المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5832 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{مثنى‏ وثلاث ورباع}
2024-04-29
معنى حوب
2024-04-29
صلة الأرحام
2024-04-29
عادات الدجاج الرومي
2024-04-29
مباني الديك الرومي وتجهيزاتها
2024-04-29
تعريف بعدد من الكتب / المسائل الصاغانيّة.
2024-04-29

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الاخلاق الاجتماعية عند الامام  
  
2131   03:01 مساءً   التاريخ: 12-11-2019
المؤلف : عبد الزهراء عثمان محمد
الكتاب أو المصدر : سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص 6
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الخلفاء الاربعة / علي ابن ابي طالب (عليه السلام) / الامام علي (عليه السلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2020 2628
التاريخ: 9-9-2018 1761
التاريخ: 29-8-2019 1627
التاريخ: 1-12-2016 2305

الأخلاق الاجتماعية

بمقدور المتتبع أن يتخذ من وصف ضرار بن ضمرة لأمير المؤمنين (عليه السلام) منطلقاً للدخول في عالمه الرحيب.

فقد دخل ضرار على معاوية - أيام استكان الناس وأسلموا لمعاوية القياد- فألح على الرجل أن يصف له علياً (عليه السلام) فتردد ضرار كثيراً، فلما مضى معاوية في إصراره قال ضرار: أما إذا لابد (فكان والله بعيد المدى، شديد القوى - يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، يستأنس بالليل وظلمته. كان والله غزير الدمعة، كثير الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب.

كان والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه.

ونحن والله مع قربه منا، ودنوه إلينا لا نكلمه هيبة له، ولا نبتديه لعظمته، فإن تسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.

يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله.

فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ليلة، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل قائماً في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه وهو يقول:

يا دنيا غري غيري أبي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات، هيهات!! قد أبنتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير.. آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق»(1).

وهذا الوصف للإمام (عليه السلام) على وجازته يكشف بعمق عن الإطار العام لشخصية الإمام (عليه السلام) في شتى ملامحها في الحقل الروحي والاجتماعي، في علاقته بربه، وعلاقته مع نفسه، وكيفية تعامله مع الناس من حوله.

وحيث قد عقدنا هذا الفصل للحديث عن الأخلاق الاجتماعية التي التزم بها (عليه السلام) في حياته العملية، فإن حديث ضرار يضع في أيدينا رأس الخيط الذي يوصلنا إلى طبيعة العلاقات الاجتماعية التي سلكها أمير المؤمنين في حياته (كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دنوناه، ونحن والله مع قربه سب ودنوه إلينا لا نكلمه هيبة له، ولا نبتديه لعظمته.. يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله..».

ويبدو أن هذا اللون من علاقة أمير المؤمنين مع قومه إنما كان في أيام حكمه، مما يطرح بين أيدينا تصوراً ناضجاً عن عظمة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلوغه القمة في مدارج الكمال والفضيلة، فمع أن الإمام (عليه السلام) كان يحتل موقع القيادة في دنيا الناس وبيده أزمة حياتهم الفكرية والاجتماعية، نراه كواحد من عامة الناس، وكأن موقعه ليس في أعلى مركز قيادي فهو يلغي الحواجز والألقاب، ويعامل الأمة كما لو كان واحداً من عامتها بقلب حان، ونفس متواضعة، وحب صادق عميق.. وهي روح لم يألفها التاريخ الإنساني منذ الآماد الموغلة في القدم حتى اليوم في قيادة غير قيادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصية علي (عليه السلام)..

وقد وفق الإمام (عليه السلام) توفيقاً عظيماً في قيادة الواعين لأهمية قيادته في دنيا المسلمين على الأقل.

فقد كانت قيادته مبنية على الحب والإجلال معاً فبقدر ما كان يبذل من دفء وده للأمة، كان أتباعه يمنحونه الكثير من الود والتعظيم..

الأمر الذي يذكرنا بسياسة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويطرحها واقعاً حياً في دنيا الناس(2)، فالتجربة واحدة في هذا المضمار وسواه، وإن تغير الموقع التاريخي.. ورحم الله صعصعة ابن صوحان حيث يقول في وصفه للإمام (عليه السلام) «كان فينا كأحدنا لين جانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه، مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه»(3) وتتجلى عظمة الإمام (عليه السلام) في أخلاقه الاجتماعية من خلال المبادئ الآتية:

أولاً- إشاعة العدل الاجتماعي بين الناس

جاءت الخلافة للإمام (عليه السلام) في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد، فذوو النفوذ من الناس قد ألفوا الاستئثار واستراحوا إليه، وليس يسيراً أبداً أن يذعنوا لأية محاولة إصلاحية تضر بمصالحهم الذاتية.

ثم إن المطامع قد تنبهت لدى الكثير من الرجال، بعد أن أصبحت الخلافة مغنماً لا مسؤولية لحماية الشريعة والأمة، ولقد كان الإمام (عليه السلام) مدركاً لحقيقة الموقف بدقائقه وخفاياه بشكل جعله يعتذر عن قبول الخلافة حين أجمعت الأمة على بيعته بعد مقتل الخليفة عثمان قائلاً: «دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت والمحجة تنكرت..»(4). ولكن جماهير المدينة المنورة، وجماهير الثوار من العراق ومصر أصروا على استخلافه عليهم، فنزل الإمام عند رغبتهم، ولكن وفقاً لشروطه الخاصة -هو «واعلموا إني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب»(5).

ولقد كانت أولى مهام الإمام (عليه السلام) أن يجسد العدالة الاجتماعية في دنيا الناس ويمنح المنهج الإسلامي فرصة في البناء والتغيير على شتى الأصعدة، فقد (عليه السلام) خططه الإصلاحية، بإلغاء السياسة المالية والاجتماعية والإدارية التي كان معمولاً بها ليوفر الجو المناسب لتطبيق المخطط الإسلامي في العدالة الاجتماعية:

أ- استرجاع الأموال التي تصرف بها بنو أمية من بيت المال.

ب- واستغنى عن كثير من الولاة الذين أساؤوا التصرف، وخالفوا أمر الله تعالى، وتخطوا منهجه الأقوام الذي ارتضاه لعباده..

ج- ثم بادر إلى تبني سياسة المساواة في توزيع المال والحقوق، منهياً بذلك دور الطبقية والتمييز والأثرة:

«المال مال الله، يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد على أحد»(6).

«إلا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فامتلكوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيل، واتخذوا الوصائف المرققة، إذا منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا‍!»(7).

وتبنى الإمام سياسة العدل الشامل:

- في معاملة أفراد الأمة.

- وفي منهج الحقوق.

