أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اسماء الله تعالى/الإمام الرضا عليه السلام
ما جيلويه، عن علي
بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجاني،
عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول في الله عزوجل: هو اللطيف الخبير
السميع البصير الواحد الاحد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، منشئ
الاشياء، ومجسم الاجسام، ومصور الصور، لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق،
ولا المنشئ من المنشأ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شئ، ولا
يشبه هو شيئا. قلت: أجل جعلني الله فداك لكنك قلت: الاحد الصمد وقلت: لا يشبه شيئا،
والله واحد والانسان واحد، أليس قد تشابهت الوحدانية ؟ قال: يا فتح أحلت ثبتك الله،
إنما التشبيه في المعاني، فأما في الاسماء فهي واحدة، وهي دلالة على المسمى، وذلك
أن الانسان وإن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة، وليس بإثنين فالإنسان نفسه ليس
بواحد لان أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة كثيرة غير واحدة، وهو أجزاء مجزا ليست
بسواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير
بياضه، وكذلك سائر الخلق فالإنسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى، والله جل جلاله
واحد لا واحد غيره، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ونقصان فأما الانسان
المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتي غير أنه بالاجتماع شيء واحد
قلت: جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك فقولك: اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد
فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أني احب أن تشرح ذلك لي.
فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف،
ولعلمه بالشيء اللطيف وغير اللطيف، وفي الخلق اللطيف من الحيوان
الصغار من البعوض والجرجس وما هو أصغر منهما
ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الانثى، والحدث المولود
من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد والهرب من الموت والجمع
لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الاشجار والمفاوز والقفار وفهم بعضها
عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها
حمرة مع صفرة وبياضا مع خضرة وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا
تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف في خلق ما سميناه
بلا علاج ولا أداة ولا آلة، وأن كل صانع شئ فمن شئ صنع، والله الخالق اللطيف الجليل
خلق وصنع لا من شئ.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 4 / صفحة [ 173]
تاريخ النشر : 2023-11-26