أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/الامام علي عليه السلام
عن محمد ويحيى
ابني عبد الله بن الحسن ، عن أبيهما ، عن جدهما ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : لما خطب أبو بكر قام أبي بن كعب ، وكان
يوم الجمعة أول يوم من شهر رمضان.
فقال : يا معاشر
المهاجرين الذين اتبعوا مرضاة الله وأثنى الله عليهم في القرآن ، ويا معاشر
الأنصار ( الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ ) وأثنى الله عليهم في
القرآن ، تناسيتم أم نسيتم ، أم بدلتم أم غيرتم ، أم خذلتم أم عجزتم؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قام فينا مقاما أقام فيه عليا ، فقال : من كنت
مولاه فهذا مولاه ـ يعني عليا ـ ومن كنت نبيه فهذا أميره؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى ،
طاعتك واجبة على من بعدي كطاعتي في حياتي ، إلا أنه لا نبي بعدي؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أوصيكم بأهل بيتي خيرا ، فقدموهم ولا
تتقدموهم ، وأمروهم ولا تتأمروا عليهم؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أهل بيتي منار الهدى والدالون على الله؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : أنت الهادي لمن ضل؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : علي المحيي لسنتي ومعلم أمتي ، والقائم
بحجتي ، وخير من أخلف من بعدي ، وسيد أهل بيتي ، أحب الناس إلي ، طاعته كطاعتي على
أمتي؟!.
ألستم تعلمون
أنه لم يول على علي أحدا منكم ، وولاه في كل غيبته عليكم؟!.
ألستم تعلمون
أنه كان منزلهما في أسفارهما واحدا ، وارتحالهما وأمرهما واحدا؟!.
ألستم تعلمون
أنه قال : إذا غبت فخلفت فيكم عليا فقد خلفت فيكم رجلا كنفسي؟!.
ألستم تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قبل موته قد جمعنا في بيت ابنته فاطمة عليها السلام
فقال لنا : إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن اتخذ أخا من أهلك فاجعله نبيا ، واجعل أهله
لك ولدا ، أطهرهم من الآفات ، وأخلصهم من الريب ، فاتخذ موسى هارون أخا ، وولده
أئمة لبني إسرائيل من بعده ، يحل لهم في مساجدهم ما يحل لموسى.
وإن الله أوحى
إلي أن اتخذ عليا أخا ، كموسى اتخذ هارون أخا ، واتخذ ولده ولدا ، فقد طهرتهم كما
طهرت ولد هارون ، إلا أني ختمت بك النبيين فلا نبي بعدك ، فهم الأئمة الهادية؟!.
أفما تبصرون؟!
أفما تفهمون؟! أما تسمعون؟! ضربت عليكم الشبهات.
فكان مثلكم كمثل
رجل في سفر ، فأصابه عطش شديد حتى خشي أن يهلك ، فلقي رجلا هاديا في الطريق فسأله
عن الماء ، فقال له : أمامك عينان : أحدها مالحة والأخرى عذبة ، فإن أصبت المالحة
ضللت ، وإن أصبت العذبة هديت ورويت.
فهذا مثلكم
أيتها الأمة المهملة ـ كما زعمتم ـ ، وايم الله ما أهملتم ، لقد نصب لكم علم يحل
لكم الحلال ويحرم عليكم الحرام ، لو أطعتموه ما اختلفتم ، ولا تدابرتم ، ولا
تقاتلتم ، ولا بريء بعضكم من بعض.
فوالله! إنكم
بعده لمختلفون في أحكامكم ، وإنكم بعده لناقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
، وإنكم على عترته لمختلفون.
إن سئل هذا عن
غير من يعلم أفتى برأيه ، فقد أبعدتم وتجاريتم وزعمتم الاختلاف رحمة ، هيهات! أبى
الكتاب ذلك عليكم ، يقول الله تبارك وتعالى : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ
لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) ، ثم أخبرنا باختلافكم فقال : ( وَلا يَزالُونَ
مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) ، أي : للرحمة،
وهم : آل محمد.
سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : يا علي! أنت وشيعتك على الفطرة والناس [ منها ]
براء.
فهلا قبلتم من
نبيكم صلى الله عليه وآله؟! كيف وهو [ خبركم بانتكاصتكم ] عن وصيه عليه السلام
وأمينه ووزيره وأخيه ووليه دونكم أجمعين.
أطهركم قلبا ،
وأعلمكم علما ، وأقدمكم سلما ، وأعظمكم غناء عن رسول الله صلى الله عليه وآله ،
أعطاه تراثه ، وأوصاه بعداته ، واستخلفه على أمته ، وضع عنده سره ، فهو وليه دونكم
أجمعين ، وأحق به منكم على التعيين ، سيد الوصيين ، وأفضل المتقين، وأطوع الأمة
لرب العالمين ، سلمتم عليه بخلافة المؤمنين في حياة سيد النبيين وخاتم المرسلين.
فقد أعذر من
أنذر ، وأدى النصيحة من وعظ ، وبصر من عمى ، فقد سمعتم كما سمعنا ، ورأيتم كما
رأينا ، وشهدتم كما شهدنا.
فقام عبد الرحمن
بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل فقالوا : يا أبي! أصابك خبل أم بك
جنة؟!.
فقال : بل الخبل
فيكم ، كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله يوما ، فألفيته يكلم رجلا أسمع
كلامه ولا أرى وجهه.
فقال فيما
يخاطبه : ما أنصحه لك ولأمتك ، وأعلمه بسنتك.
فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله : أفترى أمتي تنقاد له من بعدي؟
قال : يا محمد!
تتبعه من أمتك أبرارها ، وتخالف عليه من أمتك فجارها ، وكذلك أوصياء النبيين من
قبلك ، يا محمد! إن موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون ـ وكان أعلم بني إسرائيل
وأخوفهم لله وأطوعهم له وأمره الله عز وجل أن يتخذه وصيا كما اتخذت عليا وصيا ،
وكما أمرت بذلك ، فحسده بنو إسرائيل سبط موسى خاصة ، فلعنوه وشتموه وعنفوه ووضعوا
له ، فإن أخذت أمتك سنن بني إسرائيل كذبوا وصيك ، وجحدوا أمره ، وابتزوا خلافته ،
وغالطوه في علمه.
فقلت : يا رسول
الله! من هذا؟.
فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله : هذا ملك من ملائكة الله ربي عز وجل ، ينبئني أن أمتي
تختلف على وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام.
وإني أوصيك يا
أبي بوصية إن حفظتها لم تزل بخير ، يا أبي عليك بعلي ، فإنه الهادي المهدي ،
الناصح لأمتي ، المحيي لسنتي ، وهو إمامكم بعدي ، فمن رضي بذلك لقيني على ما
فارقته عليه ، يا أبي ومن غير وبدل لقيني ناكثا لبيعتي ، عاصيا أمري ، جاحدا
لنبوتي ، لا أشفع له عند ربي ، ولا أسقيه من حوضي.
فقامت إليه رجال
من الأنصار فقالوا : اقعد ـ رحمك الله ـ يا أبي ، فقد أديت ما سمعت [ و] وفيت
بعهدك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 29 / صفحة [ 81 ]
تاريخ النشر : 2025-07-29