أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-6-2020
![]()
التاريخ: 28-6-2021
![]()
التاريخ: 9-12-2021
![]()
التاريخ: 2024-12-19
![]() |
هناك من يسأل عن أسباب التفاوت بين طفل وطفل آخر في القدرات والمدركات والاستعدادات لتقبل هذا النمط أو ذاك المؤثر من عناصر التنشئة الاجتماعية.. واختلاف التطبيقات والمحدد في هذا الإطار، فكيف يتعامل الآباء والقائمين على تنشئة الطفل أمام ذلك؟
وللإجابة على ذلك يمكن القول: ان الأطفال مختلفون في أنماطهم الشخصية، فهناك طفل شجاع وآخر جبان، وهناك طفل ذكي، وطفل آخر اقل ذكاء.. هناك طفل خجول وطفل آخر شديد السعادة، هناك طفل طيع وهـادئ الـطـباع .. ومقابله هناك طفـل عـدواني، حاد الطباع الخ.. وهكذا .. فان لكل طفل شخصيته ونمطه الخاص من السمات وطرق التفكير، والمشاعر، وغير ذلك .. وتطور الشخصية ونموها إنما يتأثر بعدة عـوامـل، (من بينها الاستعدادات التي تتحدد وراثياً، وقـيـم الـطـبقة الاجتماعية أو المجموعة العرقية التي ينتمي اليها، والاثابات والعقوبات التي يتعرض لها في أسرته، والتفاعلات التي تكون بينه وبين أقرانه، وما يتعرض له من سلوك ومعايير صادرة عن وسائل الاعلام، ومن الواضح ان جانباً هاماً من تطور نمو الشخصية ونشأتها هو عبارة عن عملية (التنشئة الاجتماعية Socialization )، تلك العملية التي يكتسب الفرد بفضلها انواع السلوك والمعتقدات والمعايير، والدوافع التي تعتز بها الأسرة والمجموعة الحضارية التي تنتمي إليها الأسرة، وخلال سنوات ما قبل المدرسة يكون لـلـوالـديـن (الأب والأم) والـخـلـطـاء (الأخوة والأخوات) أكـبـر دور في عملية التنشئة الاجتماعية.. ومن الطبيعي انهم لا يقومون بهذا وحدهم، وان الأقران والمعلمين والجيران ووسائل الاعلام كلها تشترك في عملية تشكيل سلوك الطفل، ولكن اعضاء الأسرة أو افرادها تجد لهم في العادة أكبر اتصال بالطفل خلال هذه الفترة، فيتفاعلون معه كثيرا وبعمق لينظموا ويعدلوا سلوك الطفل باستمرار وعلى الدوام)(۱).
وعلى ضوء ذلك هناك من (الآباء أو الأمهات) من يسيء فهم الطفل أثناء تدريبه وتعويده على اكتساب السلوك والقيم التربوية والثقافية في عمليات التنشئة الاجتماعية فيعمد إلى التعامل المباشر مع الطفل عن طريق إثابة أو تدعيم إستجابات معينة ومعاقبة إستجابات أخرى.. دون الوصول إلى فهم الاستعدادات الكاملة للطفل، مما يحصل التقاطع الواضح بين الطفل واستعداداته وأساليب التنشئة الاجتماعية المستخدمة من الأب، كذلك يعمد بعض الآباء إلى كبت استعدادات الطفل ونشاطاته الذاتية في التجريب وقياس قدراته، ومواهبه على الابتكار، وعدم تشجيعه على الاستقلال والشعور بالذات من قبل الأب، مما يعود هذا الجانب بالسلب على نفسية الطفل وقدراته، فيتسلل الاحباط والكبت والخوف إلى شخصية الطفل، لتصبح هذه الشخصية ضعيفة، منطوية، تلازمها الأزمات والاضطرابات التي يقف خلفها الأب، في العديد من الحالات..
