المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المخترع والبديع  
  
2974   04:57 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : ابن رشيق القيرواني
الكتاب أو المصدر : العمدة في محاسن الشعر وآدابه
الجزء والصفحة : ص86-87
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 6452
التاريخ: 25-03-2015 1806
التاريخ: 25-03-2015 1237
التاريخ: 24-09-2015 2240

المخترع من الشعر هو: ما لم يسبق إليه قائله، ولا عمل أحد من الشعراء قبله نظيره أو ما يقرب منه، كقول امرئ القيس:

سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالاً على حال

فإنه أول من طرق هذا المعنى وابتكره، وسلم الشعراء إليه، فلم ينازعه أحد إياه، وقوله:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

وله اختراعات كثيرة يضيق عنها الموضع، وهو أول الناس اختراعاً في الشعر، وأكثرهم توليداً.

ومن الاختراع قول طرفة:

ولولا ثلاث هن من لذة الفتى ... وجدك لم أحفل متى قام عودي

فمنهن سبق العاذلات بشربة ... كميت متى ما تعل بالماء تزبد

وكري إذا نادى المضاف محنباً ... كسيد الغضاذي الطخية المتورد

وتقصير يوم الدجن والدجن معجب ... ببهكنةٍ تحت الطراف المعمد

وقوله يصف السفينة في جريها:

يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفائل باليد

وله أيضاً اختراعات أكثرها من هذه القصيدة. وقال نابغة بني ذبيان:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد

وقوله أيضاً من الاختراعات:

لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ ... عبد الإله صرورةٍ متعبد

لرنا لرؤيتها وحسن حديثها ... ولخاله رشداً وإن لم يرشد

وما زالت الشعراء تخترع إلى عصرنا هذا وتولد، غير أن ذلك قليل في الوقت والتوليد: أن يستخرج الشاعر معنى من معنى شاعر تقدمه، أو يزيد فيه زيادة؛ فلذلك يسمى التوليد، وليس باختراع؛ لما فيه من الاقتداء بغيره، ولا يقال له أيضاً سرقة إذا كان ليس آخذاً على وجهه، مثال ذلك قول امرئ القيس:

سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالاً على حال

فقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة،، وقيل: وضاح اليمن:

فاسقط علينا كسقوط النوى ... ليلة لا ناهٍ ولا زاجر

فولد معنى مليحاً اقتدى فيه بمعنى امرئ القيس دون أن يشركه في شيء من لفظه، أو ينحو نحوه إلا في المحصول، وهو لطف الوصول إلى حاجته في خفية.

وأما الذي فيه زيادة فكقول جرير يصف الخيل:

يخرجن من مستطير النقع داميةً ... كأن آذانها أطراف أقلام

فقال عدي بن الرقاع يصف قرن الغزال:

تزجي أغن كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها

فولد بعد ذكر القلم إصابته مداد الدواة بما يقتضيه المعنى؛ إذ كان القرن أسود. وقال العماني الراجز بين يدي الرشيد يصف الفرس:

تخال أذنيه إذا تشوفا ... قادمةً أو قلما محرفا

فولد ذكر التحريف في القلم، وهو زيادة صفة.

ومن التوليد قول أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان:

لكل قبيلة ثبج وصلب ... وأنت الرأس أول كل هاد

فقال نصيب لمولاه عمر بن عبد العزيز:

فأنت رأس قريش وابن سيدها ... والرأس فيه يكون السمع والبصر

فولد هذا الشرح وإن كان مجملاً في قول أمية بن أبي الصلت... ثم أتى علي بن جبلة فقال يمدح حميد بن الحميد:

فالناس جسم، وإمام الهدى ... رأس، وأنت العين في الرأس

فأوقع ذكر العين على مشبه معين، ولم يفعل نصيب كذلك، لكن أتى بالسمع والبصر على جهة التعظيم؛ لأن من ولد عمر ولي عهد، ففي قول علي بن جبلة زيادة.. وجاء ابن الرومي فقال:

عين الأمير هي الوزي ... ر، وأنت ناظرها البصير

فرتب أيضاً ترتيباً فيه زيادة، فهذا مجرى القول في التوليد.

وأكثر المولدين اختراعاً وتوليداً فيما يقول الحذاق أبو تمام، وابن الرومي.

والفرق بين الاختراع والإبداع وإن كان معناهما في العربية واحداً أن الاختراع: خلق المعاني التي لم يسبق إليها، والإتيان بما لم يكن منها قط، والإبداع إتيان الشاعر بالمعنى المستظرف، والذي لم تجر العادة بمثله، ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له بديع وإن كثر وتكرر، فصار الاختراع للمعنى والإبداع للفظ؛ فإذا تم للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع في لفظ بديع فقد استولى على الأمد، وحاز قصب السبق.

واشتقاق الاختراع من التليين يقال: " بيت خرع " إذا كان ليناً، والخروع فعول منه، فكأن الشاعر سهل طريقة هذا المعنى ولينه حتى أبرزه.

وأما البديع فهو الجديد، وأصله في الحبال، وذلك أن يفتل جديداً ليس من قوى حبل نقضت ثم فتلت فتلاً آخر. وأنشدوا للشماخ بن ضرار:

أطار عقيقه عنه نسالا ... وأدمج دمج ذي شطر بديع

والبديع ضروب كثيرة، وأنواع مختلفة، أنا أذكر منها ما وسعته القدرة وساعدت فيه الفكرة، إن شاء الله تعالى، على أن ابن المعتز وهو من جمع البديع، وألف فيه كتاباً لم يعده إلا خمسة أبواب: الاستعارة أولها، ثم التجنيس، ثم المطابقة، ثم رد الأعجاز على الصدور، ثم المذهب الكلامي، وعد ما سوى هذه الخمسة أنواع محاسن، وأباح أن يسميها من شاء ذلك بديعاً، وخالفه من بعده في أشياء منها يقع التنبيه عليها والاختيار فيها حيثما وقعت من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.