حديث رقيقة [1]

يعقوب بن محمد الزهري قال: حدثني عبد العزيز بن عمران بن حويصة [2] قال تحدث مخرمة بن نوفل أن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت [3] : تتابعت على قريش سنون أقحلت [4] الفرع [5] وأرّقت العظم فبينا أنا راقدة اللهم أو مهوّمة [6] إذا هاتف/ يصرخ بصوت صحل [7] يقول: يا معشر قريش! إن هذا النبي المبعوث منكم وإن هذا إبّان نجومه [8] [9] فحيّهل بالحيا والخصب، ألا! فانظروا منكم رجلا أوسطكم نسبا طوالا عظاما أبيض بضا [10] أشم العرنين سهل الخدين، له فخر يكظم عليه وسن [11] تهدى إليه، ألا فليخرج [12] هو وولده ثم ليدلف [13] إليه من كل بطن رجل، الا! ثم ليشنوا [14] عليهم من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا [15] الركن وليرتقوا أبا قبيس [16] فيستسقي [18] الرجل وليؤمّن القوم، ألا! فغثتم [19] إذا ما شئتم وعشتم، وأصبحت علم الله مفزعة [20] مذعورة قد قف [21] جلدي ووله قلبي، فاقتصصت رؤياي وجلت في شعاب مكة فورب الحرمة [22] والحرم إن بقي بها أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد [23] ، هذا شيبة الحمد فتتأمت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا ومسوا واستلموا، ثم ارتقى أبا قبيس وطفق القوم يدفّون حوله ما إن يدريك سعيهم مهلة حتى قر بذروته واستكفوا جنابيه ومعه رسول الله صلى الله عليه وهو يومئذ غلام قد أيفع [24] اللهم أو كرب، فقام عبد المطلب يقول: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم مسئول غير مبخل وهذه عبادك [25] وإماؤك [26] بعذرات [27] حرمك يشكون إليك سنيّهم التي أكلت الظلف والخف فاسمعن، اللهم وأمطر لنا غيثا مريعا [28] مغدقا! فما راموا [29] والبيت حتى انفجرت السماء بمائها [30] وكظ الوادي بثجيجه [31] ، فلسمعت شيخان [32] قريش وجلتها تقول: هنيئا لك أبا البطحاء! هنيئا لك! وفي ذلك تقول رقيقة: (البسيط)

بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا ... وقد فقدنا [33] الحيا واجلوّذ [34] المطر

فجاد بالماء جونيّ [35] له سبل [36] ... جار [37] فعاشت به الأنعام والشجر

منا من الله بالميمون طائره [38] ... وخير من بشّرت يوما به مضر

مبارك الأمر [39] يستسقى الغمام به ... ما في الأنام له عدل ولا خطر

قال ابن حبيب وذكر هشام بن الكلبي قال: حدثني الوليد بن [عبد الله بن] [40] جميع [41] عن ابن لعبد الرحمن بن موهب حليف بني زهرة قال: حدثني مخرمة بن نوفل بن أهيب  الزهري قال: سمعت أمي رقيقة بنت أبي صيفيّ وكانت لدة عبد المطلب- وذكر الحديث

________________

[1] رقيقة كجهينة.

[2] حويصة: بضم الحاء المهملة وفتح الواو وتشديد الياء المثناة المفتوحة.

[3] في الأصل: قال.

[4] أقحلت: أيبست.

[5] الفرع كزرع: أعلى كل شيء كغصن الشجر.

[6] هوم تهويما: هز رأسه من النعاس.

[7] الصحل كنمر: الخشن.

[8] النجوم الظهور.

[9] في طبقات ابن سعد 1/ 90 وأنساب الأشراف 1/ 82 «وبه يأتيكم الحيا» .

[10] البض كحض: رقيق الجلد ناعم في سمن.

[11] في الأصل: سنه.

[12] في الأصل: فليخلص.

[13] في طبقات ابن سعد 1/ 90 وأنساب الأشراف 1/ 83: وليخرج.

[14] ليشنوا: ليصبوا، وفي طبقات ابن سعد 1/ 90: وليخرج منكم من كل بطن رجل فتطهروا وتطيبوا ثم استلموا الركن.

[15] في الأصل: واليستلموا.

[16] قبيس كزبير.

[17] في طبقات ابن سعد 1/ 90 وأنساب الأشراف 1/ 83: ثم يتقدم هذا الرجل فيستقي.

[18] في الأصل: فغتتم- بالتاء المثناة الفوقانية.

[19] في الأصل: معراة.

[20] يقال قف شعره أي قام من شدة الفزع، وقال الفراء: قف جلده قفوفا بمعنى اقشعر.

[21] في الأصل: فنمت.

[22] في الأصل: فو الحرمة.

[23] شيبة الحمد لقب عبد المطلب.

[24] في الأصل: أيقع- بالقاف، وأيفع بالفاء بمعنى ناهز البلوغ.

[25] في الأصل: عبداوك.

[26] في الأصل: آماؤك.

[27] العذرات بفتح العين وكسر الذال جمع العذرة بمعنى فناء الدار.

[28] المريع: المخصب.

[29] في الأصل: رأموا- بالهمزة، وراموا من رام يريم.

[30] في الأصل: بمايها- بالياء.

[31] في الأصل: بثجثجة، والثجيج: السيل الغزير، وفي تاريخ اليعقوبي 2/ 9: بثجة.

[32] كذا في الأصل، وشيخان جمع شيخ (مدير) .

[33] في تاريخ اليعقوبي 2/ 9: فقد فقدنا الكرى.

[34] في الأصل: واحلوذ- بالحاء المهملة، واجلوذ: امتد وقت تأخره، وفي أنساب الأشراف 1/ 83: واستبطأ المطر.

[35] الجوني- بفتح الجيم وكسر النون: السحاب الأدهم الشديد السواد.

[36] السبل محركة بالباء الموحدة: المطر يتنازل من السحاب قبل أن يصل الأرض.

[37] في طبقات ابن سعد 1/ 90 وأنساب الأشراف 1/ 83: دان.

[38] في الأصل: طايره- بالياء المثناة.

[39] في أنساب الأشراف 1/ 83: مبارك الوجه.

[40] الزيادة من طبقات ابن سعد 1/ 89.

[41] جميع كزبير.