من محامد الأوصاف والأفعال / حبّ العبادة والتفرّغ لها والاشتغال بها والجدّ والاجتهاد فيها
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 368 ــ 370
2025-08-30
218
ومنها:
حبّ العبادة والتفرّغ لها والاشتغال بها والجدّ والاجتهاد فيها؛ لما ورد من أنّ أفضل النّاس من عشق العبادة، فعانقها، وأحبّها بقلبه، وباشرها بجسده، وتفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا، على عسر أم على يسر [1]، وانّه مكتوب في التوراة: يا بن آدم! تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك غنىً، ولا أكلك إلى طلبك، وعليّ أن أسدّ فاقتك، وأملأ قلبك خوفًا منّي، والّا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً الدنيا، ثم لا أسدّ فاقتك، وأكلك إلى طلبك [2]، وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: عليكم بالجدّ والاجتهاد، والتأهّب والاستعداد، والتزوّد في منزل الزاد [3].
نعم، ينبغي الاقتصاد في الاجتهاد، وعدم ارتكاب ما يوجب منه الملل عن العبادة؛ لقول أمير المؤمنين عليه السّلام للحارث: وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها، ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها إلّا ما كان مكتوبًا عليك من الفريضة، فإنّه لا بُدَّ من قضائها وتعاهدها عند محلّها [4]، وقول الصادق عليه السّلام: لا تكرهوا أنفسكم العبادة[5]، وقوله عليه السّلام: اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: يا بني! دون ما أراك تصنع، فإنّ اللّه عزّ وجلّ إذا أحبّ عبدًا رضي [منه] باليسير [6]، وقول النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك، إنّ المنبت -يعني المفرط- لا ظهرًا أبقى، ولا أرضًا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرمًا، و احذر حذر من يتخوّف أن يموت غدًا[7]، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: ألا انّ لكلّ عبادة شرة [8] ثم تصير إلى فترة، فمن صارت شرّة عبادته الى سنّتي فقد اهتدى، ومن خالف سنتي فقد ضلّ، وكان عمله في تبار، اما انّي أصلّي وأنام وأصوم وأفطر، وأضحك وأبكي، فمن رغب عن منهاجي وسنّتي فليس منّي [9]، وقول الباقر عليه السّلام: ما من أحد أبغض إلى اللّه عزّ وجلّ من رجل يقال له: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يفعل كذا وكذا، فيقول: لا يعذّبني اللّه على أن أجتهد في الصلاة والصوم، كأنّه يرى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ترك شيئًا من الفضل عجزًا عنه [10].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وسائل الشيعة: 1/13 باب 19 حديث 2.
[2] وسائل الشيعة: 1/13 باب 19 حديث 1.
[3] نهج البلاغة: 2/251 خطبة 225.
[4] نهج البلاغة: 3/143 من كتاب له عليه السّلام إلى الحارث الهمداني 69.
[5] أصول الكافي: 2/86 باب الاقتصاد في العبادة حديث 2. وفي المتن: الى أنفسكم.
[6] أصول الكافي: 2/87 باب الاقتصاد في العبادة حديث 5.
[7] أصول الكافي: 2/87 باب الاقتصاد في العبادة حديث 6.
[8] الشّرة: بالكسر شدّة الرغبة والنشاط. تاج العروس: 3/295.
[9] أصول الكافي: 2/85 باب 2 حديث 1 وفي آخر الحديث وقال: كفى بالموت موعظة، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلا.
[10] وسائل الشيعة: 1/83 باب 26 حديث 8.
الاكثر قراءة في الايمان واليقين والحب الالهي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة