المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



جريمة التمكين من الهرب او المساعدة عليه او تسهيله  
  
2772   12:47 صباحاً   التاريخ: 11-7-2021
المؤلف : كريم محمد منصور الخزرجي
الكتاب أو المصدر : جرائم هرب المحكومين والموقوفين والمقبوض عليه
الجزء والصفحة : بدون ، ص
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات العام /

تناول المشرع العراقي في المادة (268) جريمة تمكين المحكوم عليه من الهرب او مساعدته عليه او تسهیله له بينما تناول في المادة (269) عقوبات جريمة تمكين المقبوض عليه او المحجوز او الموقوف بمقتضى القانون من الهرب او ساعده عليه او سهله له ولما كانت الجريمتان تتطابقان في الركن المادي والمعنوي وان الاختلاف بينهما هو فقط في وصف مسلوب الحرية المطلوب توفره في موضوع الجريمة ((الهارب))، لذا ستتناول الجريمتين باعتبارهما جريمة واحدة كونهما من نمط واحد الأولى تخص تمكين المحكوم عليه بينما الثانية تخص تمكين المقبوض عليه او المحجوز او الموقوف من الهرب.

ولتحليل هذه الجريمة سنقسم هذا الموضوع الى الفروع التالية:

الفرع الأول ونخصصه للوصف القانوني المطلوب توفره في مسلوب الحرية الفرع الثاني تخصصه للركن المادي في الجريمة والفرع الثالث تخصصه للركن المعنوي فيها.

الفرع الأول الوصف المطلوب لمسلوب الحرية

نصت المادة 268عقوبات على (يعاقب... كل من مکن محكوما عليه بالاعدام من الهرب أو ساعده علیه او سهله له وتكون العقوبة... اذا كان الهارب محكوم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت وتكون العقوبة .... في الأحوال الأخرى ........) ونصت المادة 269 على ((يعاقب.... كل من مكن من الهرب شخصا مقبوضأ عليه أو محجوزة او موقوفا بمقتضى القانون أو ساعده عليه او سهله له اذا كان الهارب متهما بجريمة عقوبتها الإعدام ويعاقب في الأحوال الأخرى بالحبس..... ))

أن المشرع العراقي في المادة (267) عقوبات اعتذ بوصف المقبوض عليه او المحجوز او الموقوف او المحبوس وفق القانون كشرط مفترض لتجريم الهرب من قبضة المكلف بالقبض او من مكان الحجز أو من التوقيف او من العقوبة في السجن (الاصلاحية).

الا أن المشرع في اطار هذه الجريمة (التمكين من الهرب أو المساعدة عليه او تسهيله) وكذلك في جرائم المساعدة الأخرى في المواد (271 و 272 و 273) اعتد بأوصاف جديدة لم يعتمدها في تجريم الهرب نفسه أي انه توسع في وصف  مسلوب الحرية ليشمل في التجريم اعمال التمكين او المساعدة المقدمة الى كل اصناف مسلوبي الحرية وان كان مسلوب الحرية نفسه غير معاقب قانونا كهرب المحكوم بالاعدام او الاسير ادراكا من المشرع أن من يمكن مسلوب الحرية من الهرب أو يساعده عليه اولى بالعقاب من الهارب نفسه واكثر خطرا منه. فقد جعل المشرع وصف مسلوب الحرية في جريمة التمكين من الهرب في المادة 268 هو المحكوم عليه بالاعدام او السجن المؤيد او المؤقت أو الحبس.

أن المحكوم بالغرامة لايعتبر صنفا خاصا من أصناف مسلوبي الحرية السبين الأول هو أن الأصل فيه ان يدفع الغرامة ويطلق سراحه وفي حالة عدم الدفع فانه سيحبس عن كل 500 خمسمائة دينار يوما واحدا(1) وبالتالي سيكون محكومة بالحبس وهي احدى حالات سلب الحرية التي ذكرتها المادة 268 اعلاه الا أن السبب الثاني) التعديل باعادة العمل بالغرامة استثني المادة 267 من أحكام قرار التعديل وذلك بعدم العمل بالغرامة فيها. أما في جريمة المادة 269 عقوبات فان الشرط الذي تطلبه المشرع او الوصف المطلوب في مسلوب الحرية هو أن يكون إما مقبوضا عليه او محجوزة او موقوفا بمقتضى القانون، وبالجمع بين المادتين يظهر أن وصف مسلوب الحرية كشرط يجب توفره في من يتم تمكينه من الهرب - قد أحاط بكل حالات سلب الحرية سواء كانت عقوبة (بعد الحكم) او اجراءات تحري أو تحقيق او محاكمة (سابقة على الحكم). ولاتتم جريمة التمكين من الهرب و المساعدة عليه أو تسهيله اذا لم تتوفر واحدة من الأوصاف المطلوبة آنفا في مسلوب الحرية المراد تمكينه من الهرب او مساعدته عليه او تسهيله له.

وبذلك يكون مشرعنا قد ميز بين وصف مسلوب الحرية لاغراض تجريم الهرب وبين نفس الوصف لاغراض تجريم التمكين من الهرب أو المساعدة عليه بشمول فئات في الحالة الأخيرة لم تكن مشمولة بالتجريم عند تجريم الهرب. فاذا كانت ثمة اعتبارات قانونية لعدم معاقبة بعض مسلوبي الحرية عن جريمة الهرب كالمحكوم عليه بالاعدام للاستحالة المادية(2) أو اسير الحرب للمرة الأولى(3).

للتعارض مع القواعد الدولية، فليس هناك مايمنع من معاقبة كل من يمكن او يسهل او يساعد على هرب مسلوب الحرية أيا كان وصفه او نوع أو مدة عقوبته.

لقد استحدث المشرع عقوبة بدنية جديدة بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 59 في 4/6/1994هي عقوبة قطع اليد اليمنى من الرسغ في السرقات المنصوص عليها في المواد 440 -445 وجريمة سرقة السيارة وهي حالة من حالات سلب الحرية لحين تنفيذ القطع شبيهة بحالة سلب الحرية لتنفيذ الحكم بالاعدام وقد يهرب المحكوم بمساعدة أو تمكين من أحد الأشخاص مما يستوجب شمول نص المادة 368 لهذه الحالة وحالة المعاقب بقطع صيوان الأذن (4) لكل من يأوي هاربة من الخدمة العسكرية.

يختلف الحال مع المشرع المصري لأنه في تجريم الهرب اعتد بوصف شامل لمسلوب الحرية احتوى كل انواع سلب الحرية السابقة لتحريك الدعوى الجزائية أي حالات القبض على الأشخاص بالاستناد السلطات مأموري الضبط الذاتية او تلك الصادرة من جهة مختصة باصدارها، او المحبوس احتياطية

(الموقوف) او المحكوم عليه بسلب الحرية المؤبد او المؤقت أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الاعدام ذلك هو وصف ( المقبوض عليه). وعند تجريم افعال التمكين و المساعدة على الهرب فقد اعتد المشرع المصري بنفس الوصف وكان طبيعيا أن يفعل ذلك ومن باب أولى لأن وصف المقبوض عليه شامل لجميع الحالات .

اما المشرع الأردني فقد اعتمد في تجريم هرب مسلوب الحرية وصف الموقوف قانونا أو المحكوم عليه بعقوبة مؤقتة من اجل جناية او جنحة كشرط مفترض لتجريم هربه. أما الوصف الذي اعتد به لتجريم افعال المكلفين بالحراسة او الافراد العاديين هو وصف شخص اوقف أو سجن وفقا للقانون الذي جاءت به المادة 229 عقوبات أردني ورغم أن عقوبة السجن لم يعرفها أي (لم يسمها بهذا الاسم)(5) القانون الاردني ولكن يبدو من تحليل النص أنه يقصد من أوقف او عوقب عن جناية أو جنحة بعقوبات الاعدام أو الاعتقال المؤيد أو المؤقت او الأشغال الشاقة المؤيدة أو المؤقتة أو الحيس، وبهذا يكون قد اخرج عن هذا الوصف كل محكوم عن مخالفة أو الموقوف عنها والمقبوض عليه والمحتجز لدى مراكز الشرطة بمقتضى صلاحياتهم الذاتية في الاحتجاز والموقوف ادارية فهؤلاء غير مشمولين بالوصف الذي اعتمده المشرع الأردني في تجريم المساعدة على الهرب وهي نفس الأوصاف التي كان قد استثناها عند تجريم الهرب نفسه والفرق الوحيد بين الوصفين المعتمدين هو اضافة الموقوف من اجل جناية معاقب عليها بالاعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة أو المحكوم عنهما عند تجريم المساعدة على الهرب.

