التفسير بالمأثور/العدل/الإمام الرضا (عليه السلام)
تميم القرشي، عن
أبيه، عن أحمد بن علي الانصاري، عن الهروي قال: سأل المأمون يوما علي
بن موسى الرضا عليه السلام فقال له: يابن رسول الله ما معنى قول الله عزوجل
" ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا
مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إبإذن الله " فقال الرضا عليه السلام : حدثني
أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه
علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام
أن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه
من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا ; فقال رسول الله صلى الله عليه
وآله: ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما أنا من المتكلفين. فأنزل الله
تبارك وتعالى: يا محمد " ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا " على سبيل
الالجاء والاضطرار في الدنيا، كما يومنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت
ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير
مضطرين، ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد، " أفأنت تكره
الناس حتى يكونوا مؤمنين " وأما قوله عزوجل: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله
" فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن
الله، وإذنه أمره لها بالأيمان، ما كانت مكلفة متعبدة وإلجاؤه إياها إلى الايمان
عن زوال التكليف والتعبد عنها، فقال المأمون: فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله
عنك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 49 ]
تاريخ النشر : 2024-04-23