المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تعريف بعدد من الكتب / العلل للفضل بن شاذان.
2024-04-25
تعريف بعدد من الكتب / رجال النجاشي.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثالث عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثاني عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الحادي عشر.
2024-04-25
التفريخ في السمان
2024-04-25

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


هل المخالفة القطعية العملية التدريجيّة تكون مانعة عن إجراء الاباحة؟  
  
2119   08:12 صباحاً   التاريخ: 9-7-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏1، ص: 401
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2020 940
التاريخ: 5-8-2016 1267
التاريخ: 11-6-2020 1468
التاريخ: 5-8-2016 1814

...لو أمكن المخالفة القطعيّة العمليّة بطريق التدريج فيقع الكلام في أنّ المخالفة القطعيّة الحاصلة بالتدريج ليست بمانعة عقلا عن إجراء الإباحة أو هي مانعة؟.

 

و ليعلم أوّلا أنّه ليس المراد بالتدريج مطلق الحصول في جزءين متعاقبين من الزمان؛ لوضوح أنّ شرب الإنائين المشتبهين بالخمر أيضا تدريجي بهذا المعنى، بل المراد التدريجيّة من حيث توجّه التكليف بأن كان التكليف المعلوم مردّدا بين ما يتوجّه إلى المكلّف في الحال، وما يتوجّه إليه في الاستقبال، كما لو علم بأنّه إمّا يجب عليه إكرام زيد في هذا اليوم أو إكرام عمرو فيما بعد أربعة أيّام؛ فإنّ الواجب إن كان الأوّل فهو في الحال يتنجّز عليه التكليف، وإن كان الثاني فهو في الحال غير مكلّف؛ إذ تنجّز ذاك يتوقّف على حضور ذاك الزمان.

وهذا موجود في الشبهة الحكميّة، كما لو شكّ في وجوب صلاة الجمعة في جميع الأسابيع أو حرمته في جميعها، فلو صلاها في اسبوع وتركها في اسبوع آخر يعلم بملاحظة الزمانين بصدور المخالفة القطعيّة منه؛ إذ يعلم بأنّه إمّا أن يكون الفعل في الأوّل حراما أو الترك في الثاني، فماله دخل في حصول المخالفة القطعيّة في هذا الفرض هو العلم بأنّه إمّا يحرم في الاسبوع الأوّل وإمّا يجب في الاسبوع الثاني، لوضوح أنّ العلم بالوجوب أو الحرمة في كلّ واحد من الاسبوعين منفردا لا دخل له في ذلك؛ لعدم إمكان المخالفة القطعيّة من هذا الحيث.

إذا تقرّر ذلك فقد يقال بأنّ المكلّف في الاسبوع الأوّل لا يعلم بتوجّه تكليف إليه؛ لاحتمال أن تكون الصلاة في الاسبوع الثاني واجبة؛ إذ على هذا التقدير لا يتوجّه هذا التكليف التحريمي إليه في هذا الاسبوع، ثمّ في الاسبوع الثاني أيضا لا يعلم بتوجّه التكليف إليه، لاحتماله أن كانت الصلاة في الأوّل محرّمة، فهو لا يعلم بالتكليف في أحد الزمانين.

نعم بعد الزمانين يعلم بحصول المخالفة منه، فلهذا لا يكون جعل الإباحة في حقّه ترخيصا في المخالفة القطعيّة.

وبالجملة، هذه مخالفة لم يحصل العلم بها حين الارتكاب، وإنّما يحصل بعده، والمحذور الترخيص في المخالفة القطعيّة التي يحصل القطع بها حين الارتكاب.

وجوابه ظهر ممّا مرّ في بيان الواجب المشروط من أنّه إذا كان الوجوب مشروطا بشرط يعلم بحصوله فيما بعد فهو كالوجوب المطلق، ولهذا لو توقّف إتيان الواجب في المستقبل على مقدّمة سابقة عليه فتركها يستحقّ العقاب لذلك.

والحاصل أنّ مجرّد تدريجيّة المخالفة بالمعنى المذكور لا يوجب الفرق في حكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعية أصلا، وإذن فلو تمكّن من الموافقة القطعيّة وترك المخالفة القطعيّة كان هو المتعيّن، كما في ما لو علم بوجوب إكرام زيد في اليوم أو عمرو فيما بعد، أو علم بحرمة إكرام زيد في اليوم أو وجوبه في ما بعد؛ فإنّه يأتي بالإكرامين في الزمانين في الأوّل ويتركه في الزمان الأوّل ويأتي به في الزمان الثاني في الثاني.

