أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/النبي موسى وهارون عليهما السلام/الإمام الصادق (عليه السلام)
الدقاق والسناني والمكتب جميعا، عن
الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه قال: قلت لابي
عبد الله عليه السلام أخبرني عن هارون لم قال لموسى
عليه السلام: " يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " ولم يقل: يا ابن أبي ؟ فقال:
إن العداوات بين الاخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علات، ومتى كانوا بني ام قلت
العداوة بينهم إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه، فقال هارون لأخيه موسى: يا أخي
الذي ولدته امي ولم تلدني غير امه لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، ولم يقل: يا ابن أبي
لان بني الاب إذا كانت امهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه الله
منهم، وإنما تستبعد العداوة بين بني ام واحدة. قال: قلت له: فلم اخذ برأسه يجره
إليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم الجعل وعبادتهم له ذنب ؟ فقال: إنما فعل ذلك به لأنه
لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب،
ألا ترى أنه قال له موسى: يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت
أمري ؟ قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا، وإني خشيت أن تقول لي: فرقت بين بني إسرائيل
ولم ترقب قولي. قال الصدوق رحمه الله: أخذ موسى برأس أخيه ولحيته أخذه برأس نفسه
ولحية نفسه على العادة المتعاطاة للناس إذا اغتم أحدهم أو أصابته مصيبة عظيمة وضع
يده على رأسه، وإذا دهته داهية عظيمة قبض على لحيته، فكأنه أراد بما فعل أن يعلم
هارون أنه وجب عليه الاغتمام والجزع بما أتاه قومه، ووجب أن يكون في مصيبته بما
تعاطوه، لان الامة من النبي والحجة بمنزلة الاغنام من راعيها، ومن أحق بالاغتمام
بتفريق الاغنام وهلاكها من راعيها وقد وكل بحفظها واستعبد بإصلاحها، وقد وعد
الثواب على ما يأتيه من إرشادها وحسن رعيها، واوعد العقاب على ضد ذلك من تضييعها
؟ وهكذا فعل الحسين بن علي عليهما السلام لما ذكر القوم المحاربين له بحرماته
فلم يرعوها قبض على لحيته وتكلم بما تكلم به، وفي العادة أيضا أن يخاطب الاقرب
ويعاتب على ما يأتيه البعيد ليكون ذلك أزجر للبعيد عن إتيان ما يوجب العقاب، وقد
قال الله عزوجل لخير خلقه وأقربهم منه صلى الله عليه وآله: " لئن أشركت
ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وقد
علم عزوجل أن نبيه صلى الله عليه وآله لا يشرك به
أبدا، وإنما خاطبه بذلك وأراد به امته، وهكذا موسى عاتب أخاه هارون وأراد بذلك امته
اقتداء بالله تعالى ذكره، واستعمالا لعادات الصالحين قبله وفي وقتة.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [219]
تاريخ النشر : 2024-07-22