المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16487 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


السياق وتوجيه الإعراب‏  
  
4962   06:49 مساءاً   التاريخ: 19-02-2015
المؤلف : خلود عموش
الكتاب أو المصدر : الخطاب القرآني
الجزء والصفحة : ص373-401.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / تحليل النص القرآني /

نقصد بالإعراب في هذا الموضع عملية التحليل النحوي بمعناها الجامع، وتشمل الصيغة والتركيب والدلالة والإعراب. ويتبدّى أثر السياق في توجيه الإعراب في مظاهر عديدة منها اهتمام المعرب بتمام المعنى وإكمال السياق باكتمال الجمل المكوّنة له، ومن مظاهره كذلك شرح المعنى بعد اختيار كلّ وجه من وجوه الإعراب، والاستعانة بالمعنى في توجيه الإعراب واستصحاب الحال، والحال المشاهدة في توجيه الإعراب، ويتمثّل كذلك في مجموعة من الملاحظات السياقيّة التي يثيرها النحاة خلال تصدّيهم لإعراب النصّ تمسّ النصّ من وجه من الوجوه، ومنها أيضا استحضار موقف خطاب مماثل للقياس عليه تمهيدا لترجيح الإعراب. وكذلك الاهتمام بعنصر الزمان والظرف وهو من عناصر السياق. وكذلك الاهتمام بمجموعة من الظواهر السياقيّة كالتقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والإحالة بأشكالها.

ففي إعراب النحّاس للآية (6) وقوله تعالى : { أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}  قال : (الخبر والجملة خبر (إنّ) أي أنّهم تبالهوا حتى لم تغن فيهم النذارة، والتقدير سواء عليهم الإنذار وتركه أي : سواء عليهم هذان، وجي‏ء بالاستفهام من أجل التسوية قال ابن كيسان : يجوز أن يكون (سواء) خبر (أنّ) وما بعده يقوم مقام الفاعل، ويجوز أن يكون خبر إنّ (لا يؤمنون) أي إنّ الذين كفروا لا يؤمنون‏ «1».

إنّ المعرب يوجّه الجملة توجيهات عدّة، وفي كلّ اختيار سياقي ينظر في المعنى المتحصّل من هذا الاختيار السياقي، وهو بهذا يشير إلى أنّ اختلاف مكوّنات الجملة في كلّ مرّة، يصنع سياقا لغويّا جديدا، يحمل معنى جديدا ورسالة لغويّة جديدة. وهو لا ينسى في خضمّ بحثه عن المركّبات الأساسيّة في الجملة (أركان الجملة) أن يعالج المركّبات الأخرى، والدور الذي يمكن أن تؤديه في خدمة السياق في كلّ تركيب مختار.

وتقدير المعنى التأويلي الأوّلي قبل الإعراب يسهم إلى حدّ كبير في توجيه دفة المعرب خلال معالجته للنصّ؛ ففي الآية (18) في قوله " صمّ " قيل : " على إضمار مبتدأ أي : هم صمّ بكم عمي، وفي قراءة عبد اللّه وحفص (صمّا بكما عميا) لأنّ المعنى وتركهم غير مبصرين صمّا بكما عميا" «2».

وأحيانا يحصل عكس ذلك، أي أنّ الوجه المختار هو الذي يعطي للمعرب المعنى، ومن ذلك في إعراب الآية (25) " فيقولون ما ذا أراد اللّه بهذا مثلا " قال ابن كيسان : " وإن شئت جعلت (ما) اسما تامّا في موضع رفع بالابتداء، و(ذا) بمعنى الذي هو خبر الابتداء ويكون التقدير : ما الذي أراد اللّه بهذا مثلا" «3».

إنّ عمليّة التأويل والوصول إلى المعنى هي هدف المعرب في خاتمة الأمر، فقد يبدأ من معنى مفترض، ويقوّيه من خلال التركيب أو يستبعده أو يبدأ بالتركيب وصولا إلى المعنى. وفي كلّ الأحوال يحاول المعرب أن تكون القراءة أقرب إلى مقصد صاحب النصّ من جهة، ومتّسقة مع بقيّة أجزاء النّص من جهة أخرى.

ومن الأمثلة كذلك إعراب الآية (36) " {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا ...  وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة : 36] قال النحّاس : " (بعضكم) مبتدأ وعدوّ خبر، والجملة في موضع نصب على الحال، والتقدير : وهذه حالكم، وحذفت الواو لأنّ في الكلام عائدا كما يقال رأيتك (السماء تمطر عليك) " ، ويقال : كيف قال عدوّ، ولم يقل أعداء ؟ ففي هذا جوابان : أحدهما أنّ (بعضا) وكلا يخبر عنهما بالواحد وذلك في القرآن، قال عزّ وجل :

{ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ .. } [مريم : 95].. وكلّ أتوه داخرين" والجواب الآخر أنّ عدوّا يرد في موضع الجمع، قال اللّه عزّ وجل : " {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } [الكهف : 50] " بمعنى أعداء. " «4» وفي هذا النصّ أكثر من مسألة أوّلها : التقدير بناء على المكوّنات التي اختارها، وهي تصنع سياقا قابلا للقراءة هو هذا التقدير، وثانيها : اهتمامه بمسألة تجانس السياق وتشاكله؛ فالخطاب‏ خطاب الجمع (اهبطوا، بعضكم ...) ولذا يجب أنّ تتجانس عناصر هذا الخطاب، وإذا خرج أحد العناصر عن هذا فلعلّة سياقيّة ولا ريب، وإذا كانت اللّغة هي التي يعبّر من خلالها عن السياقات المختلفة فهي أيضا التي تحمل مجموعة الخيارات التي يجوز الاختيار منها وفقا لسننها ونظمها في التركيب والتأليف، وهي هنا تسمح بمجي‏ء (عدوّ) كدال على الجنس وليس على المفرد، وهو من باب تناوب الصيغ لاعتبارات السياق. وإن كان المعرب سكت عن ذكر هذه الاعتبارات، واكتفى باستحضار الشواهد على سماح اللغة بمثل هذا التناوب بين (عدوّ) و(أعداء).

و في إعراب الآية (38) { وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}  ". قال النحاس : " وزعم الفرّاء أنّه يقال : إنّما خوطب بهذا آدم - صلّى اللّه عليه وآله وسلم - وإبليس بعينه ويعني ذريّته، فكأنّه خاطبهم كما قال" قالتا أتينا طائعين" أي أتينا بما فينا، وقال غير الفرّاء : يكون مخاطبة لآدم عليه السلام وحواء والجنّة، ويجوز أنّ يكون لآدم وحوّاء لأنّ الاثنين جماعة ويجوز أن يكون إبليس ضم إليهما في المخاطبة" «5». إنّ الذي جعل النحّاس يناقش هذه المسألة هو (جميعا) وأنّها منصوبة على الحال، ومن ثمّ اهتم بمن شملهم حال الهبوط.

وتحديد المخاطب هو مفتاح لفهم الخطاب ، ويلاحظ أنّه استقصى الوجوه التي يحتملها الخطاب من غير أنّ يرجّح لأنّ الوجوه جميعا سواء في درجة قبولها، وكلّها يمكن أن يحتملها السياق . ومن جهة أخرى فإنّ العكبري يعالج هذا النصّ بطريقة أخرى فيقول :

" قوله (منها جميعا) حال ، أي مجتمعين إمّا في زمن واحد أو في أزمنة، بحيث يشتركون في الهبوط" «6». إنّ العكبري يشير في هذه العبارة إلى عنصر الاشتراك في الفعل، وهو ربط بين الرمز اللّغوي (جميعا) والحقيقة الخارجيّة. وفي الآية (40 ) {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة : 40] " قال : (و أوفوا) أمر، (أوف) جواب الأمر مجزوم لأنّ فيه معنى المجازاة وقرأ الزهري أوفّ‏ على التكثير" «7». إنّ معنى التكثير هنا مأخوذ من الصيغة، ولكنّ معنى المجازاة كما هو واضح مأخوذ من السياق. ومن أمثلته أيضا في الآية (61){ وَ إِذْ قُلْتُمْ ... فَادْعُ }  قال النحّاس" (فادع) سؤال بمنزلة الأمر فلذلك حذفت منه الواو، ولغة بني عامر" فادع لنا" بكسر العين لالتقاء الساكنين (يخرج لنا) جزم لانه جواب الأمر، وفيه معنى المجازاة ممّا تنبت الأرض". ومعنى المجازاة مأخوذ من السياق، كما أنّ جعل (فادع) بمنزلة الأمر أيضا مأخوذ من السياق، وهذا يوضح دور السياق في توجيه معنى الآية وتنبّه المعربين إلى كلّ ذلك.

و من الاهتمام بدقّة الصيغ في الدلالة على السياق كذلك في الآية (41) { وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ}  قال : (كافر)، ولم يقل : كافرين، فيه قولان : زعم الأخفش والفرّاء أنّه محمول على المعنى؛ لأنّ المعنى أوّل من كفر به، ويقول الآخر : إنّ التقدير" ولا تكونوا أوّل فريق كافر به" «8». إنّ الصيغ تساهم في تآلف السياق الداخلي، ولذا فيجب أنّ تكون متجانسة، فإذا لم تكن كذلك التمس المعرب وجوها لتخريجها، وذلك إمّا من خلال الحمل على المعنى (التركيب السياقي للعبارة) أو من خلال تقدير يحتمله السياق.

و ينظر المعرب إلى العرف في الاستخدام اللغوي، وهو جزء من العرف الاجتماعي. ففي إعراب الآية (49)  {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ } [البقرة : 49] قال الكسائي : " إنّما يقال آل فلان وآل فلانة، ولا يقال في البلدان فلا يقال هو من آل حمص ولا من آل المدينة قال : إنّما يقال في الرئيس الأعظم نحو آل محمّد عليه السلام، أي أهل دينه وأتباعه، وآل فرعون لأنّه رئيسهم في الضلالة" «9». ويوشك أن يكون هذا العرف في الاستخدام اللغوي أصلا رئيسا من الأصول التي يصدرون عنها، ومثله في إعراب الآية (133) { أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ...}  قال أبو جعفر : " ومن قرأ (واله أبيك) فله فيه وجهان :

أحدهما أن يكون أفرد لأنّه كره أن يجعل إسماعيل أبا لأنّه عم، قال أبو جعفر : هذا لا يجب، لأنّ العرب تسمّي العمّ أبا، وأيضا فإنّ هذا بعيد لأنّه يقدّر وإله إسماعيل وإله إسحاق فيخرج وهو أبوه الأدنى من نسق إبراهيم، ففي هذا البعد ما لا خفاء به" «10». إنّ اعتبار العم أبا عند العرب، وهو جزء من منظومة العرب الاجتماعي كانت نقطة اعتمد عليها أبو جعفر في الحديث عن هذه القراءة.

ويستحضر المعرب ما يليق بشأن المخاطب سبحانه وتعالى فقد قرأ أبو عمرو وشيبة " وإذ وعدنا " في الآية (51) بغير ألف، وأنكروا (واعدنا) قالوا : " لأنّ المواعدة إنّما تكون من البشر، فأمّا اللّه عزّ وجل فهو المنفرد بالوعد والوعيد" «11». إنّ ما أراد أن يقوله المعرب في هذا المجال إنّ السياقات مختلفة، وإنّ مراعاة المقام، والسياق الظرفي، وما يجب وما لا يجب هي التي تتحكم في صياغة النص.

ومن مراعاة المقام محاولة المعرب التماس وقائع الخطاب توضيحا للنص وتوجيها للإعراب، واستنتاج الكلام الذي صدر من المخاطب والمخاطب وأثره في توجيه العبارة، ومنه : في إعراب الآية (58) {وإذ قلنا ادخلوا} قال النحّاس : {وقولوا حطّة} على إضمار مبتدأ.

قال الأخفش : وقرئت حطّة نصبا على أنّها بدل من الفعل، قال أبو جعفر : الحديث عن ابن عبّاس أنّهم قيل لهم : قولوا : (لا إله إلّا اللّه) وفي حديث آخر عنه قيل لهم : قولوا : مغفرة" تفسيرا للنصّ، أي قولوا شيئا يحطّ عنكم ذنوبكم كما تقول : قل خيرا" «12». إنّ التنبّؤ بما قيل واستنتاجه يوضح موقف الخطاب ويساهم في جلاء النصّ.

ومن عناصر المقام (الزمن) وفي توجيه أبي إسحاق للآية {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } [البقرة : 61]  قال : " وأجود من هذا أن يكون المعنى- واللّه أعلم- أ تستبدلون الذي هو أقرب إليكم في الدنيا بالذي هو خير لكم يوم القيامة. لأنّهم إذا طلبوا غير ما أمروا بقبوله فقد استبدلوا الذي هو أقرب إليهم ممّا هو خير لهم لما لهم فيه من الثواب" «13».

ومع أنّ الآية سكتت عن زمن الاستبدال وزمن الذي هو خير، إلّا أنّ اتّساق الخطاب يقتضي هذه القراءة من المعرب.

ومن الاهتمام بزمن الخطاب كذلك وما يتعلّق به من الأحكام والوقائع، وقوف المعرب عند قوله تعالى في الآية (187) من سورة البقرة : {فالآن باشروهن} قال : " حقيقة (الآن) الوقت الذي أنت فيه، وقد يقع على الماضي القريب منك وعلى المستقبل القريب وقوعه، تنزيلا للقريب منزلة الحاضر وهو المراد هنا، لأنّ قوله‏ {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}  أي فالوقت الذي كان يحرم عليكم الجماع فيه من الليل قد أبحناه لكم فيه. فعلى هذا (الآن) ظرف ل (باشروهنّ)، وقيل : الكلام محمول على المعنى، والتقدير : فالآن قد أبحنا لكم أن تباشروهن، ودل على المحذوف لفظ الأمر الذي يراد به الإباحة، فعلى هذا (الآن) على حقيقته" «14».

إنّ هذا التشخيص لدى العكبري عن زمن الخطاب يعيدنا إلى أدوات الاتّساق عند رقيّة حسن وهاليداي، ومنها الوصل، وأحد أنواع هذا الوصل هو الوصل الزمني وهو" علاقة بين أطروحتي جملتين متتابعتين زمنيّا أو بين متواليتين مترابطتين زمنيا بغضّ النظر عن التتابع" «15». وهذه العلاقة وظيفتها تقوية الاسباب بين الجملة أو الجمل وجعلها متماسكة مترابطة كما أنّها تحدّد الحدث، والزمن قد يكون عنصرا موضحا ومحدّدا لمعالم السياق الحالي في النصّ، ولكنّ الزمن قد يخرج عن ظاهر مقتضاه بناء على السياق الداخلي. وهذا هو ما حدث في المثال أعلاه (تنزيلا للقريب منزلة الحاضر) وهو جزء من الخروج على مقتضى الظاهر الذي ورد ذكره في الدرس البلاغي.

ومن ذلك إعرابهم لقوله تعالى في الآية (228) من السورة : { فِي أَرْحامِهِنَّ}  حالا قال العكبري : " وهي حال مقدّرة لأنّ وقت خلقه ليس بشي‏ء حتى يتمّ خلقه" «16».

فالزمن يتّسق مع الحال أو الظرف دائما وهو ركن أساسي في المقام.

و يتقولب الزمن بحسب السياق الذي وقع فيه، وغرض الخطاب الذي لازمه كما في قوله تعالى : { يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ}  في الآية (20) من سورة البقرة، فإنّ (يكاد) (تستخدم للمقاربة إذا لم تكن في سياق النفي الذي قارب الوقوع ولم يقع، نحو هذه الآية. وأمّا إذا صحبه نفي فهو واقع بعد إبطاء نحو قوله : {فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ} أي فعلوا الذبح بعد إبطاء" «17». وغنيّ عن القول إنّ هذه الآية تحمل في طيّها معنى التوبيخ كما أنّها متعلّقة بحال المخاطب (التكاسل والوضع النفسي له من حيث عدم رغبته في إنجاز العمل وهو ذبح البقرة). إنّ (يكاد) وحدها رمز للمقاربة في الوقوع مع عدم وقوعه وهذا حدث خارجي. أمّا (كاد) مع أداة النفي فهي رمز للوقوع مع الإبطاء وهو حدث خارجيّ آخر. إنّ كل حدث يحدث أثرا خطيا مباينا للآخر داخل النصّ، وهو ما نتحدّث عنه في موضوع العلاقة بين النص والسياق.

و من الاهتمام بالزمن باعتباره ركنا رئيسا في المقام من جهة، وباعتباره موضحا لمعنى النصّ ومحدّدا له من ناحية أخرى، قول الأخفش في الآية (180) من سورة البقرة :

" الوصية للوالدين " قال : " إنّ الفاء مضمرة مع الوصيّة، وهي جواب الشرط كأنّه قال :

فالوصيّة للوالدين، فإن جعلت الوصيّة اسما غير مصدر جاز رفعها ب (كتب). ولا يجوز أن يكون (كتب) عاملا في (إذا) لأنّ الكتاب لم يكتب على العبد وقت موته، بل هو شي‏ء قد تقدّم في اللوح المحفوظ؛ فالإيصاء هو الذي يكون عند حضور الموت فهو العامل في (إذا) «18». إنّ الوقت أو الزمن وارتباطه مع الحدث مهمّ جدا في توافق النصّ مع السياق، ومنه كذلك ما جاء في إعراب الآية (214) في قوله تعالى : { حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ ...} قيل : " من رفع (يقول) فلأنه فعل قد ذهب وانقضى ، وإنّما يخبر عن الحال التي كان عليها الرسول فيما مضى، فالفعل دالّ على الحال التي كانوا عليها فيما مضى، وهو مثل قوله : مرض حتى لا يرجونه، أي مرض فيما مضى حتى هو الآن لا يرجى، فتحكي الحال التي كان عليها فلا سبيل للنصب في هذا المجال، ولو نصبت لانقلب المعنى، وصرت تخبر عن فعلين قد مضيا وذهبا ولست تحكي حالا كان عليها، وتقديره أن يحكي حالا كان النبيّ عليها فتقديره : وزلزلوا حتّى قال الرسول، كما تقول سرت حتى أدخلها، أي قد كنت سرت فدخلت فصارت (حتّى) داخلة على جملة وهي لا تعمل في الجمل، فارتفع الفعل بعدها، ولم تعمل فيه، فأمّا وجه قول من نصب، فإنّه جعل (حتّى) غاية بمعنى (إلى أن) فنصب بإضمار (أن) وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه لأنّ (زلزلوا) معناه خوّفوا فمعناه وزلزلوا إلى أن قال الرسول والفعلان قد مضيا " «19».

ومن مراعاة المقام أو سياق الحال عند المعربين ما جاء في إعراب الآية (85) { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} قال القتبي : " التقدير يا هؤلاء ، قال أبو جعفر : هذا خطأ على قول سيبويه ولا يجوز عنده : (هذا اقبل) وقال أبو إسحاق : (هؤلاء) بمعنى (الذين) و(تقتلون) داخل في الصلة، أي ثمّ أنتم الذين تقتلون، وسمعت علي بن سليمان يقول :

سمعت محمد بن يزيد يقول : أخطأ من قال : إنّ (هذا) بمعنى (الذي)، وقال أبو جعفر :

يجوز أن يكون التقدير- واللّه أعلم - أعني هؤلاء (وتقتلون) خبر (أنتم) (و أنفسكم) مفعوله، ولا يجيز الخليل وسيبويه أنّ يتّصل المفعول في مثل هذا، لا يجيزان ضربتني ولا ضربتك قال سيبويه : استغنوا عنه بضربت نفسي وضربت نفسك، وقال : أبو العبّاس : لم يجز هذا لئلّا يكون المخاطب فاعلا مفعولا في حال واحدة " «20».

" إنّ موقف الكلام عند النحاة يأتلف على هيئة مخصوصة تصبح فيصلا في تحديد الصواب والخطأ متجاوزين المعيار الشكلي، ومن ذلك- عندهم- أنّ حد الأسماء الظاهرة أن تخبر بها واحدا عن واحد غائب والمخبر عنه غيرها فتقول : قال زيد، فزيد غيرك، وغير المخاطب، ويمثّل هذا الضابط المعياري الخارجي منع سيبويه قول القائل :

هذا أنت وهو يعلّل ذلك ب (أنّك لا تشير للمخاطب إلى نفسه، ولا تحتاج إلى ذلك وإنّما تشير له إلى غيره) وهو يستمدّ هذا التحليل من تحليل موقف الإشارة، فقد لاحظ أنّه يقوم في المواضعات المتعارفة على جهات ثلاث : المتكلّم (المشير) والمشار إليه، والمخاطب (المشار له) ولاحظ أنّ المخاطب جهة لازمة من هذه الجهات، ولكنّه جهة واحدة فلا يجوز في حكم التحليل الخارجي للعبارة أن يكون المخاطب مشارا إليه ومشارا له في آن معا، ولو وقف سيبويه عند حدّ النظرة الداخلية المجرّدة لكان حقا عليه أنّ يجيز قول القائل : هذا أنت، كما يجيز قولنا هذا سور القدس هذا جوابهم ..." «21».

ولذلك فإن معربي القرآن وقفوا عند قوله" أنتم هؤلاء" وحاولوا أن يؤوّلوا مجي‏ء الآية على هذا النسق، فقدّروا (يا) قبل (هؤلاء) وقالوا (هؤلاء) بمعنى (الذين) أو بمعنى أعني هؤلاء و(تقتلون) خبر (أنتم) وكلّها تأويلات ساقهم إليها توافق الآية مع المعيار الخارجي، وهو أن لا يكون المشار إليه والمشار له جهة واحدة، وعبّر عنه (مكّي بن أبي طالب) في إعراب هذه الآية بقوله" (هؤلاء) مثل هو خبر (أنتم) و(تقتلون) حال من أولاء لأنّه لا يستغني عنها، كما أنّ نعت المبهم لا يستغنى عنه فكذلك حاله. وقال ابن كيسان : (أنتم) مبتدأ وتقتلون الخبر، ودخلت لتخصّ به المخاطبين إذ نبّهوا على الحال التي هم عليها مقيمون " «22».

وتتدخّل حال المخاطب في تحديد الاختيار النحوي ؛ فإذا قال شيئا تنكره أجبته ب (كلّا) ولم تجبه ب (لا المعتادة) في جواب السلب ، وأمّا (بلى" فهي بمنزلة (نعم) إلّا أنّها لا تقع بعد النفي ولو قال قائل : أ لم تأخذ دينارا فقلت : نعم ، لكان المعنى : لا لم آخذ.

لأنّك حققت النفي وما بعده. وإذا قلت : (بلى) صار المعنى : قد أخذت. وهذا ما قاله النحاس في إعراب الآية (81) " {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة : 81] . وذلك جوابا على قولهم في الآية السابقة لها (89)  {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة : 80] فموقف الخطاب وجزمهم بالنفي وهو نفي مسّ النار لهم استدعى هذا الجواب (بلى) وليس (نعم) مثلا. وهو أيضا ما نبّه إليه مكيّ بن أبي طالب في (مشكل إعراب القرآن) قال :" بلى بمنزلة (نعم) إلّا أنّ (بلى) لا تكون إلّا جوابا لإيجاب تقدّم" «23».

و يتمثّل المعرب ملابسات الخطاب ليصل إلى توجيه أمثل للنصّ، ويستعين بما روي من آثار حول الواقعة التاريخية (سياق الحال) ليلج بها ثنايا النص، ومن ذلك ما دار من خلاف حول إعراب الآية (124) من سورة البقرة.{ قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}  قال الفراء : " لأنّ ما نالك فقد نلته كما تقول : نلت خيرا ونالني خير" «24» .

وقال محمّد بن يزيد : " المعنى يوجب نصب الظالمين ، قال اللّه عزّ وجل لإبراهيم : { إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً}  فعهد إليه بهذا، فسأل إبراهيم فقال : ومن ذريّتي؟ فقال عزّ وجل : {لا ينال عهدي الظالمين} لا أجعل إماما ظالما. وروي عن ابن عبّاس أنّه قال : سأل إبراهيم أن يجعل من ذريّته إماما فعلم اللّه عز وجل أنّ في ذريّته من يعصي فقال : {لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}  «25».

إنّ موقف الخطاب وطرفيه وهما المخاطب (اللّه عزّ وجل) والمخاطب (إبراهيم عليه السلام) وطبيعة الحادثة، أوجدت هذا الأثر الخطي أو الرمز في النص من حيث إنّ الفاعل (عهدي) هو ممّا اعتيد أن يقع عليه الفعل، فلمّا كان هو الفاعل و(الظالمين) هو المفعول أوجب التساؤل عند المتعاملين مع النص، وسياق الحال يوضحه وهو أنّ العهد هو الإمامة، والإمامة لا ينالها الظالمون.

و يعدّ اتّساق الخطاب وتلاؤم أجزائه وتآلف عناصره من الأمور التي يعتمد عليها المعرب في قبول القراءة أو اعتبارها شاذّة، وهذا الاتّساق يشمل الوجهين الداخلي والخارجي (اتّساق النصّ مع سياق الحال). ففي الآية (126){ وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ ....}

في قراءة الحارث بن أبي ربيعة قال : " ومن كفر فأمتّعه قليلا ثم اضطرّه " قال أبو جعفر : و هذا على السؤال والطلب ، والأصل أضطره ثمّ أدغم ففتح لالتقاء الساكنين لخفّة الفتحة ويجوز الكسر قال أبو جعفر : " وهذه القراءة شاذّة ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلّان على غيرها أمّا نسق الكلام فإنّ اللّه عزّ وجل خبّر عن إبراهيم - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم- أنّه قال : " ربّ اجعل هذا بلدا آمنا" ثم جاء بقوله ولم يفصل بينه يقال ، ثم قال : فكان هذا جوابا من اللّه عزّ وجل ولم يقل بعد (قال : إبراهيم). وأمّا التفسير فقد صحّ عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ومحمّد بن كعب، وهذا لفظ ابن عبّاس : دعا إبراهيم- صلّى اللّه عليه وآله وسلّم- لمن آمن دون الناس خاصّة فأعلم اللّه عزّ وجل أنّه يرقّ من كفر كما يرقّ من آمن، وأنّه يمتّعه قليلا ثم يضطرّه إلى عذاب النار، قال أبو جعفر : وقال اللّه عز وجل  : { كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} [الإسراء : 20] . وقال : " وأمم سنمتّعهم". وقال أبو إسحاق : إنّما علم إبراهيم- صلّى اللّه عليه وآله وسلم- أنّ في ذريّته كفّارا فخصّ المؤمنين لأنّ اللّه جل وعز قال له : { لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} «26».

