أحمد بن هارون
وجعفر بن محمد بن قولويه وجماعة عن علي بن الحسين عن عبد الله بن جعفر الحميري عن
محمد بن الحسن عن أحمد بن النضر عن صباح عن الحارث بن الحصيرة عن صخر بن الحكم الفزاري
، عمن حدثه أنه سمع عمرو بن الحمق يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنه سمع
رسول الله في المسجد الحرام أو في مسجد المدينة ، يقول : يا عمرو ! هل لك في أن
أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ! وآية النار يأكل
الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ فقلت : نعم بأبي أنت وأمي فأرنيها .
فأقبل علي عليه
السلام يمشي حتى سلم وجلس ، فقال [ النبي ] : يا عمرو هذا وقومه آية الجنة . ثم
أقبل معاوية حتى سلم فجلس ، فقال [ النبي ] : يا عمرو هذا وقومه آية النار .
[ ثم قال ] وذكر
[ عمرو ] بدء إسلامه [ و ] أنه كان في إبل لأهله ، وكانوا أهل عهد لرسول الله ،
وأن أناسا من أصحاب رسول الله مروا به وقد بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله في
بعث فقالوا : يا رسول الله ما معنا زاد ولا نهتدي الطريق فقال : إنكم ستلقون رجلا
صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ، ويسقيكم من الشراب ويهديكم الطريق [ و ] هو من أهل
الجنة .
[ قال عمرو : ]
فأقبلوا حتى انتهوا إلي من آخر النهار ، وأمرت فتياني فنحروا جزورا وحملوا [ إلى
القوم ] من اللبن ، فبات القوم يطعمون من اللحم ما شاءوا ، ويسقون من اللبن ثم
أصبحوا فقلت : ما أنتم بمنطلقين حتى تطعموا وتشربوا فقال رجل منهم وضحك إلى صاحبه
فقلت : ومم ضحكت ! فقال : أبشر ببشرى الله ورسوله ، فقلت : وما ذاك ! قال : قال :
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الفج وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا
هداية الطريقة فقال : ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب
ويدلكم على الطريق [ وهو ] من أهل الجنة ، فلم نلق من يوافق نعت رسول الله غيرك .
قال [ عمرو ]
فركبت معهم وأرشدتهم إلى الطريق ، ثم انصرفت إلى فتياني وأوصيتهم بإبلي ثم سرت كما
أنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بايعت وأسلمت ، وأخذت لنفسي ولقومي
أمانا من رسول الله صلى الله عليه وآله أنا آمنون على أموالنا ودمائنا إذ شهدنا أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأقمنا بسهم
الله ورسوله قال : فإذا فعلتم ذلك فأنتم آمنون على أموالكم ودمائكم ، لكم بذلك ذمة
الله ورسوله لا نعتدي عليكم في مال ولا دم .
[ ثم قال عمرو ]
فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت ، وغزوت معه غزوات وقبض الله
ورسوله .
قال : [ و ] كان
عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، فلما صار الأمر إلى
معاوية انحاز إلى شهر زور من الموصل .
وكتب إليه
معاوية : أما بعد فإن الله أطفأ النائرة وأخمد الفتنة وجعل العاقبة للمتقين ، ولست
بأبعد أصحابك همة ولا أشدهم في سوء الأثر صنعا ، كلهم قد أسهل بطاعتي وسارع إلى
الدخول في أمري ، وقد بطأ بك ما بطأ فادخل فيما دخل فيه [ الناس ] يمح عنك سالف
ذنوبك ونحي داثر حسناتك ، ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووفيت
وأحسنت ، فاقدم علي آمنا في ذمة الله وذمة رسوله ، محفوظا من حسد القلوب وإحن
الصدور وكفى بالله شهيدا .
فلم يقدم عليه
عمرو بن الحمق ، فبعث إليه من قتله وجاء برأسه [ إليه ] فبعث به [ معاوية ] إلى
امرأته [ وهي في سجنه ] فوضع في حجرها فقالت : سترتموه عني طويلا وأهديتموه إلي
قتيلا ! فأهلا وسهلا من هدية غير قالية ولا بمقلية ، بلغ أيها الرسول عني معاوية
ما أقول : طلب الله بدمه ، وعجل له الويل من نقمه ، فقد أتى أمرا فريا وقتل برا
تقيا ، فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت .
فبلغ الرسول [
معاوية ] ما قالت ، فبعث إليها فقال لها : أنت القائلة ما قلت ؟ قالت : نعم غير
ناكلة عنه ولا معتذرة منه . قال لها : أخرجي من بلادي .
قالت : أفعل
فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سجن ، ولقد طال بها سهري واشتهر بها عبري
وكثر فيها ديني من غير ما قرت به عيني .
فقال عبد الله
بن أبي سرح الكاتب : يا أمير المؤمنين ! إنها منافقة فألحقها بزوجها . فنظرت إليه
فقالت : يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ! إلا قتلت من أنعمك خلعا وأصفاك بكساء ،
إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب ، واتخذ العباد كالأرباب ، فأنزل كفره في
الكتاب .
فأومأ معاوية
إلى الحاجب بإخراجها فقالت : وا عجباه من ابن هند ! يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ
لسانه ، أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنوافذ الحديد ، أو ما أنا بآمنة بنت الرشيد
[ ظ : الشريد ] .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 34 / صفحة [ 277 ]
تاريخ النشر : 2025-10-28