[3] ذكر سماحة المحقّق المحترم السيّد محسن الموسويّ التبريزيّ والذي قام بتحقيق كتاب تفسير« المحيط الأعظم والبحر الخِضَمّ، في تأويل كتاب الله العزيز المحكَم»- من تأليف السيّد حيدر الآمليّ، في مقدّمة الجزء الأوّل، ص 15 إلى 17 ما يلي: « وصف النسخة المخطوطة وتفسير« المحيط الأعظم» من قِبَل بعض العلماء الأعلام: كتب العلّامة الحجّة المرعشيّ النجفيّ بظهر النسخة الخطّيّة من تفسير« المحيط الأعظم» والمكتوبة بخطّ المؤلّف السيّد حيدر الآمليّ والموجودة والمحفوظة في مكتبة السيّد المرعشيّ العامّة في بلدة قم، واصفاً تلك النسخة ومؤلِّفها بما يلي: كتاب« المحيط الأعظم» في تفسير القرآن الكريم، من تأليف العلّامة الفقيه والمحدّث الحكيم والمتألّه المتكلِّم والعارف الأديب السيّد أبي محمّد ركن الدين حيدر بن تاج الدين عليّ پادشاه... ابن حمزة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام سيّد الساجدين عليه السلام. وُلِدَ في( مدينة) آمُل وخرج متجوّلًا من هناك نحو بلاد خراسان وجُرجان وأصفهان ومكث في الأخيرة سنوات عديدة مستفيضاً من علمائها. ثمّ عاد إلى آمُل واتّصل بفخر الدولة بن الشاه كيخسرو وأضحى من خواصّه. وفخر الدولة هذا هو من أولاد پادشاه أردشير بن حسن بن تاج الدولة وهو الذي مدحه الشاعر المعروف ظهير الدين الفاريابيّ.
فدخل السيّد حيدر بذلك زمرة العرفاء، وطفق راجعاً إلى أصفهان واجتمع بالشيخ العارف نصير الدين الطهرانيّ( نزيل محلّة« در دشت» والمعروفة ب-« باب شيراز» وهي من محلّات أصفهان)، فوضع يده بيده وشرع في تعلُّم الذِّكر منه. ثمّ هاجر بعد ذلك إلى العراق حيث زار المراقد الشريفة للأئمّة هناك وحطّ رَحْلَه في النجف الأشرف. ثمّ حجّ من هناك ورجع إلى النجف ثانية.
و قد تلقّى العلوم الرسميّة والمقدّمات من أبيه وعلماء آمُل، فأخذ العرفان عن الشيخ عبد الرحمن القدسيّ والفقه عن فخر المحقّقين ابن العلّامة الذي كان يخاطبه باسم« زين العابدين» وقد روى السيّد حيدر عنه بإجازة منه، وتوجد صورة تلك الإجازة في الكتاب المذكور. وقد عبّر عنه الشيخ في إجازته له بالعبارات التالية:
السيّدُ الأعظم، الإمامُ المُعظّم، أفضلُ العلماءِ في العالَم، أعلمُ فُضلاءِ بني آدَم، مُرشدُ السالكين، غِياثُ نفوسِ العارفين، مُحيي مَراسمِ أجدادِه الطاهرين، الجامعُ بَين المعقولِ والمنقول، والفروعِ والاصول، ذو النفسِ القُدسيّة، والأخلاقِ النبويّة، شَرفُ آلِ رسولِ ربِّ العالَمين، أفضلُ الحاجّ والمعتمِرين، المَخصوصُ بعنايةِ ربِّ العالمين، ركنُ الملّة والدين- إلى آخره./- وقد كُتبت هذه الإجازة في ظهر صفحة« جوامع الجامع» للطبرسيّ والذي قرأه السيّد عليّ فخر الدولة وكان تأريخ الإجازة سنة 761 في الحلّة.
و قد قرأ السيّد كتابَي« الفصوص» و« منازل السائرين» على الشيخ عبد الرحمن بن أحمد القدسيّ، فمنحه الإجازة وتأريخها هو 735.
و قد صنّف السيّد حيدر أربعاً وعشرين كتاباً ومن جملة تلك المصنّفات كتاب« المحيط الأعظم» في عدّة مجلّدات، وهذا المجلّد هو واحد من المجلّدات المذكورة. وقد كُتبت جميع صفحات هذه المخطوطة بخطّ يده. وتوجد هذه المخطوطة في خزانة كتب حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ الآقا حسن الحسينيّ القمّيّ المشهور ب-« سيّدي» في جملة كتب جدّه العلّامة الحاجّ ميرزا أبو طالب القمّيّ الداماد المحقّق صاحب« القوانين». وقد تفضّل علينا بإدراج هذه النسخة الوحيدة في العالم لتكون ضمن كتب مكتبتي العامّة والموقوفة التي أسّستها في مدينة قم. ويوجد المجلّد الآخر بخطّ المؤلّف في مكتبة الإمام عليّ عليه السلام، وللمؤلِّف المذكور كتب أخرى من جملتها« الكشكول فيما جرى على آل الرسول» وكتاب آخر في العرفان والذي طبع في طهران بإشراف المستشرق الفاضل« مسيو كربن» مدرّس مادّة الإلهيّات في جامعة باريس. وللسيّد حيدر مؤلَّفات أخرى كذلك في علوم مختلفة وفنون متنوّعة. وتوجد ترجمة المؤلِّف في معاجم التراجم مثل« أعيان الشيعة» و« رياض العلماء» و« الروضات» و« ريحانة الأدب» ويلزم مراجعتها. وللسيّد حيدر ذرّيّة في مازندران. حرَّره الداعي الكَئيب شهاب الدين الحسينيّ المرعشيّ النجفيّ، ببلدةِ قم المشرَّفة حرمِ الأئمّة عليهم السلام، في صَبيحةِ الخميس، 11 مِن ذي القعدةِ سنةَ 1391 القمريّ، حامداً مصلِّياً مسلِّماً مستغفِراً؛ والحمدُ للّه على نِعَمه وآلائه- انتهى تعليق آية الله المرعشيّ بظهر كتاب تفسير« المحيط الأعظم».
و يلزم هنا التنبيه إلى أمرين ضروريّين: الأوّل: أنّ الحقير اقتبس ترجمة السيّد حيدر من مقدّمة تفسير« البحر الأعظم»، لكونها احتوت اموراً كثيرة وهي مختصرة جدّاً وموجزة. إلّا أنّنا لم نجد مقدّمة جامعة تحوي هذه الامور في كتاب« جامع الأسرار» والذي طُبع مع ملحق رسالة« نقد النقود في معرفة الوجود» بإشراف هنري كربن. في حين احتوى كتاب« المحيط الأعظم»، والذي طُبع مؤخراً بحمد الله، على مقدّمة مفصّلة وشيّقة، لذا آثرنا الاقتباس منها.- التنبيه الثاني: يقول السيّد حيدر في خاتمة كتاب« المقدّمات من كتاب نصّ النصوص» والذي بيّن فيه كيفيّة أحواله وسلوكه في ص 535:
« لمّا كان الله قد أمرني أن أترك ما سواه ووجّه انتباهي إليه على أكمل وجه فقد ألهمني البحث عن مكان أقيم فيه وأشتغل بطاعته وعبادته بحسب ما أمرني وأشار به عليّ. فتوجّهتُ صوب مكّة شرّفها الله تعالى؛ وذلك بعد أن هجرت الوزارة والرئاسة والمال والجاه والأب والامّ وجميع الأقارب والإخوان والأقران. فلبست لباساً رثّاً لا قيمة له، وخرجت من بلدتي( آمُل) من نواحي طبرستان من نواحي خراسان. وكنتُ وزيراً لملك تلك البلدة وهو من أعاظم ملوك فارس، لأنّه كان من أعظم أحفاد كسرى واسمه الملك السعيد فخر الدولة بن الشاه المرحوم( شاه كيخسرو) طيّب الله ثراهما وجعل الجنّة مثواهما- وكان عمري آنئذٍ ثلاثين سنة...».