إنّ المعرب يدرك أنّ النص (متّزن) وهذا المصطلح أستعيره من علم الكيمياء، والاتّزان عندهم هو تآلف العناصر المكوّنة للمركّب بنسب متفاوتة، بحسب ما يحتاج هذا المركب ليحصل على خصائصه، وكذا فالنصّ اللّغوي يتّزن إذا تآلف سياقاه الداخلي والخارجي، وتآلفت عناصره وهي في مثالنا عنصر الموضوع داخل النصّ، وترتّب نسق الكلام من حيث الضمائر (ضمائر المتكلم، والغائب والمخاطب) وهي التي تعكس موقف الخطاب بين إبراهيم وربّه سبحانه حول ذلك الموضوع.

ومن عناصر السياق الخارجي التي تجد صداها داخل النصّ طبيعة الواقعة وطبيعة الجماعة المتحدّث عنها، وبعضهم مؤمن وبعضهم كافر، فجاء الخطاب ليوائم في الحديث بين الجماعتين. ومثله أيضا قراءة الكسائي في الآية (140) { أَمْ تَقُولُونَ} بالتاء قال النحّاس : " وهي قراءة حسنة ، لأنّ الكلام متسق، أي أ تحاجوننا أم تقولون، والقراءة بالياء من كلامين وتكون (أم) بمعنى (بل) وقال الأخفش كما تقول : " إنّها لا بل أم شاء" وكسرت إنّ لأنّ الكلام محكيّ والأسباط من ولد يعقوب بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل" «27».

فالنّحاس استحسن قراءة الكسائي معلّلا هذا الاستحسان بالاتساق ويقصد به الاتساق الداخلي. وأمّا الأخفش فاستأنس في الحديث عن القراءة الثانية بالسياق الخارجي (سياق الحال) وهو أنّ الأسباط من ولد يعقوب بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل.

و من أمثلة قبول القراءة حملا على المعنى وواقع الحال، ما ورد في إعراب الآية (184) قال النّحاس :" والقراءة المجمع عليها (يطيقونه) وقرأ أبو عمرو والكسائي وحمزة" {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة : 184] وهذا اختيار أبي عبيد، وزعم أنّه اختاره لأنّ معناه لكل يوم إطعام واحد منهم، فالواحد مترجم عن الجميع، وليس الجميع بمترجم عن الواحد. وقال أبو جعفر : وهذا مردود من كلام أبي عبيد لأنّ هذا إنّما يعرف بالدلالة ، فقد علم أنّ معنى" وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين" أنّ لكلّ يوم مسكينا، فالاختيار هذه القراءة ليردّ جمعا على جمع، واختيار أبي عبيد ان يقرأ (فدية) (طعام مسكين) قال : لأنّ الطعام هو الفدية، قال أبو جعفر : لا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنّه جوهر، ولكنّه يجوز على البدل، وأبين منه أن يقرأ (فدية طعام) بالإضافة لأنّ (فدية) مبهمة تقع للطعام وغيره فصار مثل قولك : هذا ثوب خز «28». إنّ الاختيارات تفسّر حسب ظهورها في واقع الحال، وترجّح بحسب هذا الظهور أيضا.

ويتدخّل سياق الحال في طبيعة العبارة واختياراتها ومكوّناتها، وكان المعربون يحاولون استنتاج الحال التي استدعت هذه الاختيارات اللغويّة داخل النص؛ ففي إعراب الآية (145){ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ}  قال الأخفش :

" لأنّهم كفروا وقد تبيّنوا الحق فليس تنفعهم الآيات" «29». وقال الفرّاء أجيبت (إن) بجواب (لو) لأنّ المعنى ولو أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية (ما تبعوا قبلتك) وكذا تجاب (لو) بجواب (إن) تقول : لو أحسنت أحسن إليك. ومثله : {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا } [الروم : 51] أي لو أرسلنا ريحا". وقال أبو جعفر : هذا القول خطأ على مذهب سيبويه، وهو الحقّ، لأنّ معنى (إن) خلاف معنى (لو) يعني أن معنى إن يجب بها الشي‏ء لوجوب غيره.

تقول : إن أكرمتني أكرمتك ومعنى (لو) أنّه يمتنع بها الشي‏ء لامتناع غيره فلا تدخل واحدة منهما على الأخرى، والمعنى ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكلّ آية لا يتّبعون قبلتك.

و قال سيبويه : " المعنى : ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا ليظلّن" «30». إن المعنى المقصود من العبارة وطبيعة الخطاب وموقف الحال جعل الفرّاء يظن أنّ (إن) أجيبت بجواب (لو)، ونفي سيبويه أيضا اعتمد على العناصر ذاتها فهنا نرى المعربين يدقّقون في عناصر النص اللغوية واختيارات المخاطب، ومقصودها وطبيعة استعمالها، وكلّها من آثار العلاقة بين النصّ والسياق.

و يتنبّه المعربون إلى بعض الاستعمالات وأنّها تليق في القرآن ولا تليق في سواه.

أو تليق في غير القرآن ولا تليق في القرآن باعتبار القرآن كلام اللّه؛ ففي إعراب الآية (152) { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ} .

قال النحاس : " فاذكروني" (أذكركم) فيه معنى المجازاة فلذلك جزم (و لا تكفرون) وهي نهي، فلذلك حذفت فيه النون وحذفت الياء لأنّه رأس آية وإثباتها حسن في غير القرآن‏ «31». ومثله في إعراب الآية (285) {كلّ آمن‏ باللّه وملائكته ....} قال النّحاس : من (آمن) على اللفظ، ويجوز في غير القرآن آمنوا على المعنى" «32».

وانظر هذا التأويل المبني على فهم الحكم الشرعي وموافقته لأحوال الناس في مرضهم وسفرهم ففي إعراب الآية (185{هُدًى لِلنَّاسِ ..... فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة : 185] قال النّحاس : " يقال : ما الفائدة في هذا والحاضر والمسافر يشهدان الشهر؟

فالجواب أنّ الشهر ليس بمفعول، وإنّما هو ظرف زمان، والتقدير : فمن شهد منكم المصر في الشهر، وجواب آخر أن يكون التقدير : فمن شهد منكم الشهر غير مسافر ولا مريض فليصمه" «33». إنّ هدف المعرب هنا أن يحدث توافقا بين تركيب النصّ والحكم الشرعي الذي يعطي الرخصة للمسافر بالإفطار في شهر رمضان. إنّ المعرب يلجأ إلى التقدير ليتّسق المعنى مع سياق الحال الذي يجعل الحاضر غير المسافر في الحكم، وهذا مظهر آخر من مظاهر العلاقة بين النص والسياق.

و من أمثلته كذلك في قوله تعالى في الآية (273) { لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} قيل : " اللام بدل من اللام في قوله تعالى : {وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} في الآية السابقة. وفي الآية (273) { لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا} . وهذا لا يصحّ، لأنّ (الفقراء) مصرف الصدقة والمنفقون هم المزكّون. فإنّما لأنفسهم ثواب الصدقة التي أمروها إلى الفقراء " «34». وهذا وإن كان من أمثلة الحمل على المعنى إلّا أنّه متصل بمقاصد الشريعة والأحكام الشرعيّة، والحمل على المعنى مع الاتّفاق مع مقصد الخطاب ، هو ما يجعل العكبري يستبعد أن تكون الجملة {يُخادِعُونَ اللَّهَ} في الآية (9) في موضع جرّ على الصفة بمؤمنين ." لأنّ ذلك يوجب نفي خداعهم والمعنى على إثبات الخداع " «35». وفي إعراب الآية  (8) { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ}  يستبعد العكبري أن تكون (من) بمعنى الذي،" لأنّ (الذي) يتناول قوما بأعيانهم والمعنى هاهنا على الإبهام. والتقدير : ومن الناس فريق يقول" «36».

وفي إعراب الآية (11) في قوله‏ { إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ} يشير العكبري إلى أنّ (نحن) هي للدلالة على الجمع أصلا، ولكنّها قد تكون ضميرا للمتكلّم ومن معه، وقد تكون للاثنين والجماعة في هذه الآية." ويستعمله المتكلّم الواحد العظيم" «37». إنّ التعظيم عنصر مستلّ من خارج النص وهو يصف حال المخاطب، وبذا ينتقل الضمير من الدلالة على الجمع إلى الدلالة على الواحد العظيم. فالعبارة تتنوّع وفقا لمنزلة المتكلّم، فإذا كان المتكلّم من سواء الناس تحدّث عن نفسه بمثل أنا، والملك والرئيس والعظيم وذو الجاه يخبرون عن أنفسهم بلفظ الجماعة { إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ}  .. وعبّر عنه مكّي بن أبي طالب في (مشكل إعراب القرآن) بقوله : " ونحن اسم مضمر مبني يقع للاثنين أو للجماعة المخبرين عن أنفسهم، وللواحد الجليل القدر" «38».

ومن أمثلة الموافقة بين الحقيقة اللسانيّة والحقيقة الخارجيّة توجيه العكبري للآية (48) { وَاتَّقُوا يَوْماً} قال : " (يوما) هنا مفعول به لأنّ الأمر بالتقوى لا يقع في يوم القيامة، والتقدير، واتّقوا عذاب يوم أو نحو ذلك". «39» إنّ يوم القيامة لا يكون فيه العمل وإنّما يكون فيه الجزاء، وهذه حقيقة دينيّة؛ ولذا لجأ المعرب إلى التقدير ليحدث التوافق بين الحقيقتين اللسانيّة والخارجيّة الكونيّة، ومنه في إعراب الآية (63) في قوله تعالى : { وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ .. وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} . قال المعرب : قوله تعالى {فوقكم} ظرف لرفعنا، ويضعف أن يكون حالا من الطور، لأنّ التقدير يصير رفعنا الطور عاليا، وقد استفيد هذا من (رفعنا)، ولأنّ الجبل لم يكن فوقهم وقت الرفع، وإنّما صار فوقهم بالرفع. «40» إنّ المعرب‏ المعرب يحرص على أن يكون إعرابه للنص تعزيزا للانسجام بين النص وسياقه الخارجي بكلّ ما فيه من حقائق مادية.

وانظر إلى استصحاب الحال في إعراب العكبري للآية (75) من سورة البقرة في قوله تعالى : {لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}  قال : " وفيها من الإعراب أربعة أوجه ... والثالث أنّه في موضع نصب على الحال، تقديره، أخذنا ميثاقكم موحّدين، وهي حال مصاحبة، ومقدّرة، لأنّهم كانوا وقت أخذ العهد موحّدين، والتزموا الدوام على التوحيد، ولو جعلتها حالا مصاحبة فقط على أن يكون التقدير : أخذنا ميثاقهم ملتزمين الإقامة على التوحيد أبدا ما عاشوا ..." «41». إنّ المعرب هنا يصرّح بالصدور عن الحال المصاحبة في توجيه الإعراب، وتقدير النصّ بناء على هذه الحال. وهو ملحظ آخر من وجوه العلاقة بين النصّ والسياق.

و مثله أيضا توخّي حال المخاطب وذلك في قوله تعالى في الآية (114) : { لَهُمْ فِي الدُّنْيا ..} قال العكبري" جملة مستأنفة وليست حالا مثل خائفين ، لأنّ استحقاقهم الخزي ثابت في كلّ حال ، لا في حال دخولهم المساجد خاصة ". «42» ومنه كذلك إعراب " حنيفا " حالا من إبراهيم ، وقيل " حسن جعل (حنيفا) حال ، لأنّ المعنى نتّبع إبراهيم حنيفا، وهذا جيد لأنّ الملّة هي الدين والمتّبع إبراهيم". «43» وهنا يتفق الحمل على المعنى مع مراعاة وضع المخاطب مع مقصود الخطاب، مع منزلة المتحدّث عنه وهو إبراهيم.

و في إعراب العكبري للآية (282) من سورة البقرة يتضافر أكثر من عنصر في تعضيد العلاقة بين النصّ والسياق.

يقول العكبري " (أنّ تضلّ) يقرأ بفتح الهمزة على أنّها المصدريّة الناصبة للفعل، وهو مفعول له، وتقديره : لأن تضل إحداهما فتذكّر (بالنصب معطوف عليه) فإن قلت : ليس الغرض من استشهاد المرأتين أن تضلّ إحداهما، فكيف‏ تقدّر باللام؟ فالجواب ما قاله سيبويه : إن هذا كلام محمول على المعنى. وعادة العرب أن تقدّم ما فيه السبب، فيجعل في موضع المسبّب لأنّه يصير إليه، ومثل قولك : أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعمه بها، ومعلوم أنك لم تقصد بإعداد الخشبة ميل الحائط، وإنما المعنى لأدعم بها الحائط إذا مال. فكذلك الآية تقديرها لأن تذكر إحداهما الأخرى إذا ضلّت أو لظلالها، ولا يجوز أن يكون التقدير مخافة أن تضلّ، لأنّه عطف عليه فتذكّر فيصير المعنى مخافة أنّ تذكّر إحداهما الأخرى إذا ضلّت وهذا عكس المراد" «44».

فقد تعاضد هنا عنصر الغرض، مع الحمل على المعنى، والسياق الثقافي المتمثّل في العرف اللغوي وعادة العرب في كلامها (سنن العرب) وأيضا استحضار موقف خطاب مماثل (ميل الحائط) لتعزيز التوجيه الذي اختاره المعرب وكلّها من مظاهر العلاقة بين النص والسياق.

و تمثّل الحقيقة الدينية والعرف الديني- إن جاز التعبير- معنى آخر يتحرّاه المعرب في تعامله مع النصّ وهو جزء من سياق الثقافة ومدخل واسع من المداخل التي اهتمّت بها اللسانيّات الاجتماعية في الحديث، وفي إعراب مكّي لقوله تعالى ‏{ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} في الآية (102) قال : إن شئت جعلت (يعلّمون) بدلا من (كفروا) لأنّ تعلم السحر كفر في المعنى) «45».

و يتدخّل غرض الخطاب في توجيه المعرب واختياره ففي إعراب الآية (234) {وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ...} قال الكسائي : " إنّ قوله (يتربّصن) جرى خبرا عن الاسم الذي تقدّم في صلة الموصول، لأنّ الغرض من الكلام أنّ يتربّصن هنّ ". «46» ومنه كذلك ما قاله سيبويه في الآية (102). وهي قوله تعالى : { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ}  .. فلا تكفر، فيتعلّمون" قال : قوله‏ { فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ}  فارتفع، لأنّه لم يخبر عن‏ الملكين أنّهما قالا فلا تكفر فيتعلموا، لتجعل قولهما" لا تكفر سببا للتعلم، ولكنه قال فيتعلّمون، أي فهم" يتعلمون". إنّ غرض المخاطب يتمثّل دائما أمام المعرب فيختار وجهة الإعراب بما يحقّق هذا المقصد.

و من الظواهر السياقية التي التفت إليها المعربون مسألة التعريف والتنكير، وغالبا ما يكون هذا المظهر أثرا خطيا للسياق داخل النص، وفي قوله تعالى‏ { اهْبِطُوا مِصْراً}  في الآية (61) قال النحّاس : " مصرا " نكرة وهذا أجود الوجوه لأنّها في السواد «47» بألف، وقد يجوز أن تصرف تجعل اسما للبلاد، وإنّما اخترنا الأوّل لأنّه لا يكاد يقال مثل مصر بلاد، ولا بلد، وإنّما يقال لها بلدة، وإنّما يستعمل بلاد في مثل بلاد الروم" «48». وهنا احتكم النّحاس في بعض أقواله على المعروف الشائع بين الناس في التفريق ما بين بلدة وبلاد، وهذا تبدّى أثرا خطيا داخل الخطاب من وجهة نظر المعرب.

ومن المظاهر السياقيّة كذلك التقديم والتأخير، ولمعربي الآي الكريم مذاهب في تناول هذا المظهر، فبعضهم اكتفى برصد مواضع التقديم والتأخير حيث وردت في السورة الكريمة من غير ربطها بدلالة سياقيّة معيّنة، كما هو الحال عند الزجّاج في إعراب قوله تعالى : { وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة : 4] قال : " أ لا ترى أنّ (هم) مبتدأ و(يوقنون) في موضع خبره، والجار من صلة (يوقنون) وقدّمه على المبتدأ" «49». فهو قد أوضح التقديم والتأخير ولكنّه لم يعلّله بشي‏ء يتصل بالسياق. ومنه كذلك عند النحّاس في إعراب الآية (3) {وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} قال : " أي يقيمون الصلاة وينفقون ممّا رزقناهم، ففصّل بين الواو الفعل بالظرف" «50». ومن أمثلته كذلك قوله تعالى في الآية (183) من سورة البقرة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ}  قال السمين الحلبي :" الصيام مفعول لم يسمّ فاعله، وقدّم عليه هذه الفضلة، وإن كان الأصل تأخيرها عنه، لأنّ البداءة بذكر المكتوب عليه أكد من ذكر المكتوب لتعلّق الكتب بمن يؤدي" «51». وهذا تأويل تداولي لمسألة التقديم والتأخير.

وبعضهم تناول التقديم والتأخير بشي‏ء من التفصيل والتوضيح، كما في إعراب الآية (130) من سورة البقرة في قوله تعالى {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} . فالنحّاس يسأل " كيف جاز تقديم (في الآخرة) ، وهو داخل في الصلة ؟ فالجواب أنّه ليس التقدير وأنّه لمن الصالحين في الآخرة فتكون الصلة قد تقدّمت، ولأهل العربية فيه ثلاثة أقوال : منها أن يكون المعنى وإنه صالح في الآخرة ثم حذف، وقيل في الآخرة متعلّق بمصدر محذوف أي صلاحه في الآخرة والقول الثالث : إنّ الصالحين ليس بمعنى الذين صلحوا، ولكنّه اسم قائم بنفسه كما يقال : الرجل والغلام" «52».

وفي هذا التحليل نجد النحّاس يربط التقديم والتأخير بالحمل على المعنى كما في القول الأوّل، أو بافتراض وجود عناصر محذوفة داخل النصّ وهذا يعود للسياق اللّغوي الداخلي. كما في القول الثاني، وبوجه عام يتنبّه المعربون إلى أنّ النص يخرج عن النسق الطبيعي في التعبير عن الموضوع أحيانا فيما يشبه الانعطافات، كما هو الحال في موضوع التقديم والتأخير هذا، ويحاولون تأويل الموضع بما يعيد العناصر اللّغوية المكوّنة إلى مكانها الطبيعي داخل السلاسل المكوّنة للنص. ولكنّهم لا يقفون طويلا عند الجانب الإبلاغي في هذه الانعطافات كما هو الحال عند المفسّرين مثل الزمخشري مثلا.

ومن المظاهر التي يتجلّى فيها تآلف السياق الداخلي والخارجي معا الضمائر، وقد سبق أن درسنا هذا العنصر السياقي لدى المفسّرين، ولكننا سنحاول تجلية نظرة المعربين لهذا العنصر الحيوي. فهم يهتمّون كثيرا بالمحال إليه في الضمائر، ويذكرون الوجوه المختلفة التي تحتملها هذه الإحالة. كما في قوله تعالى في الآية (45) : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ}. قال مكّي في (إعراب مشكل القرآن) : " وإنّها لكبيرة تعود على الكعبة، وقيل بل تعود على الاستعانة، ودلّ على الاستعانة قوله (و استعينوا) ويدلّ على الكعبة ذكره للصلاة، بل تعود على الصلاة، وهذا أبين الأقوال لقربها منها" «53».

إنّ المعرب يستعرض وجوه التأويل التي لا تتعارض مع اتّساق الخطاب، ويرجح أكثرها تحقيقا لهذا الاتساق؛ ولهذا نراه يهتم بالقرائن داخل النصّ لتقوية كل وجه من وجوه التأويل. والإحالة عن طريق الضمائر إحالة دلاليّة إلّا أنّها تعدّ من أبرز العناصر السياقيّة التي تربط بين المخاطب والمخاطب، فإنّ استخدام الضمائر مبنيّ على المعرفة السابقة لدى المخاطب. وهي أداة اتّساق بين أجزاء الخطاب، ومظهر من مظاهر التماسك، ونلاحظ أنّ المطابقة بين الضمائر مطلب أساسي لدى المعرب فهو يربط بين قوله (استعينوا) وهي دالّة على المخاطب وهي إحالة لخارج النصّ، وبين (و إنّها) وهي ضمير الغائب الذي قد يحيل إلى خارج النصّ إذا كان يدلّ على الكعبة، وقد يحيل لداخل النص إذا كان يدلّ على الصلاة، والمطابقة تعني أن يكون النص منسجما في خطابه، ولا يحتمل أي تناقض بين مكوناته. وأمّا العكبري فيوجّه الآية توجيها آخر يقول : " (و إنّها) الضمير للصلاة، وقيل للاستعانة، لأنّ (استعينوا) يدلّ عليها وقيل على القبلة لدلالة (الصلاة) عليها، وكان التحوّل إلى الكعبة شديدا على اليهود" «54». ومع أنّ منهج التحليل لا يبتعد كثيرا هنا إلّا أنّنا رأينا عنصرا خارجيّا من سياق الحال يساهم كقرينة في تأويل النصّ وتوضيح إحالاته، وهو هنا شدّة أثر تحويل القبلة على اليهود وهذه إحالة مقاميّة ولا ريب.

ومن الشواهد أيضا في مسألة الضمائر الآية (178) { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ‏ءٌ} قال المعرب :" الهاء في (له) تعود على (من) ومن اسم القاتل، وكذلك الهاء في (أخيه) و(الأخ) وليّ المقتول وشي‏ء يراد به الدم، وقيل (من) اسم الولي، والأخ هو القاتل" «55».

إنّ المعرب يتحرّى ردّ الضمائر إلى المحال إليها لتكون الرسالة اللّغوية واضحة للمخاطب في مستواها التركيبي والإبلاغي.

والنصّ يدلّ بعضه على بعض بفعل تماسكه وانسجامه، والضمائر كجزء من هذا النصّ تدلّ أجزاء النص عليها (فالهاء) في قوله تعالى :" فجعلناها" في الآية (66)" تعود على القردة، وقيل : بل تعود على المسخة التي دلّ عليها الخطاب، وقيل (بل) تعود على العقوبة التي دلّ عليها الكلام، وكذلك الاختلاف في الهاء و(يديها) (و ما خلفها) «56».

فالخطاب يحمل رسالة موحّدة ليست موجودة في جزء واحد من أجزائه، بل إنّ النص كلّه بتماسكه وانسجامه يوصل هذه الرسالة، ونستدلّ ببعضه على بعض.

ويحاول المعرب قراءة النصّ وفقا لكلّ وجه تأويل أو إحالة للضمير فمثلا في إعراب الآية (188) { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ}  قالوا :

" الهاء في (بها) تعود على الأموال، أي ترشوا بها وتخاصموا من أجلها، فكأنكم قد أدليتم بها ويجوز أن تكون (الهاء) تعود على الحجّة، وإن لم تتقدّم كما ذكر، كما يقال أدلى بحجّته." أموالكم" إضافة الجنس أي الأموال التي لكم" «57». إنّ الضمائر تتنوّع بحسب الموضوع، ويستعاض بها عن الأسماء الظاهرة لضرورة يقتضيها السياق، أو للاختزال والاختصار لدلالة السياق عليها. ونلاحظ أنّ المعرب في هذا الشاهد أورد قراءتين للآية بحسب توجيه الضمير.

ومن الأمثلة الواضحة جدّا على الربط بين الضمائر والسياق، ما أورده السمين الحلبي حول الآية (136) قوله تعالى :" قولوا". قال : " في هذا الضمير قولان : أحدهما أنه للمؤمنين، والمراد بالمنزّل إليهم القرآن على هذا، والثاني : أنه يعود على القائلين " كونوا هودا أو نصارى". والمراد بالمنزّل إليهم : إمّا القرآن وإمّا التوراة والإنجيل، وجملة (آمنا) في محل نصب يقولوا، وكرّر الموصول في قوله : {وما أنزل إلى إبراهيم} لاختلاف المنزل إلينا والمنزّل إليه، فلو لم يكرّر لأوهم أنّ المنزّل إلينا هو المنزّل إليه، ولم يكرّر في (عيسى) لأنّه لم يخالف شريعة موسى إلّا في نزر يسير، فالذي أوتيه عيسى هو عين ما أوتيه موسى إلّا يسيرا، وقدّم المنزل إلينا في الذكر وإن كان متأخرا في الإنزال تشريفا له" «58».

إنّ هذا النصّ يربط ما بين رموز الخطاب والحقائق المقاميّة في خارج النصّ ربطا مباشرا من مثل المخاطب وحقيقته، وطبيعة الواقعة وطبيعة الرسالة المشتركة بين موسى وعيسى، ثم في هذا التأويل منحى تداوليّ تمثل في قوله : (تشريفا له).

و أمّا نظر المعربين في" الحروف" و" الأدوات" فمظهر آخر من المظاهر التي يمكن أن نرصد فيها علاقة النصّ بالسياق، ويحرص المعربون على الوقوف عند هذه الحروف والأدوات : وظيفتها ودورها في خدمة غرض الخطاب، ومن ذلك في إعرابهم للآية (130) { وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}  قالوا : (و من) ابتداء وهو اسم تام في الاستفهام والمجازاة، وهو تقرير وتوبيخ وقع فيه معنى النفي، أى ما يرغب عن ملّة إبراهيم إلا من سفه نفسه" «59». فالغرض هنا هو التوبيخ والتقرير وفيه معنى النفي، وتركيب الخطاب على هذا النحو يعزّز هذا الغرض، والأسلوب الذي جاء به الخطاب عبر (من) كذلك.

ومن أمثلة دور هذه الحروف في تعضيد مقصد الخطاب في قوله تعالى " أ تجعل فيها ...) قال مكّي : " الألف ألف استرشاد ، وسؤال عن فائدة، وليس هو إنكار، إذ لفظه لفظ الاستفهام، قيل : هو تعجّب تعجّبت الملائكة من قدرة اللّه " «60». ولا شكّ أنّ هذه المعاني مكتسبة من السياق، وتتكوّن المعاني التعضيديّة التي يضيفها الحرف باختلاف مقاصد المخاطب، ووضع المخاطب وموضوع الخطاب.

ومن المسائل الأخرى التي أثاروها معاني الحروف والأدوات، وتناوب هذه الحروف وتنوّع معانيها، والحذف في هذه الحروف، ومنه في الآية السابقة (130) { إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} . قال الزجّاج" أي في نفسه، فحذف (في) «61». فهنا قدّر حرفا محذوفا ليتّسق الخطاب بناء على تأويل وضعه المعرب.

ومثله تقدير الزجاج للآية (178) { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ‏ءٌ} . قال : " يمكن أن يكون تقديره " فمن عفي له من أخيه عن شي‏ء فلمّا حذف حرف الجر، ارتفع شي‏ء لوقوعه موقع الفاعل، كما أنّك لو قلت : سير بزيد ثم حذفت الباء. قلت سير زيد" «62». أما عن علاقة ذلك بالسياق فهو علاقة داخل النص علاقة اتساق وتماسك داخلي تضمن أن يقرأ النصّ قراءة واضحة الدلالة متماسكة العناصر.

و مثله حذف (عن) في التنزيل في قوله تعالى‏ { وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ} في الآية (108) وتقديره : فقد ضلّ عن سواء السبيل" «63». ومنه قوله تعالى { فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} في الآية (198) التقدير فلا جناح عليه في أن يطوّف بهما. ويتمّ تفسير هذه الحذوف عن طريق معنى النصّ وغرضه ومقصده غالبا.

و يتنبّه المعربون إلى خروج الأدوات والحروف عن معانيها الأصليّة إلى معان تستفاد من السياق؛ ففي الآية { أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. قال العكبري : فإن قيل أصل (على) في قوله (على هدى) الاستعلاء، والهدى" لا يستعلى عليه، فكيف يصح معناها هنا ؟ قيل : معنى الاستعلاء حاصل، لأن منزلتهم علت باتباع الهدى، ويجوز أن يكون لما كانت أفعالهم كلها على مقتضى الهدى كان تصرّفهم بالهدى كتصرف الراكب بما يركبه" «64». وتفسير المعرب هنا مبنيّ على عناصر من داخل النصّ وهي‏ تآلف المعنى، وعناصر من خارج النص (عناصر مقاميّة) وهي حال المخاطبين وعلوّ منزلتهم.

و تتخصّص بعض الحروف بسياقات معيّنة؛ فالباء الزائدة تدخل في سياق النفي عند البصريّين، وتدخل جوابا لمن قال جملة مؤكّدة مثل : إنّ زيدا لمنطق، وجاء هذا التوضيح في معرض إعرابهم للآية (8) في السورة الكريمة {وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}. فما بإزاء (إنّ) في قولك (إن زيدا لمنطق) والباء إزاء اللام، إذ اللام لتأكيد الإيجاب، والباء لتأكيد النفي) «65». فالسياق الذي يأتي فيه الحرف يحدّد دلالته. ومثله في الآية (10) { وَ بِما كانُوا ....}

(فالباء متعلّقة بالاستقرار، أي وعذاب مؤلم مستقرّ لهم بكونهم يكذبون بما أتى به نبيّهم" «66».

فالحروف والأدوات لها معان ولها سياقات، وفي الآية (222) (من حيث أمركم اللّه) قال العكبري : (من) هنا لابتداء الغاية على أصلها، أي من الناحية التي تنتهي إلى موضع الحيض، ويجوز أن تكون بمعنى (في) ليكون ملائما لقوله تعالى (في المحيض) وفي الكلام حذف تقديره : أمركم اللّه بالإتيان به" «67». إنّ الملاءمة أو الاتّساق هدف مركزيّ للمعرب، والحفاظ على هذا الاتساق يوجب اختيارات معينة ويعزز تأويلا على آخر وتوجيها على آخر.

و ينبّه المعرب صراحة إلى دور الحروف في ترابط الكلام يقول العكبري في قوله تعالى : { فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي}  في الآية (258) : " دخلت الفاء إيذانا بتعلّق هذا الكلام بما قبله، والمعنى إذا ادّعيت الإحياء والإماتة ولم تفهم، فالحجّة أنّ اللّه يأتي بالشمس. هذا هو المعنى" «68».

و تحمل بعض الحروف والأدوات دلالات خاصة على الزمن، وقد تتقوّى هذه الدلالة أو تتغيّر أو تتخصّص. ففي إعراب الآية (165) { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ}  قال مكّي : إنّما جاءت (إذ) هنا وهي لما مضى، ومعنى الكلام لما يستقبل لأنّ أخبار الآخرة من اللّه جل ذكره كالكائنة الماضية لصحّة وقوعها، وثبات كونها على ما أخبر به الصادق لا إله إلا هو، فجاز الإخبار عنها بالمضي، إذ هي في صحّة كونها كالشي‏ء الذي قد كان ومضى، وهو كثير في القرآن" «69». إنّ الدلالة الزمنيّة للحرف قد تحوّلت من المضيّ إلى المستقبل ليحدث التوافق بين النصّ والسياق، إنّ السياق هو الذي أعطى للحرف دلالته الجديدة. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن التأويل الذي ساقه مكيّ يظهر سياق الحال، وهو الوضع في الآخرة أو الوضع في الدنيا وما يليق في كل سياق منهما، ثمّ إنّ فيها مراعاة لمقام المخاطب سبحانه وتعالى، وهو أنّ ما يصدر عنه بدلالة المستقبل بمثابة الماضي المنقضي لأنّه الإله العظيم فما يصدر عنه يقين لا شكّ فيه.

و قد تناول ابن جنّي مسألة العدول في الحروف في كتابه (الخصائص) فقال :

" اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر، وكان أحدهما يتعدّى بحرف، والآخر بآخر، فإنّ العرب قد تتّسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأنّ هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جي‏ء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه، وذلك كقوله تعالى : {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة : 187] وأنت لا تقول : (رفثت إلى المرأة) وإنّما تقول : (رفثت بها) أو معها، لكنّه لما كان الرفث هنا بمعنى الإفضاء وكنت تعدّي، (أفضيت) ب (إلى) جئت بها مع الرفث إيذانا بأنّه معناه" «70». وهذه الدلالات كلّها مأخوذة من السياق الخارجي وتناوب المعنى داخل السياق الداخلي.

نخلص من ذلك كلّه إلى أنّ النحاة في توجيههم للإعراب قد حاولوا أن يذكروا احتمالات الإعراب المختلفة التي يحتملها النصّ، وهذه الاحتمالات مبنيّة على اختيارات سياقيّة للمركّبات المشكّلة للجملة، وفي كلّ اختيار سياقي سنخرج بمعنى جديد وقراءة جديدة، فالرسالة اللّغوية تحمل سياقا لغويّا خاصّا يتحدّد وفقا للعناصر المشكّلة له.

و يفترض بعض النحاة أحيانا تأويلا أوّليا للنص، ويوجّهون إعرابهم بحسب هذا التأويل الأوّلي، وأحيانا يحصل العكس فيبدءون بذكر الوجه المختار ويحدّدون المعنى تبعا لذلك.

وفي الحالتين يحاول المعرب أن تكون القراءة أقرب إلى مقصد صاحب النصّ من جهة، ومتّسقة مع بقيّة أجزاء النصّ من جهة أخرى. ويهتمّ المعربون كثيرا بمسألة تجانس النصّ والسياق وتشاكلهما، فإذا ابتدأ الخطاب يجب أن تتّسق مكوّنات النصّ التي تلي مع ذلك، وإذا ابتدأت بالماضي يجب أن تتّسق المكونات التالية مع هذا وهكذا، ولا يعني الاتّساق المطابقة، بل التلاؤم والانسجام وفقا لمقتضيات السياق، وإذا خرج شي‏ء عن هذا سارع المعرب إلى تمثّل السياق الثقافي لأهل اللغة، واحتكم إلى العرف اللّغوي ليجد التأويل والتفسير المناسب.

كما أنّ المعرب يتحرّى وقائع الحدث في خارج النص ويبحث عن تلاؤم النصّ معها في داخله؛ فيهتمّ بأحوال المخاطبين وصلتهم بالوقائع. ويلتمس هذا من خلال التراكيب والصيغ، وفي كلّ الأحوال لا يجب أن يفقد النصّ تآلفه الداخلي بالإضافة إلى تآلفه مع الحقائق المائلة خارج السياق. ومن الأمور التي رأينا المعربين ينتبهون إليها طبيعة العرف الاجتماعي للمخاطبين من مثل من يطلق عليه (آل كذا) ومن لا يطلق عليه، ومتى يعتبر العم بمثابة الأب، ومن مثل الفرق بين (بلد) وبلدة وغيرها. ومنها كذلك ما يليق بشأن المخاطب من المخاطبات والصفات والنعوت وما لا يليق، وما يليق بشأن المخاطب من ذلك كله. كما وقف المعربون عند عنصر (الزمن) في الخطاب باعتباره ركنا رئيسا في المقام ودوره في توجيه القراءة، ووصف السياق والنصّ معا، ونظروا إليه باعتباره أداة اتساق داخليّة كذلك، ودور الوقائع الخارجية في تحديد هذا الزمن أو إخراجه عن مقتضى‏ ظاهره. فالزمن يتقولب أحيانا بحسب السياق الذي ورد فيه وغرض الخطاب الذي لازمه، وحالة المخاطب الذي ارتبط فيه على نحو ما رأينا.

إنّ موقف الكلام عند النحاة يأتلف على هيئة مخصوصة تصبح فيصلا في تحديد الصواب والخطأ متجاوزين المعيار الشكلي. ومن ذلك تعاملهم مع الأسماء الظاهرة وأسماء الإشارة كما سلف القول. وتتدخّل حال المخاطب في تحديد الاختيار النحوي كما في مثال (كلّا) و(بلى) آنف الذكر، ويتمثّل المعرب ملابسات الخطاب جميعا ليصل إلى توجيه أمثل للنصّ، كما أنّ اتساق الخطاب وتلاؤم أجزائه وتآلف عناصره من الأمور الرئيسة التي يعتمد عليه المعرب في قبول القراءة، أو اعتبارها شاذّة وهذا الاتّساق يشمل الوجهين الداخلي والخارجي. كما أنّ سياق الحال يمكن أن يستخرج من داخل النص، فيتوقّع المعرب الحال التي كان المخاطب عليها من خلال تراكيب النصّ وصيغة.

ويتنبّه المعربون إلى بعض الاستعمالات اللغويّة التي تليق في القرآن ولا تليق في سواه، أو تليق في غير القرآن ولا تليق في القرآن باعتبار القرآن كلام اللّه، وهو مستوى آخر من اللّغة، وفي هذا القول اعتبار لطبيعة المخاطب سبحانه وتعالى، كما أنّ هدف الخطاب ومقصده عنصر سياقي آخر يحكم توجّهات المعرب ويحرّكها. كما أنّ الحقيقة الدينيّة والعرف الديني موجّهات أخرى لحركة الإعراب.

ويدرس المعربون جملة من الظواهر السياقيّة، مثل : التعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، والضمائر، والحروف والأدوات. وحاولوا توجيهها بما يحقّق الائتلاف اللغوي الداخلي، والائتلاف الخارجي مع سياق الحال. ونظروا في خروج الحروف والأدوات عن معانيها الأصلية إلى معان تستفاد من السياق، ورصدوا هذه المعاني من خلال عناصر السياق المختلفة، كالغرض والظرف ووضع المخاطب وغيره.

وهذه الملاحظات التي يثيرها اللغويّون حول هذه الشواهد قد نجدها مائلة في صورة أخرى لدى العاملين في مدرسة تحليل الخطاب، ومنهم (ليفيس) الذي يجعل خصائص السياق تتحدّد في عناصر أبرزها : العالم الممكن (الوقائع التي كانت، أو يمكن‏ أن تكون). والزمن حيث يعتبر الجمل المزمنّة وظروف الزمان مثل : اليوم، الأسبوع، عناصر مهمّة في تحديد خصائص السياق، وكذلك المكان والمتكلّم والمخاطب والخطاب السابق، الذي يتضمّن أيّة إشارة للخطاب الذي يراد تحليله، والتخصيص وهي مجموعة الأشياء والعلاقات التي تحدّد أيّ نصّ، وهي مقاربة لرؤية هايمس (للمقام). إنّ صنيع ابن جني في طرح تساؤلات حول النصّ أيضا يتجه مباشرة إلى طبيعة الاستدلال التي اقترحها (براون ويول) في بحوثهما. فهما يقترحان أن تجري عملية الاستدلال انطلاقا من مجموعة أسئلة الفهم (من، ما ذا، أين، متى) .. فإذا اتّضح أنّ الإجابة عن بعض الأسئلة تتطلّب من القارئ عملا تأويليا إضافيا مثل (مل‏ء الفراغات أو التقطيعات) «71»، وهو ما أسميناه بتقدير المحذوف، فعليه أن يفعل ذلك.

__________________________

(1) النحاس، إعراب القرآن، ص 1/ 184.

(2) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 193.

(3) نفسه، 1/ 204.

(4) نفسه، 1/ 214.

(5) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 215.

(6) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 54.

(7) العكبري التبيان في إعراب القرآن، 1/ 217.

(8) نفسه، 1/ 231.

(9) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 223.

(10) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 265.

(11) نفسه، 1/ 223.

(12) نفسه، 1/ 228.

(13) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 232.

(14) العكبري، التبيان في إعراب القرآن 1/ 155.

(15) رقية حسن وهاليداي، الاتساق في اللغة الإنجليزية، ص 227.

(16) العكبري، 1/ 181.

(17) مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن 1/ 29.

(18) نفسه، 1/ 83.

(19) مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 1/ 93.

(20) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 243.

(21) د. نهاد الموسى، الأعراف ص : 14.

(22) مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن 1/ 95.

(23) النحاس إعراب القرآن 12/ 241.

(24) نفسه، 1/ 258.

(25) نفسه 1/ 259.

(26) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 261.

(27) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 286.

(28) نفسه، 1/ 269.

(29) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 286.

(30) نفسه، 1/ 270.

(31) نفسه، 1/ 272.

(32) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 351.

(33) نفسه، 1/ 287.

(34) الزجاج، إعراب القرآن، 1/ 181.

(35) نفسه، 1/ 29.

(36) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 24.

(37) نفسه، 1/ 25.

(38) مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 12/ 24.

(39) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 60.

(40) نفسه، 1/ 71.

(41) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 83.

(42) نفسه، 1/ 108.

(43) نفسه، 1/ 121.

(44) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 229.

(45) نفسه، 1/ 64.

(46) الزجاج، إعراب القرآن، 1/ 175.

(47) السواد : الأعظم من الناس وهم الجمهور الأعظم والعد الكثير من المسلمين. انظر لسان العرب مادة سود.

(48) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 233.

(49) الزجاج، إعراب القرآن، 1/ 274.

(50) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 277.

(51) السمين الحلبي، الدرّ المصون، 2/ 266.

(52) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 263.

(53) مكي بن أبي طالب، إعراب مشكل القرآن 1/ 44.

(54) العكبري، 1/ 59.

(55) نفسه، 1/ 79.

(56) مكي ابن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 1/ 56.

(57) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 290.

(58) السمين الحلبي، الدّر المصون، 2/ 138.

(59) النحاس، إعراب القرآن، 1/ 263.

(60) مكي بن أبي طالب/ مشكل إعراب القرآن، 1/ 34.

(61) الزجاج، إعراب القرآن، 1/ 108.

(62) نفسه، 1/ 109.

(63) نفسه.

(64) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، 1/ 20.

(65) مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 1/ 22.

(66) نفسه، 1/ 23.

(67) العكبري، 1/ 207.

(68) نفسه، 1/ 207.

(69) مكي ابن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 1/ 79.

(70) ابن جني، الخصائص 2/ 435.

(71) براون ويول، ص 266.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



في السيرة النبوية قسم الشؤون الفكرية يدعو للاشتراك في مسابقة أفضل قصة قصيرة
أكثر من عشرة آلاف طالب يشاركون في الدورات القرآنية الصيفية ببغداد
في قضاء الهندية المجمع العلمي يحيي ولادة الإمام الرضا (عليه السلام) بمحفل قرآني
بعد إعلانه دعوة المشاركة مجمع العفاف النسوي يشهد إقبالًا واسعًا للمشاركة في معرضه التسويقي