أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
عن الحسن بن علي
السلمي ، عن أحمد بن أيوب ، عن محمد ين يحيى الازدي ، عن سعيد بن عامر ، عن جعفر
بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن عمر بن سلمة ، قال : شهدت مشهدا ما شهدت
مثله كان أعجب عندي ولا أوقع على قلبي منه ، قال : فقيل : يا أبا جعفر وما ذاك؟
قال : لما مات أبو بكر أقبل الناس يبايعون عمر بن الخطاب إذا أقبل يهودي قد أقر له
بالمدينة يهودها أنه أعلمهم. وكذلك كان أبوه من قبل فيهم ، فقال : يا عمر من أعلم
هذه الامة بكتاب الله وسنة نبيه؟ فأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ،
قال : فأتاه اليهودي فقال : يا علي أنت كما زعم عمر بن الخطاب؟ فقال له : وما زعم؟
قال : يزعم أنك أعلم هذه الامة بكتاب الله وسنة نبيه ، فقال له : يا يهودي سل عما
بدا لك تخبر إن شاء الله تعالى ، فقال : إني سائلك عن ثلاث وثلاث وواحدة ، فقال
عليه السلام : ولم لا تقول سبعا؟ فقال له : لا أقول سبعا ولكن أسألك عن ثلاث ،
فإن أجبتني فيهن سألتك عما بعدهن وإلا علمت أنه ليس فيكم عالم ومضيت ، فقال له علي
عليه السلام : فإني سائلك بإلهك الذي تعبده إن أجبتك في كل ما سألتني عنه لتدعن دينك
ولتدخلن في ديني؟ فقال له اليهودي : ما جئت إلا للإسلام ، فقال له علي عليه السلام
سل عما شئت.
فقال له :
أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض أي شيء هو؟ وعن أول عين فاضت على وجه
الارض أي عين هي؟ وأول شجرة اهتزت على وجه الأرض أي شجرة هي؟ فقال له علي عليه السلام
: يا هاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة دم قطرت على وجه الارض حيث قتل ابن آدم
أخاه ، وليس هو كما تقولون ، ولكن أقول : أول قطرة قطرت على وجه الارض حيث طمثت
حواء ، وذلك قبل أن تلد ابنها شيئا ، قال : صدقت قال له علي عليه السلام : أما
أنتم فتقولون إن أول شجرة اهتزت على وجه الارض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح
وهي الزيتونة وليس هو كما تقولون ، ولكنها النخلة التي نزلت مع آدم من الجنة ، وهي
العجوة ، ومنها يتفرق ما ترى من أنوال النخل ، قال : صدقت ، فقال له علي عليه السلام
: أما أنتم فتقولون : إن أول عين فاضت على وجه الأرض عين اليقود ، وهي العين التي
تكون في البيت المقدس ، وليس هو كما تقولون ، ولكنها عين الحياة التي وقف عليها
موسى بن عمران وفتاه ومعهم النون الملاحة ، فسقطت فيها فحييت ، وكذلك ماء تلك
العين لا يصيب شيء منها إلا حيي ، وكذلك كان الخضر عليه السلام على مقدمة ذي
القرنين في طلب عين الحياة ، فأصابها الخضر عليه السلام فشرب منها ، وجاء ذو
القرنين يطلبها فعدل عنها ، قال : صدقت والذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتاب أبي
هارون بن عمران ، كتبه بيده وإملاء موسى بن عمران.
قال : فأخبرني
عن الثلاث الاخر : أخبرني عن محمد كم له من إمام؟ وأي جنة يسكن؟ ومن ساكنها معه في
جنته؟ وعن أول حجر هبط إلى الارض ، فقال علي عليه السلام يا هاروني إن لمحمد اثني
عشر إماما عدلا ، لا يضر هم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم ، أرسب
في الدين من الجبال الراسيات في الارض ، وإن مسكن محمد في جنة عدن ، التي قال الله
عزوجل. كن فيها ، فكان ، وفيها انفجرت أنهار الجنة وسكان محمد في جنته اولئك
الاثنا عشر إمام عدل ، وأول حجر هبط فأنتم تقولون : هي الصخرة التي في بيت المقدس
وليس كما تقولون ، ولكنه الذي في بيت الله الحرام هبط به جبرئيل إلى الارض ، وهو
أشد بياضا من الثلج ، فاسود من خطايا بني آدم ، فقال له اليهودي : صدقت والذي لا
إله إلا هو إني لأجدها في كتاب أبى هارون وإملاء موسى.
فقال اليهودي :
وبقيت واحدة وهي : أخبرني عن وصي محمد كم يعيش؟ وهل يموت أو يقتل؟ فقال له علي
عليه السلام : يا يهودي وصي محمد أنا ، أعيش بعده ثلاثين سنة ، لا أزيد يوما
واحدا ولا أنقص يوما واحدا ، ثم ينبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود ، فيضربني ضربة
ههنا في قرني ، فيخضب لحيتي ، قال : وبكى علي عليه السلام بكاء شديدا ، قال :
فصاح اليهودي وأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله ، وأشهد يا علي أنك وصي محمد ، وأنهه ينبغي لك أن تفوق ولا تفاق
، وأن تعظم ولا تستضعف ، وأن تقدم ولا يتقدم عليك ، وأن تطاع فلا تعصى ، وأنك لاحق
بهذا المجلس من غيرك ، وأما أنت يا عمر فلا صليت خلفك أبدا ، فقال له علي عليه السلام
: كف يا هاروني من صوتك.
ثم أخرج
الهاروني من كمه كتابا مكتوبا بالعبرانية فأعطاه عليا عليه السلام فنظر فيه علي
عليه السلام فبكى ، فقال له الهاروني : ما يبكيك؟ فقال له علي : يا هاروني هذا
فيه اسمي مكتوبا! فقال اليهودي : إنه كتاب بالعبرانية وأنت رجل عربي ، فقال له علي
عليه السلام : ويحك يا هاروني هذا اسمي ، أما في التوراة اسمي هابيل ، وفي
الانجيل حيدار ، فقال له اليهودي : صدقت والذي لا إله إلا هو إنه لخط أبي هارون
وإملاء موسى بن عمران توارثته الآباء حتى صار إلي ، قال : فأقبل علي عليه السلام
يبكى ويقول : الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا ، الحمد لله الذي أثبتني في صحف
الابرار ، ثم أخذ علي عليه السلام بيد الرجل فمضى إلى منزله ، فعلمه معالم الخير
وشرائع الاسلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 327 ]
تاريخ النشر : 2025-12-18