و يقول في ص 536 و537:« حتى وصلتُ مكّة وأدّيتُ مراسم الحجّ الواجب. وكان ذلك سنة( 751)... ثمّ رجعتُ بعد ذلك إلى النجف الأشرف سالماً وسكنتُ هناك، وأقمتُ مراتب الرياضة والخلوة والطاعة والعبادة كأكمل ما يكون، وأحسن ما يُتصوّر. ثمّ أفاض على قلبي- غير ما ذكرت- من« تأويل القرآن» و« شرح الفصوص» من المعاني والمعارف والحقائق والدقائق ممّا لا يمكن تفصيله وشرحه بأيّ وجه من الوجوه، لأنّها من كلمات الله التي لا تُعدّ ولا تُحصى والتي لا انتهاء ولا انقطاع لها.
ثمّ أمرني الحقّ تعالى أن ابيّن بعضاً منها لخواصّ عباده. فشرعتُ في تصنيف كتاب في التوحيد وأسراره كما يستحقّ، وأتممتُ كتابته في أقصر مدّة وسمّيته« جامع الأسرار ومنبع الأنوار». ثمّ واصلتُ بعد ذلك تأليف« رسالة الوجود في معرفة المعبود» ثمّ« رسالة المعاد في رجوع العباد» ثمّ ألّفتُ بعدهما رسائل وكتب أخرى، حتى بلغت مؤلّفاتي الأربعين بين رسالة وكتاب بالعربيّة والفارسيّة. ثمّ أمرني الحقّ تعالى بتأويل القرآن الكريم فدوّنته بعد كلّ الكتب والرسائل التي ذكرتها حتى اكتمل في سبع مجلّدات، وأسميتهُ« المحيط الأعظم والطود الأشمّ، في تأويل كتاب الله العزيز المُحكم» فخرج الكتاب المذكور في أبهى صورة وغاية الكمال، ومنتهى البلاغة والفصاحة بعناية الملك ذي العزّة والجلال؛ بحيث لم يسبقني إلى هذا أحد من قبل لا من جهة الترتيب ولا من جهة التحقيق أو التلفيق، وقد مرّ بيان ذلك أيضاً في الفهرست. وبعد هذا أمرني الحقّ تعالى بشرح« فصوص الحكم» والمنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم؛ والذي أوحاه في عالم الرؤيا إلى الشيخ الأعظم محيي الدين بن عربي آمراً إيّاه وقال: أوْصِلْهُ إلى عِبَادِ اللهِ المُسْتَحِقِّينَ المُسْتَعِدِّينَ». كما أوضحنا ذلك كذلك في الفهرست. فشرعتُ بكتابة هذا الشرح بحسب التقرير الذي مرّ بيانه والتحقيق الآنف الذكر.
و كان ابتداء شروعي بتأليف« شرح الفصوص» في سنة( 781) للهجرة، وانتهائي منه في سنة( 782) اي أن هذا الشرح انتهى واكتمل خلال سنة واحدة فقط أو أقلّ. وكان عمري يومئذٍ 63 عاماً. رزقنا الله الوصول والبلوغ إلى الغاية، وهو ما قرّره الله في اللوح المحفوظ، ووفّقنا لإتمام مثله كثيراً؛ بفضله وكرمه، وما ذلك على الله بعزيز».
هذا وقد وضع السيّد حيدر هذا المجلّد من الكتاب بأكمله في مقدّمات كتاب« نصّ النصوص» في شرح« الفصوص»، ثمّ شرع بعد ذلك في الكتاب نفسه والذي يقع في مجلّدات أخرى.
و نستنتج ممّا ذُكر في ملحق التواريخ أعلاه أن ولادته كانت سنة( 720) وقد صرّح بذلك في مقدّمة كتاب« جامع الأسرار».