أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الخلق والخليقة/الإمام الباقر (عليه السلام)
باسناده مرفوعا
إلى جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام : يا
جابر كان الله ولا شئ غيره ولا معلوم ولا مجهول ، فأول ما ابتدأ من خلق خلقه أن
خلق محمدا « صلى الله عليه وآله وخلقنا أهل البيت معه من نوره وعظمته ، فأوقفنا
أظلة خضراء بين يديه ، حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا
قمر يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس ، نسبح الله تعالى ونقدسه ونحمده
ونعبده حق عبادته.
ثم بدا لله
تعالى عزوجل أن يخلق المكان فخلقه ز وكتب على المكان : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي
اميرالمؤ منين ووصيه ، به أيدته ونصرته ، ثم خلق الله العرش فكتب على سرادقات
العرش مثل ذلك ، ثم خلق الله السماوات فكتب على أطرافها مثل ذلك ، ثم خلق الجنة
والنار فكتب عليها مثل ذلك ، ثم خلق الملائكة وأسكنهم السمآء ثم تراءى لهم الله
تعالى وأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة ولعلي
عليه السلام بالولاية ، فاضطربت فرائص الملائكة ، فسخط الله على الملائكة واحتجب
عنهم فلاذوا بالعرش سبع سنين يستجيرون الله من سخطه ويقرون بما أخذ عليهم ،
ويسألونه الرضا فرضي عنهم بعدما أقروا بذلك وأسكنهم بذلك الا قرار السمآء واختصهم
لنفسه واختارهم لعبادته ، ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت ، فسبحوا
بتسبيحنا ولولا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبحون الله ولا كيف يقدسونه.
ثم إن الله
عزوجل خلق الهواء فكتب عليه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله علي أمير المؤمنين
وصيه ، به أيدته ونصرته ، ثم خلق الله الجن وأسكنهم الهواء وأخذ الميثاق منهم
بالربوبية ، ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ، ولعلي عليه السلام بالولاية ،
فأقر منهم بذلك من أقر ، وجحد منهم من جحد فأول من جحد إبليس لعنه الله ، فختم له
بالشقاوة وما صار إليه.
ثم أمر الله
تعالى عزوجل أنوارنا أن تسبح فسبحت ، فسبحوا بتسبيحنا ولولا ذلك ما دروا كيف
يسبحون الله ، ثم خلق الله الارض فكتب على أطرافها : لا اله إلا الله ، محمد رسول
الله ، علي أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته ونصرته ، فبذلك يا جابر قامت السماوات
بغير عمد وثبتت الارض ، ثم خلق الله تعالى آدم عليه السلام من أديم الارض فسواه
ونفح فيه من روحه ، ثم أخرج ذريته من صلبه فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية ،
ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولعلي عليه السلام بالولاية ، أقر منهم من
أقر وحجد من جحد.
فكنا أول من أقر
بذلك ، ثم قال لمحمد صلى الله عليه وآله : وعزتي وجلالي وعلو شأني لولاك ولولا
علي وعترتكما الهادون المهديون الراشدون ما خلقت الجنة والنار ولا المكان ولا
الارض ولا السماء ولا الملائكة ولا خلقا يعبدني ، يا محمد أنت خليلى وحبيبي وصفيي
وخيرتي من خلقي أحب الخلق إلي وأول من ابتدات إخراجه من خلقى.
ثم من بعدك
الصديق علي أميرالمؤمنين وصيك ، به أيدتك ونصرتك وجعلته العروة الوثقى ونور
أوليآئي ومنار الهدى ، ثم هؤلاء الهداة المهتدون ، من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت ،
وأنتم خيار خلقي فيما بيني وبين خلقي ، خلقتكم من نور عظمتي واحتجت بكم عمن سواكم
من خلقي ، وجعلتكم استقبل بكم واسأل بكم ، فكل شئ هالك إلا وجهي ، وأنتم وجهي ، لا
تبيدون ولا تهلكون ، ولا يبيد ولا يهلك من تولاكم ، ومن استقبلني بغيركم فقد ضل
وهوى ، وأنتم خيار خلقي وحملة سري وخزان علمي وسادة أهل السماوات وأهل الارض ، ثم
إن الله تعالى هبط إلى الارض في ظلل من الغمام والملائكة ، وأهبط أنوارنا أهل
البيت معه ، و أوقفنا نورا صفوفا بين يديه نسبحة في أرضه كما سبحناه في سماواته ،
ونقدسه في أرضه كما قدسناه في سمآئه ، ونعبده في أرضه كما عبدناه في سمآئه ، فلما
أراد الله إخراج ذرية آدم عليه السلام لاخذ الميثاق سلك ذلك النور فيه ، ثم أخرج
ذريته من صلبه يلبون فسبحناه فسبحوا بتسبيحنا ، ولولا ذلك لا دروا كيف يسبحون الله
عزوجل ثم تراءى لهم بأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ، وكنا أول من قال : بلى ، عند
قوله : ألست بربكم ، ثم أخذ الميثاق منهم بالنبوة لمحمد صلى الله عليه وآله ،
ولعلي عليه السلام بالولاية فأقر من أقر ، وجحد من جحد.
ثم قال أبو جعفر
عليه السلام : فنحن أول خلق الله ، وأول خلق عبد الله وسبحه ونحن سبب خلق الخلق
وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين ، فبنا عرف الله وبنا وحد الله وبنا
عبد الله ، وبنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه ، وبنا أثاب من أثاب ، وبنا عاقب
من عقاب ، ثم تلا قوله تعالى « وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون » وقوله
تعالى : « قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين » فرسول الله صلى الله عليه وآله أول من عبد
الله تعالى ، وأول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك ثم نحن بعد رسول الله.
ثم أودعنا بذلك
النور صلب آدم عليه الصلاة والسلام ، فما زال ذلك النور ينتقل من الاصلاب والارحام
من صلب إلى صلب ، ولا استقر في صلب إلا تبين عن الذي انتقل منه انتقاله ، وشرف
الذي استقر فيه حتى صار في صلب عبدالمطلب فوقع بأم عبد الله فاطمة فافترق النور
جزئين : جزء في عبد الله ، وجزء في أبي طالب ، فذلك قوله تعالى : وتقلبك في
الساجدين يعنى في أصلاب النبيين وأرحام نسائهم فعلى هذا أجرانا الله تعالى في
الاصلاب والارحام وولدنا الاباء والامهات من لدن آدم عليه السلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 17 ]
تاريخ النشر : 2025-03-16