون وعدم التجاوز عليه، والتصرف بالشكل الذي يخدم مصالح الأمة ككل، والتصرف وفق ما يتفق دائمأ مع مبدأ الاستقامة والنزاهة بما في ذلك استعمال الموارد العامة، وقد وردت مسؤولية الناخب عن إخلاله وانتهاكه لهذه الواجبات في إشارة صغيرة. اذ منح النظام البريطاني مجلس العموم واللوردات صلاحية اسقاط العضوية عن العضو الذي يسلك سلوكا يعيب شرف الإنسان وهو ينتهك حقه بالتصويت، وهذا يعتبر جزاء تأديبيا وخاصة عندما يعرض أفعال العضو المنتهك على المجلس والرأي العام في نشر فضائح أعضاء البرلمان لا سيما الفضائح المالية المكتسبة بطرق غير شرعية (14).

أما إمكانية مسألة عضو الكونجرس الأمريكي عن انتهاكه لحق التصويت، فقد نص الدستور الأمريكي لكل من المجلسين سلطة اجبار على الأعضاء الغائبين على الحضور إلى المجلس بالطريقة التي يراها وطبقا للعقوبات التي يحددها قد تصل إلى طرد العضو من المجلس (15)، وهناك لجنة داخل المجلس تسمى لجنة معايير السلوك الرسمي لجنة الأخلاق)، يتولى كلا المجلسين النظر في الشكوى التي تقدم من قبل أحد الأعضاء على غيره، في حال انتهاك العضو الدستور أو القانون أو النظام الداخلي من خلال حقه في التصويت، وعلى الفور تبدأ اللجنة بالتحقيق للتأكد من صحة المعلومات المقدمة إليها، فإذا رأت اللجنة أن العضو المتهم قد انتهاك حق التصويت فأنها توصي بطرده من البرلمان وذلك من خلال التصويت بأغلبية ثلثي الأعضاء وهذا ما حصل للسيناتور هنري رايس بتهمة الفساد(16).

او من خلال الاطلاع والبحث لم يشهد الكونجرس حالات كثيرة من طرد الأعضاء سوى عشرين عضوا كان منهم (15) عضو من مجلس الشيوخ (17) ، وكان أغلبيتهم بتهمة الخيانة والفساد من خلال استعمال حقه بالتصويت، أما البقية الخمسة فإن اللجنة عندما أوصت بطردهم فانهم قدموا الاستقالة قبل التصويت عليهم من قبل الأعضاء سواء كان عن طريق رغبتهم أو بالتهديد عبر فضح الأعضاء داخل المجلس والرأي العام (18)، وغالبا ما يكون طرد العضو من المجلس هو بسبب سلوك العضو الذي انتهك حقه بالتصويت وقد اساء إلى سمعة المؤسسة التشريعية وكذلك إلى زملائه في الكونجرس.

أما في دستور مصر لسنة (1971) الملغي قد نص في المادة (96) على اسقاط العضوية عن النائب الذي يخل بواجبات عضويته وقد حددت اللائحة الداخلية للمجلس واجبات العضو سواء كانت أفعالا ايجابية أو سلبية (19)، كما أشارت اللائحة إلى فرض اسقاط العضوية عن العضو الذي قد أخل بواجبات العضوية وارتكب فعلا من الأفعال المحضورة (20)، وهذا اتجاه حسن قام به المشرع، وذلك لتفعيل دور النائب في المجلس وعدم إخلاله وانتهك حقه بالتصويت، لأنه عكس ذلك سيؤثر سلبا على المجلس وعلى الأعضاء، ومن تطبيقات ذلك عندما قام المجلس بحرمان النائب عبد العظيم حمزاوي من المكافأة المالية وذلك بسبب مدة الغياب عن المجلس (21)، وحين وضح الأسباب قال ان الغياب يعرقل عمل المجلس ويعد العضو المتغيب منتهك لحقه بالتصويت على المشاريع والقوانين التي تسن داخل المجلس، رغم أن العضو أعلاه كان من الحزب الحاكم وكانت مدة الغياب سبعة اشهر (22)، كما أن مجلس الشعب فرض أيضأ عقوبة على النائب سعد عبود بعد تقديمه معلومات غير صحيحة ضد مسؤولين في الحكومة بتهمة الفساد كان الغرض منها المقايضة وحصوله على أموال لمصلحته لذا قال الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس أنه تلقى طلبة من (160) نائبا يطالبون بعقوبة النائب سعد عبود وذلك لإخلاله بواجبات العضوية وانتهاك حقه بالتصويت، وهذا لا يتفق مع السلوك البرلماني، لذا كان يستحق العقاب  (23).

أما في العراق فقد حدد القانون الاساسي لسنة (1925) مسؤولية الناخب في حال تغيبه عن المجلس لمدة شهر من غير اذن أو عذر مشروع يعد مستقي" مع مراعاة المادة (46)(24)، أما في ظل دستور (1970) الملغي فقد نص أن رئيس المجلس الوطني وكل عضو فيه مسؤول أمام المجلس عن خرق الدستور أو الحنث بموجبات اليمين الدستورية أو أي عمل أو تصرف يراه المجلس الوطني مخط بشرف المسؤولية التي يمارسها (25)، أما في قانون المجلس الوطني المنحل رقم (26) لسنة (1995) ونظامه الداخلي كان أكثر صرامة في تعامله مع مسؤولية النائب في حالة تغيبه عن المجلس إذ تصل العقوبة إلى الإقالة وانهاء العضوية لغياب العضو لدورة واحدة بدون عذر شرعي بقرار من المجلس وأغلبية أعضائه ويكون قرار انهاء العضوية من هيئة الرئاسة (26)، أما في دستور (2005) النافذ لم يشر إلى تحديد مسؤولية النائب بالرغم من اختصاصات مجلس النواب الواسعة(27).

أما قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة (2006) والمعدل رقم (49) العام (2007) فقد نص:  تنتهي العضوية في المجلس بسبب تجاوز العضو غياباته بدون عذر مشروع لأكثر من ثلاث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد (28) ، ولم يذكر في أي فقرة في حال انتهاك عضو المجلس حق التصويت، لذا يجب على المشرع الانتباه إلى هذه النقطة المهمة والحساسة في عمل النائب البرلماني، لما لها من أهمية في عمل البرلمان، وماهي خطورتها واثارها في حال انتهاك حق التصويت من قبل العضو نفسه.

ولكن يثار التساؤل حول نطاق الحصانة البرلمانية، ما هو الحكم في حال إذا كانت الآراء والأفكار والتصويت التي يدلي بها العضو داخل المجلس تدخل ضمن أفعال اجرامية تتصل حلقاتها داخل المجلس وخارجه، كأن يصوت العضو على موضوع معين في إحدى الجلسات مقابل تلقيه رشوة أو بناء على اتفاق مصلحة أو اتفاق جنائي ؟ وللإجابة على ذلك، قد وضح أحد الفقهاء (29)، عندما اثيرت هذه النقطة في فرنسا، عندما تم شراء أصوات بعض الأعضاء، على التصويت بالموافقة على قانون يتعلق بالسماح بإصدار سندات جديدة (30)، فیری جانب من الفقه(31)، أن عملية التصويت بحد ذاتها لا يمكن أن تكون محلا للمسؤولية، ويرى الأخر (32) ، ان ما ارتكبه العضوخارج المجلس لا تشمله الحصانة الموضوعية، فإذا كان يعاقب عليها القانون، فإن العضو يسري عليه نصوص القانون ويعد مخالفا ويستحق المسائلة والعقاب، والسبب ان عملية التصويت التي أدلى بها العضو هي متصلة حلقاتها خارج البرلمان وداخله وتشكلان عنصر الجريمة واحدة، فلا يمكن فصل بعضها عن بعض، البعض مباح والبعض معاقب عليه، فالعضو الذي قام بالتصويت بناء على توجيه الغير مقابل مبلغ من المال أو فائدة يجنيها من جهة معينة، فهنا يكون العضو قد ارتكب جريمة الرشوة  (33) .

