أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
روى نصر بن
مزاحم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين وقع القتال وقتل طلحة تقدم على بغلة
رسول الله صلى الله عليه وآله الشهباء بين الصفين فدعا الزبير فدنا إليه حتى اختلف
أعناق دابتيهما فقال: يا زبير أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم ؟ قال: اللهم نعم. قال: فلم جئت ؟ قال: جئت
لأصلح بين الناس فأدبر الزبير وهو يقول:
ترك الامور التي
تخشى عواقبها * لله أجمل في الدنيا وفي الدين
نادى علي بأمر
لست أذكره * إذ كان عمر أبيك الخير مذحين
فقلت حسبك من
عذل أبا حسن * فبعض ما قلته ذا اليوم يكفيني
فاخترت عارا على
نار مؤججة * ما إن يقوم لها خلق من الطين
أخاك طلحة وسط
القوم منجدلا * ركن الضعيف ومأوى كل مسكين
قد كنت أنصر
أحيانا وينصرني * في النائبات ويرمي من يراميني
حتى ابتلينا
بأمر ضاق مصدره * فأصبح اليوم ما يعنيه يعنيني
قال: فأقبل
الزبير على عائشة فقال: يا أمة والله ما لي في هذا بصيرة وأنا منصرف. قالت عائشة:
أبا عبد الله أفررت من سيوف ابن أبي طالب فقال إنها والله طوال حداد تحملها فتية
أنجاد.
ثم خرج [الزبير]
راجعا فمر بوادي السباع وفيه الاحنف بن قيس قد اعتزل في بني تميم فأخبر الاحنف بانصرافه
فقال: ما أصنع به إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين وقتل أحدهما بالآخر ثم
هو يريد اللحاق بأهله فسمعه ابن جرموز فخرج هو ورجلان معه وقد كان لحق بالزبير رجل
من كلب ومعه غلامه فلما أشرف ابن جرموز وصاحباه على الزبير حرك الرجلان رواحلهما
وخلفا الزبير وحده فقال لهما الزبير: ما لكما ؟ هم ثلاثة ونحن ثلاثة. فلما أقبل
ابن جرموز قال له الزبير: إليك عني فقال ابن جرموز: يا أبا عبد الله إنني جئتك
أسألك عن أمور الناس ؟ قال: تركت الناس على الركب يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف. قال
ابن جرموز: يا أبا عبد الله أخبرني عن أشياء أسألك عنها. قال: هات. قال: أخبرني عن
خذلك عثمان وعن بيعتك عليا وعن نقضك بيعته وعن إخراجك أم المؤمنين وعن صلاتك خلف
ابنك وعن هذه الحرب الذي جنيتها وعن لحوقك بأهلك ؟ قال: أما خذلي عثمان فأمر قدم
الله فيه الخطيئة وأخر فيه التوبة. وأما بيعتي عليا فلم أجد منها بدا إذ بايعه
المهاجرون والانصار. وأما نقضي بيعته فإنما بايعته بيدي دون قلبي. وأما إخراجي أم
المؤمنين فأردنا أمرا وأراد الله غيره. وأما صلاتي خلف ابني فإن خالته قدمته.
فتنحى ابن جرموز وقال قتلني الله ن لم أقتلك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 198 ]
تاريخ النشر : 2025-08-26