اما عن موقف المشرع الفرنسي فإنه عند تجريم هرب مسلوبي الحرية اعتمد وصفة خاصة وهو وصف المعتقل ((Detenu)) الذي حددته المواد 238-240 من القانون الجنائي الفرنسي القديم.

وهو لايشمل كل من حرموا من حريتهم حتى وان كان ذلك الحرمان من الحرية قد صدر بأمر من الجهات القضائية وانما يشمل اضافة الى اسرى الحرب الأفراد الموقوفين او المحكومين عن جناية او جنحة (6) وبذلك يخرج عن وصف المعتقل وبالتالي عن دائرة التجريم الموقوفين او المحكومين عن مخالفات شرطة والأجنبي الموقوف في فرنسا بموجب أمر تسليم والموقوفين اداريا۔ عدا فترة الاحتلال الألماني(7) في الحرب العالمية الثانية والموقوف عن دين مدني او تجاري والموقوف لعدم دفع التعويض عن الأضرار التي عليها للغير لأن الاكراه ليس عقوبة في حين يجب أن يكون المعتقل خاضعا لعقوبة (8) وقد اشترط المشرع لعقاب المعتقل الذي يهرب أن يكون هربه بعنف او کسر سجن ولم يعاقب على الهرب البسيط الا في أحوال خاصة مثل المعتقل المنقول الى مصحة او مستشفى (9) او المستخدم خارج المؤسسة العقابية أو كان خاضعا لنظام شبه الحرية (السجون المفتوحة) أو مستفيدا من اجازه خروج من المؤسسة العقابية (اجازة بيتية) (10) او مستفيد من اجراء تعليق العقوبة (تأجيلها) أو تجزئة الحبس (11) فالهرب فيها معاقب بأي وسيلة وقع.

وقد اعتد هذا المشرع بنفس الأوصاف عند تجريم افعال التواطؤ علی الهرب من قبل المكلفين بالحراسة أو الاغيار (الافراد العاديين) لكنه توسع

في التجريم من خلال المعاقبة على التواطؤ في الهرب الذي يتم بأي وسيلة كانت أي دونما اشتراط للعنف او كسر السجن كما كان يشترط عند تجريم هرب المعتقل نفسه، وسواء كان الهرب نتيجة لاهمال الحراس او تواطئهم او مساعدة الأغيار

على هرب المعتقل(12) كما شمل التوسع بأن التواطؤ الذي يتم على الهرب من قبل الحراس او الاغيار معاقب حتى لو كان الهرب نفسه غير معاقب او انه لم يتم او لم يشرع فيه أو حتى لو أن التحضيرات قد قيم بها دون علم المعتقل نفسه. اما في ظل القانون الفرنسي الجديد رقم 92-683 في 22/7/1992 فقد عاقبت المادة (32-434) كل شخص يمكن المعتقل من الهرب وشددت العقوبة على التمكين اذا حصل بعنف او كسر او رشوة وشددت مرة اخرى اذا تم التمكين بواسطة التزويد بالاسلحة او المتفجرات أو المواد الحارقة أو السامة.

اما المادة (33- 434) فقد عاقبت الحراس على تمكين المعتقلين او مساعدتهم على الهرب أو تسهيله لهم وكذلك كل شخص مؤهل من خلال واجبه دخول الاصلاحية .

 الفرع الثاني الركن المادي في جريمة التمكين من الهرب او المساعدة عليه او تسهيله

يتحقق الركن المادي في جريمة التمكين من الهرب او المساعدة عليه او تسهيله في كل الأفعال التي من شأنها أن تمكن مسلوب الحرية من الإفلات من السيطرة أو الحراسة القانونية المفروضة عليه او تساعده او تسهل له ذلك ويبدو أن المشرع في المادتين 268 و 269 عقوبات قد أورد ثلاثة صور يتم بها السلوك المجرم وهي التمكين او المساعدة او التسهيل. فالتمكين: يعني أن يقوم الجاني بارتكاب سلوك يجعل هرب مسلوب الحرية متيسرا الى حد كبير فهذه الصورة ترتقي إلى الفعل الذي يصلح أن يكون مساهمة اصلية في جريمة الهرب أي انه الايقل أهمية عن دور الفاعل الاصلي الذي يرتكب فعل الهرب والمتمتع بوصف مسلوب الحرية بحيث لو كان القائم بالتمكين يحمل نفس الوصف (مسلوب الحرية) لكان سلوك التمكين يجعله فاعلا مع غيره في جريمة الهرب (13). فدور الممكن اساسي ورئيسي في الجريمة لولا أن المشرع جعل اغلب صور المساهمة في جريمة الهرب جرائم مستقلة بنصوص خاصة بها في الفصل السابع المواد 268 - 273 فجريمة التمكين معاقبة حتى لو كان الهرب نفسه غير معاقب (14) كونها جريمة مستقلة، والمثال على التمكين دخول شخص الى داخل السجن أو الموقف بسيارة القمامة أو سيارة الارزاق او أي سيارة من السيارات التي تقدم الخدمات الصحية أو الثقافية الى السجناء ويأخذ السجين او الموقوف معه في سيارته مستغلا ثقة العاملين في السجن به، أو أن يهجم شخص على الحراس ويشتبك معهم لتمكين السجين من الهرب، او ان يقوم طبيب بجعل السجين يهرب من ص الة العمليات عن طريق باب آخر لايعلم الحراس بوجوده في الصالة اثناء اجراء العملية بقصد تمكينه من الهرب، والأمثلة السابقة تمثل التمكين بصورة السلوك الإيجابي للجائي ولايمنع ذلك من قيام الجريمة بسلوك سلبي من قبل الملزم قانونا بمنع الهرب اذا ماقام بالتمكين عن طريق الامتناع عن أداء واجبه في المنع الا اننا لانعتقد ذلك ممكنا في المادتين 268 و 269 عقوبات لانها لاتخص المكلفين بالحراسة وانما المادة 271 هي التي عاقبت على التمكين من قبل الحراس.

والصورة الثانية هي صورة المساعدة على الهرب وتتمثل في أية معونة يقدمها الجاني الى مسلوب الحرية لتعينه على انجاز هربه. وقد تكون هذه المساعدة مجهزة كتزويد الجاني بمفاتيح خاصة لفتح الأبواب أو الأرصاد الحديدية، او قيام الزوجة(15) وخادمتها باعطاء ملابس الأخيرة الاضافية المجهزة مسبقا لهذا الغرض الى الزوج السجين فيهرب متخفيا بملابس الخادمة، أو تزويده بحبال او وضع تلك الحبال على مكان متفق عليه من سياج السجن أو الموقف کي يتسلق بواسطته مسلوب الحرية ويهرب، او تزويد السجين بمعلومات عن كيفية الفرار دون الاصطدام او مواجهة الحراس (16)، أو تزويده بخريطة يعتمد عليها في الطريق الذي يسلكه في الهرب او تزويده بمادة مخدرة او منعشة لتقوية اندفاعه للهرب.

وقد تأخذ المساعدة صورة مسهلة لارتكاب جريمة الهرب كتوجيه انتباه الحراس بعيدا عن السجين او افتعال الجاني حالة مرض مفاجيء بقصد تسهيل هرب زميله حيث يتظاهر الاخير باسعاف المصاب المزعوم بنقله خارج غرفته لايصاله إلى الطبيب وبذلك يجتاز مسلوب الحرية الابواب كخطوة أولى باتجاه الهرب.  

وقد تكون المساعدة متممة للهرب (17) ومثالها أن ينتظر الجاني مسلوب الحرية بسيارة قرب جدران السجن لينقله بعيدا عنه بناء على اتفاق مسبق او ان يزوده بدراجة بخارية او اية واسطة نقل أو ملابس أو مستمسكات بناء على ذلك الاتفاق ليستعين بها على اتمام الهرب واجتياز الحواجز التي قد توضع له على الطريق.

ان اعمال المساعدة المجهزة تتم قبل البدء في تنفيذ الجريمة بمدة أو مرحلة قد تطول أو تقصر(18) اما المساعدة المسهلة تتحقق عندما يكون الفاعل لايزال مستمرة في التنفيذ او شارعا فيه للتو، أما المساعدة المتممة فتحقق عندما يكون الفاعل في المراحل الأخيرة لتنفيذ الجريمة.

