أخبرنا محمد بن
محمد والحسن بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال:
حدثنا عبد الله بن يحيى العسكري، قال: حدثني أحمد بن زيد بن أحمد، قال: حدثنا محمد
بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله، قال: حدثني أبي يحيى بن أكثم القاضي، قال: أقدم
المأمون دعبل بن علي الخزاعي (رحمه الله) وآمنه على نفسه، فلقا مثل بين يديه -
وكنت جالسا بين يدي المأمون -
فقال له: أنشدني قصيدتك، فجحدها دعبل، وأنكر معرفتها.
فقال له: لك الأمان عليها كما أمنتك على
نفسك، فأنشده:
تأسفت جارتي لـــــــــما رأت زوري * وعدت
الحلم ذنبا غير معــــــــتفر
ترجو الصبا بعدما شابت ذوائبــــــها * وقد
جرت طلقا في حـــــــلبة الكبر
أجارتي إن شيب الرأس يعـــــــلمــني * ذكر
المعـــاد وأرضاني عن القدر
لو كنت أركن للدنيا وزيــــــــــــنـتها *
إذن بكيت على الماضين من نفري
أخنى الزمان على أهلي فصــــدعـهم * تصـدع
القعب لاقى صدمة الحـجر
بعض أقام وبعض قد أهــــــــــاب به * داعي
المنية والبــاقي على الأثـــر
أما المقيم فأخـشى أن يفارقنــــــــــي *
ولست أوبة مـن ولى بمنتــــــــظر
أصبحت أخبر عن أهلي وعـن ولدي * كحالم قص
رؤيـا بعد مـــــــــدكر
لولا تشاغل عيني بالألى ســـــــــلفوا *
من أهل بيت رســـــول الله لم أقر
وفي مواليك للمحزون مشــــــــــــغلة * من
أن تبيت لمفقــــــود على أثر
كم من ذراع لهم بالـــــــــــطف بائنة *
وعارض بصعيد الترب منعـــــفر
أنسى الحسين ومسراهم لمقتلـــــــــه * وهم
يقولون هذا سيـد البـــــــــشر
يا أمة السوء ما جازيت أحــــمد في * حسن
البلاء على التنزيل والسور؟!
خلفتموه على الأبناء حين مضــــى * خلافة
الذئب في إبقار ذي بــــــــقر .
قال يحيى بن أكثم : وأنفذني المأمون في
حاجة ، فقمت فعدت إليه، وقد انتهى إلى قوله :
لم يبق حي من الاحياء نعلــــــمه * من ذي
يمان ولا بكـــــــر ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهـــــــــــم * كما
تشارك أيسار على جــــــــــزر
قتلا وأسرا وتحريقا ومنهـــــــــبة * فعل
الغزاة بأهل الروم والخــــــزر
أرى أمية معذورين إن قتلــــــــــوا * ولا
أرى لبني العباس من عـــــذر
قوم قتلتم على الاسلام أولهــــــــم * حتى
إذا استمكنوا جازوا على الكفر
أبناء حرب ومروان وأسرتـــــهم * بنو معيط
أولات الحقد والوغـــــــر
أربع بطوس على قبر الزكي بها * إن كنت تربع
من دين على وطـــر
هيهات كل امرء رهن بما كسبت * له يداه فخذ
ما شئت أو فـــــــــــذر .
قال: فضرب المأمون بعمامته الأرض وقال:
صدقت والله يا دعبل.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 100
تاريخ النشر : 2023-06-14