أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2021
5350
التاريخ: 10-4-2022
2066
التاريخ: 2024-01-01
1050
التاريخ: 14-1-2016
2074
|
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في هذا العالم من جسد وروح، ولكل منهما حاجاته التي لا يمكن تجاهلها أبداً، فالجسم يحتاج إلى الغذاء بمختلف أصنافه وأنواعه من طعام وشراب، ويحتاج إلى الرياضة ليكون قوياً صلباً، وكذلك الروح فلها حاجات أيضاً، فهي تحب العلم والمعرفة وتعشق الجمال والكمال وتبحث عن الحب والأمان لتكون مطمئنة، وتظل تبحث عن هذه الحاجات وغيرها دون كلل أو ملل لتصل إلى الهدف المنشود، إلى لقاء الله عز وجل حيث العلم والحب والجمال والقدرة والغنى الذي لا فقر ولا جهل ولا ضعف معه أبداً. فما عند الله لا يزول ولا ينتهي أبداً. قال الله تعالى:
{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96].
وفي آية أخرى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60].
فللروح غذاء وحاجات كما أن للجسد حاجات من طعام وشراب و..، فلو أتينا إلى حاجة الحب عند الإنسان فإننا نجدها حركة دائمة لا تتوقف أبداً. فالمرء عندما يولد يحب أمه ثم أباه ثم أخوته وأقاربه، وبعد ذلك الرفاق والأصدقاء، إلى أن يبلغ. فيبحث عن الأنيس والحبيب لتتحد روحه معه وتسكن إليه، ويسيران معاً نحو الحب الذي لا يعرف النهاية أبداً، نحو الله تعالى. فالمرأة سكن الرجل ومستراحه، والرجل أمان المرأة وملاذها، وكل منهما يبحث عن الآخر ويبتغيه. وهنا يأتي الزواج الذي يجمع بين المرأة والرجل على أساس واحد هو المودة والرحمة. وقد وصف تعالى هذه العلاقة الزوجية بالآية حيث قال عز من قائل:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
فالزواج حاجة عاطفية للروح، وهو أيضاً تلبية وسد للحاجة الحميمية التي تضغط على كل من الرجل والمرأة، وليست السلامة في الهروب منها أو تركها، ولا في إقامة العلاقات غير المنضبطة إنما هي في الزواج الذي حلله الله تعالى وارتضاه.
فالزواج هو الارتباط الروحي ثم الجسدي بين الرجل والمرأة، وتعانق قلبين طاهرين في ائتلاف روحيهما، والحب هو أساسه، حيث يمزج بين روح المرأة والرجل فيتحدان حول القيم والأهداف.. قال مولى المحبين علي عليه السلام: "المودة تعاطف القلوب في ائتلاف الأرواح(1).
ولو تأملنا في قصة زواج أبينا آدم عليه السلام أمنا حواء لتبين لنا أكثر ما هو الزواج.
قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام:
"ثم ابتدع (الله تعالى) له حواء.. فقال آدم عند ذلك يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى: يا آدم، هذه أمتي حواء، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال (آدم): نعم يا رب، ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت. فقال الله عز وجل: فاخطبها لي فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى (الله) عليه (آدم) الشهوة.. فقال (آدم): يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟
فقال عز وجل: رضاي أن تعلمها معالم ديني"(2).
يقول آية الله عبد الله الجوادي الآملي في توضيح هذه الرواية المباركة"
"... قرب ونظرة آدم إلى حواء كان عامل انسه، والله جعل هذا الأصل أساسا لارتباطهما معا، وهذا الأنس الإنساني كان قبل ظهور غريزة الشهوة الجنسية.. ثم يقول. إن الله لقن آدم الميل الجنسي وشهوة الزواج، وكان ذلك بعد مسألة الأنس والمحبة(3).
إذاً فليس الزواج كما يفهمه البعض عبارة عن تلبية حاجة جنسية فقط. إنما هومبادلة روح بروح(*) على أساس الحب والمودة، وإن كان للشهوة الجنسية فيه دور مهم وكبير.
وقد دعا أهل البيت عليهم السلام الى الزواج الذي فيه تلبية لنداء الروح أولاً. ولحاجة الجسد ثانياً، ويتبينوا أهمية ذلك بوسائل شتى فجعلوه من سنتهم (عليهم السلام) حيث قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
"تزوجوا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما كان يقول: من كان يحب أن يتبع سنتي فليتزوج فإن من سنتي التزويج"(4).
من هنا صار الزواج من المستحبات التي أكدت عليها الشريعة الإسلامية. وذلك لما له من ثمار كثيرة طيبة على مستوى الفرد والمجتمع. ويكفينا أنه من سنن النبي وآله عليهم السلام. يقول الإمام الخميني قدس سره:
"وهو (الزواج) من المستحبات الأكيدة. وما ورد في الحث عليه والذم على تركه مما لا يحصى كثرة. فعن مولانا الباقر عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بني في الإسلام بناء أحب إلى الله تعالى من التزويج». وعن مولانا الصادق عليه السلام: «ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب». وعنه عليه السلام: "رذال موتاكم العزاب... وفي خبرأخرعنه عليه السلام "أكثر أهل النار العزا ب..."(5).
_______________________________
(1) الحكم من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج2.
(2) من لا يحضره الفقيه ج1.
(3) المرأة في مرآة الجمال والجلال.
* يقول الشيخ محمد جواد مغنية (رحمه الله): ((أما الزواج فمبادلة روح بروح، وعقده عقد رحمة ومودة، لا عقد تمليك للجسم بدلاً عن المال)).
(4) ميزان الحكمة باب207.
(5) تحرير الوسيلة ج2.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|