أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العدل/الجبر والتفويض/الإمام الحسن (عليه السلام)
كتب الحسن البصري
إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: أما بعد فإنكم معشر بني هاشم الفلك الجارية
في اللجج الغامرة، والاعلام النيرة الشاهرة، أو كسفينة نوح عليه السلام التي
نزلها المؤمنون ونجا فيها المسلمون، كتبت إليك يابن رسول الله عند اختلافنا
في القدر، وحيرتنا في الاستطاعة، فأخبرنا بالذي عليه رأيك ورأي آبائك عليهم السلام،
فإن من علم الله علمكم، وأنتم شهداء على الناس، والله الشاهد عليكم، ذرية بعضها
من بعض والله سميع عليم فأجابه الحسن عليه السلام:
بسم الله الرحمن
الرحيم
وصل إلي كتابك،
ولولا ما ذكرته من حيرتك وحيرة من مضى قبلك إذا ما أخبرتك، أما بعد فمن
لم يؤمن بالقدر خيره وشره أن الله يعلمه فقد كفر، ومن أحال المعاصي على الله فقد
فجر، إن الله لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يهمل العباد
سدى من المملكة، بل هو المالك لما ملكهم، و القادر على ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا، ونهاهم تحذيرا،
فإن ائتمروا للطاعة لم يجدوا عنها صادا، وإن انتهوا إلى المعصية فشاء
أن يمن عليهم بأن يحول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل فليس
هو الذي حملهم عليها جبرا، ولا الزموها كرها، بل من عليهم بأن بصرهم وعرفهم وحذرهم
وأمرهم ونهاهم، لا جبلا لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، ولا جبرا لهم
على ما نهاهم عنه، ولله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين. والسلام على من
اتبع الهدى.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 40 ]
تاريخ النشر : 2023-04-17