أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/فضل الامام ومنزلته وكرامته/الامام الباقر عليه السلام
عن أبي جعفر عليه السلام قال : لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق
الدنيا ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة
ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على
الله عز وجل علمه، لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة
بما يأتيهم في تلك الليلة، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل عليه السلام، قلت:
والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة عليهم السلام؟ قال: أما
الأنبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه
الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى
من أحب من عباده.
وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، وأيم الله
ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الامر فيها، ووضع
لوصيه من بعده، وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه، من الامر في تلك الليلة
من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوص إلى فلان، ولقد قال الله عز وجل في
كتابه لولاة الامر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ - الى قوله - فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [النور:
55] يقول: أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده
حتى يبعث النبي الذي يليه {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:
55] يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك {فَأُولَئِكَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ } [النور: 55] فقد مكن ولاة الامر بعد محمد بالعلم و نحن هم،
فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا
الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر
الليالي والأيام، إذا أتى ظهر، وكان الامر واحدا.
وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء
على الناس ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا، ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا
على الناس، أبى الله عز وجل أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض.
ثم قال أبو جعفر عليه السلام فضل إيمان المؤمن بحمله {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}
[القدر: 1] وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم،
وإن الله عز وجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا - لكمال عذاب
الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم - ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في
هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 250
تاريخ النشر : 2023-09-28