أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام الباقر (عليه السلام)
محمد بن يحيى عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن نعمان أبو جعفر الاحول عن سلام
بن المستنير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما
انقضت القصة فيما بينه وبين طلحة والزبير وعائشة بالبصرة صعد المنبر فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله [وسلم]) ثم قال: أيها الناس إن
الدنيا حلوة خضرة تفتن الناس بالشهوات وتزين لهم بعاجلها وأيم الله إنها لتغر من
أملها، وتخلف من رجاها، وستورث غدا أقواما الندامة والحسرة بإقبالهم عليها
وتنافسهم فيها وحسدهم وبغيهم على أهل الدين والفضل فيها ظلما وعدوانا وبغيا وأشرا
وبطرا. وبالله إنه ما عاش قوم قط في غضارة من كرامة نعم الله في معاش دنيا ولا
دائم تقوى في طاعة الله والشكر لنعمه فأزال ذلك عنهم إلا من بعد تغيير من أنفسهم
وتحويل عن طاعة الله والحادث من ذنوبهم وقلة محافظة وترك مراقبة الله عزوجل وتهاون
بشكر نعم الله لان الله عزوجل يقول: * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له ومالهم من دونه من وال) *. ولو أن أهل
المعاصي وكسبة الذنوب إذا هم حذروا زوال نعم الله وحلول نقمته وتحويل عافيته
أيقنوا أن ذلك من الله جل ذكره بما كسبت أيديهم فأقلعوا وتابوا وفزعوا إلى الله جل
ذكره بصدق من نياتهم وإقرار منهم بذنوبهم وإساءتهم لصفح لهم عن كل ذنب وإذا
لأقالهم كل عثرة ولرد عليهم كل كرامة نعمة ثم أعاد لهم من صالح أمرهم ومما كان
أنعم به عليهم كلما زال عنهم وأفسد عليهم. فاتقوا الله أيها الناس حق تقاته
واستشعروا خوف الله عز ذكره وأخلصوا النفس وتوبوا إليه من قبيح ما استنفركم الشيطان
من قتال ولي الامر وأهل العلم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله [وسلم]) وما
تعاونتم عليه من تفريق الجماعة وتشتت الامر وفساد صلاح ذات البين إن الله عزوجل
يقبل التوبة ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 233 ]
تاريخ النشر : 2025-08-28