أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
كتاب الغارات
لابراهيم الثقفي قال: بلغنا أن معاوية قال لهيثم بن الاسود وكان عثمانيا وكانت
امرأته علوية الرأي تحب عليا وتكتب بأخبار معاوية في أعنة الخيل فتدفعها بعسكره
[عليه السلام] في صفين فقال معاوية: يا هيثم أهل العراق كانوا أنصح لعلي أم أهل
الشام لي قال: أهل العراق قبل أن يضربوا بالبلاء كانوا أنصح لصاحبهم من أهل الشام.
قال: ولم ذلك ؟ قال: لان القوم ناصحوا عليا عليه السلام على الدين وناصحك أهل
الشام على الدنيا وأهل الدين أصبر وهم أهل بصيرة ونصر وأهل الدنيا أهل يأس وطمع ثم
والله ما لبث أهل العراق أن نبذوا الدين وراء ظهورهم ونظروا إلى الدنيا [التي] في
يدك فما أصابها منهم إلا الذي لحق بك.
قال معاوية: فما
منع الاشعث بن قيس أن يطلب ما قبلنا ؟ قال: أكرم نفسه أن يكون رأسا في العار وذنبا
في الطمع. قال: هل كانت امرأتك تكتب بالأخبار إلى علي عليه السلام في أعنة الخيل
فتباع ؟ قال: نعم. وعن محارب بن ساعدة الايادي قال: كنت عند معاوية وعنده أهل
الشام ليس فيهم غيرهم إذ قال: يا أهل الشام قد عرفتم حبي لكم وسيرتي فيكم وقد
بلغكم صنيع علي بالعراق وتسويته بين الشريف وبين من لا يعرف قدره فقال رجل منهم:
لا يهذ الله ركنك ولا يعدمك ولدك ولا يرينا فقدك قال فما تقولون في أبي تراب ؟
فقال رجل منهم ما أراد ومعاوية ساكت وعنده عمرو بن العاص ومروان بن الحكم فتذاكرا
عليا عليه السلام بغير الحق. فوثب رجل من آخر المجلس من أهل الكوفة دخل مع القوم
فقال: يا معاوية تسأل أقواما في طغيانهم يعمهون واختاروا الدنيا على الآخرة والله
لو سألتهم عن السنة ما أقاموها فكيف يعرفون عليا وفضله أقبل علي أخبرك ثم لا تقدر
أن تنكر أنت ولا من عن يمينك يعني عمرا هو والله الرفيع جاره الطويل عماده دمر
الله به الفساد وبار به الشرك ووضع به الشيطان وأولياءه وضعضع به الجور وأظهر به
العدل ونطق زعيم الدين وأطاب المورد وأضحى الداجي وانتصر به المظلوم وهدم به بنيان
النفاق وانتقم به من الظالمين وأعز به المسلمين كريح رحمة أثارت سحابا متفرقا
بعضها إلى بعض حتى التحم واستحكم فاستغلظ فاستوى ثم تجاوبت نواتقه وتلالات بوارقه
واسترعد خرير مائه فاسقى وأروى عطشانه وتداعت جنانه واستقلت به أركانه واستكثرت
وابله ودام رزازه وتتابع مهطوله فرويت البلاد واخضرت وأزهرت. ذلك علي بن أبي طالب
سيد العرب إمام الامة وأفضلها وأعلمها وأجملها وأحكمها أوضح للناس سيرة الهدى بعد
السعي في الردى وهو والله إذا اشتبهت الامور وهاب الجسور واحمرت الحدق وانبعث
القلق وأبرقت البواتر استربط عند ذلك جأشه وعرف بأسه ولاذ به الجبان الهلوع فنفس
كربته وحمى حمايته مستغن برأيه عن مشورة ذوي الالباب برأي صليب وحلم أريب مجيب
للصواب مصيب.
فأسكت القوم
جميعا وأمر معاوية بإخراجه فأخرج وهو يقول: قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان
زهوقا. وكان معاوية تعجبه الفصاحة ويصغي للمتكلم حتى يفرغ من كلامه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 277 ]
تاريخ النشر : 2025-10-13