وأمّا لو لم يتمكّن من الموافقة القطعيّة إلّا مقرونة بالمخالفة القطعيّة، ومن ترك المخالفة القطعيّة إلّا مقرونا بترك الموافقة القطعيّة كما في مثال صلاة الجمعة؛ فإنّه كما يحصل بإتيانها في اسبوع وتركها في آخر القطع بالمخالفة، كذلك يحصل القطع بالموافقة أيضا كما هو واضح، ولو اختار الفعل فقط في جميع الأسابيع أو الترك كذلك، فكما لا يحصل إلّا الموافقة الاحتماليّة، كذلك لا يحصل إلّا المخالفة الاحتماليّة، فيبتني الكلام حينئذ على أنّه هل قبح المخالفة القطعيّة أشدّ أو قبح ترك الموافقة القطعيّة؟.

فإن كان الأوّل لزم رفع اليد من حسن الموافقة القطعيّة واختيار الفعل أو الترك في جميع الأزمان تخلّصا من محذور المخالفة القطعيّة، وإن كان الثاني لزم الفعل في‏ اسبوع والترك في آخر وانحصل المخالفة القطعيّة تخلّصا من محذور ترك الموافقة القطعيّة، وحيث إنّا نختار الأوّل فيما يأتي في العلم الإجمالي إن شاء اللّه تعالى مستدلا بأنّ قبح المخالفة القطعيّة بتّي؛ ولهذا نحصّص به أدلة الاصول، وأمّا ترك الموافقة القطعيّة والاكتفاء بالاحتماليّة فقابل للزوال بمجي‏ء الترخيص من الشرع؛ فلهذا يجب بحكم العقل اختياره باختيار الفعل أو الترك في تمام الأزمان تخلّصا من القبح الأشدّ.

ثمّ ربّما يورد على ما ذكرنا من عدم جريان الأصل تدريجا فيما تكون المخالفة فيه تدريجيّة بالنقض بالخبرين المتعارضين، حيث ورد في الأخبار العلاجيّة أنّه: بعد فقد المرجّحات وتساويهما من كلّ الجهات يكون المكلّف مخيّرا في الأخذ بأيّهما شاء، فاختلف في ذلك، فذهب جمع كثير إلى أنّ التخيير استمراري يعني بعد الأخذ بأحدهما أيضا يكون التخيير ثابتا، فيجوز العدول منه والأخذ بالآخر.

وذهب آخرون إلى أنّه بدوي بمعنى أنّه قبل البناء على طريقيّة أحدهما كان مخيّرا، وبعده يصير هذا الواحد المأخوذ متعيّنا وهو ملزم بالأخذ به ويسقط اختياره، ومنشأ الخلاف هو الاختلاف في تعيين مدلول الخبر العلاجي الدالّ على التخيير.

فمستند الأوّلين أنّ له إطلاقا بالنسبة إلى جميع الأزمان قبل الأخذ وبعده، ومستند الآخرين إنكار الإطلاق له وأنّ القدر المتيقّن منه إثبات التخيير قبل الأخذ؛ فإنّه زمان التحيّر، وأمّا بعده فلا تحيّر، هذا مدرك الطرفين، ومن الواضح أنّ التخيير الاستمراري مستلزم للمخالفة القطعيّة التدريجيّة، فلو كان لزومها محذورا لم يقل به الأوّلون، أو يستشكل عليهم الآخرون وجعلوه مدركا للرجوع عن مقالتهم، دون نفي الإطلاق المذكور.

وكذلك الكلام بعينه في تخيير المقلّد بين الرجوع إلى فتوى المجتهدين المتساويين في العلم والعدالة؛ فإنّه ذهب جمع إلى كونه استمراريّا، وآخرون إلى كونه بدويّا، وليس مستند الآخرين إلّا أنّ طريقيّة قول المجتهد الذي أخذ بقوله معلومة إمّا تعيينا أو تخييرا، وأمّا طريقيّة قول الآخر فغير معلومة.

