أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العدل/علل التشريع/الامام الرضا عليه السلام
مما أجاب الرضا عليه السلام بحضرة المأمون
لصباح بن نصر الهندي وعمران الصابي عن مسائلهما قال عمران: العين نور مركبة
أم الروح تبصر الاشياء من منظرها ؟ قال عليه السلام: العين شحمة وهو البياض والسواد،
والنظر للروح، دليله أنك تنظر فيه فترى صورتك في وسطه، والانسان لا يرى صورته
إلا في ماء أو مرآة وما أشبه ذلك، قال صباح: فإذا عميت العين كيف صارت الروح قائمة
والنظر ذاهب ؟ قال: كالشمس طالعة يغشاها الظلام، قالا : اين تذهب الروح ؟ قال:
أين يذهب الضوء الطالع من الكوة في البيت إذا سدت الكوة ؟ قال: أوضح لي ذلك،
قال: الروح مسكنها في الدماغ، وشعاعها منبث في الجسد بمنزلة الشمس دارتها في السماء
وشعاعها منبسط على الارض، فإذا غابت الدارة فلا شمس، وإذا قطعت الرأس فلا روح.
قالا: فما بال الرجل يلتحي دون المرأة ؟ قال عليه السلام، زين الله الرجال باللحى،
وجعلها فصلا يستدل بها على الرجال من النساء.
قال عمران: ما بال الرجل إذا كان مؤنثا
والمرأة إذا كانت مذكرة ؟ قال عليه السلام: علة
ذلك أن المرأة إذا حملت وصار الغلام منها في الرحم موضع الجارية كان مؤنثا، وإذا
صارت الجارية موضع الغلام كانت مذكرة، وذلك أن موضع الغلام في الرحم مما يلي ميامنها،
والجارية مما يلي مياسرها، وربما ولدت المرأة ولدين في بطن واحد فإن عظم ثدياها
جميعا تحمل توأمين، وإن عظم أحد ثدييها كان ذلك دليلا على أنها تلد واحدا إلا
أنه إذا كان الثدي الايمن أعظم كان المولود ذكرا، وإذا كان الايسر أعظم كان المولود
انثى، وإذا كانت حاملا فضمر ثديها الايمن فإنها تسقط غلاما، وإذا ضمر ثديها
الايسر فإنها تسقط انثى، وإذا ضمرا جميعا تسقطهما جميعا. قالا: من أي شيء الطول
والقصر في الانسان ؟ فقال: من قبل النطفة إذا خرجت من الذكر فاستدارت جاء القصر،
وإن استطالت جاء الطول. قال صباح: ما أصل الماء ؟ قال عليه السلام: أصل الماء
خشية الله، بعضه من السماء و يسلكه في الارض ينابيع، وبعضه ماء عليه الارضون، وأصله
واحد عذب فرات. قال: فكيف منها عيون نفط وكبريت وقار وملح وأشباه
ذلك ؟ قال: غيره الجوهر وانقلبت كانقلاب العصير خمرا، وكما انقلبت الخمر فصارت
خلا، وكما يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا. قال: فمن أين أخرجت أنواع الجواهر ؟ قال:
انقلب منها كانقلاب النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقة مجتمعة مبنية على المتضادات الاربع.
قال عمران: إذا كانت الارض خلقت من الماء والماء بارد رطب فكيف صارت الأرض باردة
يابسة ؟ قال: سلبت النداوة فصارت يابسة. قال: الحر أنفع أم البرد ؟ قال: بل الحر
أنفع من البرد، لان الحر من حر الحيات والبرد من برد الموت وكذلك السموم القاتلة
الحار منها أسلم وأقل ضررا من السموم الباردة.
وسألاه عن علة الصلاة فقال: طاعة أمرهم
بها، وشريعة حملهم عليها، وفي الصلاة توقير له وتبجيل
وخضوع من العبد إذا سجد، والاقرار بأن فوقه ربا يعبده ويسجد له.
وسألاه عن الصوم
فقال عليه السلام: امتحنهم بضرب من الطاعة كيما ينالوا بها عنده الدرجات ليعرفهم
فضل ما أنعم عليهم من لذة الماء وطيب الخبز، وإذا عطشوا يوم صومهم ذكروا يوم
العطش الاكبر في الآخرة وزادهم ذلك رغبة في الطاعة. وسألاه لم حرم الزنا ؟ قال: لما
فيه من الفساد، وذهاب المواريث، وانقطاع الانساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها
؟ ولا المولود يعلم من أبوه ؟ ولا أرحام موصولة، ولا قرابة معروفة.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 111 ]
تاريخ النشر : 2024-02-08