المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون الإداري دور التشريعات والسلطات الرقابية في تسعير المنتجات والخدمات المصرفية موضوع الملاحظة في الاستنباط القضائي ملكة الاستنباط القضائي الجهاز الهضمي للدجاج إستراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات المصرفية في الاطار الرقابي (انواع المنتجات والخدمات المصرفية) طـرق تـحديـد سعـر الفـائـدة علـى القـروض السـكـنـيـة (العـقاريـة) تـحليـل ربحيـة العميـل من القـروض الاستـهلاكيـة (الشخصيـة) المـقـسطـة الدجاج المحلي العراقي معجزة الدين الاسلامي موضوع الإعجاز

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7459 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


إستصحاب حكم الخاص  
  
953   10:06 صباحاً   التاريخ: 18-5-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏2، ص: 573
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /

اعلم أنّه لو دلّ الدليل الدال على الحكم في الزمان السابق عليه في اللاحق إثباتا أو نفيا، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب، لأنّ مورده عدم وجود الدليل الاجتهادي.

 

إنّما الكلام في أنّه لو كان لنا عامّ يدلّ على ثبوت الحكم لأفراده، ثمّ خرج منه فرد في زمان ففي ما بعد ذلك الزمان هل نرجع إلى استصحاب حكم المخصّص، أو إلى عموم العام؟ مثلا لو قال: أكرم العلماء، ثمّ علمنا بالإجماع عدم وجوب إكرام زيد في يوم، ففي ما بعد ذلك اليوم هل نرجع إلى استصحاب عدم وجوب الإكرام أو إلى عموم أكرم العلماء؟.

لا بدّ أوّلا من تعيين موضوع البحث، فنقول وباللّه المستعان وعليه التكلان: إن لاحظ المتكلّم قطعات الأزمنة أفرادا، كما لو قال: أكرم العلماء في كلّ زمان، فلا شبهة في أنّه إذا خرج فرد في زمان يحكم بدخوله في حكم العامّ في ما بعد ذلك الزمان، سواء جعل تلك القطعات بحسب عناية الدليل قيدا للفعل المأمور به أم ظرفا للنسبة الحكميّة، فإنّه على الفرض الأوّل يصير الإكرام في كلّ زمان فردا مستقلّا للعام غيره في زمان آخر، وعلى الثانى يصير القضيّة متعدّدة بتعدّد الأزمنة.

ولا إشكال في أنّ خروج زيد يوم الجمعة لا يوجب سقوط العام عن الحجيّة في ما بعده على التقديرين، فإنّه على الأوّل إكرام زيد يوم الجمعة فرد من الإكرام، وإكرامه في يوم السبت فرد آخر، فإذا خرج فرد من العام نتمسّك في الباقي بعمومه، وعلى الثاني القضيّة في حكم القضايا المتعدّدة، فكأنّه صدرت من المتكلّم قضيّة في يوم الجمعة وخرج منها زيد، وأيضا صدرت منه تلك القضيّة في يوم السبت ولم نعلم بخروجه من تلك القضيّة الثانية.

والحاصل أنّ المقام مقام الأخذ بالعموم دون الاستصحاب، بل قال شيخنا المرتضى قدّس سرّه: إنّه في هذا المورد لم يجز التمسّك بالاستصحاب وإن لم نتمسّك بعموم العام أيضا.

لكن في ما أفاده قدّس سرّه نظر نبّه عليه سيّد المشايخ الميرزا الشيرازي قدّس سرّه، وهو أنّ المانع من الأخذ بالاستصحاب مع قطع النظر عن العموم ليس إلّا عدم اتحاد الموضوع، والموضوع في الاستصحاب بعد عدم أخذه من العقل- كما سيجي‏ء إن شاء اللّه تعالى- إمّا مأخوذ من الدليل، وإمّا من العرف.

فإن اعتبرنا الأوّل فالمعيار هو الموضوع المأخوذ في دليل الحكم المستصحب، وربّما يكون الزمان قيدا بحسب الدليل الدالّ على العموم وظرفا للحكم بحسب الدليل الدالّ على المخصّص، وإن اعتبرنا الثاني فالأمر اوضح، فإنّه قد يكون الزمان قيدا في دليل المخصّص أيضا، لكنّ العرف يراه ظرفا للحكم، مع ما عرفت من عدم ملازمة ملاحظة الأزمنة أفرادا مع كونها قيدا للمأمور به، لما مضى من وجه آخر أيضا، هذا على تقدير ملاحظة الأزمنة أفرادا.

وأمّا على تقدير عدم ملاحظة ذلك فالظاهر أنّ الحكم في القضيّة المفروضة يتعلّق بكلّ فرد، ويستمرّ ذلك دائما، حيث إنّه لم يحدّده بحدّ خاص، ولم يقيّده بزمان خاص بالفرض، ولا يخفي أنّ الاستمرار المستفاد هنا من مقدّمات الإطلاق حاله حال الاستمرار المستفاد من دليل الاستصحاب، فيقتضي إطاعات عديدة بتعدّد الأزمنة، ويكون له عصيانات كذلك.

والحاصل أنّه فرق بين استمرار نفس الحكم وبين استمرار المأمور به، فالأوّل يفرض له إطاعات وعصيانات، والثاني لا يفرض له إلّا إطاعة واحدة وعصيان واحد، والمقام من قبيل الأوّل.

وكيف كان فربّما يدّعى في هذه الصورة أنّه إذا خرج الفرد من تحت العام في زمان لم يكن العام دليلا على دخوله في الزمان الآتي؛ لأنّ دلالة العام على استمرار الحكم المتعلّق بالفرد فرع دلالته على نفس الفرد، فإذا خرج الفرد من تحته يوم الجمعة فأنّى لنا بعموم يشمل ذلك الفرد يوم السبت حتّى يشمله الحكم، ويحكم باستمرار ذلك الحكم أيضا من أوّل يوم السبت؟.

والحاصل أنّه على الفرض الأوّل كان الفرد الخارج يوم الجمعة فردا، والفرد الذي يتمسّك بالعموم له في السبت فردا آخر، أو كان لنا في يوم الجمعة قضيّة عامّة خرج منها فرد، وفي يوم السبت أيضا قضيّة عامّة مثلها نشكّ في خروج الفرد منها، ولا إشكال في كلا الاعتبارين في التمسّك بالعموم في المشكوك؛ لأنّ عدم دخول الفرد المفروض تحت العام يستلزم تخصيصا آخر زائدا على التخصيص المعلوم، وهذا واضح، بخلاف الفرض الثاني، فإنّ الفرد المفروض خروجه يوم الجمعة لو كان خارجا دائما لم يلزم إلّا مخالفة ظاهر واحد، وهو ظهور وجوب إكرامه دائما.

فإن قلت: كيف نتمسّك بالإطلاقات بعد العلم بالتقييد ونقتصر في عدم التمسّك بها على المقدار الذي علم بخروجه، والحال أنّ مفادها واحد، وبعد العلم بالتقييد يعلم أنّه ليس بمراد.

مثلا لو فرضنا ورود الدليل على وجوب عتق الرقبة، وعلمنا بالدليل المنفصل أنّ الرقبة الكافرة عتقها غير واجب، فيلزم أن لا يكون الموضوع في الدليل الأوّل هو المفهوم من اللفظ المذكور فيه، وبعد ما لم يكن هذا المعنى مرادا منه لا يتفاوت في كونه خلاف الظاهر بين أن يكون المراد منه الرقبة المؤمنة، أو مع كونها عادلة، وليست مخالفة الظاهر على تقدير إرادة المفهوم الثاني من اللفظ أكثر حتّى يحمل اللفظ بواسطة لزوم حفظ مراتب الظهور بقدر الإمكان على الأوّل؛ إذ ليس في البين إلّا تقييد واحد كثرت دائرته أم قلّت، والمفروض أنّا نرى أنّ ديدن العلماء قدّس أسرارهم على التمسّك بالإطلاق في المثال المذكور والحكم ببقاء الرقبة المؤمنة، سواء كانت عادلة أم فاسقة تحت الإطلاق.

قلت: الفرق بين المطلق وما نحن فيه أنّ المطلق يشمل ما تحته من الجزئيّات في عرض واحد، والحكم إنّما تعلّق به بلحاظ الخارج، فظهور القضيّة استقرّ في الحكم على كلّ ما يدخل تحت المطلق بدلا، أو على سبيل الاستغراق على‏ اختلاف المقامات، فإذا خرج بالتقييد المنفصل شي‏ء الباقي بنفس ذلك الظهور الذي استقرّ فيه أوّلا.

وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإنّ الزمان في حدّ ذاته أمر واحد مستمرّ ليس جامعا لأفراد كثيرة متباينة، إلّا أن يقطع بالملاحظة وجعل كلّ من قطعاته ملحوظا في القضيّة كما في قولنا: أكرم العلماء في كلّ زمان، وأمّا إذا لم يلاحظ على هذا النحو كما في قولنا: أكرم العلماء، ومقتضى الإطلاق أنّ هذا الحكم غير مقيّد بزمان خاصّ فلازمه الاستمرار من أوّل وجود الفرد إلى آخره، فإذا انقطع الاستمرار بخروج فرد في يوم الجمعة مثلا فليس لهذا العام المفروض دلالة على دخول ذلك الفرد يوم السبت؛ إذ لو كان داخلا لم يكن هذا الحكم استمرارا للحكم السابق كما هو واضح، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الدعوى.

ولكنّه مع ذلك قد استشكل فيه شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة أوّلا:

أنّا نتصوّر المعنى الواحد الذي لا ينثلم وحدته بالاستثناء من وسطه، وذلك كما في العموم المجموعي مثل قولك: أكرم زيدا في مجموع السنة إلّا يوم كذا في وسطها، وكما في عنوان الاستمرار لصحّة قولك: أكرم زيدا مستمرّا إلّا يوم كذا، فوجود الحكم في ما بعد يوم كذا لا شبهة في كونه حفظا للعموم المجموعي في الأوّل، ولمعنى الاستمرار في الثاني، وعدمه مخالفة ظاهر آخر فيهما.

نعم يتصوّر أيضا معنى واحدا ينثلم وحدته بالاستثناء كما في عنوان البقاء، فليس الوجود بعد تخلّل العدم بقاء للوجود السابق، ولهذا لا نتمسّك بالاستصحاب لو خرج منه فرد في زمان في ما بعد ذلك الزمان، ولكن أنّى لنا بإثبات أنّ المعنى الواحد الذي هو مفاد المقدّمات عنوان البقاء، فمن الممكن أن يكون عنوان الاستمرار الذي قد عرفت أنّ حاله حال العموم المجموعي.

وثانيا: سلّمنا أنّ مفاد المقدّمات معنى البقاء الذي يفيده الاستصحاب، لكنّ الملاك الجاري في الأخذ بالإطلاق في سائر المطلقات بعد ورود التقييد بالنسبة إلى ما عدا مورده بعينه جار في المقام، وما ذكرت من عرضيّة الأفراد في غير المقام‏ بخلاف المقام غير فارق.

بيان ذلك أنّكم قلتم في وجه التمسّك هناك: إنّا نجمع بين دليل المقيّد وظهور المطلق بحمل المطلق على الإرادة الإنشائيّة المنشأة بغرض التوطئة وضرب القانون، وهي محفوظة كما كانت من غير تصرّف فيها، غاية الأمر التصرّف في أصل عقلائي آخر وهو الأصل الحاكم بتطبيقها على الجدّ، ففي كلّ مورد ظهر خلاف هذا الأصل نرفع اليد عنه ويبقي في غيره على حاله.

وبالجملة، دليل المقيّد يحكي عن ثبوت الإرادة الجديّة على خلاف المطلق في مورده، لا عن كون المطلق مستعملا في غير الإطلاق، وحينئذ فظهور المطلق في استعماله في الإطلاق يبقي بلا مزاحم، فيحمل على الإرادة الإنشائيّة المنطبقة مع الجدّ تارة والمنفكّة عنه اخرى.

وبعبارة اخرى: كون المتكلّم في مقام البيان من حيث الإرادة الإنشائيّة التوطئيّة لا ينثلم بظهور المقيّد، والذي تفيده المقدّمات ليس إلّا ظهور المطلق في هذه الإرادة، وتطبيقها على الجدّ خارج من وظيفة المقدّمات، ويكون بمقتضى الأصل العقلائي الآخر.

وحينئذ فنقول: عين هذا المعنى جار في المقام، فإنّ ظهور المقيّد في بعض الأزمان لا ينثلم بسببه ظهور المطلق في بقاء الإرادة الإنشائيّة، فإنّها كما عرفت باقية بحالها غير مرتفعة في زمان من الأزمنة، وإنّما التصرّف في أصالة الجدّ.

وبالجملة، حال معنى البقاء الذي يفيده المقدّمات هنا حال العموم البدلي أو الاستغراقي الذي يفيده في الأفراد العرضيّة، فكما أنّ مصبّ الأخيرين هو الإرادة الإنشائيّة، فكذلك الأوّل بلا فرق.

وحاصل الكلام أنّه كلّما كان الحال في الاستثناء المتّصل هو الأخذ بالثاني، فالحال في المنفصل أيضا كذلك، والإشكال الوارد في الثاني مدفوع، مثلا لو قال:

كل هذا الرغيف إلّا هذا الجزء، فاللازم أخذ البقيّة، وكذلك لو ورد منفصلا عدم جواز أكل ذلك الجزء، فإنّه يؤخذ بدليل: كل هذا الرغيف، بالنسبة إلى البقيّة.

