المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16371 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
سلالات دجاج البيض التجارية
2024-05-06
تحضير 3-[مركبتو مثيل-(4،3،1-اوكسادايازول-2-ثايون-5-ايل)]-4،2،1-ترايازول
2024-05-06
شعر لابن عبد الحميد البرجي
2024-05-06
شعر لابن عبد الصمد
2024-05-06
تحضير 2-فنيل امينو-4-معوضات-4،3،1-اوكسادايازول
2024-05-06
شعر لابن عياض القرطبي
2024-05-06

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الاية (101-104) من سورة الإسراء  
  
3296   07:03 مساءً   التاريخ: 24-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الإسراء /

 

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا  } [الإسراء: 101 - 104]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

ذكر سبحانه قصة موسى (عليه السلام) فقال: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} أي: ولقد أعطينا موسى تسع دلالات وحجج واضحات واختلف في هذه الآيات التسع فقيل: هي يد موسى وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم عن ابن عباس والضحاك وقيل: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والبحر والعصا والطمسة والحجر عن محمد بن كعب وعن أبي علي الجبائي أيضا إلا أنه ذكر بدل الطمسة اليد وعن قتادة ومجاهد وعكرمة وعطا كذلك إلا إنهم ذكروا بدل البحر والطمسة والحجر اليد والسنين ونقص من الثمرات والطمسة هي دعاء موسى وتأمين هارون وقال الحسن: مثل ذلك إلا أنه جعل الأخذ بالسنين ونقص من الثمرات آية واحدة وجعل التاسعة تلقف العصا ما يأفكون.

 وقيل إنها تسع آيات في الأحكام روى عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه تعال حتى نسأل هذا النبي قال فأتى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسأله عن هذه الآية فقال: هو أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرفوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تمشوا بالبريء إلى سلطان ليقتله ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا المحصنة ولا تولوا الفرار يوم الزحف وعليكم خاصة يا يهود أن لا تعتدوا في السبت فقبل يده وقال أشهد أنك نبي { فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ} هذا أمر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يسأل بني إسرائيل لتكون الحجة عليهم أبلغ وقيل: إن المعنى فاسأل أيها السامع لأن العلم قد وقع بخبر الله تعالى فلا حاجة إلى الرجوع إلى أهل الكتاب وقيل: إن معنى السؤال أن تنظر ما في القرآن من أخبار بني إسرائيل عن الحسن.

 وروي عن ابن عباس أنه قرأ فسأل بني إسرائيل بمعنى فسأل موسى فرعون بني إسرائيل أن يرسلهم { فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} أي: معطي على السحر فهذه العجائب التي فعلتها من سحرك وقيل: معناه إني لأظنك ساحرا فوضع المفعول موضع الفاعل كما يقال مشئوم وميمون في معنى شائم ويأمن وقيل: معناه إنك سحرت فأنت تحمل نفسك على ما تقوله للسحر الذي بك وقيل: مسحورا أي مخدوعا عن ابن عباس { قال} موسى { لقد علمت} أنت يا فرعون { ما أنزل هؤلاء} أي: هذه الآيات { إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الذي خلقهن { بصائر} أي: أنزلها حججا وبراهين للناس يبصرون بها أمور دينهم وقيل أدلة على نبوتي لأنك تعلم أنها ليست من السحر.

 وروي أن عليا (عليه السلام) قال في { علمت} والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي علم فقال لقد علمت { وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} معناه: وإني لأعلمك يا فرعون هالكا لكفرك وإنكارك عن قتادة والحسن وقيل: أعلمك ملعونا عن ابن عباس وقيل مخبولا لا عقل لك عن ابن زيد وقيل بعيدا عن الخير مصروفا عنه عن الفراء وقيل المراد به الظن على الظاهر لأن الهلاك يكون بشرط الإصرار ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الله { فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ} معناه : فأراد فرعون أن يزعج موسى ومن معه من أرض مصر وفلسطين والأردن بالنفي عنها وقيل: بأن يقتلهم { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ} من جنوده { جميعا } لم ينج منهم أحد ولم يهلك من بني إسرائيل أحد { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ} أي: من بعد هلاك فرعون وقومه { لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ} أي: أرض مصر والشام { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} يعني يوم القيامة عن أكثر المفسرين أي وعد الكرة الآخرة وقيل أراد نزول عيسى عن الكبي وقتادة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} معناه: جئنا بكم من القبور إلى الموقف للحساب والجزاء مختلطين التف بعضكم ببعض لا تتعارفون ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وقيل لفيفا أي: جميعا أولكم وآخركم.

