أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام الصادق (عليه السلام)
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق ابن
غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له خاصة يذكر فيها حال النبي والأئمة
عليهم السلام وصفاتهم: فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته وعطفه ما كان من عظيم جرمهم
وقبيح أفعالهم، أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه وأكرمهم عليه محمد بن عبد الله صلى
الله عليه وآله في حومة العز مولده، وفي دومة الكرم محتده، غير مشوب حسبه ولا ممزوج
نسبه، ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشرت به الأنبياء في كتبها، ونطقت به العلماء
بنعتها، وتأملته الحكماء بوصفها، مهذب لا يدانى، هاشمي لا يوازى، أبطحي لا يسامى،
شيمته الحياء وطبيعته السخاء، مجبول على أوقار النبوة وأخلاقها مطبوع على أوصاف
الرسالة وأحلامها إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها، وجرى بأمر الله
القضاء فيه إلى نهايتها، أداه محتوم قضاء الله إلى غايتها، تبشر به كل أمة من
بعدها ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح ولم ينجسه في
ولادته نكاح، من لدن ادم إلى أبيه عبد الله، في خير فرقة وأكرم سبط وأمنع رهط
وأكلا حمل وأودع حجر، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه وآتاه من العلم مفاتيحه ومن
الحكم ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد وربيعا للبلاد وأنزل الله إليه الكتاب فيه
البيان والتبيان قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد
فصله و دين قد أوضحه وفرائض قد أوجبها وحدود حدها للناس وبينها وأمور قد كشفها
لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة ومعال تدعو إلى هداه، فبلغ رسول الله صلى
الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما أمر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه
وجاهد في سبيله ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل
الهدى، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها، ومنار رفع لهم أعلامها، كيلا يضلوا من
بعده وكان بهم رؤوفا رحيما.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 444
تاريخ النشر : 2023-05-03