بإسناده عن
الثعلبي في قوله تعالى : « فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه » قال : علي بن أبي
طالب عليه السلام.
أقول : قال
العلامة ـ قدس الله روحه ـ في كشف الحق : قال الثعلبي : نزلت في علي عليه السلام،
وقال الشيخ الطبرسي ـ أعلى الله مقامه ـ : قيل : هم أمير المؤمنين عليه السلام
وأصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين ، وروي ذلك عن عمار
وحذيفة وابن عباس ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ويؤيد
هذا القول أن النبي صلى الله عليه وآله وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية ،
فقال فيه ـ وقد ندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليها مرة بعد اخرى وهو
يجبن الناس ويجبنونه ـ : لأعطين الراية غدا رجلا يجب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله ، كرارا غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ، ثم أعطاها إياه. وأما
الوصف باللين على أهل الايمان والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا
يخاف فيه لومة لائم فمما لا يمكن أحدا دفع علي عن استحقاق ذلك ، لما ظهر من شدته
على أهل الشرك والكفر ونكايته فيهم ، ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة
الدين والرأفة بالمؤمنين ، ويؤكد ذلك إنذار رسول الله (ص) قريشا بقتال علي عليه السلام
لهم من بعده ، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا له : يا محمد إن أرقاءنا
لحقوا بك فارددهم علينا ، فقال رسول الله : صلى الله عليه وآله لتنتهن يا معشر
قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله ،
فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله ، أبوبكر؟ قال لا ولكنه خاصف النعل في
الحجرة ـ وكان علي على السلام يخصف نعل رسول الله (ص) ـ وروي عن علي عليه السلام
أنه قال يوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم ، وتلا هذه الآية ، ثم
روى عن الثعلبي حديث الحوض الدال على ارتداد الصحابة انتهى.
أقول : ويؤيده
أيضا ما أوردته في كتاب الفتن بأسانيد جمة عن جابر الانصاري وأبي سعيد الخدري وابن
عباس وغيرهم ، واللفظ لجابر قال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح خطيبا
فقال : أيها الناس لا أعرفنكم ترجعون بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، ولئن
فعلتم ذلك لتعرفنني في كتيبة أضربكم بالسيف ، ثم التفت عن يمينه ، فقال الناس ، لقنه
جبرئيل عليه السلام شيئا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : هذا جبرئيل عليه السلام
يقول : أو علي.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 46 ]
تاريخ النشر : 2025-12-02