الرشوة عرفها البعض: (اتفاق على جعل أو فائدة مقابل أداء عن عمل أو الامتناع عن عمل يدخل ضمن وظيفة المرتشي أو مأموریته) (34) ، أما المرتشي في قانون العقوبات العراقي: (كل موظف أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو ميزة أو وعد بشيء من ذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته الوظيفة) (35) ، أما المقصود بالمكلف بخلمة عامة فقد وضح القانون ذلك اذ نص: (كل موظف أو مستخدم أو عامل نيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبة الرسمية..) (36) ، ويتضح ان عضو مجلس النواب هو في حكم المكلف بخدمة عامة ، فإذا قام عضو البرلمان بالتصويت أو امتنع عن التصويت مقابل رشوة عرضت عليه، فإن الحصانة الموضوعية لا تشمله ولا تحمية، والسبب ان العضو قام بجرمتين في آن واحد، الجريمة الأولى هي جريمة الرشوة، التي نصت عليها جميع قوانين العالم على أنها تستحق العقاب، والجريمة الثانية هي الإخلال بالوظيفة العامة وهي الوظيفة البرلمانية (37)، وغالبا ما نصت عليها لماتير العالم أنها تعد من الجرائم ووضعت لها عقوبة معينة (38)، ونحن نؤيد ذلك، لذا نرى أن عضو البرلمان يكون مسؤولا جنائية وموضوعية ويستحق العقاب على هذا الانتهاك وهو انتهاك حق التصويت مقابل الرشوة.

____________ 

1- د. يحيى الجمل، النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1979، ص 200 .

2-  ينظر المادة (46/1) من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لعام 1949.

3- ينظر المادة (13) من الدستور الجمهورية اليمينة لعام 1990 النافذ.

4- د. محمد محمود مصطفی، شرح قانون العقوبات - القسم الخاص، طه، دار الكتاب العربي، 1958، ص 308. كذلك  كذلك ينظر د. محمد مصطفى القللي، المسؤولية الجنائية، مكتبة عبد الله وهبة، القاهرة، 1944، ص 281

5- د. مصطفى كامل، شرح القانون الدستوري والقانون الأساسي العراقي، ط5، مطبعة السلام، بغداد، 1947، ص 366.

6- ياسين محمد عبد الكريم الخرساني، المركز الدستوري لرئيس الدولة في الجمهورية اليمينة دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون، جامعة بغداد، 2005، ص 182.

7- المستشار محمد فهيم درويش، السلطة التشريعية، مصر، 2002، ص 403.

8- ينظر المادة (5) من مدونة قواعد السلوك لأعضاء البرلمان البريطاني الصادرة بتاريخ 1995/7/19 .

9- ينظر المادة (1/6) من دستور الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1787 المعدل.

10- ينظر المادة (26) من الدستور الفرنسي لعام 1958 المعلل، كذلك المادة (105) من الدستور الجزائري لعام 1989 الملغي، كذلك المادة (99) من الدستور المصري لعام 1971 الملغي، كذلك المادة (86) من الدستور الأردني لعام 1952 النافذ.

11- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا، القانون الدستوري والنظم السياسية، جامعة الاسكندرية، مصر، دون سنة طبع ،ص 123 .

12-  ايسمن، اصول الحقوق الدستورية، ترجمة محمد عادل زعيتر، مطبعة المصرية، مصر ، دون تاریخ طبع، ص 236.

13- د. حميد حنون خالد، الأنظمة السياسية، مكتب السنهوري، بغداد، 2011، ص 52.