وفي توزيع المسؤوليات.

وكان منهج الإمام (عليه السلام) في العدل لا يناظره إلا منهج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن لم نقل أنه منهج الرسول (صلى الله عليه وآله) بالذات.

فهلم نضع إلى منهاجه المتبني في سياسة الأمة من خلال حديثه (عليه السلام). «.. والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهداً، وأجر في الإغلال مصفداً، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، غاصباً لشيء من الحطام.. والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصى الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت، وأن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي، ونعيم يفني ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين»(8).

«الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له»(9).

«وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارهاً...»(10).

ولم تكن هذه المبادئ التي يتحدث عنها الإمام (عليه السلام) ذاته، أمنيات وأفكاراً طرحها في دنيا المبادئ والأفكار، وإنما جسدها واقعاً حياً قبل أن يطرحها فكراً..

وهي خصيصة من خصائص علي (عليه السلام) فالقول عنده يعقب العمل أو يجري من طبيعته..

ومن أجل ذلك ملأ الإمام (عليه السلام) دنيا المسلمين قسطاً وعدلاً وحقق انقلاباً في واقع المسلمين على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفقاً لمقتضيات العدل الإلهي فأعاد بذلك أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صفائها وإشراقها وعدلها الشامل..

فحسبك أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يرتدي القميص المرقوع (11) ويبالغ في رقع مدرعته كلما تمزق جانب منها حتى يبلغ الأمر بالإمام (عليه السلام) أن يستحي من راقعها (12).

وكان يخرج إلى السوق ليبيع سيفه كي يشتري بثمنه أزراراً(13) وهو في علو شأنه وعظمة مركزه الذي يحتل في دنيا المسلمين حيث تجبى إليه الأموال من أقاليم الدولة الإسلامية جميعها، وثروات الدولة تحت تصرفه..

وكان يأكل خبز الشعير بنخالته وكان غالب أدامه اللبن أو الملح والماء..

ولم يكن للإمام (عليه السلام) غير قميص واحد لا يجد غيره عند غسله(14).

ومع شدة زهد الإمام (عليه السلام) في الدنيا، فقد كان حريصا ً على توفير الرفاه الاقتصادي للأمة التي اضطلع بقيادتها، فكان يقسم الذهب والفضة بين الناس، ويطعمهم اللحم والخبز(15) ويعمل كل ما في وسعه لرفع غائلة الفقر عنهم.

- وكان بيت المال لا يكاد ترد إليه الأموال حتى يبادر الإمام (عليه السلام) إلى توزيعها على الناس، لإعطاء كل ذي حق حقه.

- وكان منهاجه في توزيع المال التزام أقصى درجات العدالة..

فها هو يخاطب الزبير وطلحة حينما كبر عليهما منهاج المساواة في العطاء «.. فوالله ما أنا وأجيري هذا إلا بمنزلة واحدة»(16).

وها هو سهل بن حنيف يخاطبه: يا أمير قد أعتقت هذا الغلام، فأعطاه ثلاثة دنانير مثل ما أعطى سهل بن حنيف»(17).

ويأتيه عاصم بن ميثم -وكان الإمام (عليه السلام) يقسم أموالاً- فقال:

- يا أمير المؤمنين إني شيخ مثقل.

فقال الإمام (عليه السلام):

والله ما هي بكد يدي ولا بتراثي عن والدي، ولكنها أمانة أوعيتها(18).

وجاءه عبد الله بن زمعة -وهو من شيعته- يطلب منه مالاً.

فقال له الإمام (عليه السلام):

- إن هذا المال ليس لي ولا لك، وإنما هو فيء المسلمين وجلب أسيافم، فإن شركتهم في حربهم كان لك أسيافهم مثل حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم(19).

ويدخل عليه عمرو بن العاص ليلة وهو في بيت المال يتولى بعض شؤون المسلمين، فأطفأ الإمام (عليه السلام) السراج وجلس في ضوء القمر(20)، فالسراج ملك الأمة، فلا يصح أن يستضيء به ابن العاص، وهو في زيارة خاصة للإمام (عليه السلام)‍‍‍!

حرص فريد على أموال الأمة، وسهر دائم على مصلحتها وعمل دائم من أجل إسعادها وهدايتها وإصلاح شأنها.

على أن تعاهد أمر الأمة من لدن علي (عليه السلام) ليس محصوراً في إطار المال وتوزيعه وإنما يمتد لكي يشعر الإنسان بكرامته ويعيد وعيه بحقه في الحياة الحرة الكريمة، ويعلمه أن يتمرد على الظلم والكبت وسلب الإرادة:

- «لاتكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً».

- «أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والإحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول، فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم، فيذهب بالحقوق، ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة»(21).

- فلا تكلموني بما تكلم الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بين استثقالاً في حق قيل لي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه! فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل(22).

وتمتد ظلال العدالة في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) فيرعى أسواقهم من ناحية المكاييل والمعروض من السلع وطبيعة المعاملات فيها، فيخرج كل يوم يتفقد أسواق المسلمين بنفسه فيرشد الضال، ويهدي المقصر إلى طريق الحق، ويأمر بكل معروف، وينهى عن المنكر...(23).

ولشدة حرص الإمام (عليه السلام) على تطبيق العدالة الإسلامية بأروع صورها في دنيا الناس، وعلى شتى الأصعدة أنه وجد درعه عند رجل نصراني، فوقف معه أمام القاضي ليقاضيه في الأمر.

فقال الإمام (عليه السلام): إنها درعي، ولم أبع، ولم أهب.

فسأل القاضي الرجل النصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟

قال الرجل: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب.

فالتفت القاضي للإمام (عليه السلام): طالباً بينة تشهد أن له الدرع.

فضحك الإمام (عليه السلام) معلناً أنه لا يملك بينة من ذلك النوع. فقضى القاضي بأن الدرع للنصراني، فأخذها ومضى، والإمام ينظر إليه.

إلا أن الرجل عاد وهو يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاض يقضي عليه..

- الدرع -والله- درعك يا أمير المؤمنين، وقد كنت كاذباً فيما ادّعيت(24).

وحصيلة الأمر أن يعلن الرجل إسلامه ويخلص في الوقوف تحت راية الإمام (عليه السلام) مؤمناً مجاهداً ذائداً عن رسالة الهدى..

وبقدر ما كان الإمام (عليه السلام) حريصاً على تجسيد روح العدالة التي صدع بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لإخراج الإنسان من ظلام الظلم والقهر والكبت، كان حريصاً كذلك على إلزام ولاته وقضاته وقادة جيوشه، وجباة الأموال بالتزام العدل في معاملة الناس، وتحري الحق في الحكم والقضاء وإعطاء الحقوق، وفي جمع المال وحتى في حالات الحرب وسواها..

وصايا للولاة:

وهذه بعض وصاياه في هذا المضمار:

«سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك، وإياك والغضب فإنه طيرة من الشيطان، واعلم أن ما قربك من الله يباعدك من النار، وما باعدك من الله يقربك من النار(25).

«أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده..»(26).

ومن توجيهاته (عليه السلام) لجباة الأموال:

«.. انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلماً، ولا تجتازن عليه كارهاً، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي، فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض -بالسكينة والوقار- حتى تقوم بينهم، فتسلم عليهم، ولا تخدع بالتحية لهم، ثم تقول:

عباد الله أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق، فتؤدوه إلى وليه..»(27).

«إياك أن تضرب مسلماً أو يهودياً أو نصرانياً في درهم خراج، أو تبيع دابة عمل في درهم، فإنما أمرنا أن نأخذ منه العفو»(28).

ومن تعليماته لجيوشه:

ولقد كان (عليه السلام) يوصي جنوده في حالات الحرب بألا يبدأوا بقتال العدو، حتى يبدأهم بالحرب، ولا يقتلوا من ولي دبره عن قتالهم، ولا يقتلوا الجريح ومن عجز عن حماية نفسه أثناء الحرب، ولا يؤذوا النساء بشيء حتى وإن بدأن بسب أو شتم(29).

ونحو ذلك من وصاياه (عليه السلام).

أرأيت عدلاً رفيعاً كهذا العدل؟

بل هل حدثك التاريخ الإنساني عن رجل يحب الخير حتى لخصومه الذين ناصبوه العداء؟

إنه علي (عليه السلام) صاحب القلب الكبير، الذي شمل الناس بحب غامر، فبسط لهم العدل في حياتهم، وأشعرهم بحقيقة الكرامة الإنسانية ووفر لهم غطاء من الأمن والاستقرار في جو الشعور بالمساواة والحياة الحرة الكريمة.

ثانياً - تواضع الإمام

خلق التواضع في معاملة الناس، بقدر ما يكون عبادة إسلامية يندب الشرع الإلهي إليها، كذلك يعبر عن إحدى صيغ التعامل الفاضل بين أبناء الأمة فهو من وسائل توحيد الكلمة وجمع الشمل،

وإشاعة المودة وإلغاء التفاوت الطبقي.

ولقد كان الإمام علي (عليه السلام) مثلاً أعلى في تواضعه كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل.

وسيرته العطرة تطرح المزيد من الشواهد على ذلك الخلق الإسلامي الرفيع:

فعن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: «كان أمير المؤمنين يحطب ويستسقي ويكنس، وكانت فاطمة تطحن تعجن وتخبز»(30).

وكان الإمام (عليه السلام) يشتري حاجته وحاجة أسرته الكريمة من السوق بنفسه، ويحملها بيده، وهو أمير المؤمنين، ويحظى باحتلال أرفع مركز في حياة المسلمين، ولقد كان الناس يسرعون إليه لحمل أشيائه حين يرون ذلك منه، ولكنه يأبى عليهم ويقول: رب العيال أحق بحمله(31).

وكان (عليه السلام) يسير في الأسواق وحده، لا يصحبه حشم ولا خدم، ولا جند، فيرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبقالين والتجار ويأمرهم بالتواضع وحسن المعاملة ويتلو عليهم قوله تعالى (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين)(32).

ومن عظيم تواضعه (عليه السلام) أنه خرج يوماً على أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه، فالتفت إليهم فقال:

- ألكم حاجة؟ قالوا:

- لا يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك.

فقال لهم:

- «انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي»(33).

وقد استقبله زعماء الأنبار وترجلوا وأسندوا بين يديه فقال (عليه السلام):

- ما هذا الذي صنعتموه؟ قالوا:

- خلق منا نعظم به أمراءنا.

فقال (عليه السلام):

- «والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم، وإنكم لتشقون به على أنفسكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وما أربح الراحة معها الأمان من النار»(34).

ومن تواضعه الجمّ أكله خبز الشعير واللبن، ولبسه أبسط أنواع اللباس، وترقيعه لثوبه البالي، وبساطته في مسكنه(35) ووقوفه بين يدي القاضي مع رجل من عامة الشعب الذي يضطلع الإمام (عليه السلام) بقيادته(36).

ومن أدبه الكامل تسليمه على النساء(37) من قومه، ومشيه مع المرأة لقضاء شأن من شؤونها حتى وإن جلب له الأمر مشقة، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:

«رجع الإمام (عليه السلام) إلى داره في وقت القيظ، فإذا امرأة قائمة تقول:

إن زوجي ظلمني، واخافني، وتعدى علي..

فقال الإمام:

يا أمة الله اصبري حتى يبرد النهار ثم أذهب معك إن شاء الله، فقالت:

يشتد غضبه عليّ.

فطأطأ الإمام (عليه السلام) رأسه ثم رفعه وهو يقول:

لا والله أو يأخذ للمظلوم حقه غير متعتع! أين منزلك؟

ووقف الإمام (عليه السلام) على باب المنزل فقال:

السلام عليكم، فخرج شاب.

فقال له الإمام (عليه السلام):

يا عبد الله اتق الله، فإنك قد أخفتها وأخرجتها!

فقال الفتى:

وما أنت وذاك؟ فقال أمير المؤمنين:

آمرك بالمعروف، وأنهاك عن المنكر تستقبلني بالمنكر وتنكر لمعروف؟

فأقبل الناس يلقون التحية على الإمام (عليه السلام):

سلام عليكم يا أمير المؤمنين.

فأسف الشاب على ما كان منه وهو يقول:

يا أمير المؤمنين أقلني عثرتي، فوالله لأكونن لها أرضاً تطوّني.

فالتفت الإمام إلى المرأة قائلاً:

يا أمة الله ادخلي منزلك ولا تلجئي زوجك إلى مثل هذا وشبهه»(38).

وكان الإمام (عليه السلام) قريباً سهلاً هيناً يلقى أبعد الناس وأقربهم بلا تصنع ولا تكلف، ولم يحط نفسه بالألقاب ولا زخرفة الملك، بل كان يتعامل مع الأمة كفرد منها، يعيش مشاكل الضعفاء، ويحب المساكين، ويتودد للفقراء، ويعظم أهل التقوى من الناس.

ولقد كان من شواهد رفقه بالأمة وتواضعه في المعاملة وسهولته، ومرونته: مقابلته لمن يلقاه بالبشر وطلاقة المحيا والابتسامة الحلوة وبشر الوجه، إلغاء منه للحواجز والرسميات بين القيادة والأمة، وإنهاء لدور الزخرفة والألقاب التي يحيط بها الأمراء والقادة أنفسهم عبر تعاملهم مع الناس.

