الأخبار الواردة في وجوب الوفا، بالعهد، وحرمة نقضه كثيرة، ويكفي في مقام بيان أهميتها أن الله تعالى طرد أولئك الذين ينقضون العهد من صف الإنسانية العالي، وحشرهم في زمرة الحيوانات، وذلك في قوله : {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} [الأنفال : 55، 56].

ويجب أن يعلم أن الله تعالى لم يأذن بنقض العهد على كل الأحوال، حتى للمشركين والكفار، فيجب الوفاء لهم بعهدهم. العهد مع المشركين محترم:

بعد اقتدار المسلمين وقوة شوكتهم، أمر الله تعالى في سورة البراءة بجهاد المشركين، وتطهير مكة المعظمة من الشرك وعبادة الأصنام، لكنه استثنى أولئك المشركين الذين كان بينهم وبين المسلمين معاهدة قال تعالى : {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة : 4].