

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية


القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي


المجموعة الجنائية


قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي


القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية


القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني


قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية


المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات


علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية
أثر الاستحالة على مدة العقد في القوانين المقارنة
المؤلف:
مالك رحيم حمادي الساعدي
المصدر:
مدة العقد
الجزء والصفحة:
ص 105-110
2025-12-25
46
أن للاستحالة ثلاث صور خطأ المضرور، وفعل الغير، والقوة القاهرة، وقد بحثنا كل من خطأ المضرور وفعل الغير ، وهذا الموضوع سيكون لبيان القوة القاهرة كصورة من صور الاستحالة، علما أن الفقه والقضاء متفقان على أن القوة القاهرة تمثل كل حادث لا شأن لإرادة المدين فيه، غير متوقع وليس بالإمكان منعه، ويصير الالتزام مستحيلا بسببه (1)، أي أن للقوة القاهرة شروطا حتى يعتد بها كسبب لانتفاء مسؤولية المدين، وتتمثل هذه الشروط يكون الحادث غير ممكن دفعه أو مقاومته، وان يكون الحادث غير متوقع، وأخيرا أن يكون الحادث خارجيا عن المدين أو مستقلا عنه (2).
أولا: الاستحالة في القانون المدني الفرنسي
بينت المادة 1218 مدني فرنسي (3) أحكام القوة القاهرة إذ نصت على أنه ( تتحقق القوة القاهرة في المسائل التعاقدية عندما يمتنع على المدين تنفيذ التزامه نتيجة حادث خارج عن سيطرته، ولم يكن بالإمكان على نحو معقول توقعه عند إبرام العقد، ولم يكن من الممكن تجنب آثاره باتخاذ التدابير المناسبة. إذا كان المانع مؤقتا يوقف تنفيذ العقد ما لم يكن التأخر الناجم عنه مبررا لفسخ العقد. وإذا كان المانع نهائيا يعتبر العقد مفسوخا بقوة القانون ويبرأ الأطراف من التزاماتهم طبقا للشروط المنصوص عليها في المواد 1351 و 1351-1)(4).
من تحليل هذه النصوص نجد الآتي :
أولا: أن المشرع الفرنسي قد بين شروط القوة القاهرة حاصرا إياها في عدم قدرة المدين بسبب خارجي على تنفيذ التزامه، أي أن أول الشروط هو أن يكون السبب خارجا عن سيطرة المدين، ولا يمكن توقع هذا الحادث عند إبرام العقد (على نحو معقول )، ولم يكن بالإمكان تجنب آثار هذا الحادث من خلال اتخاذ المدين تدابير وقائية (مناسبة)، وهذه الشروط الثلاث أي حادث خارجي أولا، وغير متوقع ثانيا، وغير ممكن الدفع ثالثا ، هي الشروط الاساسية للقوة القاهرة كما أشرنا اليها سابقا، لكن الصياغة الفرنسية للنص كما وضعنا بين قوسين للتوقع المعقول والتدابير المناسبة هي ا المساحة التي اعطيت للقضاء لتقدير معيار المعقولية في التوقع والتناسب في التدابير للحكم على ضوء ظروف كل عقد بما يناسبه.
ثانيا : بين النص أثر القوة القاهرة، فإذا كان المانع مؤقتا كان الحكم ايقاف التنفيذ، بشرط عدم تفويت المصلحة من إبرام العقد، فاذا فاتت المصلحة فالحكم هو الفسخ، أما إذا كان المانع نهائيا فيعد العقد مفسوخا بقوة القانون، وفي هذه الحالة يبرأ الأطراف من التزاماتهم، أي بقدر تعلق أثر الاستحالة على مدة العقد نكون امام حالتين أما وقف مدة العقد لحين زوال الاستحالة أو انتهاء مدة العقد لفسخه بـ بسبب الاستحالة المطلقة.
ثالثا: حتى بوجود القوة القاهرة، فيمكن استثناء قيام مسؤولية المدين بشروط، أن تكون القوة القاهرة نهائية وليست مؤقتة (5)، وورود شرط في العقد على تحمل نتائج القوة القاهرة، أو إذا تم اعذار المدين قبل تحقق القوة القاهرة.
رابعا : إذا كانت الاستحالة ناشئة عن هلاك الشيء المستحق، فلا تقوم المسؤولية على المدين، حتى مع الاعذار، في حال اثبت أن الهلاك واقع سواء نفذ الالتزام أو لم ينفذه.
خامسا: عند هلاك المستحق، فجميع ما ارتبط به من حقوق أو دعاوى يوجب القانون التزاما على المدين نقلها إلى الدائن.
وتثار في هذا الموضع مسألة قانونية دقيقة، تتعلق بكون أحكام القوة القاهرة شرعت لصالح المدين فقط وليس الدائن ومفاد هذه الفكرة هو أنّ الدائن قد قام بتنفيذ التزامه والقوة القاهرة شرعت للإعفاء من تنفيذ الالتزام، أي يفترض للأخذ بأحكام القوة القاهرة عدم التنفيذ سواء كان كليا أو جزئيا، فمن قام بتنفيذ التزامه لا يسمح له القانون بالاحتجاج بالاستحالة، وهذا المبدأ أي أن القوة القاهرة رخصة للمدين وحده للتخلص من تنفيذ الالتزام هو ما أقرته محكمة النقض الفرنسية (6).
ثانيا: الاستحالة في القانون المدني العراقي(7):
نصت المادة 168 مدني عراقي على (إذا استحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه. وكذلك يكون الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه ). كما نصت المادة 211 مدني عراقي على أنه ( إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كافة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك). اما في الفصل الثالث (انقضاء الالتزام دون أن يوفى به ) من الباب الخامس في انقضاء الالتزام في القانون المدني العراقي فقد خصص المشرع الفرع الثاني بعنوان ( استحالة التنفيذ) وقد تضمن أربع مواد في استحالة التنفيذ وهي على التوالي:
مادة 425: (ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه).
مادة 426: (إذا انتقل الشيء إلى يد غير صاحبه بعقد أو بغير عقد وهلك دون تعد أو تقصير فإن كانت
اليد يد ضمان هلك الشيء على صاحب اليد، وان كانت يد امانة هلك الشيء على صاحبه).
مادة 427 : ( 1- تكون اليد يد ضمان إذا حاز صاحب اليد الشيء بقصد تملكه، وتكون بد امانة إذا حاز الشيء لا يقصد تملكه بل باعتباره نائباً عن المالك.
2- وتنقلب يد الامانة إلى يد ضمان إذا كان صاحب اليد ولو بغير قصد التملك قد حبس الشيء عن صاحبه دون حق أو اخذه بغير اذنه).
مادة 428: (إذا انتقلت ملكية الشيء بعقد كانت يد المالك القديم قبل التسليم يد ضمان، وتنقلب يد امانة إذا امتنع واجب التسليم بقيام سبب للحبس).
من تحليل النصوص المذكورة أعلاه نجد
أولا: من نص المادة 168 نجد أن الاستحالة تتسبب بعدم التنفيذ أو تتسبب في التأخير فيه، فاذا تمكن المدين من اثبات السبب الاجنبي ( فيكون بذلك قد قطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر) أي: تنتفي عنه المسؤولية العقدية، وبالتالي تبرأ ذمته من التعويض.
ثانيا: من نص المادة 211 نجد أن المشرع قد بيّن صور الاستحالة وهي على وفق النص (الآفة السماوية (8) الحادث الفجائي (9)، القوة القاهرة، فعل الغير، وخطأ المضرور)، ثم بينت الحكم المتعلق بدفع المسؤولية المدنية، سواء كانت عقدية أو تقصيرية كونها مادة عامة لا تقتصر على العقود.
ثالثا : في المادة 425 ورد الحكم بانقضاء الالتزام عند تحقق الاستحالة لسبب أجنبي، أما المواد المتبقية فهي تتعلق بالضمان والتعويض مما لا محل للبحث فيه.
رابعا: لم تشر النصوص إلى التمييز بين الالتزام ببذل عناية والالتزام بتحقيق نتيجة، فبقدر تعلق عدم التنفيذ بالاستحالة لسبب أجنبي ينقضي الالتزام أي أن توجه المشرع كان واضحا بالأخذ بمفهوم الاستحالة التقليدي (10).
خامسا : تشذ عن موقف القانون المدني العراقي بالأخذ بالمذهب التقليدي للاستحالة، مادة واحدة مقررة لحالة خاصة إذ اعتبر فيها المشرع أنّ الاستحالة النسبية تعد سببا لانقضاء العقد أي اعتماده على المذهب الحديث لمفهوم الاستحالة (11)، إذ نص في المادة 878 مدني عراقي على أنه ليس ( للمقاول إذا ارتفعت اسعار المواد الأولية واجور الايدي العاملة أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة في الاجرة حتى لو بلغ هذا الارتفاع حداً يجعل تنفيذ العقد عسيراً على انه إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول انهياراً تاماً بسبب حوادث لم تكن في الحسبان وقت التعاقد وانعدم بذلك الاساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة، جاز للمحكمة أن تقضي بزيادة في الاجرة أو فسخ العقد)، فنرى أن المشرع استثنى في الجزء الأول من المادة حالة الاعسار أي بين مقدما عدم تعلق المادة بنظرية الظروف الطارئة، والفرض في المادة يتعلق بانهيار التوازن الاقتصادي بحوادث (قوة قاهرة) لم تؤدي إلى استحالة التنفيذ المطلقة ادت إلى استحالة نسبية تتمثل بانعدام الأساس الذي قام عليه التقدير المالي عند إبرام العقد، مما اجاز للقضاء من ضمن خياراته فسخ العقد. سادسا: فيما يتعلق بمبدأ تشريع أحكام القوة القاهرة لصالح المدين فقط، والذي اخذت به محكمة النقض الفرنسية كما أشرنا سابقا، فإن موقف القضاء العراقي لم يتبين لعدم وجود قرار مماثل، لكن بصورة قريبة مع فارق مهم (12) ، فمن حيث المبدأ فالفكرة منطقية، ولا يوجد ما يمنع من الاخذ بها، فمن واقع الدعويين نجد أن حكم المحكمة العراقية استند إلى اخلال المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور، وهذا الاخلال لم يكن موجودا في الحكم الفرنسي، وعليه فكل محكمة قضت بحكم صحيح وفقا للقواعد العامة.
ثالثا : الاستحالة في القانون المدني المصري
نصت المادة 159 مدني مصري على أنه ( في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه).
وتنص المادة 215 مدني مصري على أنه (إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه. ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه).
وفي الباب الخامس ( انقضاء الالتزام ) في القانون المدني المصري في الفصل الثالث جاء فيه (انقضاء الالتزام دون الوفاء) فقد أورد المشرع المصري في الفرع الثاني بعنوان استحالة التنفيذ مادة وحيدة برقم 373 تنص على أنه ( ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه).
ومن تحليل النصوص اعلاه نجد الآتي:
أولا: بينت المادة 159 أن الاستحالة تقع فقط في العقود الملزمة للجانبين، وهذا نص بديهي إذ لا تقع الاستحالة الا عند وجود التزامات متقابلة، وقد تأخر أحدهما عن الآخر ثم انقطع الالتزام المتأخر لاستحالة التنفيذ، وقد رتبت الحكم بالفسخ دون وقف التنفيذ حتى زوال المانع.
ثانيا : أما المادة 215 فقد حكمت بالتعويض عند عدم التنفيذ أو التأخر فيه، واستثنت حالة السبب الاجنبي كونه يقطع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، أي تنتفي المسؤولية عند نهوض السبب الاجنبي.
ثالثا : أكدت المادة 373 ما ذهبت إليه المواد السابقة من انقضاء الالتزام الاستحالة تنفيذه بالسبب الاجنبي.
رابعا : اشار المشرع المصري إلى فسخ العقد عند تحقق القوة القاهرة، لكنه لم يشر إلى وقف التنفيذ حتى زوال المانع، الا أن محكمة النقض المصرية قضت بالوقف حتى زوال المانع؛ كونه من القواعد العامة(13).
خامسا: وفقا للقواعد العامة في التمييز بين العقود محددة المدة وغير محددة المدة، يبرز لدينا حكم هو أن الوقف لا يمكن أن يستغرق مدة العقد بمعنى أن مدة الوقف إذا جاوزت مدة العقد، فلا يمكن الركون إلى وقف العقد، بل الحكم يكون الفسخ، وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية (14). في جميع النصوص السابقة لم نجد نصا يشير إلى الاعذار أي إن انقضاء الالتزام لاستحالة التنفيذ لا يوجب الاعذار ؛ لان القاعدة العامة في الاعذار هي منح الخيار للمدين بين الفسخ والتنفيذ(15)، وعند سقوط خيار التنفيذ لاستحالته بسبب أجنبي، فلا يبقى إلا الفسخ بقوة القانون (الانفساخ) لذا فلا محل للإعذار هنا.
______________
1- المستشار حسين عامر وعبد الرحيم عامر، المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية، ط 2 ، دار المعارف القاهرة، الطبعة الثانية 1979 ص 392
2- للمزيد حول تفاصيل شروط القوة القاهرة ينظر: د. محمد حسن قاسم القانون المدني ( الالتزامات المصادر)، المجلد الأول، الطبعة الثانية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018م، الصفحات 258-271
3- صدرت هذه المادة في مرسوم التعديل رقم 2016/131 ، وقد جاءت بدلا من المادة 1148 من الملغاة من قانون 1804، والتي كانت تنص على أنه ( ليس ثمة محل لأي تعويض عن عطل وضرر عندما يمنع المدين عن أداء أو عن فعل ما قد التزم به، أو عندما يفعل ما هو ممنوع عليه، بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي)، والمادة 1147 ملغاة والتي تكاد أن تتطابق بالمعنى مع المادة 1148 سابقة الذكر إذ تنص على أنه ( يحكم على المدين، إذا اقتضى الأمر بدفع التعويضات أما لسبب عدم تنفيذ الالتزام واما للتأخر في تنفيذه، وذلك في كل مرة لا يثبت فيها أن عدم التنفيذ ناتج عن سبب خارجي لا يمكن أن يعزا اليه، وانه لا يوجد أي سوء نية من جانبه).
4- تنص المادة 1351 مدني فرنسي المعدلة على أن استحالة تنفيذ الأداء تبرئ ذمة المدين في حدود الاستحالة إذا كانت ناشئة عن حالة قوة قاهرة وكانت نهائية، ما لم يكن متفقا على أن يتحملها أو كان قد سبق اعذاره، وتنص المادة 1351-1 على أنه ( إذا كانت استحالة التنفيذ ناشئة عن هلاك الشيء المستحق تبرأ ذمة المدين، رغم سبق اعذاره، إذا اثبت أن الهلاك كان سيحصل كذلك لو نفذ الالتزام. ومع ذلك يكون المدين ملزما بنقل الحقوق والدعاوى المرتبطة بالشيء إلى الدائن).
5- هذا ما أكدته المادة 1351-1 إذ نصت على وجوب قيام القوة القاهرة النهائية.
6- Cour de cassation civile Chambre civile 1. 25 novembre 2020 19-21.060. Publié au bulletin
متاح على الموقع الالكتروني لمحكمة النقض الفرنسية بالرابط ادناه
https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000042619557?page=1&pageSize=10&que y=n%C2%B01921.060&searchField=ALL&searchType=ALL&sortValue=DATE_DESC&tab selection=juri&typePagination=DEFAULT
تاريخ الزيارة 2021/4/29م وملخص القضية يتعلق بدعوى رفعتها شركة( Chaine thermale du soleil) للطعن في حكم صدر ضدها في عام 2019 من قبل محكمة دي مانوسك لصالح السيد والسيدة ، إذ قامت الشركة بإيجار مسكن لمدة معينة للزوجين، وقبل انتهاء مدة الايجار اصابت السيد ، حالة صحية طارئة نقل بسببها إلى المستشفى، ورافقته زوجته قبل انقضاء عقد الايجار بأسبوعين، ثم بعد عودة الزوجين من المستشفى اقاما دعوى على الشركة للتعويض عن مدة الأسبوعين امام محكمة دي مانوسك الابتدائية مستندين على أحكام القوة القاهرة التي تسببت بعدم تمتعهم بالسكن للمدة المذكورة، وقد حكمت لهما المحكمة الابتدائية بالتعويض عن الأسبوعين بالاستناد إلى أحكام القوة القاهرة، فقامت الشركة بالطعن في الحكم امام محكمة النقض على أساس أن الزوجين قد دفعا مقدما الأجرة المتفق عليها وفقا للعقد أولا، وثانيا أن الشركة قد اوفت بالتزامها بتوفير السكن، ولا يمكن الدفع من قبل الزوجين باستحالة التنفيذ للقوة القاهرة كونهما قد نفذا مسبقا التزامهما بدفع الأجرة، وعلى هذا الأساس اخذت محكمة النقض الفرنسية الغرفة المدنية الأولى بالطعن المقدم من قبل الشركة ورد الحكم لمخالفته التكييف القانوني للقوة القاهرة فالمدين بعد دفع الأجرة هي الشركة التي التزمت بتنفيذ العقد، ولم تكن القوة القاهرة منصبة عليها بل على الدائن الذي نفذ التزامه بالأساس، فمن يحتج بالقوة القاهرة يجب أن يستحيل عليه بسببها تنفيذ التزامه، أي إنها مقررة تشريعيا فقط للمدين حتى يتخلص من التزامه العقدي.
7- نصت المادة 127 مدني عراقي على ما يأتي (1- إذا كان محل الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة كان العقد باطلاً. 2- أما إذا كان مستحيلاً على المدين دون أن تكون الاستحالة في ذاتها مطلقة صح العقد والزم المدين بالتعويض لعدم وفانه بتعهده). أن وضع هذه المادة في الهامش كونها تتعلق بتكوين العقد وليس بتنفيذه، أما الفقرة الثانية فقد بينت اختلاف الحكم بين نوعي الاستحالة المطلقة والنسبية، وهذا يثبت خطأ ما ذهب اليه من يرى أن الاستحالة النسبية تتمثل بالظروف الطارئة، وفي هذا مجانبة للصواب؛ كون الظروف الطارئة تتمثل بإرهاق في التنفيذ وليس استحالته، والاستحالة النسبية كما بينا سابقا وكما تنص المادة 2/127، هي الاستحالة الخاصة بشخص المدين، أي أن التنفيذ بمقدور غيره، لذا سميت نسبية بمقابل الاستحالة المطلقة والتي تتمثل بالامتناع عن الكافة وهذا الرأي هو ما استند اليه الباحث حامد شاكر الطائي في رسالته الموسومة (استحالة التنفيذ وأثرها على الالتزام العقدي ) ، المقدمة إلى كلية القانون جامعة بابل، عام 2002م، ص31.
8- الآفة السماوية هي التعبير المرادف للقوة القاهرة في الفقه الإسلامي، إذ استقى منه كل من التشريعين العراقي والمصري اغلب أحكام القوة القاهرة، وفي الاقة السماوية يقول الشيخ الجواهري: (اذا تلف المبيع قبل قبضه بافة سماوية فهو من مال بائعه، وان كان تلفه بعد القبض بأفة وبعد انقضاء مدة الخيار، فهو من مال المشتري، وإن كان تلفه بعد القبض باقة في زمن الخيار من غير تفريط من المشتري وكان الخيار للبائع خاصة فالتلف من مال المشتري، وإن كان الخيار للمشتري خاصة فالتلف من مال البائع الشيخ محمد حسن النجفي الجواهري، جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام، فقه البيع، ج 23، دار احياء التراث العربي، بيروت، د س ن، ص83
9- يطلق على القوة القاهرة أحيانا مسمى الحادث الفجائي، ويقصد به ذات المعنى، ويؤدي ذات النتيجة، د. محمد حسن قاسم، المصدر السابق، ص 259
10- والذي يذهب إلى أن الاستحالة التي يترتب عليها انقضاء الالتزام هي الاستحالة المطلقة والموضوعية.
11- المذهب الحديث: يكتفي أن تكون الاستحالة نسبية وشخصية ومفادها التمييز بين كون المدين مخطئ ام لا فإن لم يكن مخطنا فييراً من الالتزام وان كان مخطاً وجب عليه التعويض.
