خط الهدنة:

يعرف خط الهدنة على أنه خط مؤقت يفصل بين القوات المتحاربة على وفق اتفاق بينهما لفترة محددة لوقف القتال , وينصرف أثر الهدنة إلى وقف القتال مع الإبقاء على حالة الحرب على خلاف خط وقف إطلاق النار يعتبر إجراء ً عسكريا ً فقط بينما الهدنة إجراء سياسي وعسكري ⁽¹⁾, وعليه أن خط الهدنة مؤقت ولا يتمتع بصفة الدوام كما هو عليه الحال في الحدود الدولية إلا في حالة اتفاق الدول المتحاربة على ذلك في معاهدات الصلح التي تنهي الحرب بينها, وليس بالضرورة أن الدولة المتحاربة تكون ملزمة بإقرار خطوط الهدنة بمثابة حدود نهائية في معاهدة الصلح , إذ بإمكانها الاتفاق على خطوط أخرى لرسم الحدود الدولية الفاصلة بينها ⁽²⁾ .

ومن الجدير بالذكر إن اتفاقات الهدنة الموقعة بين الدول يجب أن تكون متفقة مع أحكام القانون الدولي, ولذلك عندما أبرمت اتفاقات الهدنة عام 1949 م بين الدول العربية وإسرائيل, إن إسرائيل على الرغم من احتفاظها - بموجب اتفاقات الهـدنة- بكل ما تمكنت مــن احتـلالـه مـــن الأراضي الفلسطينية التي تمثل حدود فلسطين بحدودها الدولية وقت الانتداب ما عدا غزة حيث خضعت للسلطة المصرية أو الضفة الغربية لنهر الأردن ضمتها الأردن إليها عام 1950مإن إسرائيل لم تطالب بتحديد حدودها في اتفاق الهدنة لأنها لا ترغب بإلزام نفسها بحدود معينة وتحاول المغالطة لان حدودها واضحة المعالم على وفق قرار تقسيم فلسطين سنة 1947⁽³⁾.

ومما تجدر الإشارة إليه إن خط الهدنة خط مؤقت ولا يجوز تفسيره على انه حد سياسي , وتنتهي الهدنة على وفق الوقت المحدد لها أما في حالة عدم تحديد وقت لإنهائها فيجوز لأي طرف استئناف القتال بعد إخطار الطرف الآخر على وفق الشروط المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة, هذا وقد تضمنت اتفاقية لاهاي الرابعة كل ما يتعلق بالهدنة , وتعتبر الهدنة من ضمن التدابير المؤقتة التي يتخذها مجلس الأمن الدولي للحفاظ على السلم والأمن الدولي وإعادته إلى ما كان عليه على وفق المادة الأربعين من ميثاق الأمم المتحدة.

وهناك تجربة لمجلس الأمن الدولي في هذا المضمار حيث اتخذ مثل هذا الإجراء في 27 تموز 1953 في الحرب بين كوريا الشمالية والجنوبية, ونظرا ً لاحتمال خرق الهدنة من احد أطرافها أو التجاوز على خطها ودفعا ً للادعاءات المتناقضة من كلا الطرفين, فانه يتم تأليف لجان تحقيق مشتركة للهدنة من ممثلين عن الأمم المتحدة تختارهم من ضمن موظفيها أو من دول ٍ أخرى محايدة وذلك حفاظا ً على تنفيذ اتفاق الهدنة والتحقيق في الحوادث التي قد تقع وتعتبر بمثابة خرق لاتفاقية الهدنة, وان مهمة تلك اللجان مناقشة الادعاءات وإصدار القرارات حول الموضوع .

وان اتفاقات الهدنة قد تتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح وهذا الأمر لا نجده في حالة وقف إطلاق النار, وان وجود هذه المناطق أو المنطقة بين القوات المتحاربة لمنع وقوع الحوادث والاشتباكات بينها⁽⁴⁾.

وقد طبق إجراء نزع السلاح منذ عام 1817م بدرجات متباينة من النجاح في خمس عشرة حالة , ومع ذلك أثبتت التجارب أن نجاح هذا الإجراء يقتضي امتداد المنطقة المنزوعة السلاح على طول جانبي الحدود أو بعرض معقول يجعلها عائقا ً حقيقيا ً دون الإفراط في الاتساع الذي يصعب معه رقابة التنفيذ⁽⁵⁾.

ومن الجدير بالذكر إن المنطقة المنزوعة السلاح يجب أن تخضع لرقابة وإشراف دوليين , مثال ذلك المنطقة منزوعة السلاح التي نصت عليها اتفاقية الهدنة الكورية لسنة 1953 حيث أوجدت أو أنشأت منطقة على جانبي خط الهدنة منزوعة السلاح⁽⁶⁾.

ويتضح مما تقدم إن خطي وقف إطلاق النار والهدنة لا يمكن اعتبارهما حدودا ً دولية على وفق قواعد القانون الدولي , وذلك للأسباب العديدة التي استعرضناها في الصفحات السابقة وخاصة إذا ما عرفنا أنهما حــــــدود ٌ مؤقتة وغير ثابتة ويمكن التعدي عليها على خلاف الحدود الدولية التي تتميز بالثبات والاستقرار , وان التعدي عليها من قبل الدول المجاورة بدون مبرر قانوني يعتبر اعـــتداء على سيادة الدولة.

_____________

(1) د.صالح محمد محمود بدر الدين , مصدر سابق,ص61.

(2) د. إبراهيم محمد العناني ,مصدر سابق ,ص287ومابعدها.

(3) د.صالح محمد محمود بدر الدين , مصدر سابق , ص61ومابعدها.

(4) د. جابر الراوي ,مصدر سابق,ص49.

(5) د. إبراهيم شحاتة, الحدود الآمنة والمعترف بها ,ط1,مؤسسة الدراسات الفلسطينية, بيروت ,1974, ص64.

(6) د. جابر الراوي ,مصدر سابق,ص51 .