وبعبارة اخرى يدور الأمر بعد الأخذ بقول أحدهما بين التعيين والتخيير، ونحن وإن قلنا في مورد دوران الأمر بينهما في مسألة فرعيّة بالبراءة وعدم التعيين، لكن نقول بالاشتغال وثبوت التعيين هنا؛ وذلك لأنّ الأصل حرمة التعبّد بقول من لا يعلم إصابته وخطائه إلّا ما خرج بالدليل، فيكون الأخذ بقول الآخر المشكوك طريقيّته والتعبّد بطريقيّته محرّما، وبالجملة، لم يستند أصحاب هذا القول إلّا إلى أمثال ذلك، ولم يتعرّض أحد منهم لمخالفة القول بالتخيير الاستمراري لحكم العقل وورود الإشكال العقلي عليه، مع أنّه مستلزم للمخالفة التدريجيّة كما هو واضح.

والجواب أنّه لا يوجب وهنا في حكم العقل بقبح المخالفة التدريجيّة كالدفعيّة في مورد يحكم به ورود ما يخالفه من الشرع في مورد آخر، بل اللازم التعرّض لإصلاح المورد الثاني والتكلّم فيه في وجه الجمع بين حكم الشرع والعقل، وهو واضح.

فنقول: لو كان في الخبرين المتعارضين ما هو نصّ صريح في استمرار التخيير بحيث لا تعتريه شبهة، كما لو علم بتصريح الشرع بالاستمرار، لكان اللازم من باب الإلجاء الالتزام بالبدل لامتثال الحكم المعلوم بالإجمال، بمعنى أنّ الشارع جعل لامتثال الحكم الواقعي المعلوم وجوده بين مدلولي الخبرين بدلا يكتفي به ويتقبّله عوضا عن امتثاله وهو الالتزام بطريقيّة الخبر المخالف للواقع، فكأنّه أمر المكلّف بأنّه يجب عليك إمّا الإتيان بالفعل الفلاني أو الالتزام وعقد القلب على طريقيّة الخبر الفلاني.

فهنا أيضا وإن كان ليس التكليف بحسب الواقع الأوّلي إلّا واحدا معيّنا بلا عدل، ولكن بعد علم المكلّف إجمالا يصير ذا عدل وبدل من هذا الحين، ففي ما كان مدلول أحد الخبرين وجوب الجمعة، ومدلول الآخر حرمتها، وكان واجبا واقعا، فيجب على المكلّف بعد اطّلاعه على الخبرين أحد الأمرين من صلاة الجمعة والالتزام بطريقيّة الخبر الذي دلّ على حرمة الجمعة، فجعل هذا الالتزام الذي هو فعل القلب بدلا لامتثال الأمر بالجمعة.

وكذلك الحال بعينه في مسألة التقليد، فلو كان في البين نصّ صريح على‏ الاستمرار بحيث ألجأنا إلى الجمع فوجه الجمع ما ذكرنا من أنّه يستكشف أنّ الشارع جعل الالتزام والتعبّد بطريقيّة قول من خالف قوله الواقع بدلا لامتثال الواقع، ومن المعلوم أنّ حكم العقل في ما إذا علم التكليف ليس إلّا وجوب الامتثال بنفس هذا التكليف أو ببدله.

وهذا بخلاف ما نحن فيه؛ فإنّه ليس مفاد دليل الأصل إلّا الإباحة وجواز الفعل والترك، وليس فيه إيجاب لعمل حتى يجعل بدلا عن الواقع، وبالجملة، لا بدّ من عمل ليكون بدلا عن الامتثال، وليس في الأصل عمل يصلح للبدليّة سوى الالتزام بمدلوله.

فنقول: ليس مدلول الأصل العملي ودليل حجيّته الالتزام القلبي بحكم الأصل، بل مدلول الجري على طبقه في مقام العمل الخارجي، بل وكذا الحال في دليل حجيّة الأمارة؛ فإنّه وإن كان مفاده التصديق وإلغاء احتمال الخلاف، ولكن من المعلوم أنّه ليس المقصود التصديق الجناني بل ترتيب الآثار بحسب العمل الخارجي الأركاني.

