التفسير بالمأثور/تأويل الآيات والروايات/الإمام الصادق (عليه السلام)
الحسين بن محمد
، عن المعلى ، بإسناده عن إسحاق بن عمار قال : قال أبوعبد الله عليه السلام «
والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد » في علي « هو الحق من ربهم
كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم » كذا نزلت.
وقال علي بن إبراهيم
في قوله : « والذين آمنوا وعلموا الصالحات » نزلت في أبي ذر وسلمان وعمار والمقداد
، لمن ينقضوا العهد « وآمنوا بما نزل على محمد » أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها
الله « وهو الحق » يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه « من ربهم كفر عنهم سيئاتهم
وأصلح بالهم » أي حالهم ، ثم ذكر أعمالهم فقال : « ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا
الباطل » وهم الذين اتبعوا أعداء أمير المؤمنين عليه السلام ، « وأن الذين آمنوا
اتبعوا الحق من ربهم ».
قال : وحدثني
أبي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في سورة محمد آية فينا
وآية في عدونا ، والدليل على ذلك قوله : « كذلك يضرب الله للناس أمثالهم فإذا لقيتم
الذين كفرا فضرب الرقاب » إلى قوله : « لانتصر منهم » فهذا السيف الذي هو على مشركي
العجم من الزنادقة ومن ليس معه الكتاب من عبدة النيران والكواكب ، وقوله : « فإذا
لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب » فالمخاطبة للجماعة والمعنى لرسول الله صلى الله
عليه وآله والامام بعده « والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم
ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم » أي وعدها إياهم وداخرها لهم « ليبلوا بعضكم
ببعض » أي يختبر ، ثم خاطب أمير المؤمنين
صلوات الله عليه فقال : « يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت
أقدامكم » ثم قال : « والذين كفروا فتسعا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما
أنزل الله » في علي « فأحبط أعمالهم » حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم
بن عبد الرحيم ، عن محمد بن علي ، عن محمد فضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام
قال : نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا : ذلك بأنهم
كرهوا ما أنزل الله في علي ، إلا أن كشط الاسم « فأحبط أعمالهم ».
قال علي بن
إبراهيم في قوله : « أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ،
أي أولم ينظروا في أخبار الامم الماضية ، وقوله : « دمر الله عليهم « أي أهلكهم
وعذبهم ، ثم قال : « والكافرين » يعني الذين كفروا وكرهوا ما أنزل الله في علي «
أمثالهم » أي لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب والهلاك ، ثم ذكر المؤمنين
الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام فقال : « ذلك بأن الله مولى
الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم » ثم ذكر المؤمنين فقال : إن الله يدخل
الذين آمنوا وعملوا الصالحات « يعني بولاية علي عليه السلام » جنات تجري من تحتها
الانهار والذين كفروا » أعداؤه « يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام » يعني أكلا
كثيرا « والنار مثوى لهم » قال : « وكأين
من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم » قال : إن الذين أهلكناهم من الامم السالفة كانوا
أشد قوة من قريتك يعني أهل مكة الذين أخرجوك منها فلم يكن لهم ناصر « أفمن كان على
بينة من ربه » يعني أمير المؤمنين عليه السلام « كمن زين له سوء عمله » يعني
الذين غصبوه « واتبعوا أهواءهم » ثم ضرب لأوليائه وأعدائه مثلا ، فقال لأوليائه ،
« مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن » إلى قوله : لذة
للشاربين « أي خمرة ، إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها » وأنهار من عسل
مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم « ثم ضرب لأعدائه مثلا فقال : « كمن
هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم » قال ليس من هو في هذه الجنة
الموصوفة كمن هو في هذه النار ، كما أن ليس عدو الله كوليه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 123 ]
تاريخ النشر : 2025-12-07