12- عرضت على محكمة التمييز الاتحادية دعوى بطعن تمييزي ضد قرار حكم صدر في دعوى مطالبة ببدلات الايجار التي دفعها المؤجر للفترة التي لم ينتفع بها بسبب القوة القاهرة، وملخص الدعوى قيام اتفاق بين طرفي الدعوى، حول قيام المدعي بترميم عمارة للمدعى عليه في منطقة (الحصوة الرمادي) مقابل أن يستقطع من البدل مبلغا معينا بعد انجاز الترميم كأجرة لإشغال المدعي للمأجور العمارة (المرسمة) لمدة ثلاثة أشهر فقط، ونتيجة للعمليات العسكرية التي جعلت من المنطقة تحت سيطرة عصابات داعش خلال فترة الاجارة لم يتمكن المدعي من الانتفاع بالمأجور، وحين مطالبته للمحكمة الابتدائية بتمكينه من استعادة بدلات الايجار فقد ردت دعواه بحجة أن المدعى عليه لم يخل بتنفيذ التزامه، أما محكمة التمييز فقد وجدت أن الحكم غير صحيح ومخالف للقانون لان عدم استغلال الماجور من قبل المستأجر ليس بإرادته أو بخطأ صادر منه، وانما بسبب القوة القاهرة التي فرضت عليه، والمتمثلة بالأحداث الأمنية السيئة واندلاع المعارك وسقوط مدينة الرمادي بيد عصابات داعش، وهذا ظرف عام ووفقا لأحكام عقد الايجار فإن المدعى عليه (المؤجر) يضمن الضرر الذي لحق بالمدعي (المستأجر) ويُلزم بإعادة المبلغ المدفوع طالما لم ينتفع المستأجر بالماجور للمدد المحددة بعقد الايجار بسبب القوة القاهرة، استنادا الصراحة نص المادة (211) من القانون المدنية لان عقد الايجار وفقا للمادة (722) من القانون المدني (هو تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة وبه يلزم المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالماجور)؛ ولان المدعي لم يتملك منفعة الماجور للأشهر التي كانت المدينة تحت سيطرة عصابات داعش، وهذا يعد قوة قاهرة على الرغم من تسديده كامل بدلات الايجار للمدعى عليه، فيكون من حقه المطالبة بهذه البدلات لعدم الانتفاع بالماجور بسبب العمليات العسكرية. قرار رقم 1068/ الهيئة الاستئنافية عقار، الصادر بتاريخ 2017/9/19م، متاح على الرابط: تاريخ الزيارة 2021/5/1م.
https://www.hjc.iq/qview.2377/
13- صدر من محكمة النقض المصرية بقرار الطعن رقم 1110 بتاريخ 2012/12/26م، إذ نصت كقاعدة على أن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن اعتقال العامل أو حبسه يعتبر قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، ويترتب عليه وقف
العقد مؤقتا لحين انتهاء الاعتقال أو مدة الحبس دون انفساخه . لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة لا تماري في أن المطعون ضده كان محبوسا لمدة ستة أشهر على ذمة قضية أنهم فيها بتقاضي مبالغ خارج نطاق عقد العمل وأن غيابه عن العمل كان لهذا السبب. وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة علمت بهذا العذر أثناء تحقيق مكتب العمل المختص في الشكوى المقدمة من المطعون ضده، ومن ثم فإن قيام الطاعنة بفصله من العمل على سند من انقطاعه عن العمل رغم إنذاره خلال المدة الموجبة لإنهاء خدمته بالرغم من أن الغياب كان بسبب عذر خارج عن إرادته وهو حبسه بموجب حكم قضائي، فإنّ قرارها بفصله من العمل يكون مشوبا بالتعسف ولا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من أن حبس المطعون ضده على ذمه القضية سالفة الذكر يبي لها فصله من العمل باعتبارها من القضايا الماسة بالشرف لأن فصلها للمطعون ضده كان بسبب الانقطاع عن العمل وليس بسبب ارتكاب المطعون ضده جريمة مخلة بالشرف وإذ التزم الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه). متاح على الموقع الالكتروني لمحكمة النقض المصرية بالرابط ادناه:
تاريخ الزيارة 2021/5/2م
https://www.cc.gov.eg/judgment single?id=111162236&& ja=152200
14- صدر عن محكمة النقض المصرية قرار رقم 1971 بتاريخ 1981/4/26م ، نصت المحكمة فيه على قاعدة مفادها الذن كان اعتقال العامل بعقد محدد المدة مؤديا إلى وقف العقد لا انفساخه، إلا أن ذلك لا يحول دون انتهاء عقد المطعون ضده بانتهاء مدته) متاح على الموقع الالكتروني لمحكمة النقض المصرية بالرابط ادناه تاريخ الزيارة 2021/5/5م
https://www.cc.gov.eg/judgment single?id=111119627&&ja=15487
15- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، الجزء الأول، دار احياء التراث العربي، بيروت، دون سنة نشر ، ص 725.
الاكثر قراءة في القانون المدني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)