وبالجملة، وجه الالتزام ببدليّة الالتزام في المسألتين هو الإلجاء بسبب وجود النصّ الصريح على استمرار التخيير ولسنا ملجئين هنا، نعم لو علم بحجيّة أصل شرعي معلوم المخالفة للواقع في مقام التزمنا فيه أيضا بمثل ذلك.

وأمّا في المقام الذي لا نعلم بجريان الأصل وليس إلّا عموم دليله والحكم العقلي مانع عن إجرائه إلّا على وجه كون الالتزام بمضمونه بدلا، وهو خلاف ظاهر دليله ولا يوجب عملا آخر يصلح البدليّة، فلا جرم يخصّص دليل الأصل بالنسبة إلى المقام بواسطة قبح المخالفة التدريجيّة عقلا، فاللازم البناء العملي على واحد من الفعل والترك والبقاء عليه وعدم العدول عنه أبدا، وكذلك الكلام في المسألتين على تقدير عدم وجود النصّ المذكور في البين كما هو كذلك.

هذا كلّه هو الكلام على تقدير الفراغ من حيث دلالة دليل الأصل في شموله للمقام أعني ما إذا كان أصل الإلزام معلوما ولم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة.

وأمّا الكلام في دلالته وعدم الدلالة فالظاهر العدم، وذلك لأنّ دليل البراءة ممّا سوى حديث الرفع بين ما يكون أجنبيّا عن الباب وبين ما يناسبه، ولا يشمل المقام إمّا للانصراف أو لعدم كونه مورده؛ فإنّه دليلان: أحدهما:

قوله عليه السلام: «كلّ شي‏ء فيه حلال وحرام فهو لك حلال»؛ فإنّه إمّا متعرّض لحكم الشبهة المحصورة فيكون أجنبيّا عن الشبهة في شي‏ء واحد بالمرّة، وإمّا أنّ معناه: كلّ شي‏ء فيه احتمال الحليّة واحتمال الحرمة، فيرتبط بالشبهة في الشي‏ء الواحد ولكن أجنبيّ عن خصوص المقام؛ فإنّ الشبهة فيه بين الوجوب والحرمة دون الحليّة والحرمة.

وثانيهما قوله عليه السلام: «كلّ شي‏ء مطلق حتى يرد فيه نهي» فإمّا أن يقال:

إنّه متعرّض لحال الأشياء قبل ورود الشرع عليها الذي هو موضوع بحث الحظر والإباحة العقليين فلا يرتبط بالمقام؛ لفرض كونه ممّا ورد فيه الشرع، غاية الأمر لا يعلم بأنّ التشريع الموجود هو الإيجاب أو التحريم، وإمّا أن يقال: إنّ معنى «يرد» يبلغ، فيشمل الشبهة الحاصلة بعد ورود الشرع أيضا، لكنّه منصرف إلى غير المقام؛ إذا الظاهر منه صورة كون الشبهة في التحريم والإباحة.

وبعبارة اخرى: ما إذا كان أحد طرفي الاحتمال التقييد بقيد التكليف والآخر اللاتقييد والإطلاق، فحكم فيه بأنّه مطلق حتّى يعلم تقييده الذي يحتمل أعني التحريم، فلا يشمل ما إذا كان أصل وجود التقييد وعدم الإطلاق معلوما وشكّ في كون التقييد أمرا أو نهيا.

وأمّا حديث الرفع فمورده المنّة، ففي ما إذا كان هناك احتمال الحرمة والإباحة فمعنى منّة الشارع أنّه لم يجعل الاحتياط على العباد مع أنّه كان له جعله حفظا للأحكام الشرعيّة، لكن ما جعله منّة عليهم، فيكون الرفع بمعنى الدفع.

وأمّا في ما إذا كانت الشبهة في الحرمة والوجوب فإن كانت واقعة شخصيّة لا يمكن فيها المخالفة القطعيّة ولو تدريجا، فلا يعقل معنى لجعل الإباحة فيها لطفا ومنّة؛ إذ لم يكن للشارع أن يجعل الاحتياط حتّى يتحقّق بعدم جعله لطف ومنّة؛ إذ الاحتياط بالخلوّ عن الفعل والترك غير ممكن، والالتزام بأحدهما ليس فيه حفظ للحكم الشرعي؛ إذ هما متساويان من حيث لزوم الموافقة الاحتماليّة والمخالفة الاحتماليّة.

وإن كانت واقعة كليّة يتحقّق فيها المخالفة التدريجيّة، فجعل الإباحة فيها بمعنى جواز الفعل مرّة والترك اخرى، وبعبارة اخرى الإباحة الاستمراريّة فهو وإن كان منّة لكونه أسهل من بناء العمل أوّلا على أحدهما تخييرا ولزوم البقاء على ما بنى عليه، إلّا أنّه غير ممكن؛ لكونه ترخيصا في المخالفة القطعيّة بدون جعل شي‏ء بدلا للامتثال.

وأمّا الالتزام القلبى بالإباحة فقد قلنا: إنّه لا يجري هنا وان قلنا بثبوت مثله في الخبرين المتعارضين، والفرق بين المقامين قد مرّ سابقا وحاصله أنّ دليل الأصل مثل هذا الحديث غير متعرّض إلّا لحيث مقام العمل، ولا إشعار فيه بمقام الالتزام فضلا عن الدلالة، فمدلولها الإباحة بمعنى ترخيص الفعل والترك ورفع البأس عنهما، لا بمعنى لزوم عقد القلب عليها، بخلاف قوله عليه السلام في الخبرين المتعارضين:

«و إذن فأنت مخيّر» يعني في الأخذ بأيّهما كما في قوله في رواية اخرى: «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» فإنّ الظاهر من الأخذ التعبّد بطريقيّة الخبر والبناء القلبي على حجيّته دون صرف العمل الخارجى على طبقة، ولو كان هو أيضا كذلك للزم طرحه لمخالفته لحكم العقل، هذا في الإباحة الاستمراريّة.

وأمّا الإباحة البدويّة فهي غير موافقة للمنّة؛ إذ ليس للشارع جعل احتياط من هذه الجهة بأن يلزم البناء من أوّل الأمر على خصوص الفعل أو على خصوص الترك؛ إذ ليس فيه حفظ للحكم، لمساواتهما في لزوم الموافقة والمخالفة الاحتماليين، كما في الشبهة الشخصيّة.

وبالجملة، في الشبهة الحكميّة من حيث الإباحة الاستمراريّة جعل الإباحة موافق للمنّة، لكن غير ممكن، ووجه عدم إمكانه مرّ سابقا، وهذه الشبهة من حيث الإباحة البدويّة وكذا الشبهة الموضوعيّة كالمرأة المردّدة ليس جعل الإباحة فيهما لطفا ومنّة ودفعا لمئونة زائدة كان للشارع إثباتها، نعم يمكن جعل الإباحة فيهما لحكمة اخرى غير الامتنان بدليل آخر غير الحديث المفروض كون الحكمة فيه الامتنان، ولكن عرفت عدم دليل آخر.

وإذن فمن حيث الواقع عرفت أنّه يجب الالتزام بأنّ حكم هذا الشي‏ء هو الإلزام على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة، وأمّا من حيث هذا الشخص الخارجى بشخصيّته فلا بدّ أن يكون المكلّف بلا بناء وبلا التزام، يعنى لا يلتزم بوجوبه ولا بحرمته؛ لما عرفت من حرمة هذين الالتزامين بدليل التشريع، وكذلك لا يلتزم بإباحته؛ لما عرفت هنا من قصور دليل أصالة الإباحة عن شموله للمقام.

[شرح عبارة الكفاية]

و ينبغي هنا شرح عبارة الكفاية في هذا المقام، فقال قدّس سرّه- بعد بيان أنّه في مورد العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة على القول بلزوم الموافقة الالتزاميّة تلزم هي، وإن كان لا يجب الموافقة القطعيّة العلميّة، ولا يحرم المخالفة القطعيّة العمليّة لامتناعهما؛ للتمكّن من الالتزام بما هو الثابت واقعا، وإن أبيت إلّا عن لزوم الالتزام بالحكم الواقعى بخصوص عنوانه فالموافقة القطعيّة الالتزاميّة بمعنى التزام نفس الحكم الواقعي غير ممكنة، وأمّا الالتزام بواحد تخييري وإن كان ممكنا، لكنّه غير واجب؛ إذ الالتزام بضدّ التكليف ليس محذوره بأقلّ من محذور عدم الالتزام به، مع أنّ التكليف لو اقتضى الالتزام لاقتضى الالتزام بنفسه عينا دون الالتزام به أو بضدّه تخييرا- ما هذا لفظه: ومن هنا- يعني ممّا ذكرنا من أنّه لا يجب إلّا الالتزام بما هو الثابت واقعا وإن لم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة- قد انقدح أنّه لا يكون من قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الاصول الحكميّة أو الموضوعيّة في أطراف العلم لو كانت جارية مع قطع النظر عنه- لما ذكرنا من إمكان الجمع بين الالتزام بكون حكم الواقع هو الإلزام وبين الالتزام بأنّ حكم هذا الشخص الخارجى هو خصوص الإباحة- كما لا يدفع هنا محذور عدم الالتزام به، بل الالتزام بخلافه لو قيل بالمحذور فيه حينئذ أيضا إلّا على وجه دائر.

يعني كما أنّه لو قلنا- كما هو المختار- بأنّه لا يجب أزيد من الالتزام بما هو الثابت‏ واقعا فالأصل لا مانع من جريانه من قبل لزوم الالتزام، كذلك لو قلنا بخلاف المختار من لزوم الالتزام بخصوص عنوان الوجوب أو الحرمة وعدم كفاية مجرّد ما هو الثابت واقعا، فحينئذ لا يدفع بواسطة أصل الإباحة محذور عدم الالتزام بخصوص الوجوب أو الحرمة، كما هو المفروض من ثبوت المحذور فيه، بل الالتزام بخلافه وهو الإباحة؛ إذ يلزم الدور؛ إذ المفروض ثبوت المحذور في ترك الالتزام بأحد الوجوب أو الحرمة، والمقصود رفع هذا المحذور، بل محذور الالتزام بالخلاف بجريان الأصل، ولا شكّ أنّ جريان الأصل أيضا موقوف على عدم المحذور في عدم الالتزام اللازم من جريانه.

اللّهم إلّا أن يقال: إنّ قبح عدم الالتزام ليس بتيّا لا يرفع بالأصل؛ إذ حينئذ من الواضح أنّ جريان الأصل موقوف على عدم ترتّب مثل هذا القبح عليه، فاذا قصد دفع قبحه أيضا بجريان الأصل يلزم الدور، بل قبحه معلّق على عدم ورود الرخصة عليه من الشرع، إذ حينئذ ما لم يرد الرخصة يكون قبيحا وبعد وروده يرتفع القبح بارتفاع موضوعه، فلا يلزم الدور.

وأمّا نحن حيث اخترنا عدم لزوم الالتزام إلّا بما هو الثابت واقعا ففي فسحة من هذا الإيراد وهذا الجواب، بل يكون الأصل جاريا بلا كلام؛ لإمكان حفظ هذا الالتزام مع جريان الأصل؛ لاختلاف الرتبة.

«إلّا أنّ الشأن في جواز جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي، مع عدم ترتّب أثر عملي عليها، مع أنّها أحكام عمليّة كسائر الأحكام الفرعية، مضافا إلى عدم شمول أدلّتها لأطرافه؛ للزوم التناقض في مدلولها على تقدير شمولها كما ادّعاه شيخنا العلّامة أعلى اللّه مقامه وإن كان محلّ تأمّل ونظر»(1).

ووجه التأمّل على المختار عدم لزومه بسبب اختلاف الرتبة كما ذكرنا، هذا هو الكلام في المخالفة الالتزاميّة.

_______________

(1) ما بين المعقوفتين كلام المحقّق الخراساني في الكفاية.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


خلال الأسبوع الحالي ستعمل بشكل تجريبي.. هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية تحدد موعد افتتاح مؤسسة الثقلين لعلاج الأورام في البصرة
على مساحة (1200) م2.. نسبة الإنجاز في مشروع تسقيف المخيم الحسيني المشرف تصل إلى (98%)
تضمنت مجموعة من المحاور والبرامج العلمية الأكاديمية... جامعتا وارث الأنبياء(ع) وواسط توقعان اتفاقية علمية
بالفيديو: بعد أن وجه بالتكفل بعلاجه بعد معاناة لمدة (12) عاما.. ممثل المرجعية العليا يستقبل الشاب (حسن) ويوصي بالاستمرار معه حتى يقف على قدميه مجددا