تختلف هذه القراءة عن أي قراءة لأي شخص اخر ومن مخرج الى مخرج غيره والقراءة هذه تمر عبر مراحل حيث تأخذ طريقها الى ذهنه ومن ثم تهيئة مواهبه لكي يتحول النص المقروء الى عمل درامي ينبض بالحياة بالصورة والصوت.

فيقوم أولا بقراءة النص قراءة أولية كأي نص ادبي مكتوب يطلع عليه وتحسس مناطق القوة والضعف في بناءه الادبي وما يتمخض به من فكرة يريد طرحها هذا النص.

ثم يقوم بقراءة ثانية يركز فيها على الخط العام للأحداث وطريقة تنازل الكاتب هذا الخط والى اين يسير وكيف يسير ومن ثم النتيجة التي يتوصل بها وهل كانت هذه الاحداث منطقية في سيرها ومقنعة ام ان هنالك مناطق رخوة او مناطق قوة وما الى ذلك بتثبيت ملاحظاته.

وتأتي القراءة الثالثة وهي المهمة والتي تبدأ بمتابعة الشخصيات في بناءها وطبيعة تكوينها الفكرية والنفسية والاجتماعية ومدى تطابق أفعالها تلك المواصفات وما حققته من مصداقية في حركتها واقوالها (الحوار) وانسجامها مع الأحداث.

وتأتي الخطوة الاخيرة في إعادة بناء النص من جديد من حيث إعادة كتابته بالاتفاق الكاتب أو من حيث كيفية تقديمه وخطة عمله لتحويل هذه الكلمات إلى صور تلفزيونية تقدم الفكرة بشكل في مقبول من خلال الخطوات التالية التي يقوم بها:

1- الاجتماع بالجهة المنتجة لتوضيح وجهة نظره في كيفية تقديم هذا النص لكي يضع هذه - الجهة في الصورة لكي نحسب حساباتها أو إجراء التعديلات التي يراها أو تراها الجهة المنتجة من حيث التكلفة الإنتاجية أو الامكانات الفنية واللوجستية والاتفاق على التفاصيل هذه قبل الاتصال بالكاتب. لكي تقوم هذه الجهة بتكليف مدير الإنتاج أو الجهة المنفذة بتقديم ميزانية مقترحة لإنتاجه.

2- الاجتماع مع الكاتب لإجراء التعديلات التي يراها وتوضيح توجهه في معالجة النص وكيفية تقديمه ويسمع من الكاتب وجهة نظره لتتطابق الرؤى وتلقي الأفكار في صباغة النص النهائي باخضاعه إلى العملية التقنية والفنية.

3- بعد اكتمال النص الذي اتفق عليه مع الكاتب يطبع النص بعدد كافي من النسخ تكون فيه نسخة المخرج مختلفة بحيث تكون هنالك ورقة بيضاء بين كل ورقة واخرى من النص لتدوين المخرج ملاحظاته أثناء التمارين أو ما قبل التصوير ولتثبيت ما يستجد من ظروف تلعب دورها أحياناً في تغيير هنا أو هناك وهذا لا يضعف النص أن لم يقويه لظروف الإنتاج الغير محسوبة أو المصادفات التي تحدث خارج التوقع أثناء التصوير أو قبله.

4- يتم اختيار العاملين في التخصصات الفنية من مساعدين ومدير فني وغيرهم

5- بعد الاستقرار على وضع النص بصيغته النهائية يقوم المخرج ومدير الإنتاج باختيار الممثلين حسب المواصفات البنائية للشخصيات (الطبيعية والنفسية والاجتماعية) من حيث العمر والحالة المعاشية والمستوى الاجتماعي والحالة النفسية وتقديم قائمة لعدة اسماء لكل دور ومناقشته مع مدير الإنتاج واختيار الاصلح ومن يوافق على العمل .

6- لقاء الكادر الفني وشرح خطة عمله وسماع اراءهم وملاحظاتهم

 7- الاجتماع مع الممثلين بعد قراءة النفس من قبلهم ومناقشته معهم والاتفاق على تقديم شخصياتهم وطريقة عمله.

8- إجراء التمارين في القراءة مع الممثلين و يقوم المساعدون بتثبيت أي ملاحظة . 9- اللقاء مع كادر التنفيذ من المصورين والإضاءة والصوت ويمكن حضورهم التدريبات النهائية والتي يمكن أن تكون فيها الحركة.

10- الاطلاع على الرسوم والخرائط بالنسبة للديكور وبحضور الفنيين لمناقشتها والاتفاق عليها أو الأماكن الجاهزة والتغييرات التي يتم إدخالها.

11- الاطلاع على رسوم الشخصيات بأزياءها ومكياجها ومشاهدة الممثلين بتلك الأزياء والماكياج

12- معاينة أماكن التصوير (kocation) وتثبيت الصالح منها وإجراء التعديلات اللازمة لذلك.

13 - الاجتماع مع كادر الإخراج والإنتاج وتوزيع المهام للبدء في التصوير وهذه النقاط ليست بالضرورة تجري حسب التسلسل أو كلها أو ليس هنالك غيرها في كل الأحوال فأنها موجودة ويكون المخرج قد وضع خطته للعمل حسب اسلوبه وتصوراته والتي ثبتها على الورق وشرح فيها حركة الكاميرا والممثلين أو الموجودات وكل الملاحظات في الوان مختلفة ليميز بها الواحدة عن الأخرى. مثلاً يستعمل اللون الاسود لرسم الاثاث والأخضر للشخصيات والاحمر لحركة الكاميرا وكتابة التصوير أحياناً إلى جانب الحوار أو الصورة وهذا ايضاً مختلف من مخرج إلى آخر في كيفية رسم الخطوط أو استخدام الرموز سواء كانت بأقلام ملونة أو بلون واحد أو أن يكتفي بكتابتها كما اشرنا على الورقة المقابلة للمشهد مقابل الحوار وعلى سبيل حجم العطلة وزاوية

المثال :

لقطه متوسطة لمرأة

يدخل وجه محسن في المرأة تم الكادر

ينظر بإمعان إلى تقاطيع وجهه وهو يغير بها

لقطه عامه يتحرك بحركات مسرحية

يتوقف عن الحركة بانتباه

لقطه قريبة يلتفت باتجاه الباب

لقطه عامة يتحرك إلى الباب

لقطة متوسطة إلى الباب

يدخل محسن الكادر يفتح الباب

يطل وجه أم محسن مبتسمة

لقطة قريبة جداً لوجه محسن المبتسم

لقطة عامة تدخل الأم تحمل صينية طعام

لقطة متوسطة إلى المرأة

تدخل أم محسن الكادر أمام المرآة يلحق بها محسن

تضع الطعام على الطاولة ويجلس خلفها محسن

لقطة قريبة محسن يجلس مقابل أمه

وكثيراً ما تتعرض الخطة للتحوير والتعديل حتى آخر لحظة قبل التصوير، وفي هذه الحالة يجب تحوير وتعديل كافة النسخ أو على الأقل تبليغ المعنيين بهذا التعديل.

وكثيراً ما تكون ليلة أول يوم التصوير ليلة طويلة تتلاحق فيها الصور والأحداث في رأس المخرج الذي يشعر بالقلق والخوف والرهبة ويعيد قراءة المشاهد المزمع تصويرها في جدول اليوم القادم ولعدة مرات وتحري التعديلات ويضع لتذكره بما سيفعله غداً لأنه يكتشف في كل قراءة شيئاً جديداً ليقترب من الصورة النهائية لما سيقدمه.

والمخرج الذي يقرأ النص بطريقة تمثيلية ليتحول من شخصية إلى أخرى فانه يقوم بوضع لبنات نجاحه وأسس إبداعه لأنه كلما عاش احاسيس ومشاعر شخصياته كلما تحرکت داخله صور كيفية التعامل هذه الشخصية وكيف يقدمها في كل مفردات العملية الدرامية من بيئة وإضاءة وماكياج وأزياء إلى الكادر وزاوية التصوير وحركة الكاميرا التي يقف أمامها ومن ثم الانتقال من لقطة إلى أخرى وبعدها من هذا المشهد إلى المشهد الذي يليه لتكتمل صورة العمل وتكتمل، وغالباً ما يكون المخرج قد حفظ النص حفظاً كاملاً فلا تفوته صغيرة أو كبيرة. ولان المخرج يتمتع بحرية في قدرته على الخلق والإبداع الفني أكبر من تلك المساحة التي عند الكاتب لأنها تمتد إلى السيطرة على التصرف بكل ادوات التنفيذ واستغلالها لبناء عمل درامي يبين قدرته وكفاءته في تقديم مع عمل متكامل ينبض بالحياة.

وبعد أن تتم تهيئة كافة مستلزمات الإنتاج يبدأ المخرج بالتصوير وحسب الجدول الصادر من جهة الإنتاج (وأكثر الأحيان من طاقم الإخراج وبالخصوص المخرج المنفذ الذي يقوم بعملية إصدار الجدول) حيث يقوم المخرج بالاتفاق مع الممثلين على الحركة متزامنة معها حجم اللقطة وحركة الكاميرا ويكون المخرج المنفذ قد ثبت ذلك على نصه وليضع مصمم الانارة لمساته المطلوبة بعد أن يتم التمرين وكذلك مهندس الصوت حتى يتم التمرين الأخير (جنرال بروفه) ليكون كل شيء جاهز للتصوير من خلال متابعة المخرج لكل العملية من خلال شاشة المونيتر ليسأل الجميع عن جاهزيتهم وعدم وجود ملاحظة قبل التصوير وهذه تختلف باختلاف عدد الكاميرات فاذا كانت كاميرا واحده فيقوم تصوير زاوية زاوية ولقطة لقطة اليأمر: كلاكيت .. الذي يتأكد منه أحد المساعدين أو كلهم بالأرقام الصحيحة للمشهد والحلقة لتدور الكاميرا بتصويره و يقوم المسحل الصوري بالتسجيل على جهازه الـ (reesorder) وحسب نوع الشريط وعندها يكون الجميع (stand bay) متأهبين للقيام كل في اختصاصه بعد أن يرفع الكلاكيت من الجو (التصوير تكون الكاميرا الأولى مهيأة على اللقطة الأولى حيث يبدأ الأمر كاميرا لتدور الكاميرا ومن ثم يقوم بالعد لينهيا الممثل الأول للحركة أو الحوار 012345 أو action أو ابدأ أو أي مصطلح تعود المخرج على اطلاقه أبدأ عملية التصوير، وعند حدوث خطأ ما أو أي عارض يستوجب إيقاف التصوير وليس لأي شخص إعطاء أمر التوقف غير المخرج حتى إذا كان هنالك خلل قد يمر على المخرج إلا بعد انتهاء (shot) اللقطة أو المشهد ليعاد التسجيل کي يشاهده المخرج وبعدها يقرر الاعادة أو تصوير شوت آخر (to t2) وهكذا لا يتوقف التصوير إلا بسماع كلمة توقف (stop) من قبل المخرج حصراً ويشاهده بعد التصوير لكي يقرر تصويره مرة أخرى أو الغاءه أو إعادة تصويره وإذا وافق عليه فيكون قد دون رقم المشهد والحلقة في استمارة المسجل الصوري

ويقوم المخرج يوضع الاشارة على المشهد التي تشير على أنه قد تم تصويره بكلمة سجل مثلاً أو صور أو وضع اشارة x وكتابة رقم الشريط وتاريخ التصوير وعدد الاعادات (t1) أو (t2) والملاحظات الخاصة بالمونتاج .

وغالباً ما يكلف أحد المساعدين بذلك ليكون نصه هو المعتمد أثناء المونتاج.

وإذا كان التصوير بأكثر من كاميرا فيكون المخرج المنفذ أو من يكلف بذلك للقيام بالتقطيع على المكسر (switch man) بعد أن يثبت لقطاته من الكاميرا عند إجراء التمرين الاخير وبأوامر من المخرج الذي يرافقه خلف المكسر والذي يراقب الكاميرات ويعطي الأوامر لتغيير اللقطات والتحضير ولو أن المصورين قد ثبت كل واحد منهم لقطته وبذلك يصور المشهد بالكامل.

ومن اليوم الأول يمكن للمخرج أن يعرف مدى قدرة وقابلية الفريق الذي يعمل معه وكيفية التعامل مع كل واحد منهم خصوصاً من عمل معه لأول مرة وسيعرف ماذا سيعمل في الأيام التالية ليتمكن بالتالي من قيادة هذا الفريق قيادة تمكنه من التغلب على المشاكل التي قد أثناء العمل وبالتالي تحقيق اهدافه في تقديم عمل درامي مثير وملفت للنظر وهو بهذا يحب أن يحقق ترجمة أفكاره من الناحيتين الفنية والتقنية.