14- مها الريشة، فضائح البرلمان في بريطانيا مقال منشور في جريدة الاندبندت البريطانية بتاريخ 14/1/2012 على موقع الجريدة الالكترونية.

15- ينظر المادة (1/5) من دستور الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1787 المعدل.

16-  موقع الكونجرس الأمريكي على الانترنت  www.itedstatescongress112th

17- walters oleszek. Congressional procedures and the pricy process. Washington. d.c. ; congressional Quarterly. Press. 1989.p 84.

18- ينطر إلى موقع الكونجرس الأمريكي اعلاه على الانترنت، عندما قدم السيناتور هاريسون وليامز من ولاية نيوجرسي استقالته بعد ادانته من قبل لجنة الأخلاق بقضية أخلاقية وكذلك السيناتور بوب باکوور من اربعونا بعد ادانته بقضية أخلاقية عام 1995.

19- ينظر الفصل الخامس اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري لعام 2017 على واجبات الأعضاء في المواد (369 -376)

20-  ينظر المادة (377/5) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري لعام 2017.

21- ينظر المادة (366) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري لعام 2017 .

22- د. محمد محمود المعمار، الوبسيط في القانون الدستوري الأردني، ط1، عمان، دار الخليج، 2012، ص 322.

23- خير منشور في جريدة الاخبار المصرية 2008/2/13 على موقع الانترنت www.marawy.com تاريخ الزيارة 2021/5/30

24- ينظر المادة (49) من القانون الأساسي لعام 1925، وقد نصت المادة (46) من نفس الدستور على النائب أن يقدم استقالته كتابة إلى الرئيس ولا تنفذ الاستقالة مالم يقبلها مجلس النواب).

25- ينظر المادة (56) من دستور جمهورية العراق لسنة 1970 الملغي

26- ينظر المادة (12/5و6) من قانون المجلس الوطني المنحل رقم (26) لسنة 1995، والمادة (38) النظام الداخلي الداخلي العراقي لسنة 1996.

27- ينظر المادة (61) من دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005.

28- ينظر المادة ( أولا/7) من قانون استبدال أعضاء مجلس النواب العراقي المعدل رقم (49) لسنة 2007 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4049 في 2007/9/27.

29- د. عامر عياش عبد ، أستاذنا ، الحصالة البرلمانية، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون، جامعة بغداد، 1995 ، ص 35.

30- د. عثمان خليل عثمان، القانون الدستوري، الكتاب الثاني، طه، دار الفكر العربي، القاهرة، 1955، ص 396، كذلك ينظر د. عامر عیاش، مصدر سابق، ص 37

31- د. محمد محمود العمار، ضمانات استقلال المجالس التشريعية، ط1، دار الخليج، عمان، 2009، ص 411، كذلك ينظر للمزيد، د. عامر عیاش، مصدر السابق، ص 37.

32-  د. عبدالله علي محمد النعيمي، حق التصويت لا عضاء البرلمان ، بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك ج2 مجلد (10) العدد 36 سنة 2021   ، ص15

33- د. عامر عياش عيد ، مصدر سابق، ص 37  

34- د. أحمد امین، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، ط3، منقحة، مكتبة النهضة، بغداد، غير مؤرخ، ص 1.

35- ينظر المادة (11307) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969.

36- ينظر المادة (2119) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969.

37- د. عبد الله علي محمد النعيمي، مصدر سابق، ص 15.

38- نص القانون الأساسي العراقي لعام 1925 على مثل هذه الجرائم في المادة (81) حيث نصت : تؤلف محكمة عليا المحاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة المتهمين بجرائم سياسية أو جرائم تتعلق بوظائفهم العامة والمحاكمة حكام محكمة التمييز عن الجرائم الناشئة من وظائفهم وللبت بالأمور المتعلقة بتفسير هذا القانون وموافقة القوانين الأخرى الاحكامه.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم