حدثنا أبو الطيب،
قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الاعرابي ، قال: حدثنا علي بن عمروس ، عن هشام بن السائب،
عن أبيه، قال: خطب الناس يوما معاوية بمسجد دمشق وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء
قريش وخطباء ربيعة ومدارهها ، وصناديد اليمن وملوكها، فقال معاوية : إن الله (تعالى)
أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنة فأنقذهم من النار، ثم جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام
الذابين عن حرم الله، المؤيدين بظفر الله، المنصورين على أعداء الله .
قال: وفي الجامع
من أهل العراق الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال الأحنف لصعصعة: أتكفيني أم أقوم
أنا إليه؟ فقال صعصعة: بل أكفيكه أنا. ثم قام صعصعة فقال: يا بن أبي سفيان، تكلمت فأبلغت
ولم تقصر دون ما أردت، وكيف يكون ما تقول وقد غلبتنا قسرا وملكتنا تجبرا ودنتنا بغير الحق، واستوليت
بأسباب الفضل علينا؟! فأما إطراؤك أهل الشام فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم،
قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال، فإن أعطيتهم حاموا عنك ونصروك، وإن منعتهم قعدوا
عنك ورفضوك.
فقال معاوية: اسكت
يا بن صوحان، فوالله لولا أني لم أتجرع غصة غيظ قط أفضل من حلم وأحمد من كرم سيما في
الكف عن مثلك والاحتمال لدونك لما عدت إلى مثل مقالتك.
فقعد صعصعة فأنشأ
معاوية يقول:
قبلت جاهلهم حلما
وتكرمة * والحلم عن قدر في فضل من الكرم .
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 5
تاريخ النشر : 2024-01-15