تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
فرضية الجمل الفرعية
المؤلف:
ب . ك. و. ديفيس
المصدر:
المكان و الزمان في العالم الكوني الحديث
الجزء والصفحة:
ص92
2025-07-02
10
إن فحص الشكل 3-4 يُظهر سريعاً أن الغاز المحصور في صدوق عارل لا يتصرف بشكل لا تناظري .
فسلوكه على مدى زمن طويل بنيح له أن يرور حالات دات انتروبية منخفضة في مناسبات نادرة. لكن عدد هذه المرات يساوي عدد مرات ازدياد الأنتروبية ، فمنحى الزمن ، في الشكل 3 - 4 ، يمكن أن يسلك في الاتجاهير واضح أن الجمل الواقعية ليست كذلك واللا نناظر الزمي حقيقة من حقائق الحياة . فصناديق الغاز في عالم الواقع لابد أن تكون مختلفة بشكل أساسي عن نموذج بولتزمان. فما هو الفرق بينهما؟
إن اعتماد نموذج بولتزماني محسن لا يغير شيئاً من جوهر الأمر. والجواب عن هذا السؤال يأتي من معرفة كيف تبلغ الجملة الواقعية أولاً حالة الانتروبية المنخفضة. فكل حالة انتروبية منخفضة هي، في نموذج بولتزمان ومن شبه المؤكد، حالة أنتروبية أصغرية لأنها تتولد بتفاوت عن التوازن. ومن غير المعقول أن نتوقع ذلك في جملة واقعية. فأنا، لو صادفت أثناء تجوالي على الشاطىء أطلال قصر رملي، أستنتج أنه كان يوجد هنا مرة قصر رملي بكامله. لكن المحاكمة المطبقة على جملة بولتزمانية تتفق أكثر بكثير مع الافتراض بأن المفعول التخريبي للريح والموج سيكون بالتأكيد مسئولاً عما يمكن أن يصيب القصر الرملي من انمساح وتمليس (إن الحالة الملساء هي حالة التوازن)، فأنا لن أستنتج مع ذلك أن الريح والموج لابد أن يكونا، هما أيضاً ، مسئولين عن معجزة تشكل هذه البنية في أول أمرها . إن الشاطيء ليس جملة معزولة كلياً ؛ إن إنساناً ما قد بنى هذا القصر الرملي قبل مدة قصيرة. أي أن الجملة قد بلغت أنتروبيتها المنخفضة ، حالتها المرتبة ، لا بتفاوت أندر من العنقاء يطرأ على الريح والموج ، وهما اللذان أحدثا تخريب البنية القصرية للرمل ، بلبمداخلة خارجية لنعد إلى مثالنا السابق في صندوق يحوي غازين ، A و B . إن النسق البدئي ، 90 و 10٪ ، يمكن أن يحصل من خليط متجانس ، بعد صبر طويل في انتظار ( معجزة ) تفاوت تطرأ على خليط الـ 50%، 50%، وبادخال الحاجز لحظة حصول ذلك النسق . لكن مثل هذه العملية المعجزة لا يمكن الركون إليها بتاتاً. وعلى المره ، بدلاً من ذلك ، أن يصنع صندوقاً حلوياً وأن يضع فيه الغازين بالنسبة المطلوبة . فالجمل الواقعية تستمد ترتيبها بفعل أن من العالم الخارجي، لا من تفاوتات عشوائية عظيمة.
إن من المعيد أن تفكر بالجملة على أساس أنها كائن تشكل من جديد نتيجة مداخلة خارجية. فالجمل الواقعية، في أحوال عديدة ، لا توجد قبل تدخل فعل خارجي ؛ كحال مكعب من الجليد في ماء يغلي مثلاً . وواضح أن كل الجمل ، في عالم الواقع ، لابد أنها قد شكلتها البيئة الواسعة في مرحلة ما.
