أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اسماء الله تعالى/الإمام الجواد عليه السلام
عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند
أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى أله أسماء
وصفات في كتابه ؟ وهل أسماؤه وصفاته هي هو ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: إن لهذا
الكلام وجهين: إن كنت تقول هي هو أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك، وإن كنت
تقول هذه الاسماء والصفات لم تزل فإنما لم تزل محتمل معنيين فإن قلت: لم تزل
عنده في علمه وهو يستحقها فنعم وإن كنت تقول: لم يزل صورها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ
الله أن يكون معه شئ غيره بل كان الله تعالى ذكره ولا خلق ثم خلقها
وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره، وكان الله سبحانه ولا
ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل، والاسماء والصفات مخلوقات والمعني
بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الايتلاف، وإنما يختلف ويأتلف
المتجزي، ولا يقال له: قليل ولا كثير، ولكنه القديم في ذاته لان ما سوى الواحد
متجزئ، والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة، وكل متجزئ أو متوهم بالقلة
والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك: إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شئ فنفيت
بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة
الجهل وجعلت الجهل سواه، فإذا أفنى الله الاشياء
أفني الصورة والهجاء والتقطيع فلا يزال من لم يزل عالما. فقال الرجل: فكيف سمينا
ربنا سميعا ؟ فقال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول
في الراس. وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص
أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر طرفة العين وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف
مثل البعوضة وما هو أخفى من ذلك، وموضع المشي منها، والعقل والشهوة للسفاد
والحدب على أولادها، وإقامة بعضها على بعض، ونقلها الطعام والشراب إلى
أولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار فعلمنا بذلك أن خالقها لطيف بلا كيف
إذا لكيفية للمخلوق المكيف. وكذلك سمينا ربنا قويا بلا قوة البطش المعروف من الخلق،
ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه واحتمل الزيادة، وما احتمل
الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا،
فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند، ولا كيفية ولا نهاية ولا تصاريف .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 4 / صفحة [ 153 ]
تاريخ النشر : 2023-04-12