والإشكال بأنّه بعد عدم إرادة المعنى الشامل لهذا الجزء، الأمر دائر بين امور، والتجوّز في كلّ منها من حيث الانس اللفظي على نسق واحد، مثلا إرادة ما سوى هذا الجزء وما سوى الجزءين والثلاثة إلى أن يبقى مقدار لا يصحّ فيه التجوّز كلّها في القرب والبعد على حدّ سواء، فتعيين الأوّل من بينها بلا مرجّح، مدفوع بأنّ الاستثناء ليس عن الإرادة الاستعماليّة، بل اللفظ قد اعطى معناه، وإنّما الاستثناء يتعلّق بمقام الجدّ، فيكون المتّبع في ما بقي أصالة التطابق بين الاستعمال والجدّ.

وهذا الإشكال عين الإشكال الذي أوردوه على العام الاستغراقي المخصّص بالمنفصل على القول بحجيّته في الباقي وعلى المطلقات المقيّدة بالدليل المنفصل على القول بالحجيّة في الباقي، فإنّ تقريب إشكالهما أنّه بعد ورود المخصّص والمقيّد نعلم بعدم إرادة المتكلّم ما هو معنى الكلّ من الاستيعاب، وما هو معنى الإطلاق من وقوع الطبيعة بنفسها بلا ضمّ شي‏ء إليها تحت الحكم، وبعد معلوميّة ذلك يبقى الأمر دائرا بين المراتب، وليس المرتبة الثالثة للعموم والإطلاق أقرب من حيث الانس، وإنّما هو أقرب من حيث السعة والكمّ، والمعيار الأوّل.

وجواب هذا الإشكال الذي أوردوه ففي ذينك البابين عين ما ذكرنا من أنّ التّخصيص والتقييد ليسا إخراجا عن المراد الاستعمالي، بل اللفظ مستعمل في معناه والإخراج إنّما هو عن المراد اللبيّ الجدّي، فالمتّبع في ما عدى مورد التخصيص والتقييد هو الأصل العقلائي على تطابق الارادتين.

وعلى هذا فنقول: عين هذا المعنى إشكالا وجوابا وارد في مقامنا، فإشكاله ليس إشكالا آخر، وجوابه أيضا ذلك الجواب، فإنّ إشكال المقام هو أنّ الاستمرار أمر وحداني، فما دام الفرد باقيا تحت العامّ يكون الاستمرار محفوظا، وإذا خرج في زمان فقد انقطع الاستمرار، وشمول العامّ لما بعده فرع دلالته على هذا الجزء من الزمان بعنوانه ومستقلّا، وأمّا إذا كانت الدلالة بتوسّط عنوان الاستمرار فبعد تخلّل العدم في البين لا يبقي الأمر الواحد المستمرّ، بل الموجود شيئان متماثلان مفصولان، وهذا معنى كلام شيخنا المرتضى قدّس سرّه من أنّه لا يلزم من ثبوت‏ حكم الخاص في ما بعد الزمان المتيقن الخروج زيادة تخصيص في العام حتّى يقتصر فيه على المتيقّن بل الفرد خارج واحد، دام زمان خروجه أو انقطع، فليس الأمر دائرا بين قلّة التخصيص وكثرته حتى يتمسّك بالعموم في ما عدا المتيقّن.

والحاصل أنّ الاستمرار إذا انقطع فلا دليل على العود إليه، كما في جميع الأحكام المستمرّة إذا طرأ عليها الانقطاع.

وحاصل الجواب أنّه بعد أنّ التخصيصات المنفصلة ليست إخراجا عن المراد الاستعمالي، فالاستمرار في المقام بوحدته باق، من غير انثلام فيه أصلا بحسب الاستعمال، ولم يطرأ عليه الانقطاع بحسبه، وبعد ذلك يبقي الأمر منحصرا في الأصل العقلائي على التطابق، ومن المعلوم لزوم الاقتصار في مخالفته على المقدار المعلوم.

نعم لو كان التخصيص يوجب انثلاما وانصداما في المراد الاستعمالي لكان تمام ما ذكروه واردا؛ إذ الأمر الوحداني لم يبق بعد تخلّل العدم في البين، ولكن لو بنينا على هذا ليسري الإشكال في العموم الاستغراقي أو الإطلاق الحالي أيضا، فإنّه يقال: إنّ المعنى الوحداني البسيط غير مراد من اللفظ، والتجوّز بالنسبة إلى غيره من مراتب التخصيص والتقييد على نسق واحد.

وبالجملة، لا نعقل فرقا أصلا بين مفاد الكلّ ومفاد لفظ «دائما» ونحوه، فكلّ منهما أمر وحدانيّ لا ينحفظ مع خروج بعض ما يشمله، فكيف لا يرتفع هذه الوحدة في الأوّل بسبب التخصيص، ويرتفع في الثاني، وقد عرفت الحال في مثال الرغيف؟.

وكذا الحال في دليل الاستصحاب الذي مفاده الإبقاء وعدم نقض ما كان؛ فإنّه قد ينقطع البقاء فيه بواسطة تبدّل الشكّ باليقين بخلاف الحالة السابقة، ولا كلام فيه، فإنّه من تبدّل الموضوع، وقد ينقطع هذا الحكم الظاهري من الوسط مع بقاء الشكّ بالنسبة إلى الواقع وإن كان هذا مجرّد فرض لا واقع له، فحينئذ يجرى فيه ما ذكرنا من أنّه بعد انقضاء الزمان المتيقّن من الدليل المخرج نرجع إلى عموم إبقاء ما كان.

وعلى هذا لا يبقي فرق بين منقطع الوسط والابتداء والآخر في جواز التمسّك في الكلّ كما هو واضح بعد ملاحظة ما ذكرنا من أنّه بحسب الاستعمال قد اعطي كلّ‏ من العموم الفردي والإطلاق الزماني معناه، وإنّما التصرّف بحسب الجدّ، فيقتصر في مخالفته على مقدار العلم ويرجع في ما زاد إلى أصالة الجدّ.

ونقل شيخنا الاستاد دام ظلّه عن سيّده الاستاد طاب ثراه أنّه استدلّ على عدم جواز التمسّك بالعموم في جميع الصور الثلاث المذكورة بأنّ الاستمرار الذي يفيده الإطلاق إنّما هو تبع لما هو مفاد اللفظ بحسب الوضع، فإذا كان المفاد الوضعي منحصرا في تعليق الحكم على كلّ فرد فالإطلاق من حيث الزمان في كلّ فرد منوط بدخول هذا الفرد تحت العموم، فلو خرج في زمان ولم ينعقد فيه مفاد القضيّة، فليس لنا مقدّمات حكمة قاضية بالاستمرار، لانتفاء موضوعها، والعمل بالعموم يكفيه دخول الفرد زمانا ما ولو كان في آخر وجوده.

نعم لو كان هنا في مدلول القضيّة وما هو ملحوظ المتكلّم ملاحظة الزمان سواء بنحو العموم الأفرادي أم المجموعي كان للأخذ بالعموم الزماني بعد انقضاء الزمان المتيقّن مجال، ولكنّه خلاف الفرض وأنّه من باب الإطلاق وعدم لحاظ الزمان أصلا، وحينئذ فعقد المقدّمات منوط بالعموم الفردي، وهذا ما استفاده هذا الحقير من نقله دام ظلّه في مجلس الدرس.

ولكن للحقير إشكال في هذا وهو أنّ العموم الفردي إذا كان يكفيه زمان ما ولو في آخر أزمنة الوجود، والإطلاق الزماني أيضا تابع للعموم الفردي فيلزم جواز الرجوع إلى استصحاب عدم الحكم من أوّل وجود الفرد والحال أنّ هذا خارج عن قضيّة كلّ من العموم والإطلاق، وليس في البين حسب الفرض ظهور آخر كان قضيّته ذلك، ولهذا صرّحوا بأنّ الأمر في صورة خروج الفرد من أوّل الأمر دائر بين رفع اليد عن أحد الظهورين من العموم والإطلاق، وعلى هذا لا منافاة فيه لشي‏ء منهما.

هذا مضافا إلى عدم تماميّة أصل الكلام على فرض السلامة عن هذه الخدشة، لورود الإشكال السابق عليه، وقد اعترف بذلك الاستاد دام علاه؛ إذ بعد محفوظيّة مرتبة الاستعمال عن ورود التصرّف عليه لا مجال للكلام المذكور، كما هو واضح من البيان المتقدّم.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


العتبة العباسية تطلق مسابقة فن التصوير الفوتوغرافي الثانية للهواة ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي
لجنة البرامج المركزيّة تختتم فعاليّات الأسبوع الرابع من البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسيّة
قسم المعارف: عمل مستمر في تحقيق مجموعة من المخطوطات ستسهم بإثراء المكتبة الدينية
متحف الكفيل يشارك في المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار بجامعة الكوفة