شکل 3 - 5 . الجمل الواقعية جمل فرعية. إذا رأيك بيضة أثناء سقوطها (c) أتنبأ بمعقولية كاملة أنها ستنكر (d) بعد برهة وجيزة. ولا أظن أنها كانت مكسورة كما في (a) من قبل . افكر أنها هوت من الرف (b) . لو كانت الجملة معزولة ، أي لو كانت بولتزمانية حقاً ، فان (a) أرجع من (b) بكثير. أما في الواقع فان حصول (c) بعد (b) هو المعروف ، في حين أن حصول (c) بعد (a) معجزة . فـ (a) لا يمكن أن تتحول إلى ( c ) إلا إذا تجمع فتات البيضة المتناثرة ، بالتعاون مع أرض الغرفة ، ليشكلا بيضة سليمة تقفز نحو الأعلى بحركة مرسومة ، ومن ثم تسقط ثانية نحو تحطمها . إن التسلسل (a) (c) (d) تناظري الزمن ، بينما التسلسل ( b) (c) (d) لا تناظري . ولا يجاد أصل اللا تناظر يجب أن نجيب عن السؤال العالي : كيف حصل أن وجدت البيضة على الرف ؟
ولكي نميز الجمل الواقعية، التي تتشكل في حالة أنتروبية منخفضة بالانفصال عن بقية العالم ، عن الجمل المعزولة على الدوام ( الجمل البولتزمانية ) أدخل الفيلسوف هانس رایشنباخ ( ألماني ، 1891 - 1953 ) عبارة ( جملة فرعية ، في توصيف الجملة الواقعية . فكل الجمل الواقعية هي في رأيه جمل فرعية من نوع أو من آخر . وغالباً ما يوجد ، لهذه الفروع ، تسلسل كامل في المراتب ؛ كل فرع يتعلق ، من حيث بنيته المرتبة ، بفرع آخر . وسنعود في الفصل السادس إلى كل هذه الفروع لنبين انتماءها إلى جذع مشترك .
إن كل جملة فرعية متشكلة تتصرف لا تناظرياً في الزمان لأنها نشأت عن تدخل خارجي. إن اللا تناظر موجود في التدخل ، لا في الجملة . كل هذا معقول حتى الآن . لكن فحص هذه الخطوة الحيوية لا ينبيء في أي اتجاه يحدث اللا تناظر ، سوى أنه سيحدث. كما أننا غير متأكدين في كل مرة من أن الجملة قد صيغت كجملة فرعية ، أو أن مداخلة قد حصلت لها أم لا ، لأن اللا تناظر الزمني يحدث بالاتجاه نفسه في مختلف هذه الظروف .
إن هذه الملاحظات موضحة جيداً بالآلية المشروحة في الشكل 3 - 3 . إن الصندوق ، عندما يكون مقسوماً فعلاً بالحاجز ، يؤلف حقاً جملتين منفصلتين . ويؤلف جملة واحدة عندما نزيل الحاجز. فتدخل العالم الخارجي هو عملية إخراج الحاجز من الصندوق .
لنتأمل في التجربة التالية . ننطلق من مزيج %90٪ من A و 10٪ من B في النصف الأيسر، ومزيج 90٪ من B و 10٪ من A في النصف الأيمن . لنخرج الحاجز بضع لحظات ثم لنعده . فما هي النتيجة ؟ إن من المتوقع عموماً أن تكون النتيجة قريبة من مزيج 50٪ من %A و %50 من B في كلا النصفين، لنكرر الآن التجربة باخراج الحاجز من مزيج 50٪ من A و 50٪ من B وباعادته. فما هي النتيجة ؟ إن التوقع العام يقضي الآن بعدم تغير أي شيء ؛ فالمزيج يبقى كما كان إنها مفارقة محيرة ، لأن المداخلة الخارجية تبدو في هذه التجربة ذات تناظر زمني - يُخرج الحاجز ثم يُدخل . لنصور القسم الأول من هذه التجربة على الهم سيسا ولنعرضه بالمقلوب فنرى الحاجز يخرج ، والغازين ينفصلان ، والحاجز يعود من جديد . إن هذا ليس الوصف الصحيح للتجربة الثانية رغم أن الظرف البدئي للغاز في الحالتين واحد في المجال المحسوس . إن الفلم يظهر الانتقال من مزيج %50 و 50% إلى مزيج 90٪ و 10٪، لكن التجربة الفعلية تدل على أن الغاز يبقى على %50 و 50% دون تغيير . فلماذا يُظهر الفلم المعروض بتسلسل تصويره الحوادث كما وقعت في التجربة الأولى ولا يُظهر عرضه بالمقلوب الحوادث كما وقعت في التجربة الثانية ؟ وفوق ذلك ، لماذا يتوقع المرء أن 1000 جملة متماثلة موضوعة في ظرف مزيج من %90 و 10% تتحول كلها إلى مزيج من 50٪ و 50٪ ولا نرى مثلاً ولو تحولاً واحداً إلى مزيج من 99٪ و 1٪ ؟ وبتعبير آخر ، لماذا تتغير الأنتروبية في كل هذه الجمل تغيرات متوازية ؟
لندفق ، كخطوة أولى على طريق حل هذه المفارقة، في الفرق المجهري من حيث ظرف الغاز بين البدء والنهاية . فمن المرجح كثيراً أن جزيئات الغاز في البدء ، لحظة خروج الحاجز ، تتحرك فوضوياً . فاذا كان الأمر كذلك فان الجزيئات ستدمر الترتيب القائم ، الذي هو مزيج 90 و 10٪ . أما في نهاية التجربة ، عندما يتوطد التوازن في مزيج 50٪ و 50% ، فتكون الحال مختلفة جداً. فاذا ألقينا نظرة إلى الوراء نرى أن الجزيئات اللا مرتبة قد أتت بالضبط من حالة أكثر ترتيباً . إنها ، في ( الزمن المعكوس ، لا تتحرك فوضوياً بل وفق مخطط يربط فيما بينها بترتيب مزيج من %90 و 10 . على أن الأمر مختلف تماماً في التجربة الثانية المنطلقة من مزيج ، %50 و 50% ، باق دون تغيير ؛ إذ لا فرق هناك بين الطرفين الزمنيين للتجربة .
