التفسير بالمأثور/الاخلاق والآداب/محاسن الاخلاق والآداب/الإمام الصادق (عليه السلام)
قال الصادق (عليه السلام) : التوكل كأس مختوم بختام الله عز وجل فلا يشرب بها ولا ينفض ختامها إلا المتوكلون كما قال تعالى (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) وقال تعالى (وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين) جعل الله التوكل مفتاح الايمان والايمان قفل التوكل وحقيقة التوكل الايثار واصل الايثار تقديم الشئ بحقه ولا ينفك المتوكل في توكله من اثبات أحد الايثارين فإن اثر المعلول وهو الكون حجب به وان اثر المعلل علة التوكل وهو الباري سبحانه وبقى معه وان أردت ان تكون متوكلا لا متعللا فكبر على روحك خمسة تكبيرات وودع أمانيك كلها توديع الموت للحياة وليس أدنى حد التوكل إلا تسابق مقدومك بالهمة ولا تطالع مقسومك ولا تستشرف معدومك فتنتقض بأحدهما عقد ايمانك وأنت لا تشعر وان عزمت ان تقف على بعض شعار المتوكلين في توكله من اثبات أحد الايثارين حقا فاعتصم بعروة هذه الحكاية وهي انه روى أن بعض المتوكلين قدم على بعض الأئمة (عليهم السلام) فقال له اعطف على بجواب مسالة في التوكل والإمام (عليه السلام) كان يعرف الرجل بحسن التوكل ونفيس الورع وأشرف على صدقه فيما سئل عنه من قبل ابدائه إياه فقال له قف اوط مكانك وانظرني ساعة فبنينا هو مطرق لجوابه إذا اجتاز بهما فقير فادخل الإمام (عليه السلام) يده في جيبه واخرج شيئا فناوله الفقير ثم اقبل على السائل فقال له هات وسل عما بدا لك فقال السائل أيها الامام كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل ان استنظرتني فما شأنك في ابطائك عنى؟ فقال الايمان لتعتبر المعنى قبل كلامي إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي مطلع عليه ان أتكلم بعلم التوكل وفي جيبي دانق ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد ايثاره فافهم فشهق السائل شهقة وحلف إلا يأوى عمرانا ولا يأنس ببشر ما عاش.
المصدر : مصباح الشريعة
المؤلف : منسوب للإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)
الجزء والصفحة : ص 167
تاريخ النشر : 2024-06-27