أن هذه الجريمة يمكن أن تقع من سجين أو موقوف تمكينا لسجين او موقوف آخر على الهرب دون أن تكون له نية الهرب معه فليس في النص العقابي في المادتين (268 و 269) مايحول دون هذا الرأي لأن الجاني فيهما هو ((... كل من))، أما اذا كانت نية السجين الاول الهرب مع الثاني فان المادة 267 عقوبات هي التي تنطبق عندئذ بحقه باعتبار الفعل هرب مشدد واقع من شخصين فأكثر.

اما في التشريع المصري فان الجريمة التي تقابل هذه الجريمة هي المنصوص عليها في المادة (142) عقوبات مصري مستخدما فيها تعبير ((من مكن مقبوضأ عليه من الهرب او ساعده علیه او سهله له)) وهو نفس تعبير مشرعنا حيث أخذه الأخير عنه وعن النص الفرنسي الا أن المصري اضاف له عبارة (.. في غير الاحوال السابقة في اشارة منه الى ان الفاعل في هذه الجريمة هو ليس موظفا مكلفا بالحراسة أو المرافقة أو النقل لمسلوبي الحرية - لأن هذه الصفات موضوع بحث المواد 139-141- بل هو شخص عادي أي فاعل مطلق شرط أن لايكون من المذكورين أنفاء لشمولهم بنص خاص بهم عند التمكين وينطبق هذا الكلام على نص المادتين ( 268و269) عقوبات عراقي. فالفاعل فيهما مطلق عدا أن يكون من المكلفين بالحراسة أو الرفقة او النقل من الموظفين الأن نص المادة (271)(19) يعنيهم مباشرة وبذلك يخرجون من طائلة النصين السابقين نظرا لتوفر النص الخاص. وهذا مايبرر عدم نص المشرع العراقي على هذا التخصيص لانه من المباديء العامة.

 اما المشرع الأردني فقد نص على هذه الجريمة في المادة 229 عقوبات اردني مستخدما تعبير (من أتاح الفرار او سهلة) للموقوف أو السجين. ونعتقد أن التعبير او المصطلح الذي ساقه المشرعان المصري والعراقي وهو (التمكين) اعم واشمل من الاتاحة لغة فمن يتيح الهرب للسجين فهو يضمنه له من جانبه، أما من يمكنه منه فهو ضامن له من من جانبه وجانب غيره اشخاصا او ظروف فكان من يتيح يقول لمسلوب الحرية (اهرب ولاتخشاني) بينما من يمكن يقول (اهرب وانا مانعك من أي شيء) فالاتاحة تشير اكثر الى السلوك السلبي الذي يصح

من الموظف بينما التمكين يشير اكثر الى السلوك الإيجابي وهو سلوك غير الحراس ولما كان التمكين هذا سلوك غير الحراس فاستخدامه اصح من الاتاحة بالنسبة للمشرعين المصري والعراقي، أما الأردني فهو لم يميز بين الحراس و الغير وانما شدد على الاتاحة المرتكبة من قبل الحراس بالعقوبة في المادة 230/1 عقوبات. اما المشرع الفرنسي فقد تناول هذه الجريمة في المادة 238 ومابعدها من القانون الجنائي القديم.

واشتملت هذه المواد على (اتاحة لو تسهیل) او الشروع باتاحة او تسهيل هرب المعتقل من قبل المكلفين بالحراسة أو الاغيار (الاشخاص العاديون) أن القانون الفرنسي يعاقب على فعل الاتاحة او التسهيل لهرب المعتقل دون أن يشترط لذلك تمام الهرب أو الشروع فيه بل يكفي القيام جريمة الإتاحة أن تجري التحضيرات للهرب من قبل المكلفين بالحراسة أو الاغيار ولو دون علم المعتقل بها(20) عند توفر القصد الجرمي.

وقد ركز القانون الفرنسي على فعل الاتاحة او التسهيل نفسه ولم يعول على الهرب أو الشروع فيه- فهو مستقل عن الهرب أو الشروع فيه الذي كان سيحصل لاحقا وهو معاقب حتى لو كان هرب المعتقل نفسه غير معاقب کهرب الأسير او الموقوف عن دين مدني او الهرب الذي يقع دون عنف او کسر س جن. فمن يتيح الهرب او يسهله لايستمد تجريمة من جريمة الهرب الأصلية، انما من النص المستقل الخاص بالاتاحة (التمكين) فالفعل أو علم الفعل من المعتقل نفسه غير مهم انما المهم هو التواطؤ أو التفاهم على الهرب حتى لو حصل بين الأغيار فقط من اجل اتاحة الهرب للمعتقل لو تسهيله او الشروع في ذلك، وحتى لو كان المعتقل قد رفض الهرب او ان التواطؤ معه كان مستحيلا فيسأل الجناة عن الشروع(21)

ان موقف المشرع الفرنسي هذا يجعل القانون يطال أي تواطؤ على هرب المعتقل مهما كانت درجته وبالمقارنة مع النص العراقي في المادتين 268 و 269 وكذلك في المادتين 270 و 271 فان الجريمة معاقبة سواء وقع التمكين او المساعدة او التسهيل او توقف عند حد الشروع ولكن ماذا بشأن المرحلة السابقة أي مرحلة التحضيرات او الاتفاق الذي لم يكشفه الشروع او وقوع الجريمة؟ من تطبيق القواعد العامة في قانون العقوبات وبالتحديد المادتين 56 و57 من قانون العقوبات يظهر أن الاتفاق الجنائي على تمكين مسلوب الحرية من الهرب يمكن أن تنطبق عليه المادتين المذكورتين ولكن التحضيرات للجريمة والتي تسبق مرحلة الشروع فهي غير معاقبة وفقا للمباديء العامة ولا بموجب نص خاص لعدم وجوده.

الفرع الثالث الركن المعنوي في جريمة التمكين من الهرب و المساعدة عليه او تسهيله

جريمة تمكين مسلوب الحرية من الهرب المنصوص عليها في المادتين 268و 269 عقوبات من الجرائم العمدية التي تتطلب القصد الجنائي لدى الجاني ويتمثل في علم (22) الجاني بالسلوك المرتكب أي العلم بأن السلوك من شأنه أن يمكن مسلوب الحرية من الهرب ويريد هذا السلوك ويعلم بصفة مسلوب الحرية ويعلم النتيجة من فعل التمكين هي الهرب وتنصرف ارادته اليه. ويتبادر الى الذهن السؤال التالي: هل القصد المطلوب توافره في جريمة التمكين من الهرب او المساعدة عليه أو تسهيله هو القصد الجنائي العام ام الخاص؟ نعلم أن القصد الجنائي العام هو العلم بالسلوك والنتيجة وانصراف الارادة اليهما اما القصد الخاص (23): هو اضافة الى العلم والارادة اللذين يتطلبهما القصد العام بارکان الجريمة فان يتطلب أن يمتد ذلك العلم وتلك الأرادة الى وقائع ليست في ذاتها من اركان الجريمة.

أي اذا تطلب القانون في جريمة توفر قصد خاص فمعنى ذلك أنه يتطلب اولا ان ينصرف العلم والارادة الى اركان الجريمة و بذلك يتوفر القصد العام. ثم يتطلب انصراف العلم والارادة الى وقائع جديدة خارجة عن اركان الجريمة قانونا، أي أن الجريمة تتحقق دون هذه الوقائع، فاذا تطلب القانون انصراف العلم والارادة الى واقعة (استعمال المحرر المزور مثلا) يعني ذلك انه تطلب قصدا خاصا لان الاستعمال ليس من اركان التزوير فالاخير يستكمل مادياته عندما يتم) تغيير الحقيقة في المحرر) ولو لم يستعمل ذلك المحرر. فالقصد الخاص طبقا لهذا الرأي هو امتداد القصد إلى أبعد مما تمتد اليه ماديات الجريمة وبالتالي هو ((نية انصرفت إلى غاية معينة)) وبناء على ذلك فجريمة التمكين من الهرب او المساعدة عليه أو تسهيله ليست من الجرائم التي تتطلب قصدا جرمية خاصة وانما يكفي لتحققها توفر القصد الجنائي العام كما اوضحنا وعلى الرأي الآخر في الفقه فإن القصد الخاص (24) (هو الذي يعتد فيه المشرع بغاية معينة يتطلبها لاكمال الركن المعنوي للجريمة يستفاد هذا القصد من الوصف التشريعي للجريمة). بعد أن يتحدد القصد العام وفقا للعناصر الداخلة في تكوينها كواقعة مادية.