فالتناظر الزمني للعملية الخارجية وهم إذن. وعلينا أن نبحث عن كيفية تشكيل المزيج المرتب ، 50 و 50% . فلو كان قد تشكل بتفاوت عرضي فلنا أن نتوقع باحتمال مساو أن ينتهي المزيج إلى %90 و 10٪ بدءاً من 50٪ ، و 50٪ ، شرط أن يحدث خروج الحاجز ودخوله بصورة عشوائية طبعاً . وعلى كل حال ، إذا وضع الغاز في الصندوق ، بحالته المرتبة ، قبل التجربة فان التناظر الزمني ينكسراذا اشترطنا أن يكون ظرف الغاز في بدء التجربة عشوائياً ، فان تزايد الأنتروبية المحتوم يتحقق باحتمال عال .
والآن تبرز تساؤلات عديدة. لماذا يتيح العالم الخارجي للمزيج اللا متوازن ، 90٪ و 10 ، ، أن يتحقق ؟ لماذا تتشكل الجمل الفرعية في حالات أنتروبية منخفضة ؟ وفوق ذلك ، ما هو منشأ العشوائية البدئية للحركات المجهرية في هذه الجمل الفرعية ، وهي أساسية لحتمية اللا تناظر الزمني في سلوكها. إن هذه القضايا الساحرة ، في سبب كون العالم في حالة لا توازن ترمودينامي في بدئه وفي كيفية اكتساب مكوناته المجهرية حركاتها العشوائية ، قضايا جدلية تنتمي جوهرياً إلى موضوع علم الكونيات الذي سنعالجه في الفصلين الخامس والسادس . وبانتظار ذلك ، يوجد قضية لم تنته بعد. لقد افترض أن الجمل الفرعية التي انفصلت عن بقية العالم الأوسع هي جمل معزولة . إن هذا وهم . فالافتراض بأن نموذج بولتزمان معزول كلياً عن العالم الخارجي بواسطة وعاء موصد وكتيم كان لأسباب تبسيطية . فمثل هذه الأوعية غير موجودة في عالم الواقع. ولئن كانت بعض المواد عوازل جيدة ضد الحرارة ، إلا أن ذرات جدران الوعاء تبقى بتماس مع العالم الخارجي ، مما يمكن أن يتيح لتأثيرات العالم الخارجي أن تتسرب عبر هذه الجدران ناقلة معها اضطراباته إلى جزئيات الغاز المحتواة في الوعاء عندما تصطدم بجدرانه . وإن تغاضينا عن هذا فلا مجال للتغاضي عن القوى الثقالية الناشئة عن العالم الخارجي والتي لا يمكن التخلص منها . وفوق هذا وذاك فان غالبية الجمل الفرعية ليست حتى محصورة في صندوق عازل . وعلى هذا فلابد من معرفة إلى أي مدى تذهب هذه التفاعلات ، بين الجملة المدروسة والعالم الخارجي ، في التأثير في المحاكمات التي سقناها بخصوص الجمل الفرعية واللا تناظر الزمني .
ففي المجال المجهري تؤدي هذه الاضطرابات، التي لا يمكن التنبؤ بكيفيتها ، إلى تدمير عكوسية الجملة. وهذا موضح في الشكل 3 - 6 الذي يمثل طاولة بليار ومجموعة من كراتها . الكرات تمثل الغاز والطاولة تمثل الوعاء . نهمل الاحتكاك ليكون التشبيه قريباً من الواقع. نعتمد في لحظة البدء كرات مرتبة كما في الشكل (a) ، أي مجمعة كلها في مثلث مرصوص ، ما عدا الكرة الضاربة التي تتجه نحو المثلث . فبعد لحظات قليلة يصبح وضع الكرات كما في (b) ، وهو وضع أقرب إلى الفوضى في مواقع الكرات وحركاتها لأنها ، بعد صدم الكرة الضاربة لها ، تنطلق في اتجاهات شتى وتتراطم بعضاً على بعض وعلى جدران الطاولة . انها صورة تجسد المبدأ العام في تزايد الأنتروبية : فالحالة ( 1 ) المرتبة جداً قد أدت إلى الحالة ( 6 ) الفوضوية . ومعلوم أن التحول من (5) إلى (1) صعب جداً ، ولا يمكن أن نأمل في إمكانية حدوثه إلا إذا انعكست حركات الكرات كلها دفعة واحدة ، ولنقل بفعل حواجز قاسية توضع دفعة واحدة وفي أوضاع مناسبة تجبر كل كرة على أن ترتد على أعقابها سالكة طريقها الأولي بالذات. ولو اشترطنا أن تكون جدران الطاولة قاسية جداً فان الكرات ستعود في النهاية فعلاً إلى المثلث الأولي وتعود الكرة الضاربة إلى موضعها الذي كان . إن هذا شيء يؤكده التناظر الزمني الذي تنطوي عليه قوانين الميكانيك
شكل 3-6 . من الترتيب إلى الفوضى. إن هذا الانتقال الشائع يمكن أن تعكس جهته بفعل عفريت ماهر قادر على أن يعكس اتجاه حركة الكرات كلها دفعة واحدة . عندئذ تعود الكرات من الوضع (b) إلى الوضع (a) . كيف و تتعرف ، الكرات على طرق عودتها ؟ إن الجملة مغلقة ، فكل المعلومات عن الحالة (a) ما تزال كامنة في مواقع وحركات كل أفراد الكرات وهي في الحالة (b) . لكن لو كانت جدران الطاولة غير قاسية ، بل طرية قليلا ، فانها ستدمر العكوسية السهلة العطب .
يمكن ، في هذا الشأن، أن نأخذ بعين الاعتبار تأثير اضطرابات العالم الخارجي بافتراض أن حروف طاولة البليار، التي تمثل جدران الوعاء ، ذات ارتجاج عشوائي ضعيف . وبتكرار التجربة تكسر الكرة الضاربة المثلث . وبعد لحظات ينجم وضع يختلف الآن عن ( b) ، لأن كل كرة يمكن أن تكتسب، من جراء ارتطامها بالحافة المرتجة ، دفعة إضافية أو أن تفقد شيئاً من عزمها. لكن النسق الجديد هذا سيكون على كل حال مشابهاً ل (b) من حيث الفوضوية والانتشار العشوائي على صفحة الطاولة . ومع ذلك يظهر الفرق بين هذه الحالة والحالة (b) عندما نحقق شروط العكوسية السابقة بسبب ارتجاج حواف الطاولة ، لأن الكرة ، وهي راجعة على أعقابها ، لا تسلك طريقها الأولي بالذات ، إلا قبل أن تصطدم بالحرف، أما بعد ذلك فإن هذا الاصطدام، على طريق العودة ، سيختلف عموماً عن الاصطدام الذي سبقه على الطريق الأولي ، ورغم ضالة هذا الاختلاف فإنه يكفي لتغيير نسق الحركة كله. ولما كان الشكل المثلثي المرسوم في ( a) ذا ترتيب جيد جداً فإن أقل اضطراب يطرأ على الحركات المعكوسة سيجعل بعض الكرات تصل متأخرة عن مواعيد اصطداماتها بسواها فتفشل كلها في اعادة تركيب المثلث الأولي
بالضبط.
