أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
ابن الوليد عن
الصفار عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن الاعمش عن عباية
الاسدي قال:
كان عبد الله بن العباس جالسا على شفير زمزم يحدث الناس فلما فرغ من
حديثه أتاه رجل فسلم عليه ثم قال: يا عبد الله إني رجل من أهل الشام فقال: أعوان
كل ظالم إلا من عصم الله منكم سل عما بدا لك. فقال: يا عبد الله بن عباس إني جئتك
أسألك عمن قتله علي بن أبي طالب من أهل لا إله إلا الله لم يكفروا بصلاة ولا بحج
ولا بصوم شهر رمضان ولا بزكاة ! ! فقال له عبد الله: ثكلتك أمك سل عما يعنيك ودع
ما لا يعنيك. فقال: ما جئتك أضرب إليك من حمص للحج ولا للعمرة ولكني أتيتك لتشرح
لي أمر علي بن أبي طالب وفعاله. فقال له: ويلك إن علم العالم صعب لا تحتمله ولا
تقر به قلوب الصدية ! ! !
أخبرك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مثله في هذه
الامة كمثل موسى والعالم (عليه السلام) وذلك إن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: *
(يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين *
وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء) * [144 - 145 / الاعراف:
7] وكان موسى يرى أن جميع الاشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا
جميع الاشياء فلما انتهى موسى إلى ساحل البحر فلقي العالم فاستنطق بموسى ليصل علمه
- ولم يحسده كما حسدتم أنتم علي بن أبي طالب وأنكرتم فضله - فقال له موسى: * (هل
اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) * [66 / الكهف: 18] فعلم العالم أن موسى لا
يطيق بصحبته ولا يصبر على علمه فقال له: * (إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر
على ما لم تحط به خبرا * قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) * [67 -
69 / الكهف: 18] فعلم العالم أن موسى لا يصير على علمه فقال: " فإن اتبعتني
فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا " قال: فركبا في السفينة فخرقها العالم
فكان خرقها لله عزوجل رضى وسخطا لموسى ولقي الغلام فقتله فكان قتله لله عزوجل رضا
وسخط ذلك موسى وأقام الجدار فكان إقامته لله عزوجل رضى وسخط موسى ذلك.
كذلك كان
علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يقتل إلا من كان قتله لله عزوجل رضى ولأهل
الجهالة من الناس سخطا اجلس حتى أخبرك. إن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج زينب
بنت جحش فأولم فكانت وليمته الحيس وكان يدعو عشرة فكانوا إذا أصابوا طعام رسول
الله صلى الله عليه وآله استأنسوا إلى حديثه واستغنموا النظر إلى وجهه وكان رسول
الله صلى الله عليه وآله يشتهي أن يخفوا عنه فيخلوا له المنزل لأنه حديث عهد بعرس
وكان يكره أذى المؤمنين فأنزل الله عزوجل فيه قرآنا أدبا للمؤمنين وذلك قوله
عزوجل: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير
ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن
ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق) * فلما نزلت هذه الآية
كان الناس إذا أصابوا طعام نبيهم صلى الله عليه وآله لم يلبثوا أن يخرجوا.
قال:
فلبث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعة أيام ولياليهن عند زينب بنت جحش ثم تحول
إلى بيت أم سلمة بنت أبي أمية وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قال: فلما تعالى النهار انتهى علي (عليه السلام) إلى الباب فدقه دقا
خفيفا له عرف رسول الله دقه وأنكرته أم سلمة فقال: يا أم سلمة قومي فافتحي له
الباب. فقالت: يا رسول الله من هذا الذي يبلغ من خطره أن أقوم له فأفتح له الباب ؟
وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عز وجل: * (وإذا سألتموهن متاعا
فاسألوهن من وراء حجاب) * فمن هذا الذي بلغ من خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي ؟
قال: فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كهيئة المغضب: " من يطع الرسول
فقد أطاع الله " قومي فافتحي له الباب فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق
ولا بالعجول في أمره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وليس بفاتح الباب حتى
يتوارى عنه الوطيء.
فقامت أم سلمة وهي لا تدري من بالباب غير أنها قد حفظت النعت
والمدح فمشت نحو الباب وهي تقول بخ بخ لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ففتحت
له.
قال: فأمسك [علي] بعضادتي الباب ولم يزل قائما حتى خفي عنه الوطيء ودخلت أم
سلمة خدرها ففتح الباب ودخل فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال
رسول الله: يا أم سلمة أتعرفينه ؟ قالت: نعم وهنيئا له هذا علي بن أبي طالب.
فقال:
صدقت يا أم سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو مني بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين وسيد الوصيين وهو عيبة علمي وبابي الذي أوتي منه وهو الوصي بعدي على
الاموات من أهل بيتي والخليفة على الاحياء من أمتي وأخي في الدنيا والآخرة وهو معي
في السنام الاعلى.
اشهدي يا أم سلمة واحفظي أنه يقاتل الناكثين والقاسطين
والمارقين.
فقال الشامي: فرجت عني يا عبد الله وأشهد أن علي بن أبي طالب مولاي
ومولى كل مسلم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 345 ]
تاريخ النشر : 2025-09-02