ولما كانت واقعة الهرب في جريمة التمكين هي النتيجة الجرمية لسلوك التمكين او المساعدة او التسهيل فهي جزء من الواقعة وبالتالي يكفي لتحققها القصد الجنائي العام وهو أن يعلم الجاني بصفة مسلوب الحرية (سجين او موقوف... الخ) الذي يريد ان يمكنه من الهرب أو يساعده عليه او يسهله له، ويعلم أن فعله سيؤدي الى الهرب كنتيجة وتتصرف ارادته الى الفعل والنتيجة أي التمكين لاجل الهرب.

اذا تخلف احد عنصري القصد الجرمي كالعلم مثلا فلا تتحقق الجريمة - وان تحقق ركنها المادي- فمن يمكن سجينا من الهرب دون أن يعلم انه سمين وانما ظنه من زوار السجناء لايرتكب جريمة التمكين لعدم علمه بصفة السجين. وكذلك من انصرفت ارادته وعلمه الى الفعل دون النتيجة فمن يزود سجينا بملابس كهدية دون أن تتصرف ارادته الى تمكين السجين من الهرب لايسأل عن الجريمة حتى وأن هرب السجين بتلك الملابس. ولا من يترك سيارته قرب سياج احد المواقف او السجون مفتوحة الابواب وذهب لقضاء عمل ما فصادف هرب احد السجناء الذي استقل السيارة وهرب بها لعدم انصراف الارادة لتسهيل الهرب لا الفعل ولا النتيجة (الهرب) (25) .

____________

1- قرار مجلس قيادة الثورة رقم 107 لسنة 2001 الذي أعد العمل بالغرامة والغرامة البديلة.

2- لان تنفيذ حكم الإعدام بالهارب يجعل من المستحيل تنفيذ عقوبة سالبة للحرية بعده .

3- أما اذا أطلق سراحه وثم اسره مرة ثانية لحملة السلاح ضد البلاد فلا يوجد مانع من معاقبته عن الهرب أوغيره .

4- أوجدها قرار مجلس قيادة الثورة رقم 115/1994 و لوقف العمل بها بالقرار 81 لسنة 1996 والغي القراو 59/1994 بالقرار 106 لسنة 2001 .

5- الجبور، محمد عودة، المسؤولية الجزائية المترتبة على قرار السجناء في القانون المقارن، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية، الرياض، 1993، ص 115.

6- Carcon. Code penal annote. Paris, 1955، رقم او 6 ، ص876

7- حيث كانت السلطات الألمانية تعاقب على هرب الموقوف اداريا

8- Carcon. Code penal annote. Paris, 1955، رقم 18، ص 877.

9- تعدل بموجب مرسوم 27/10/1945 الفرنسي.

10- تعديل بموجب مرسوم 58- 1298  في 28/12/1958

11- تعديل بموجب قانون 75- 624  في 11/7/1975

12 مارسيل روسليه و آخرين. مصدر سابق. رقم 298 و 301 ص205

13- الجبور، محمد عودة، مصدر سابق، ص 121

14- Carcon. Code penal annote. Paris, 1955، رقم 75، ص 882

15- Carcon. Code penal annote. Paris, 1955، رقم 75، ص 882 .

16- الجبور محمد عودة ، مرجع سابق، ص 119

17- Marcel Rousselet. Droit penal special, paris, 1972، رقم 302، ص 206 .

18- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، (1982)،  رقم 474، ص 427

19- فإن محكمة قوى الأمن الداخلي للمنطقة الوسطى قد جانبت الصواب عندما حكمت على اثنين من المفوضين المكلفين بحراسة الموقوف لهربه منهما وتواطؤهما معه بالسجن لمدة خمس سنوات وشهر واحد وفق المادة 299 ق. ع حيث كان على المحكمة تكييف فعل المتهمين وفق م 271 عقوبات كونهما من المكلفين بالحراسة وليس اشخاص عاديين، انظر القرار رقم 2010 في 14/8/1994 غير منشور.

20-  نقض فرنسي في 11/6/1949 ذكره، روسلیه و آخرين، مصدر سابق، رقم 301و 302، ص 205 .

21-Louis Lambert, Droit penal special. Paris 1968 P:1077.

22- کارسون، مرجع سابق، رقم 54، ص 880 .

23- محمود نجيب حسني، مصدر سابق، رقم 692، ص608 و 609 .

24- د. مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات ، القسم العام ، 1979، القاهرة، دار الفكر العربي ، ص 311

25- د. رمسيس بهنام، الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية، الإسكندرية، 1977، رقم 146، ص350.

ش




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .