أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/المعاد/نفخ الصور وفناء الدنيا/الإمام علي (عليه السلام)
قال امير المؤمنين عليه السلام : هو المفني
لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد
ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها، وكيف ولو
اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها وما كان من مراحها وسائمها وأصناف أسناخها
وأجناسها ومتبلدة اممها وأكياسها على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت
كيف السبيل إلى إيجادها ؟ ولتحيرت عقولها في علم ذلك، وتاهت وعجزت قواها، وتناهت
ورجعت خاسئة حسيرة عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف
عن إفنائها وأنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه كما كان قبل ابتدائها
كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان ولا حين
ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والاوقات، وزالت
السنون والساعات، فلا شئ إلا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الامور بلا قدرة
منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام
بقاؤها لم يتكأده صنع شئ منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم يكونها
لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر، ولا
للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه،
ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل
عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شئ منها عليه، لم يمله
طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، لكنه سبحانه دبرها بلطفه وأمسكها بأمره، وأتقنها
بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشئ منها عليها.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 330 ]
تاريخ النشر : 2023-04-18