ولاشتهارِهِ بتلك الروح الاجتماعية السمحة بين عامة الناس حاول أعداؤه أن يشوهوا تلك الميزة في الإمام (عليه السلام) ويحولوها إلى عيب ينبزونه فيه إمعاناً منهم في تشويه واقع سياسته وجميل صفاته الشخصية والاجتماعية.

فعمرو بن العاص يحدث أهل الشام عن علي (عليه السلام) فيقول: إنه ذو دعابة شديدة(39) محاولاً الانتقاص من شأن الإمام (عليه السلام) والإمعان في تغطية فضائله، والعمل على كل ما من شأنه تضليل الناس هناك لكي يحال بينهم وبين التطلع لواقع الإمام (عليه السلام) وحقيقته.

حتى أن الإمام (عليه السلام) حين بلغه افتراء ابن العاص قال: «عجباً لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة وإني امرؤ تلعابة»(40).

ولقد كان معاوية بن أبي سفيان يشيع ما يشيعه ابن العاص كذلك في مناسبة وأخرى.

وما يضير أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا عابه معاوية وابن العاص، فلقد كان (عليه السلام) يقتفي أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سماحة أخلاقه وطلاقة محياه سواء بسواء.

وكان (عليه السلام) يعمل على الالتصاق بالناس للتعرف على ما يعانون حتى أنه كان يمشي في الأسواق ويتابع الحركة التجارية من ناحية الوزن والأسعار ونوعية المعروض من السلع -كما ألمحنا إليه قبل قليل.

وكان الإمام (عليه السلام) حريصاً على متابعة تصرفات الولاة في البلدان، والقادة وجباة الأموال، ويأمرهم بالرفق والتواضع في معاملة الناس.

وما أروع روح التواضع عند علي (عليه السلام) كما يصفها ضرار ابن ضمرة في حديثه لمعاوية - الذي افتتحنا به هذا الفصل- «يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب،.. كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه.. يعظم أهل الدين، ويحب المساكين»(41).

ثالثاً: حلم الإمام

ولقد كان الإمام (عليه السلام) قمة في حلمه وعفوه عمن يسيء الأدب

معه فهو لا يعرف الغضب إلا حين تنتهك للحق حرمته أو تتعدى حدود الله تعالى، أو يتعدى على حقوق الأمة وتضر مصلحتها.

وخلق الإمام (عليه السلام) في الحلم والصفح عن المسيء ظل هو هو لم يتغير، فعلي (عليه السلام) في صفحه وحلمه قبل خلافته، كعلي في صفحه وعفوه أيام قيادته المباشرة للأمة، على أن عظمة الإمام (عليه السلام) تزداد قوة وجلاء حين يظل يصفح ويمعن في عفوه حتى عن أشد خصومه في وقت يمتلك القدرة على العقاب والإرهاب والقتل.

فهو في أيام خلافته في مركز يؤهله أن يقتص من خصومه، فهو رئيس الدولة، والمطاع الأول بين أتباعه غير أنه مع هذا وذاك ظل يحمل نفس الروح من العفو والتجاوز كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) سواء بسواء.

وهذه نماذج من عفوه:

- أسر مالك الأشتر (رضي الله عنه) مروان بن الحكم يوم الجمل فلما مثل مروان بين يدي الإمام (عليه السلام) لم يستقبله بسوء قط، وإنما عاتبه على موقفه الخياني اللئيم فحسب(42) ثم أطلق سراحه ومروان هو هو في حقده على الإسلام والإمام (عليه السلام)، وهو في دسائسه ومكره، ودوره الخبيث في تأجيج الفتن في وجه الإمام (عليه السلام) أشهر من أن نذكره، فهو الذي عارض البيعة للإمام (عليه السلام) وهرب من المدينة المنورة بعد البيعة مباشرة، وهو الذي ساهم في فتنة البصرة، وألهب الناكثين وأغراهم بالتعجيل بها.. إلى غير ذلك من مواقفه الخسيسة.

- ولقد عفا الإمام (عليه السلام) كذلك عن عبد الله بن الزبير(43) بعد أسره

يوم الجمل، وعبد الله بن الزبير هو الذي كان يقود الفتنة في حرب الجمل.

- وجيء بموسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان طرفاً في فتنة الجمل فلما وقف بين يدي الإمام (عليه السلام) خلى سبيله، ولم يعنفه عن دوره في الفتنة، وإنما طلب منه أن يستغفر الله ويتوب إليه ثم قال:

اذهب حيث شئت، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه، واتق الله فيما تستقبله من أمرك واجلس في بيتك(44).

ومن عظيم عفوه ما رواه الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) إذا أخذ أسير في حروب الشام أخذ سلاحه ودابته واستحلفه أن لا يعين عليه»(45).

أرأيت موقفاً إنسانياً كهذا الموقف؟

لقد كان الإمام (عليه السلام) مدركاً أن الذين يقاتلونه من أهل الشام إنما يقاتلونه وهم عن حقيقته غافلون، فقد أغراهم معاوية بالمال، وسد عليهم منافذ التفكير والوعي على الحقائق بما استخدمه من وعاظ وسوء وواضعي حديث ممن باعوا ضمائرهم للانحراف صوب الجاهلية.

وبناء على هذا الوعي العلوي لحقيقة مقاتليه ممن أغراهم معاوية وغرر بهم، فقد سبق حلم الإمام (عليه السلام) عدله في معاملتهم فلم يعاقب من اتخذ منهم أسيراً، وإنما يجرده من أداة الشر، ويضعه أمام الله والضمير كي لا يعود لقتال معسكر الحق الذي يقوده الإمام (عليه السلام).

ويذكرنا هذا الموقف الكريم بموقف معاوية وعمرو بن العاص اللذين كانا يصران على قتل الأشراف من جيش الإمام (عليه السلام)، بيد انهما خشيا الفضيحة إذا أقدما على ذلك بعد أن خلى الإمام (عليه السلام) عن أسراهم ابتداء فعدل معاوية وصاحبه عن موقفهما لا لطيب خلق منهما، وإنما خشية نقمة الرأي العام الإسلامي(46).

ولم نذهب بعيداً وتلك معركة صفين تحمل أحداثها الكثير الكثير من مواقف الصفح العلوي.. فحين سبق جيش معاوية إلى ماء الفرات أصر على منع الماء عن جيش علي (عليه السلام).. فأوفد الإمام (عليه السلام) لمعاوية وفداً كي يغير موقفه. ولكنه مضى في إصراره وموقفه اللاأخلاقي...

