أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/النبي عيسى والسيدة مريم عليهما السلام/ الإمام الرضا (عليه السلام)
عن الحسن بن
محمد النوفلي في خبر طويل يذكر فيه احتجاج الرضا عليه السلام على أرباب الملل، قال:
قال الرضا عليه السلام للجاثليق: يا نصراني هل تعرف في
الانجيل قول عيسى عليه السلام: إني ذاهب إلى ربكم وربي، والبارقليطا جائي، هو الذي
يشهد لي بالحق كما شهدت له، وهو الذي يفسر لكم كل شئ، وهو الذي يبدي فضائح
الامم، وهو الذي يكسر عمود الكفر ؟ فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئا في الانجيل إلا
ونحن مقرون به، فقال: أتجد هذا في الانجيل ثابتا ؟ قال: نعم. قال الرضا عليه
السلام: يا جاثليق ألا تخبرني عن الانجيل الاول حين افتقدتموه عند من وجدتموه ومن
وضع لكم هذا الانجيل ؟ قال له: ما افتقدنا الانجيل إلا يوما واحدا حتى وجدناه غضا
طريا فأخرجه إلينا يوحنا ومتى، فقال له الرضا عليه السلام: ما أقل معرفتك بسر الانجيل
وعلمائه ! فإن كان هذا كما تزعم فلم اختلفتم في الانجيل ؟ وإنما وقع الاختلاف
في هذا الانجيل الذي في أيديكم اليوم، فلو كان على العهد الاول لم تختلفوا فيه،
ولكني مفيدك علم ذلك: اعلم أنه لما افتقد الانجيل الاول اجتمعت النصارى إلى علمائهم
فقالوا لهم: قتل عيسى بن مريم وافتقدنا الانجيل وأنتم العلماء فما عندكم ؟ فقال
لهم الوقا و مرقابوس: إن الانجيل في صدورنا ونحن نخرجه إليكم سفرا سفرا في كل
أحد، فلا تحزنوا عليه ولا تخلوا الكنائس، فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى
نجمعه كله، فقعد الوقا ومر قابوس ويوحنا ومتى فوضعوا لكم هذا الانجيل بعدما افتقدتم
الانجيل الاول، وإنما كان هؤلاء الاربعة تلاميذا لتلاميذ الاولين، أعلمت ذلك
؟ قال الجاثليق: أما هذا فلم أعلمه وقد علمته الآن، وقد بان لي من فضل علمك بالإنجيل
وسمعت أشياء مما علمته شهد قلبي أنها حق، فاستزدت كثيرا من الفهم فقال
له الرضا عليه السلام: فكيف شهادة هؤلاء عندك ؟ قال: جائزة، هؤلاء علماء الانجيل،
وكل ما شهدوا به فهو حق، فقال الرضا عليه السلام للمأمون ومن حضره من أهل بيته:
اشهدوا عليه، قالوا: قد شهدنا، ثم قال للجاثليق: بحق الابن وأمه هل تعلم أن
متى قال: " إن المسيح هو داود بن إبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهوذا بن
خضرون ؟ " وقال مرقابوس في نسبة عيسى بن
مريم: " إنه كلمة الله أحلها في الجسد الآدمي فصارت
إنسانا ؟ " وقال الوقا: " إن عيسى بن مريم وأمه كانا إنسانين من لحم
ودم، فدخل فيهما روح القدس ؟ " ثم إنك
تقول من شهادة عيسى عليه السلام على نفسه: " حقا أقول
لكم: إنه لا يصعد إلى السماء إلا من نزل منها إلا راكب البعير خاتم الانبياء، فإنه
يصعد إلى السماء و ينزل " فما تقول في هذا القول ؟ قال الجاثليق: هذا قول
عيسى لا ننكره، قال الرضا عليه السلام: فما
تقول في شهادة الوقا ومر قابوس ومتى على عيسى وما
نسبوه إليه ؟ قال الجاثليق: كذبوا على عيسى، قال الرضا عليه السلام: يا قوم أليس
قد زكاهم وشهد أنهم علماء الانجيل وقولهم حق ؟ فقال الجاثليق: يا عالم المسلمين
أحب أن تعفيني من أمر هؤلاء - وساق الحديث إلى أن قال عليه السلام لرأس
الجالوت -: في الانجيل مكتوب: إن ابن البرة ذاهب، والبارقليطا جائي من بعده، وهو
يخفف الآصار، ويفسر لكم كل شئ، ويشهد لي كما شهدت لكم، أنا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم
بالتأويل، أتؤمن بهذا في الانجيل ؟ قال: نعم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [331]
تاريخ النشر : 2024-07-15