إن قدرة الجملة الميكانيكية المعزولة كلياً على العودة إلى حالتها الأولية عبر ظروف حركية معكوسة تنم عن تعبير جميل يقول : إن الجملة وتتذكر» ظرفها الأولي . وقدرة الكرات على إيجاد طريق عودتها تتوقف على احتوائها على كل المعلومات اللازمة لتعيد صنع ترتيبها السابق. وهذه المعلومات تبقى في الجملة طالما بقيت الجملة معزولة عن العالم الخارجي. وبمجرد أن يتدخل ارتجاج جدران الطاولة العشوائي فإن هذه المعلومات تتسرب إلى العالم الخارجي وتضيع فيه. ولكي تنجح العملية المعكوسة في هذا الحالة علينا أن نقتفي آثار الصدمات فيها بعد حدود الجملة وأن نتدبر الأمر لكي نعكس أيضاً الاضطرابات الضعيفة التي يسببها ارتجاج حروف الطاولة : إن فقدان الذاكرة الضئيل هذا يجعل الجمل الواقعية لا عكوسة والزمن لا تناظرياً .
يطلق في نظرية المعلومات على هذه الاضطرابات العشوائية اسم الشغب أو الضجيج. وفي كل جملة واقعية يوجد شغب ناجم عن اتصال الجملة بالعالم الخارجي ونحن لم نأخذ بعين الاعتبار هذا الشغب الكوني في مناقشة نظرية بولتزمان ، ولا حتى في الجمل الفرعية التي لا يظهر سلوكها اللاتناظري الزمني متوقفاً على الاتصال الضعيف المستمر بالمحيط الخارجي ، بل يتوقف فقط على المداخلات الفجائية العنيفة للعالم الخارجي في أثناء عملية التشكل.
وقد يقال إن اللا تناظر الزمني الذي يبديه تطبيق نظرية بولتزمان على الجمل الفرعية وهم زائف . فنحن لا نقول إن مزيج الغازين بنسبة 50%50 % ، في الشكل 3 - 3 ، أقل ترتيباً من المزيج 90٪ ٪10 إلا لأننا لانستطيع مشاهدة حركات جزئيات الغاز واحدة واحدة. فاللا تناظر الزمني الذي ينجم عن امتزاج الغازين ليس سوى نتيجة لضيق أفق الاحساس البشري . وعلى هذا مازال بعض الناس يتمسكون بفكرة أن اللا تناظر وهم ذاتي تماماً تمليه محدودية الاحساسات البشرية ، وليس واقعاً من حقائق الطبيعة . وقد ادعى أن اللا تناظر الوحيد الحقيقي هو ذلك الذي تسببه الاضطرابات العشوائية المستمرة للشعب الكوني ، لأنها تسبب لاعكوسية حقيقية في المستوى الذري .
لنفترض أن غازاً قد مر الآن من %90٪ ، %10 الى 50٪ ، 50٪ . إن فحص الحالة النهائية لا يتيح لنا أن نؤكد أن المزيج كان قبل قليل بنسبة %90 ، 10% لأن أي حالة سابقة (بما فيها حالة التوازن ستتحول بعد فترة وجيزة الى %50٪ ، 50% كما رأينا . ففي مجال الفحص المحسوس تضيع المعلومات عن الحالة البدئية. أما في المجال المجهري فإن المعلومات ماتزال موجودة محتواة في الحركات الفردية لجميع الجزيئات ، شرط أن تبقى الجملة في حالة انعزال كلي طبعاً. وهذا يتضمن ، بموجب هذه المحاكمة ، أن الجملة المعزولة كلياً لا تصل أبداً الى حالة توازن صحيح وأنه لا يوجد لا تناظر «حقيقي» . و كجواب على وجهة النظر البديلة هذه علينا أن نتساءل عما إذا كان لكل هذا التمييز بين التوازن «الظاهري» و «الحقيقي»، واللاتناظر الزمني شأن يذكر . فأي غازين غير ممتزجين في البدء سيستمران يقيناً بالامتزاج سواء وجد الشغب الكوني أم لم يوجد . وإن المطلوب هو تفسير هذه الظاهرة ، وهذا ما تتيحه نظرية بولتزمان مع افتراض التشكل العشوائي لجمل فرعية ، فوجود اللا تناظر الحقيقي ، بالشكل الذي يمكن أن يعزى الى الشغب الكوني ، لا يبدو ذا تأثير عميق جداً في الفيزياء. فخبرتنا الشخصية المحسوسة بالعالم ، والتي تنطوي على شعور واضح باللاتناظر ، تنفر جيداً بالألية الأولى حتى ولو كانت مجرد وهم في المجال الذري. والاعتراض على ذلك اعتراص فلسفي صرف لا يبدو ذا شأن كبير في الفيزياء.
الاكثر قراءة في الديناميكا الحرارية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
