وجوه ما كان لهم الخيرة
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج4، ص98- 101
2025-09-14
250
قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68]
{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} اي التخير كالطيرة بمعنى التطير يعني ليس لأحد من خلقه ان يختار عليه أو ليس لأحد ان يختار شيئا الا بقدرته ومشيته واختياره سبحان الله تنزيها له ان ينازعه احد أو يزاحم اختياره {وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} عن اشراكهم.
القمي قال يختار الله عز وجل الإمام وليس لهم ان يختاروا.
وفي الكافي والمجالس عن الرضا (عليه السلام) في حديث فضل الإمام وصفته قال هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم الى ان قال لقد راموا صعبا وقالوا افكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [النمل: 24] وما كانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله الى اختيارهم والقرآن يناديهم {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقال عز وجل {مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]
وفي الاكمال عن القائم (عجل الله فرجه) انه سئل عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم قال مصلح ام مفسد قيل مصلح قال فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم احد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد قيل بلى قال فهي العلة واوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك ثم قال (عليه السلام) اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وانزل عليهم الكتاب وايدهم بالوحي والعصمة إذ هم اعلام الامم اهدى الى الإختيار منهم مثل موسى وعيسى هل يجوز مع وفور عقلهم إذ هما بالاختيار ان يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انهما مؤمن قيل لا قال هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي إليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا الى قوله {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} [البقرة: 55] بظلمهم فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الافسد دون الأصلح وهو يظن انه الأصلح دون الأفسد علمنا ان الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر وان لا خطر لاختيار المهاجرين والانصار بعد وقوع خيرة الانبياء على ذوي الفساد لما ارادوا الصلاح.
أقول: هذه الأخبار تدل على التفسير الأول للآية.
ويدل في التفسير الثاني ما روي في مصباح الشريعة عن الصادق (عليه السلام)
في كلام له قال وتعلم ان نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولحظة الا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن اتيان اقل شيء في مملكته الا باذنه وارادته قال الله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار الآية.
وقال تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} [القصص: 69]
{وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} القمي قال ما عزموا عليه من الاختيار.
أقول: وعلى التفسير الأول يجوز ان يكون المعنى وربك هو الذي يعلم ما تكنه الصدور وتخفيه الضماير دون غيره فله ان يختار للنبوة والامامة وغيرهما دونهم ولعله الى هذا المعنى اشير في اواخر حديث الاكمال بقوله علمنا ان الاختيار لا يجوز ان يقع الا ممن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير وتنصرف إليه السرائر.
الاكثر قراءة في اشباه ونظائر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة