الرجاء المحمود
المؤلف:
العلامة المحدث الفيض الكاشاني
المصدر:
الحقائق في محاسن الاخلاق
الجزء والصفحة:
ص163-164
22-7-2016
2170
[قال الفيض الكاشاني :] أن الرجاء محمود إلى حد فان جاوز إلى الأمن فهو خسر و لا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون ، و كذا الخوف محمود إلى حدّ فان جاوز إلى القنوط فهو ضلال و من يقنط من رحمة اللّه إلا الضالون ، أو إلى اليأس فهو كفر و لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون و الأصلح ان يعتدل.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لبعض ولده : «يا بنيّ خف اللّه خوفا ترى أنك إن أتيته بحسنات أهل الأرض لم يتقبلها منك ، و ارج اللّه رجاء كأنك لو أتيته بسيئآت أهل الأرض غفر اللّه لك»(1).
و عن الباقر (عليه السلام): «ليس من عبد مؤمن إلا و في قلبه نوران : نور من خيفة و نور من رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا و لو وزن هذا لم يزد على هذا»(2).
و قد جمع اللّه سبحانه بينهما في وصف من أثنى عليهم فقال: { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة : 16] , و قال : {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء : 90] , و أما غلبة الرّجاء في غالب النّاس فمستندها الاغترار و قلة المعرفة ، بل الأصلح لهم قبل الاشراف على الموت غلبة الخوف و أما عند الموت فالأصلح لهم غلبة الرّجاء و حسن الظنّ ، لأن الخوف جار مجرى السوط الباعث على العمل و قد انقضى وقت العمل و هو لا يطيق هناك أسياط الخوف لأنها تقطع نياط(3) , قلبه و تعين على تعجيل موته و أمّا روح الرّجاء فانها تقوي قلبه و تحبب إليه ربّه الذي إليه رجاءه.
و ينبغي أن لا يفارق أحد الدّنيا إلّا محبّا للّه تعالى ليكون محبّا للقائه ، فان من أحبّ لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه و من قدم على محبوبه عظم سروره بقدر محبّته ، و من فارق محبوبه اشتدت محنته و عذابه.
فمهما كان الغالب على القلب عند الموت حبّ الأهل و الولد و المال و المسكن و الرفقاء والأصحاب كانت محابه كلها في الدّنيا فكانت الدّنيا جنّته فكان موته خروجا من الجنّة و حيلولة بينه و بين ما يشتهيه ، فأمّا إذا لم يكن له محبوب سوى اللّه و سوى ذكره و معرفته و الفكر فيه فالدنيا و علايقها شاغلة له عن المحبوب فالدنيا إذن سجنه ، و موته قدوم على محبوبه و خلاص له من السّجن ، فاذن غاية السعادة أن يموت العبد محبّا للّه تعالى.
______________
1- تنبيه الخواطر : ج 1 , ص 50.
2- الكافي : ج 2 , ص 67.
3- النياط ككتاب عرق غليظ ينصبه القلب الى الوتين فنياط القلب هو ذلك العرق الذي يعلق القلب به. م.
الاكثر قراءة في الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة