أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-06-2015
3199
التاريخ: 26-1-2016
2390
التاريخ: 26-1-2016
2302
التاريخ: 7-10-2015
2989
|
أبو النجم (1) العجلي
من أهل الكوفة، وكانت فيه فكاهة، فقرب من نفوس الولاة والأمراء والخلفاء، وله فيهم أمداح كثيرة، إذ نراه يمدح الحجاج وغيره من ولاة العراق كما يمدح سليمان بن عبد الملك وهشاما، وقد أقطعه الأخير بالكوفة أرضا تسمي الفرك، كان ينزل بها. وفي أخباره أنه قدم على زياد بن أبيه فرهبه رهبة شديدة، وخرج من عنده، وهو يقول (2):
أقبلت من عند زياد كالخرف … تخط رجلاي بخط مختلف
تكتبان في الطريق لام ألف
وفي ذلك ما يدل على أنه كان كاتبا. ويجمع الرواة على أنه كان سريع البديهة في صنع الشعر ونظمه، ومن ثم كان يغلب الشعراء والرجاز حين
يستبقون في موضوع يطرحه خليفة أو وال، ويظفر بالجائزة من دونهم، ويقول ابن سلام: إنه أبلغ في النعت من العجاج. وأم أراجيزه لاميته التي يستهلها بقوله (3):
الحمد لله الوهوب المجزل … أعطي فلم يبخل ولم يبخل
والأرجوزة بعد ذلك تفيض بالغريب في وصف الإبل ومراعيها، وكان رؤبة يسميها أم الرجز استحسانا لها وإعجابا بها. ويروي أن العجاج غدا على الناس بالمربد ينشدهم أرجوزته المشهورة «قد جبر الدين الإله فجبر (4)» وقد ضمنها هجاءه لربيعة، فاستعدت عليه راجزها أبا النجم، فبادره ينشد أرجوزته «تذكر القلب وجهلا ما ذكر» حتي إذا بلغ الى قوله: «شيطانه أنثي وشيطاني ذكر» تعلق الناس هذا الشطر وهرب العجاج عنه. ومن طريف ما يروي من أراجيزه أرجوزته في وصف فهود عبد الملك بن بشر بن مروان، وهو يستهلها بقوله:
إنا نزلتا خير منزلات … بين الحميرات المباركات
في لحم وحش وحباريات … وإن أردنا الصيد ذا اللذات (5)
جاء مطيعا لمطاوعات … علمن أو قد كن عالمات
فهي ضوار من مضريات … تريك آماقا مخططات
سودا على الأشداق سائلات … تلوي بأذناب موقفات
وكثير من رجزه على هذا النحو لا يبعد فيه ولا يغرب، وإن كان من الحق أنه «كان يتوسع في الكلام ويحمل بعضه على بعض ويشتق بعضه من بعض (6)»، ولكنه يظل قريبا منا في جمهور رجزه، وخاصة حين يعمد الى التندر والدعابة، على شاكلة قوله يوصي ابنته «برة» عند زواجها:
أوصيت من برة قلبا حرا … بالكلب خيرا والحماة شرا
لا تسأمي ضربا لها وجرا … حتي تري حلو الحياة مرا
وإن كستك ذهبا ودرا … والحي عميهم بشر طرا
وكان بمثل هذه الدعابة يخف على قلوب الولاة والخلفاء، فيفسحون له في مجالسهم ويجزلون له العطاء.
(1) راجع في أبي النجم ابن سلام ص 576 والموشح ص 213 والشعر والشعراء 2/ 584 وأغاني دار الكتب 10/ 150 والخزانة 1/ 48، 401 والمبرد ص 485 وما بعدها ومعجم الشعراء ص 180.
(2) الخصائص لابن جني (طبع دار الكتب) 3/ 297.
(3) نشر هذه اللامية عبد العزيز الميمني في «الطرائف الأدبية» طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر ص 55.
(4) جبر الثانية بمعني انجبر.
(5) حباريات: جمع حباري وهو طائر.
(6) الخصائص 1/ 230.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|