«
شرع لكم من الدين » مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وآله « ما وصى به نوحا والذي
أوحينا إليك » يا محمد « وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين » أي تعلموا
الدين يعني التوحيد ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ،
والسنن والاحكام التي في الكتب ، والاقرار بولاية أمير المؤمنين عليه السلام «
ولا تتفرقوا فيه » أي لا تختلفوا فيه « كبر على المشركين ما تدعوهم إليه » من ذكر
هذه الشرائع ، ثم قال : الله يجتبي إليه من يشاء « أي يختار » ويهدي إليه من ينيب
« وهم الائمة الذين اجتباهم الله واختارهم ، قال : « وما تفرقوا إلا من بعد ما
جاءهم العلم بغيا بينهم » قال : لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم
وعرفوه ، فحسد بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفضيل أمير المؤمنين
عليه السلام بأمر الله ، فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والاهواء ، ثم قال
عزوجل : « ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم » قال : لولا أن الله
قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الاول لقضى بينهم إذا اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ،
ولكن أخرهم إلى أجل مسمى المقدور « وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه
مريب » كناية عن الذين نقضوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : «
فلذلك فادع واستقم » يعني لهذه الامور والدين الذي تقدم ذكره وموالاة أمير
المؤمنين عليه السلام فادع واستقم كما امرت.
قال : فحدثني
أبي ، عن علي بن مهزيار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
الله : « أن أقيموا الدين » قال : الامام « ولا تتفرقوا فيه » كناية عن أمير
المؤمنين عليه السلام.
ثم قال : « كبر
على المشركين ما تدعوهم إليه » من أمر ولاية علي عليه السلام « الله يجتبي إليه
من يشاء » كناية عن علي عليه السلام « ويهدي إليه من ينيب » ثم قال : « فلذلك فادع
واستقم كما امرت » يعني إلى أمير المؤمنين عليه السلام « ولا تتبع أهواءهم » فيه «
وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وامرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم » إلى قوله : «
وإليه المصير ».
ثم قال عزوجل :
« والذين يحاجون في الله » أي يحتجون على الله بعد ما شاء الله أن يبعث عليهم
الرسل فبعث الله إليهم الرسل والكتب ، فغيروا وبدلوا ، ثم يحتجون يوم القيامة على
الله فـ « حجتهم داحضة » أي باطلة « عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ».
ثم قال : « الله
الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان » قال : الميزان أمير المؤمنين عليه السلام.
والدليل على ذلك
قوله في سورة الرحمان : « والسماء رفعها ووضع الميزان » قال : يعني الامام عليه السلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 119 ]
تاريخ النشر : 2025-12-07