فاضطر الإمام (عليه السلام) لتحريك قوة من جيشه لفك الحصار. وكانت النتيجة أن سيطر جيش الإمام (عليه السلام) على الماء.. ولكن علياً حمله حلمه الرفيع وكرم نفسه على بذل الماء لخصمه قائلاً لجنوده:

«خذوا من الماء حاجتكم وارجعوا إلى عسكركم. وخلوا عنهم فإن الله عز وجل قد نصركم عليهم بظلمهم وبغيهم»(47).

ولقد كان مقدراً للإمام (عليه السلام) أن يذيقهم الهزيمة الشاملة لو أنه منعهم الماء وحال بينهم وبينه، ولكنها الأخلاق الإلهية التي يتمسك بها ويجسدها حية في دنيا الناس تأبى عليه ذلك اللون من المواقف..

حتى يقع التمييز الحاسم بين منهج الهدى والصراط المستقيم في الفكر والعمل الذي يمثله علي (عليه السلام) وبين سبيل الانحراف والالتواء واللاأخلاق التي يجسدها معاوية بن أبي سفيان..

ولنا أن نعرض شواهد من حلم الإمام (عليه السلام) وعظيم صفحه في حياته الخاصة كذلك:

- «دعا الإمام (عليه السلام) غلاماً له مراراً فلم يجبه، فخرج فوجده على باب البيت فقال:

ما حملك على ترك إجابتي؟ قال:

كسلت عن إجابتك، وأمنت عقوبتك. فقال (عليه السلام):

الحمد لله الذي جعلني ممن يأمن خلقه، أمض فأنت حرّ لوجه الله»(48).

- وقد خاطبه رجل من الخوارج بقوله«.. قاتله الله كافراً ما أفقهه!».

فوثب أصحاب الإمام (عليه السلام) ليقتلوه.. فقال الإمام (عليه السلام):

رويداً إنما هو سبحانه سب أو عفو عن ذنب(49).

وهكذا شمل الرجل بعفوه، وحال بين القوم وبين معاقبته.

هذا وفي سيرة الإمام (عليه السلام) الكثير من مثل هذه المواقف التي تعبر عن خلق إلهي كريم أطرت به شخصية علي (عليه السلام)، على أننا لو غضضنا الطرف عن كافة مواقف الحلم التي اصطبغت بها حياة علي (عليه السلام) بالنسبة إلى المسيئين له أو أعدائه لكان في موقف الإمام (عليه السلام) من قاتله ابن ملجم المرادي أعظم شاهد على تمتع الإمام (عليه السلام) بنمط من الأخلاق السامية لم يتمتع بها سوى الأنبياء والمقربين من البشر، فهل أنبأك التاريخ عن إنسان عامل عدوه بنفس الروح التي عامل بها علي (عليه السلام) قاتله، لقد شدد الإمام (عليه السلام) على أهل بيته أن يطعموا قاتله ويسقوه ويحسنوا إليه فعن الإمام الباقر (عليه السلام) وهو بصدد ذكر إحدى وصايا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في آخر حياته يقول:

أن علي بن أبي طالب عليه السلام.. قال للحسن والحسين (عليهما السلام): «احبسوا هذا الأسير -يعني ابن ملجم المرادي- وأطعموه واسقوه، وأحسنوا إساره فإن عشت فأنا أولى بما صنع في، إن شئت استقدت وإن شئت صالحت، وإن مت فذلك إليكم، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به»(50).

رابعاً: التورع عن البغي

والتورع عن البغي أصل من أصول نفسية الإمام (عليه السلام) وخلق من أخلاقه الكريمة، وهو مظهر من مظاهر التقوى التي يمتاز بها، فهو يتحاشى البغي حتى على أشد الناس خصومة له وللحق الذي هو عليه، وحتى إذا بغى عليه يبقى مصراً على التزام خطه في النأي عما له صلة بأي لون من ألوان البغي..

ومن أجل ذلك كان الإمام (عليه السلام) داعية السلم الأكبر، مع كثرة الشغب والفتن التي أثارها بعض الناس في طريق مسيرته الإصلاحية:

- بذل كل ما في وسعه أن يجنب الأمة المسلمة سفك الدماء وتمزق الصف، حين ألح على الزبير وطلحة أن يعدلوا عن موقفهم، سواء من خلال المراسلة، أم الوفود أم اللقاءات الشخصية المباشرة مع الزبير وطلحة(51).

ولقد بلغ الأمر بالإمام (عليه السلام) حين التقى الجيشان في البصرة

أن يدعو الزبير فيخرج الإمام (عليه السلام) بلا سلاح، ويعانقه طويلاً! وربما بكى علي (عليه السلام) في ذلك الموقف، ثم عاتب الزبير على خروجه لقتاله، وذكره بعلائق المودة القديمة بينهما كما ذكره بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهما: «أنشدك الله يا زبير أما تذكر، قال لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا زبير أتحب علياً، فقلت وما يمنعني من حبه، وهو ابن خالي؟

فقال (صلى الله عليه وآله): أما أنك ستخرج عليه وأنت له ظالم.

فقال الزبير: اللهم بلى، قد كان ذلك(52).

وحين أفلت الزمام وأصر الناكثون على إشعال نار الحرب بقي الإمام (عليه السلام) عند موقفه الرافض للبغي والعدوان، فلنصغ إليه وهو يخاطب جنوده: «أيها الناس أنشدكم الله أن لا تقتلوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تستحلوا سبياً ولا تأخذوا سلاحاً، ولا متاعاً»(53).

وحتى بعد انتهاء المعركة بقي الإمام (عليه السلام) عند موقفه النائي عن العدوان فأعلن العفو العام عن جميع المشتركين في حربه: القيادات والقواعد على حد سواء(54).

- وذاك الخلق العلوي تجلى في حوادث صفين من بدايتها إلى نهايتها: يقطع البغاة عن طريق الوصول إلى الماء وهو في حيويته لجيش مقاتل كبير فلا يبادر لاستعمال العنف، بل يرسل الوفود، ويبذل المحاولات لتغير الموقف بالتي هي أحسن.. لكي لا تراق للمسلمين

دماء.. ولكن البغي الأموي الحاقد الذي يجسده قولهم «ولا قطرة حتى تموت ظماً»(55). حمله على إصدار أوامره لقواته بالتحرك لكسر الحصار وهكذا كان.. وحين امتلك الماء أباحه لجيش عدوه منذ الساعة الأولى من سيطرة قواته عليه.