هذا إلى جانب انعكاس سلوك الأب على الطفل بالملاحظة، سواء سلباً أو إيجاباً، فسلوك الأب وانفعالاته داخل الأسرة، تنعكس مباشرة على سلوك الطفل، فيعمد الطفل إلى تقليد هذا السلوك أو تقمصه والتوحد معه،.. وهذا الحال لا يعني في الكثير من جوانبه وحالاته إنعكاس لاستعدادات الطفل الوراثية، بقدر ما هو نوع من التوحد الذي يفسره علم النفس ويوضح مفهومه على انه (يشير إلى عمليتين إثنتين: الأولى تتضمن اعتقاد الطفل بأنه يشبه شخصاً آخر، والثانية تتضمن ان الطفل يشارك بالعوض أو بالنيابة في عواطف شخص آخر وانفعالاته، وكل من المعيارين لابد وان يتحقق من قبل ان نقول ان طفلاً ما يتوحد مع أو يتقمص شخصاً آخر.. وبالنسبة للطفل الصغير نجد ان النموذج كثيراً ما يكون هو الوالد أو الوالدة، والتوحد مع الوالد أو تقمصه قد يكون مصدراً للطمأنينة والأمن بالنسبة للطفل، لأن الطفل قد يشعر عندئذ انه قد اكتسب أو استدمج في نفسه قوة الوالد أو كفاءته ومقدرته.. وتوحد الطفل مع الوالد ذي الحنان أو الحاني ( Nurturant ) قد يكون مصدراً للمتعة أو الإشباع لأن الطفل حين يتقمص الوالد يشاركه في انجازاته وقوته ومهاراته ومتعه ، ولكن بعض النماذج الوالدية تكون غير ملائمة ولا مناسبة، ونتيجة لعملية التقمص قد ينتهي الطفل إلى الشعور بالقلق وإنعدام الأمن والطمأنينة)(2) خاصة إذا إتصف الوالد بالصفات السيئة والسلوك السلبي، مما يؤدي بالطفل إلى الشعور بالقلق والخوف والحزن، وتضطرب شخصيته بالانفعال الواضح، لأنه قد يشعر في نفسه انه يحمل بعض صفات الـوالـد غير المقبولة أو غير المرغوب فيها..
من هنا يتحتم على الوالد مراقبة طفله جيداً ومتابعة حالته النفسية وقدراته واستعداداته والكشف عن حالة التوحد أو التقمص التي يتخذها، والتصرف إزاء ذلك بالتصرف الحسن، وجعل سلوكه - أي سلوك الأب - المقياس الايجابي لتنشئة الطفل، والقدوة التي لا تخيب ظن الطفل ولا تسيء إلى شعوره واعتقاده.. لذلك يجب على التنشئة الاجتماعية ان تتفاعل مع الطفل، وقدراته واستعداداته، وبنفس الوقت مع وعي الأب وفهمه المباشر وغير المباشر لطفله.. على ان تتفاعل في هذا الاتجاه العمليات الأساسية الثلاثة التي تشترك في التنشئة الاجتماعية، تفاعلاً إيجابياً فيما بينها لتكمل احداها الأخرى لأداء مهمتها في واقع الطفل، وهذه العمليات هي (التدريب بالإثابة والعقاب، وملاحظة الآخرين، والتقمص أو التوحد) وهذه العمليات ليست منفصلة احداها عن الأخرى، وإنما متشابكة متداخلة لإتمام عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية.
__________________________________
(1) أسس سيكولوجية الطفولة والمراهقة ص ٢٥٩
(2) المرجع نفسه ص ٢٦٤.
|
|
مقاومة الأنسولين.. أعراض خفية ومضاعفات خطيرة
|
|
|
|
|
أمل جديد في علاج ألزهايمر.. اكتشاف إنزيم جديد يساهم في التدهور المعرفي ؟
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تنظّم دورةً حول آليّات الذكاء الاصطناعي لملاكاتها
|
|
|