____________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص299-301.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ } . تقدم الكلام في العديد من الآيات عن موسى ( عليه السلام ) وقومه ومعجزاته ، وعن فرعون وملئه وطغيانه . . وقد تكون المناسبة هنا في الإشارة إلى معجزات موسى ان اللَّه سبحانه لما ذكر مقترحات المشركين على محمد ( صلى الله عليه واله وسلم) عقب بالإشارة إلى ما اقترحه فرعون على موسى ، وان مجيئها كان وبالا عليه . . ونفس الشيء كان يحصل لواستجاب اللَّه إلى مقترحات المشركين على رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم) لأنهم يكفرون بها لوجاءتهم ، تماما كما كفر فرعون ، ويهلكون كما هلك . . فعدم الاستجابة - إذن - خير لهم وأصلح ، واللَّه اعلم بما يصلح العباد ويفسدهم .

ولموسى ( صلى الله عليه واله وسلم) آيات ومعجزات كثيرة ، منها ما كان لتيسير رسالته كحل العقدة من لسانه ، ومنها للإنعام والتفضيل على بني إسرائيل كإخراج الماء من الحجر ، وانزال المنّ والسلوى ، أوتخويفهم كاظلال الجبل ، ومنها ليعتبر فرعون وقومه ويؤمنوا ، أوجزاء على عنادهم وعتوهم ، وهي الآيات التسع المشار إليها في الآية ، وأظهرها انقلاب العصا حية ، واليد البيضاء ، ثم إغراق الكافرين بالبحر ، أما الست الباقية فقد أشارت إلى خمس منها هذه الآية :

« فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ والْجَرادَ والْقُمَّلَ والضَّفادِعَ والدَّمَ » - 133 الأعراف ج 3 ص 185 . والسادسة الطمس على الأموال : « رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ » إلى قوله « قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما » - 88 يونس ج 4 ص 186 » .

{ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ } الخطاب لمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم) ، والمراد ببني إسرائيل من آمن به منهم كعبد اللَّه بن سلام وأصحابه ، والغرض من السؤال والجواب ان يظهر اليهود وغير اليهود صدق الرسول الكريم في كل ما جاء به من عند اللَّه ( إِذْ جاءَهُمْ ) الضمير في جاء يعود إلى موسى ، وضمير ( هم ) يعود إلى بني إسرائيل لان اللَّه أرسل موسى ( عليه السلام ) لأمور ، منها ان يحرر بني إسرائيل من ظلم فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب . . وطلب موسى من فرعون ان يؤمن باللَّه ، ويرسل معه بني إسرائيل { فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً } أي ساحرا بدليل الآية 109 من الأعراف : « قالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ » .

قالوا هذا بعد أن شاهدوا العصا تتحول إلى ثعبان مبين ، واليد السمراء إلى بيضاء من غير سوء .

{ قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ بَصائِرَ وإِنِّي لأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً } . هؤلاء إشارة إلى الآيات التسع ، ومعنى بصائر دلائل تبصّرك وتعرف بصدقي ونبوتي . . لما قال فرعون لموسى : أظنك ساحرا أجابه موسى أنت تعلم علم اليقين صحة الآيات والمعجزات التي أتيت بها ، وانها دلائل من اللَّه واضحة ، وبراهين ظاهرة تبصّرك أنت وجميع الناس باني رسول من عند اللَّه ، ولكنك تعاند وتكابر حرصا على عرشك ومنصبك . . وإذا ظننتني ساحرا يا فرعون فاني أظنك هالكا جزاء تكذيبك للحق الصريح ، ومن يعش ير . . وكل من عاند الحق واستثقل ان يقال له فهومن حزب فرعون وعلى ملته .

{ فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأَرْضِ } . الضمير المستتر في أراد يعود إلى فرعون ، وضمير الجمع في يستفزهم يعود إلى موسى وقومه ، والمعنى ان فرعون أراد ان يخلي ارض مصر من بني إسرائيل بالقتل والأسر والتشريد ، فدارت عليه دائرة

السوء كما تدور على كل طاغية { فَأَغْرَقْناهُ ومَنْ مَعَهُ جَمِيعاً } . أغرقهم اللَّه بعد ان أعذر إليهم بحجج واضحة ، ودلائل ظاهرة ، فأبوا الا تماديا في الكفر والطغيان .

{ وقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ » - أي بعد فرعون - « لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ } . لقد اتسعت الأرض لبني إسرائيل بعد ان اتسع لهم الا من بهلاك فرعون . . وخيّرهم اللَّه في أن يقيموا أين شاؤوا من الأرض . . وكان المفروض ان يشكروا اللَّه على هذه النعمة . . ولكنهم طغوا وبغوا ، فعبدوا العجل من دون اللَّه ، وقالوا :

يد اللَّه مغلولة ، وهو الفقير ، وهم الأغنياء ، وقتلوا الأنبياء ، وأكلوا السحت والربا ، وحرفوا التوراة ، وحاولوا قتل السيد المسيح ( عليه السلام ) ، ورموا أمه بالفجور . . إلى غير ذلك من المفاسد التي سجلها اللَّه في التوراة والإنجيل والقرآن ، وسجلها الناس في كتب التاريخ القديم والحديث . . وكفى بالصهيونية شاهدا على حقيقة هذه الفئة الباغية وانها شر ووبال على الانسانية كلها .

{ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً } . الخطاب لبني إسرائيل ، والآخرة يوم القيامة ، ولفيفا مجتمعين مختلفين ، والقصد هو الانذار والوعيد على ما سيكون من بني إسرائيل من إثارة الفتن والإفساد في الأرض . . هذا هو الظاهر من لفظ الآية . ولوجاز تفسير القرآن بالرأي لقلنا : ان كلمة لفيف تشير في الآية إلى تجمع اليهود والصهاينة في ارض فلسطين من هنا وهناك ، وان اللَّه سبحانه سيسلط عليهم أولي بأس شديد يسوؤا وجوههم ، وكان وعدا مفعولا . . والحق ما قلناه عند تفسير الآية 4 وما بعدها من هذه السورة فراجع .

_____________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 91-93.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

في الآيات تنظير ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من معجزة النبوة وهو القرآن وإعراض المشركين عنه واقتراحهم آيات أخرى جزافية بما جاء به موسى (عليه السلام) من آيات النبوة وإعراض فرعون عنها ورميه إياه بأنه مسحور ثم عود إلى وصف القرآن والسبب في نزوله مفرقة أجزاؤه وما يلحق بها من المعارف.

قوله تعالى:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} الذي أوتي موسى (عليه السلام) من الآيات على ما يقصه القرآن أكثر من تسع غير أن الآيات التي أتى بها لدعوة فرعون فيما يذكره القرآن تسع وهي: العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفدع والدم والسنون ونقص من الثمرات فالظاهر أنها هي المرادة بالآيات التسع المذكورة في الآية وخاصة مع ما فيها من محكي قول موسى لفرعون:{لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر} وأما غير هذه الآيات كالبحر والحجر وإحياء المقتول بالبقرة وإحياء من أخذته الصاعقة من قومه ونتق الجبل فوقهم وغير ذلك فهي خارجة عن هذه التسع المذكورة في الآية.

ولا ينافي ذلك كون الآيات إنما ظهرت تدريجا فإن هذه المحاورة مستخرجة من مجموع ما تخاصم به موسى وفرعون طول دعوته.