- ومع أصحاب النهروان بذل الإمام (عليه السلام) كل مسعى لأجل إبعاد الناس عن القتال، ولكن إصرارهم على قتال الإمام (عليه السلام) حال دون بلوغهم الصراط المستقيم فعاشوا في الأرض فساداً وقتلوا نفوساً بريئة، وأثاروا البلبلة في البلاد مما اضطر علياً (عليه السلام) إلى قتالهم، ولكن بعد محاولات عديدة أيضاً لجمع الصف، ودعوات مستمرة لإقرار السلم وإلقاء السيف(56).

وفي وصايا الإمام (عليه السلام) لجيوشه وجباة المال والولاة مؤشرات أخرى على التزام علي (عليه السلام) لمنهاج اللابغي واللاعدوان على أحد كائناً من كان ما ذكرنا منه طرفاً في الصفحات الماضية في هذا البحث.

- وما أعظم علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو ينص في عهده لمالك الأشتر على وجوب التزام الرفق بالناس، وعدم التعامل بأي لون من ألوان البغي والتعالي على الناس، وغمط حقوقهم المفروضة في شرع الله العظيم «.. وأشعر قلبك الرحمة للرعية، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.. فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه.

أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك،

ومن لك هوى فيه من رعيتك، فإنك إن لا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله دحض حجته، وكان الله حرباً حتى ينزع، ويتوب»(57).

ولم يكن منهاج علي (عليه السلام) هذا خاصاً بأهل مصر، وإنما هو منهاجه الشامل لكل البلاد التي رفرفت راية دولته الكريمة عليها.

- ولقد كان الإمام (عليه السلام) يعهد إلى ولاته في الأمصار مثل الذي عهده إلى مالك (رضي الله عنه) في وجوب إشاعة العدل، والرفق بالناس، وعدم البغي عليهم بحال من الأحوال أو معاملتهم بأي لون من ألوان الظلم..

ولقد طرحنا بعضاً من وصاياه للولاة فيما مضى من حديث.

خامساً: شواهد من صبر الإمام

وقوة الإرادة والروح العالية في مواجهة مصاعب الحياة ركن أساسي في شخصية علي (عليه السلام) وقد لا نغالي إذا اعتبرناها قاعدة للكثير من مواقف الإمام (عليه السلام) في حياته العملية، مما ذكرناه أو مما لم نذكره، فشدة تعلقه بالله وكثرة عبادته، وتورعه عن البغي وزهده في الحياة الدنيا، وصفحه عمن يسيء إليه وغيرها مؤشرات ضخمة على تسلح الإمام (عليه السلام) بصبر لا يعرف الهزيمة ولا النكوص عن القصد بشكل جعل الإمام (عليه السلام) وكأنه الصبر صار إنساناً.

ومع أن تلك المواقف والممارسات تمنح الدليل تلو الدليل على حجم الصبر الذي يتمتع به الإمام (عليه السلام) فإنه من المناسب أن نذكر إلى جانب ذلك مواقف وأحداث جرت في حياة علي (عليه السلام) وقد آثر الصبر، ورباطة الجأش التي امتاز بها الإمام (عليه السلام) في طرحها في دنيا الواقع..

- فحين أجمعت قريش في دار الندوة على قتل المصطفى (صلى الله عليه وآله) من خلال عملية جماعية يتولاها من كل قبيلة شاب قوي ليذهب دم الرسول (صلى الله عليه وآله) هدراً بزعمهم دون أن تستطيع بنو هاشم -عشيرة النبي- أن تطالب بدمه..

حين أجمع رؤوس الشرك على تدبير ذلك الجرم، أنبأ الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) بأمرهم:

(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (الأنفال/ 30).

وأمره تعالى بوجوب الهجرة إلى دار الإسلام «يثرب» فخرج (صلى الله عليه وآله) مهاجراً بعد أن ترك علياً (عليه السلام) في فراشه ملتحفاً ببردته فقضى الإمام (عليه السلام) ليلته في فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون أن يكترث بما حوله من مكر مبيت. فلقد كان محتملاً أن ينقض أولئك الأوغاد على الإمام (عليه السلام) بسيوفهم دون رحمة، مدفوعين بالحقد الجاهلي الأسود البليد، دونما أقل اكتراث، ظناً منهم أنه الرسول (صلى الله عليه وآله)، والإمام (عليه السلام) كان يتوقع ذلك منهم، ولكن إرادة علي ورباطة جأشه المعروفة المستمدة من الثقة المطلقة بالله والإيمان الكامل بقدره وقضائه تعالى وقوة صبر الإمام (عليه السلام) على مواجهة المصاعب والأحداث قد حملته على أن يسخر بما يبيتون، حتى إذا طلع هجم القوم على حجرة الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) فيها وهم يظنون أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله).. فواجههم الإمام (عليه السلام) بصلابة إرادته المعهودة:

ما شأنكم؟ قالوا:

أين محمد؟ قال:

أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم نخرجه من بلادنا، فقد خرج عنكم!!

هكذا يخاطب الإمام (عليه السلام) المتآمرين بمنتهى الصبر والإباء والصرامة ساخراً بأولئك الأوباش.

إنه موقف شجاع تتصاغر أمامه إرادة الأبطال من الرجال!

وبتلك الإرادة بقي الإمام (عليه السلام) في مكة بعد هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يواجه مسؤولياته في تنفيذ وصايا الرسول (صلى الله عليه وآله) وأداء كافة المهمات المناطة به.

- وفي يوم هجرته خرج الإمام (عليه السلام) جهاراً يقود قافلة المهاجرات من أهل البيت: فاطمة الزهراء، وفاطمة بنت أسد وسواهما، فجرت محاولة من المشركين للحيلولة دون هجرته، ولكن إرادة علي (عليه السلام) وقوة تحمله للعقبات أفشلت المحاولة، فلم يعبأ بالفرسان الثمانية الذين أرسلوا لاعتراض سبيله، فواجههم بسيفه، وأهوى به على قائدهم بضربة قاضية، تحول الرجل بعدها إلى جثة هامدة يخور بدمه في تلك الفلاة من الأرض، ففر الباقون مخلفين قائدهم في الميدان(58)..

وفي دار الهجرة واجه الإمام (عليه السلام) مسؤولياته العظيمة كجندي من جنود الرسالة في الرعيل الأول، فأبدى (عليه السلام) من قوة الإرادة ومضاء العزيمة والقدرة على مواجهة المصاعب ما يعد مفخرة يعتز بها إنسان الإسلام بامتداد وجوده التاريخي، فالإمام (عليه السلام) عبر المعارك الهجومية

والدفاعية -التي خاضها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أجل نشر الرسالة الإلهية أو حماية وجودها العملي في حياة الناس- كان قطب رحاها الخائض المقدام لغمراتها الذي لا تأخذه في الله لومة لائم من أجل إخماد طغيان الشرك والمشركين وكافة أعداء الرسالة المتربصين، فما من حرب تسعر وما من معركة تدور رحاها إلا دعي علي (عليه السلام) لإخماد فتنتها وتنكيس رايات الجاهلية فيها: في بدر، وأحد والأحزاب، وحنين، وخيبر.. و..

