أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/النبي محمد صلى الله عليه واله/شهادة الرسول ووصيته وآخر الايام/الإمام الصادق (عليه السلام)
عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهم
السلام) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (صلى الله عليه
وآله) في صبيحتها دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين
(عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب وقال: يا فاطمة، وأدناها منه، فناجاها
من الليل طويلا، فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين وأقاموا بالباب والناس
خلف الباب، ونساء النبي (صلى الله عليه وآله) ينظرن إلى علي (عليه السلام) ومعه
ابناه، فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلا بابنته
دونك في هذه الساعة، فقال لها علي (عليه السلام): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها
له، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه مما قد سماه: فوجمت أن ترد عليه كلمة،
قال علي (عليه السلام): فما لبث أن نادتني فاطمة (عليها السلام) فدخلت على النبي
(صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال
يجود بنفسه، فقال لي: ما يبكيك يا علي ؟ ليس هذا أو ان البكاء، فقد حان الفراق
بيني وبينك، فأستودعك الله يا أخي، فقد اختار لي ربي ما عنده، وإنما بكائي وغمي
وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد
أستودعكم الله، وقبلكم مني وديعة يا علي، إني قد أوصيت
فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنقذها، فهي الصادقة الصدوقة، ثم
ضمها إليه وقبل رأسها، وقال: فداك أبوك يا فاطمة، فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه
وقال: أما والله لينتقمن الله ربي، وليغضبن لغضبك فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين،
ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام): فوالله لقد
حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه حتى هملت عيناه مثل المطر، حتى بلت دموعه لحيته
وملاءة كانت عليه، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها ورأسه على صدري، وأنا مسنده،
والحسن والحسين يقبلان قدميه ويبكيان بأعلى أصواتهما قال علي (عليه السلام): فلو
قلت: إن جبرئيل في البيت لصدقت، لأني كنت أسمع بكاء ونغمة لا أعرفها، وكنت أعلم أنها
أصوات الملائكة لا أشك فيها، لان جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (صلى
الله عليه وآله)، ولقد رأيت بكاء منها أحسب أن السماوات والارضين قد بكت لها،
ثم قال لها: يا بنية، الله خليفتي عليكم، و هو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد
بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة والسماوات والارضون وما فيهما، يا فاطمة
والذي بعثني بالحق لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها، وإنك لأول خلق الله،
يدخلها بعدي كاسية حالية ناعمة، يا فاطمة هنيئا لك، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة
من يدخلها من النساء، والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا
نبي مرسل إلا صعق، فينادي إليها أن: يا جهنم ! يقول لك الجبار: اسكني بعزي، واستقري
حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الجنان، لا يغشاها قتر
ولا ذلة، والذي بعثني بالحق ليدخلن حسن وحسين: حسن عن يمينك، و حسين
عن يسارك، ولتشرفن من أعلى الجنان بين يدي الله في المقام الشريف ولواء الحمد
مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يكسى
إذا كسيت، ويحبى إذا حبيت والذي بعثني بالحق لأقومن بخصومة
أعدائك، وليندمن قوم أخذوا حقك، وقطعوا مودتك،
وكذبوا علي، وليختلجن دوني فأقول: امتي امتي فيقال: إنهم بدلوا بعدك، وصاروا
إلى السعير.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 22 / صفحة [490]
تاريخ النشر : 2024-06-15