فلا عبرة بما ذكره بعض المفسرين مخالفا لما عددناه لعدم شاهد عليه وفي التوراة أن التسع هي العصا والدم والضفادع والقمل وموت البهائم وبرد كنار أنزل مع نار مضطرمة أهلكت ما مرت به من نبات وحيوان والجراد والظلمة وموت عم كبار الآدميين وجميع الحيوانات.

ولعل مخالفة التوراة لظاهر القرآن في الآيات التسع هي الموجبة لترك تفصيل الآيات التسع في الآية ليستقيم الأمر بالسؤال من اليهود لأنهم مع صريح المخالفة لم يكونوا ليصدقوا القرآن بل كانوا يبادرون إلى التكذيب قبل التصديق.

وقوله:{ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} أي سحرت فاختل عقلك وهذا في معنى قوله المنقول في موضع آخر:{ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}: الشعراء: 27 وقيل: المراد بالمسحور الساحر نظير الميمون والمشئوم بمعنى اليامن والشائم وأصله استعمال وزن الفاعل في النسبة ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى:{قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا} المثبور الهالك وهومن الثبور بمعنى الهلاك، والمعنى قال موسى مخاطبا لفرعون: لقد علمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء الآيات البينات إلا رب السموات والأرض أنزلها بصائر يتبصر بها لتمييز الحق من الباطل وإني لأظنك يا فرعون هالكا بالآخرة لعنادك وجحودك.

وإنما أخذ الظن دون اليقين لأن الحكم لله وليوافق ما في كلام فرعون:{وإني لأظنك يا موسى} إلخ ومن الظن ما يستعمل في مورد اليقين.

قوله تعالى:{ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا} الاستفزاز الإزعاج والإخراج بعنف، ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى:{ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} المراد بالأرض التي أمروا أن يسكنوها هي الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم بشهادة قوله:{ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}: المائدة: 21، وغير ذلك كما أن المراد بالأرض في الآية السابقة مطلق الأرض أوأرض مصر بشهادة السياق.

وقوله:{فإذا جاء وعد الآخرة} أي وعد الكرة الآخرة أوالحياة الآخرة والمراد به على ما ذكره المفسرون يوم القيامة، وقوله:{جئنا بكم لفيفا} أي مجموعا ملفوفا بعضكم ببعض.

والمعنى: وقلنا من بعد غرق فرعون لبني إسرائيل اسكنوا الأرض المقدسة - وكان فرعون يريد أن يستفزهم من الأرض - فإذا كان يوم القيامة جئنا بكم ملتفين مجتمعين للحساب وفصل القضاء.

وليس ببعيد أن يكون المراد بوعد الآخرة ما ذكره الله سبحانه في أول السورة فيما قضى إلى بني إسرائيل بقوله:{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} وإن لم يذكره جمهور المفسرين فينعطف بذلك ذيل الكلام في السورة إلى صدره، ويكون المراد أنا أمرناهم بعد غرق فرعون أن اسكنوا الأرض المقدسة التي كان يمنعكم منها فرعون والبثوا فيها حتى إذا جاء وعد الآخرة التي يلتف بكم فيها البلاء بالقتل والأسر والجلاء جمعناكم منها وجئنا بكم لفيفا، وذلك إسارتهم وإجلاؤهم إلى بابل.

ويتضح على هذا الوجه نكتة تفرع قوله:{فإذا جاء وعد الآخرة} إلخ على قوله:{وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض} على خلاف الوجه السابق الذي لا يترتب فيه على التفريع نكتة ظاهرة.

______________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص176-177.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لم يُؤمنوا رغم الآيات:

قبل بضعة آيات عرفنا كيف أنَّ المشركين طلبوا أُموراً عجبية غريبة من الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبما أنَّ هدفهم ـ باعترافهم هم أنفسهم ـ لم يكن لأجل الحق وطلباً له، بل لأجل التذرُّع والتحجج والتعجيز، لذا فإِنَّ الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ردّ عليهم ورفض الإِنصياع إِلى طلباتهم.

وهذه الآيات ـ التي نبحثها ـ في الحقيقة تقف على نماذج للأُمم السابقة ممَّن شاهدوا أنواع المعاجز والأعمال غير العادية، إِلاَّ أنّهم استمروا في الإِنكار وعدم الإِيمان.

في البدء يقول تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}. سنشير في نهاية هذا البحث إِلى هذه الآيات التسع وماهيتها.

ولأجل التأكيد على الموضوع اسأل ـ والخطاب مُوَّجه إِلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بني إِسرائيل (اليهود) أمام قومك المعارضين والمنكرين: { فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ}.

إِلاَّ أنّ الطاغية الجبار فرعون ـ برغم الآيات ـ لم يستسلم للحق، بل أكثر مِن ذلك إتّهم موسى { فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا}.

وفي بيان معنى «مسحور» ذكر المفسّرون تفسيرين، فالبعض قالوا: إِنّها تعني الساحر بشهادة آيات قرآنية أُخرى، تقول بأنَّ فرعون وقومه اتّهموا موسى بالساحر، ومثل هذا الإِستخدام وارد ولهُ نظائر في اللغة العربية، حيثُ يكون اسم المفعول بمعنى الفاعل، كما في (مشؤوم) التي يمكن أن تأتي بمعنى «شائم» و(ميمون) بمعنى «يامن».

ولكن قسم آخر مِن المفسّرين أبقى كلمة «مسحور» بمعناها المفعولي والتي تعني الشخص الذي أثَّر فيه الساحر، كما يُستفاد مِن الآية (39) مِن سورة الذاريات التي نسبت السحر إِليه، والجنون أيضاً، { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}.

على أي حال، فإِنَّ التعبير القرآني يكشف عن الأُسلوب الدعائي التحريضي الذي يستخدمهُ المستكبرون ويتهمون فيه الرجال الإِلهيين بسبب حركتهم الإِصلاحية الربانية ضدَّ الفساد والظلم، إِذ يصف الظالمون والطغاة معجزاتهم بالسحر أو ينعتونهم بالجنون كي يُؤثروا مِن هذا الطريق في قلوب الناس ويفرّقوهم عن الأنبياء.

ولكن موسى(عليه السلام) لم يسكت أمام اتّهام فرعون له، بل أجابهُ بلغة قاطعة يعرف فرعون مغزاها الدقيق، إِذ قالَ لهُ: { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}.

لذا فإِنّك ـ يا فرعون ـ تعلم بوضوح أنَّك تتنكر للحقائق، برغم علمك بأنّها مِن الله! فهذه «بصائر» أي أدلة واضحة للناس كي يتعرفوا بواسطتها على طريق الحق. وعندما سيسلكون طريق السعادة. وبما أنّك ـ يا فرعون ـ تعرف الحق وتنكره، لذا: {وإِنّي لأظنّك يا فرعون مثبوراً}.

(مثبور) مِن (ثبور) وتعني الهلاك.

ولأنَّ فرعون لم يستطع أن يقف بوجه استدلالات موسى القوية، فإِنَّهُ سلك طريقاً يسلكهُ جميع الطواغيت عديمي المنطق في جميع القرون وكافة الأعصار، وذاكَ قوله تعالى: { فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا}.

«يستفز» مِن «استفزاز» وتعني الإِخراج بقوة وعنف.

ومِن بعد هذا النصر العظيم: { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}. فتأتون مجموعات يوم القيامة للحساب.

«لفيف»مِن مادة «لفَّ» وهنا تعني المجموعة المتداخلة المعقَّدة بحيث لا يعرف الأشخاص، ولا مِن أي قبيلة هُم!

______________

1- تفسير الامثل،ناصرمكارم الشيرازي،ج7،ص424-425.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



المجمع العلمي يحيي ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في كربلاء
مركز الثقافة الأسرّية يواصل تقديم محاضراته ضمن برنامج (تألق وإبداع)
قسم الشؤون الفكرية يشارك بمعرض مهرجان الذاكرة العراقية
الهيأة العُليا لإحياء التراث تشارك في ندوةٍ علمية حول أثر تحقيق النصوص في الوعي المعرفي