وفي كثير من المواقف يسود الهلع في معسكر المسلمين، ويستبد الوهن والنكوص عن مواجهة العدو، فيعيد سيف علي (عليه السلام) الثقة للنفوس ويجدد في معسكر الإيمان روح القدرة على المواجهة وصد العدوان..

الأمر الذي يكشف عما يتمتع به الإمام (عليه السلام) من نفس كبيرة تعلو على كل وهن، وتسخر بكل ضعف، وترتفع فوق كل ذلة وهوان.. إنها قوة الإرادة.. ومضاء العزيمة وشدة الصبر على المكارة مقرونة باليقين العميق بالله تعالى، والاستمداد منه والتوكل عليه دون سواه.

وقد تولى الإمام (عليه السلام) الخلافة في ظروف صعبة دقيقة على مضض، وبعد محاولات عديدة من الرفض لها من قبله(59)، وما أن عقدت له البيعة حتى نكث قوم وقسط آخرون، ومرق غيرهم، كل ذلك من أجل أن يحال بين الإمام (عليه السلام) وبين استئناف المسيرة الإسلامية التي بدأها رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ولقد تحمل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما تحمل من الآلام والمشقات في سبيل إخماد الفتن السوداء التي أثارها أصحاب المنافع الشخصية

وأصحاب المصلحة من سياسة الانحراف، في طريق مسيرته الإصلاحية، فقابل كل ذلك بالصبر الجميل، وبالتسليم لقضاء الله تعالى، حتى رحل إلى ربه الأعلى شهيداً مثقلاً بالمتاعب والآلام.

- وإذا تركنا تلك الأمور جانباً وألقينا نظرة على جوانب أخرى من حياة الإمام (عليه السلام) لنحدد مواقع الصبر والإرادة الصلبة لما صح أن تفوتنا مواقف الصبر التي وقفها أمير المؤمنين (عليه السلام) حين يفارق أحبته ورفاق الدرب، وأولهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي فاضت نفسه الشريفة في حجر الإمام (عليه السلام)(60). وواراه الثرى بنفسه، وعاش مأساة فراقه بكل أبعادها، وها هو يخاطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يلي غسله وتجهيزه بكلمات حزينة تدمي القلب وتزرع الأسى: «بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء. خصصت حتى صرت مسلياً عمن سواك؟ وعممت حتى صار الناس فيك سواء. ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع، ولا نفدنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلاً، والكمد محالفاً، وقلاّ بك، ولكنه ما لا يملك رده، ولا يستطاع دفعه! بأبي أنت وأمي. أذكرنا عند ربك، واجعلنا من بالك»(61).

وإذا أعدنا إلى الأذهان ما يحظى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حب وتعظيم في نفس أمير المؤمنين (عليه السلام) لأدركنا حجم الأسى الذي صب على الإمام (عليه السلام) بفقده (صلى الله عليه وآله)، فعلي (عليه السلام) قد حظي بتربية الرسول (صلى الله عليه وآله) ورعايته وإعداده ومصاحبته منذ الصبا حتى فارق رسول الله الدنيا.

ولقد كانت تلك التربية وتلك الأخوة بينهما مليئة بضروب الود والحنان والوفاء والإخلاص مما ليس له نظير(62).

على أن الإمام (عليه السلام) التزم جانب الصبر راضياً بقضاء الله المحتوم في رسول الله (صلى الله عليه وآله).

- وفي خضم الأحداث المريرة التي عاشها أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الفترة، ألمت بالزهراء سيدة نساء العالمين العلة التي توفيت على أثرها فلحقت بالراحل العظيم أبيها حيث كان الإمام (عليه السلام) طوال فترة المرض الذي عانت منه فاطمة (عليها السلام) يعيش ما تعاني بملء كيانه، فهي وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدرسة الإمامة التي خرجت قادة الأمة الهداة (عليهم السلام) وهي الصابرة المحتسبة وهي بعد ذلك زوجته الوفية التي عاشت معه آماله وآلامه طوال حياتها معه..

لقد رأى الإمام (عليه السلام) زهراء الإسلام، بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله): وهي تعيش مرارة الأسى ثم وهي تستسلم لفراش المرض فيشحب لونها، وتتردى أوضاعها الصحية يوماً بعد يوم، ثم يراها وهي تفارق الدنيا، فيباشر تغسيلها وتجهيزها ودفنها عليها السلام، ثم يقف على شفير قبرها مودعها بعبارات تذيب القلوب الحديدية «السلام عليك يا رسول الله عني، وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك! قلّ يا رسول الله عن صفيتك صبري، ورق عنها تجلدي، إلا أن في التأسي لي بعظيم فرقتك، وفادح مصيبتك، موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك «فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة! أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، هذا ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذكر، والسلام عليكما سلام مودع، ولا قال، ولا سئم، فإن انصرف، فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين(63).

فالنتيجة أن الإمام (عليه السلام) استسلم لقضاء الله تعالى واستعان على الأسى بجميل الصبر.

وكما صبر الإمام (عليه السلام) لفقد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والصديقة الزهراء (عليها السلام)، تجمل بالصبر كذلك لفقد أخوة له في الله، انقطعوا إليه في الوفاء وبذلوا أرواحهم وكل ما يملكون في سبيل رسالة الله تعالى، وقد تصدوا لهدم الباطل، وواجهوا الانحراف، فاستشهدوا في ساحات الجهاد كعمار بن ياسر ومالك بن التيهان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت الأنصاري ومالك الأشتر، ومحمد بن أبي بكر وسواهم.

وها هو الإمام (عليه السلام) يذكرهم قبل اغتياله بأيام في خطبة له جاء فيها (.. أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار، وأين ابن التيهان، وأين ذو الشهادتين وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة.

«ثم أطال البكاء» وقال:

«أوه على إخواني الذين تلو القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة، وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه..»(64).

ومن شواهد صبر الإمام (عليه السلام) كذلك رفضه للدنيا ولذاتها وتحمله لأذى الجوع، والتقشف وزهده بالمال حتى يبلغ به الحال أحياناً أن يشد حجر المجاعة(65)، على بطنه، ولقد رأيت في حديثنا عن زهده وعدالته(66) ما يغنيك عن تعداد شواهد أخرى من قوة تحمله وإرادته في مواجهة المشقات وعقبات الحياة.

وهكذا عاش الإمام (عليه السلام) حياة مليئة بالكدح والآلام، زاهرة بالرزايا، حافلة بالمحن، غير أنه واجهها جميعاً بقوة صبره، وعظيم إرادته التي لا تقهر.

___________________

1 - تذكرة الخواص ص127 - 128 والإمام علي بن أبي طالب - محمد رضا ص12. تشوقت: تزينت.

2 - راجع القسم الثالث من سيرة المصطفى (صلى الله عليه وآله) للمؤلف.

3 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص25.

4 - نهج البلاغة ص136 تبويب صبحي الصالح. المحجة: الطريق، تنكرت: تغيرت علائمها وأصبحت مجهولة.

5 - نفس المصدر.

6 - نفس المصدر.

7 - نفس المصدر.

8 - نهج البلاغة تبويب د. صبحي الصالح رقم النص 224.

حسك: شوك.

السعدان: نبت ضائك ترعاه الإبل.

9 - روائع من نهج البلاغة ص123.

10 - نهج البلاغة رقم النص 136.

11 - تذكرة الخواص ص125.

12 - تذكرة الخواص ص125.

13 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص200.

14 - المناقب للمازندراني ج2 ص97 عن أحياء العلوم للغزالي.

15 - من حديث للإمام الصادق (عليه السلام) البحار ج40 ص330.

16 - مناقب ابن شهر أشوب ج/ 1 ص378.

17 - المصدر السابق نفسه.

18 - نفس المصدر السابق ص377.

19 - البحار ج41 ص115 ونهج البلاغة رقم النص 232.

20 - المناقب ص377.

21 - نهج البلاغة رقم النص 131.

22 - نهج البلاغة رقم النص 216.

23 - راجع البحار ج41 ص104 للاطلاع على منهاجه في مراقبة حالة السوق.

24 - علي وحقوق الإنسان - جورج جرداق ط بيروت 1970 ص87.

25 - وصيته لعبد الله بن عباس حين ولاه البصرة رقم النص 76 نهج البلاغة.

26 - نفس المصدر - عهد الإمام (عليه السلام) لمالك الأشتر حين ولاه مصر. طيرة: خفة وطيش.

27 - منهج البلاغة رقم النص 25 - لا تخدع بالتحية: لا تبخل بها عليهم.

28 - من وصيته لصاحب الخراج على القادسية وسواد الكوفة. انظر بحار الأنوار ج41 ص128 نقلاً عن الكافي، العفو الفاضل عن النفقة.

29 - راجع نهج البلاغة رقم النص 14 وغيره.

30 - مناقب آل أبي طالب ج1 ص372.

31 - نفس المصدر نقلاً عن فضائل ابن حنبل.

32 - المناقب ص372 وبحار الأنوار: ج 41 ص54.

33 - البحار ص55 عن المحاسن والكافي عن الصادق (عليه السلام).

34 - المناقب ص272 والبحار ج41 ص55.

35 - للتفاصيل راجع الحلقة الثانية من هذه الدراسة وبعضاً من فصول هذه الحلقة: كزهد الإمام (عليه السلام) وإقرار العدل.

36 - بحار الأنوار ج41 ص56 وعلي وحقوق الإنسان - جرداق ص87.

37 - الكافي ج5 باب التسليم على النساء حديث رقم 3.

38 - مناقب آل أبي طالب ج1 ص374.

39 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص25.

40 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص25.

تلعابة: كثير المرح واللعب.

41 - المناقب ج1 ص381.

42 - المناقب ج1 ص38 ونهج البلاغة نص 73.

43 - شرح نهج البلاغة ج1 ص22.

44 - بحار الأنوار ج41 ص50 نقلاً عن النهاية.

الكراع: جمع الخيل.

45 - المناقب ج1 ص381 عن ابن بطة والسجستاني.

46 - الإمام علي بن أبي طالب - محمد رضا ص223.

47 - نفس المصدر ص173.

48 - المناقب ج1 ص379.

49 - نفس المصدر ص280 وبحار الأنوار ج41 ص49.

50 - بحار الأنوار ج41 ص206 باب 127.

51 - تذكرة الخواص ص76.

52 - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص61 وفي تذكرة الخواص رواية مشابهة وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص176 مثلها.

53 - الفصول المهمة ص62 وتذكرة الخواص أيضاً.

54 - راجع القسم الثاني من هذه الدراسة.

55 - بحار الأنوار ج41 ص145 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص23.

56 - راجع القسم الثاني من هذا الكتاب.

57 - عهد الإمام (عليه السلام) إلى مالك الأشتر حين ولاه مصر نهج البلاغة رقم 53 ص426.

58 - الإمام علي رجل الإسلام المخلد - عبد المجيد لطفي ص53 وأعيان الشيعة ج3 ق1 ص156 - ص157.

59 - يراجع القسم الثاني من هذا الكتاب.

60 - مسند أحمد بن حنبل ج2 ص300 ومناقب الخوارزمي عن عائشة.

61 - نهج البلاغة من كلام له (عليه السلام) رقم 235.

أنفذنا: أفنينا.

ماء الشؤون: منابع الدمع.

الداء مماطلاً: مماطلاً بالشفاء.

المد محالفاً: الحزن ملازماً.

قلا: محالفة الحزن ومماطلة الشفاء قليلان لك.

62 - راجع القسم الأول من هذا الكتاب.

63 - نهج البلاغة رقم النص 201.

التأسي: الاعتبار. هضم: ظلم.

الفادح: المثقل. إحفاء السؤال: الاستقصاء فيه.

التعزي: التصبر. القالي: المبغض.

ملحودة القبر: الجهة المشقوقة. السئم: الضجر.

مسهد: اشتد منه الأرق.

64 - نهج البلاغة أواخر خطبة رقم 182.

أبرد برؤوسهم: أرسلت رؤوسهم بالبريد إلى الطغاة للتشفي منهم. أوه: كلمة توجع.

65 - شرح النهج ج1 ص22.

66 - في القسم الثاني والثالث من هذا الكتاب.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





بالفيديوغراف: ممثل المرجعية الدينية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يتفقدان مشروع مطار كربلاء الدولي
بالصور: سنابل تفيض بالخير في مزارع العتبة الحسينية (عمليات حصاد الحنطة)
تضمنت الجولة توجيهات متعلقة براحة المسافرين.. ممثل المرجعية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يطلعان ميدانيا على سير العمل في مطار كربلاء الدولي
بالفيديو: مركز لعلاج العقم تابع للعتبة الحسينية يعلن عن أجراء (117) عملية تلقيح اصطناعي خلال الربع الاول من العام الحالي